تمهيد:
لقد أثيرت الكثير من الشبهات حول القرآن الكريم عموماً، وحول مسألة الإعجاز بشكلٍ خاص، ولقد كان لهذه الشبهات الأثر على قليلي المعرفة، وعلى من لم يقرأ القرآن الكريم، أو لم يتفكر في آياته.
في هذه المقالة المقتضبة سوف نتطرق لمبحث الإعجاز عموماً، وللفظة (قلنا) الإعجازية خصوصاً، ولتأكيد القرآن على مسألة الإعجاز، ووجود آيات قرآنية مباركة قد تكلمت عن المعجزة والإعجاز.
شبهات حول الإعجاز:
إن من الشبهات المثارة حول القرآن الكريم عموماً، والمعجزة خصوصاً؛ هو ان لفظ معجزة لم يرد في القرآن الكريم!
إن هذه الدعوى مردودة، ولا يمكن القبول بها، وهي لا تصمد أمام الأدلة الموجودة في آيات القرآن الكريم، وفي كلام المفسر الأول للقرآن الكريم وهو النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
قال تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) سورة النحل، الآية (44).
ثم ان الكتب السماوية السابقة قد ذكرت معجزات الأنبياء عليهم السلام، وكذلك جاء القرآن الكريم مؤكداً على معجزاتهم عليهم السلام.
المعجزات في القرآن الكريم:
لقد جاءت المعجزة أو المعجزات في القرآن الكريم بألفاظ متعددة منها:
1ـ معجزين: وقد وردت (9) مرات في القرآن الكريم.
2ـ معجزي: وقد وردت (2) مرتان في القرآن الكريم.
3ـ آيات: وقد وردت (148) مرة في القرآن الكريم.
4ـ آية: وقد وردت (87) مرة في القرآن الكريم.
5ـ مثل: وقد ورد (73) مرة في القرآن الكريم.
6ـ أمثال: وقد ورد (19) مرة في القرآن الكريم.
إن هذه الألفاظ الستة المتقدمة قد ذكرت المعجزة أو الإعجاز تارة بصورة مباشرة، وتارة بصورة غير مباشرة، وذلك من خلال بيان ملابسات سبب وحصول المعجزة، أو ممهدات ومسببات مجيء المعجزة.
قلنا الإعجازية:
إن (قلنا) الإعجازية قد وردت في القرآن الكريم (27) مرة، أشارت إلى المعجزات أو المعجزة بصورة مباشرة، وتارة بصورة غير مباشرة، ويمكن تقسيمها كالآتي:
1ـ القسم الأول: الإشارة المباشرة: وقد وردت (9) مرات.
2ـ القسم الثاني: الإشارة غير المباشرة: وقد وردت بالشكل التالي:
أ ـ (1) مرة واحدة في الكلام مع النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
ب ـ (9) مرات في الكلام مع آدم عليه السلام.
جـ ـ (4) مرات في الكلام مع بني إسرائيل.
د ـ (4) مرات في الكلام مع المخلوقين.
بذلك يتوضح للقارئ لفظ (قلنا) وما يتعلق به من مجيء المعجزات بصورة مباشرة أو بصورة غير مباشرة.
كن فيكون:
إن القرآن الكريم كلٌ مترابط، وهو بناء واحد يدل بعضه على بعض، ويفسر بعضه بعضاً، وهذا ما توضحه الآيات القرآنية التي تكلمت عن الشأن الإلهي في (يقول له كن فيكون)، وعلاقتها بـ(قلنا) الإلهية الإعجازية.
قال تعالى: (فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) سورة البقرة، الآية (117).
فإن قوله تعالى (يقول له كن فيكون) قد وردت في القرآن الكريم (8) مرات، فالله تعالى هو من (يقول)، وهو تعالى من قال (قلنا)، وبالتالي توضحت العلاقة ما بين (يقول) و(قلنا) ليتبين ان (قلنا) الإعجازية مرتبطة بالمعجزات، فهي تأتي عند ذكر أو بيان المعجزات بصورة مباشرة أو غير مباشرة كما وضحنا، وهي ذات علاقة وطيدة بقوله تعالى (يقول له كن فيكون).