• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ إِلىٰ طعامِهِ .
                          • الكاتب : سماهر الخزرجي .

فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ إِلىٰ طعامِهِ

 قال تعالى في محكم كتابه: «فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَىٰ طَعَامِهِ» الطعام هنا أعمّ من الطعام المادي، فهو يشمل الغذاء الروحي والغذاء البدني (حسب ما جاء في التفاسير).
الله سبحانه وتعالى يأمر الانسان بالتأمل في طعامه من الناحية الروحية والمادية، فحينما يريد الشروع بالأكل فعليه التأمل في حليته أو شرعيته، وهل هو من مصدر حلال أو حرام، إن كان من الحرام فقد ترتبت عليه مفسدة عظيمة، فما هو الفساد المترتب على أكل لقمة الحرام؟!
الفساد لغة: البطلان، ضد الصلاح، وفساد الشيء تلفه وعدم صلاحيته.
وفي الاصطلاح الشرعي: هو كل ما تنافى مع الشريعة ومقاصدها، والعمل بها، أي فعل جميع المحرمات والمنهيات.
والفساد هو شيوع المنكر والمحرمات في المجتمعات، ويمثل كل سلوك غير شرعي وغير قانوني، غايته مراعاة الفرد لمصلحته الشرعية، دون الاعتبار بالأضرار التي سوف يتسبب بها لأفراد المجتمع.
ولا يكاد يخلو مجتمع من المجتمعات من هذا المرض الذي ينخر في جسد الأمة، فما الذي قلب طاولة الشرعية على التحلل الخلقي والفساد المستشري الذي تضجّ منه الأرض والسماء؟
لا شك إن الأسباب كثيرة ولا يسعنا أن نستطردها في هذا البيان اليسير، لكن لنا وقفة في تأثير لقمة الحرام على الفرد المسلم، التي تجعل الأخلاق والدين عنده مستودعاً، ليس له أصل راسخ في الأعماق، حتى تؤثر فيه تلك التكنولوجيا المعادية لنا.
للقمة الحرام تأثير كبير على سلوك الانسان وروحه، وله آثار معنوية ومادية تؤثر سلباً فيه، تؤدي إلى تراكم الرين على القلب، وليس على الفرد بذاته؛ بل تظهر آثاره في الذرية أيضاً، روي عن الإمام علي (عليه السلام) إنه قال: «كسب الحرام يبين في الذرية»(١) يظهر جلياً في عدم استقامة سلوك الذرية، وبعدهم عن الله تعالى، وقربهم من شراك الشيطان.
 وله آثار لا تعد، فهي أيضاً تثير هوى النفس والشهوة في الإنسان، ينساق لأهوائه ومطامعه فيمنع حقوق الله وحقوق الناس المتعلقة بأمواله، تكون أمواله خليطاً من الحرام والحرام، ويستغرق الانسان في بعده المادي وينسى بعده الروحي، تندثر أخلاقه ومبادئه، ولا ريب أن العامل الاخلاقي والثقافي هو العامل الرئيسي في الحفاظ على مجتمعٍ خالٍ من الفساد، وبانعدامه ابتعد الأفراد عن الدين وتركوا الأخذ بأحكامه والعمل بواجباته، وترك محرماته، ابتعدوا عن مقام الإنسانية، واقتربوا من مقام الحيوانية، وتجلت حينها ظاهرة الفساد بشكل أشد وأوضح.
الإنسان قد رُكبت فيه القوة الغضبية والشهوية، كلما تغلبت هذه القوى على العقل جعلته يوغل في الأرض فساداً وعتواً، وأي فساد أشدّ وأعظم ممّا يتعرض له البر والبحر في هذا العصر، قال تعالى: «ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ»(2)؛ بسبب مشاكل الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي!!
حيث أصبح المجتمع أقرب لقانون الغاب، وتسربلت القلوب بالقسوة، والألسن بالغلظة وسوء الكلام وبذاءة الألفاظ، وغابت الرقابة العائلية عن الاحداث، وتركوهم لوحدهم يخوضون غمار هذه المواقع.
 وتدريجياً؛ بسبب الإعلام المعادي، استُبدلت العقيدة واندثرت الفطرة السليمة، تربى الأحداث والشباب في أحضان هذه المواقع بعيداً عن أحضان العائلة، فتبدلت القيم، واستُنكرت الأعراف، واستهجن الشرع، وامتُدح القبح.
ولعمري، إن ما يؤلم القلب هو أن تطال يدُ الفكاهةِ رموزنا، فيستطيب ذلك الشاب المغرر به، وتغدو مادة فكاهته وتهكمه!! أفلا تجر تلك الأمور أن تُمنع بركات الأرض وقطر السماء؟!
____
(1) الكافي الشريف.
(2) الروم/41.


 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=166756
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 04 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 6