• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : قضية رأي عام .
              • القسم الفرعي : قضية راي عام .
                    • الموضوع : التدليس في تفسير حديث تسوية القبور .

التدليس في تفسير حديث تسوية القبور

١-تدليس لمعنى (سويته )
٢- تدليس لمعنى (القبر)

◾️التدليس الأول لمعنى (سويته)وتوضيح ذلك :

كلمة (سويته) كما جاء في الحديث كالتالي (لا تدع صورة إلا محوتها، ولا قبرا إلا سويته)

ومعنى (سويته) أي مساواة سطح القبر وجوانبه أي لما تدفن الميت تقوم بمساواة سطحه وتربيعه وهذا الأمر قد ذُكِر قبال التسنيم ومعنى التسنيم أي جعل القبر كسنام الجمل فلو دار أمر القبر بين تسنيمه أو تسويته لكانت تسويته هي الصحيح وهذا الأمر قد ذكره الفقهاء في كتبهم الفقهية في أبواب دفن الميت منها 

ماذكره الشيخ الطوسي في كتاب الخلاف قال :

مسألة ٥٠٥: تسطيح القبر هو السنة، وتسنيمه غير مسنون، وبه قال الشافعي وأصحابه، وقالوا هو المذهب إلا ابن أبي هريرة …
دليلنا: إجماع الفرقة وعملهم ورووا عن النبي صلى الله عليه وآله أنه سطح قبر إبراهيم ولده .
وروى أبو الهياج الأسدي قال: قال لي علي عليه السلام: أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وآله لا ترى قبرا مشرفا إلا سويته، ولا تمثالا إلا طمسته.(١)

و قال العلامة الحلي في التذكرة

مسألة ٢٤٠: ثم يربع القبر مسطحا، ويكره التسنيم، ذهب إليه علماؤنا أجمع - وبه قال الشافعي- لأن رسول الله صلى الله عليه وآله سطح قبر ابنه إبراهيم .وقال القاسم بن محمد: رأيت قبر النبي صلى الله عليه وآله، وقبر أبي بكر، وعمر مسطحة.(٢)

وحتى مسلم النيشابوري من أهل السنة ذكر في صحيحه معنى التسوية وهي بتعديل وتسطيح وتربيع أضلاعه فقال (باب تسوية القبور) وأورد فيه بسنده إلى تمامه قال:(كنا مع فضالة بن عبيد بأرض الروم برودس فتوفي صاحب لنا فأمر فضالة بقبره فسوي ثم قال سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وآله - يأمر بتسويتها ثم أورد بعده في نفس هذا الباب حديث أبي الهياج المتقدم:( ولا قبرا مشرفا إلا سويته)(٣)

هذ والمتوفى جديد والقبر جديد ولم يكن قبر هناك لكي يهدموه بل دفنوه في القبر وسووه ولم يجعلوه مسنماً فمن أطلق التسوية على الهدم فقد دلس وحرّف معنى الحديث 

ومعنى (ولاقبراً مشرفاً إلا سويته) والمراد القبر المشرف أي المسنم فقد قال صاحب القاموس: والشرف - محركة -: العلو ومن البعير سنامه(٤) وقال صاحب الرياض (ولا قبراً مشرفا إلا سويته )والأشراف ظاهر في التسنيم.(٥)

وقال القسطلاني من أهل السنة: (أن لا أدع قبرا مشرفا إلا سويته)  لم يرد تسويته بالأرض وإنما أراد تسطيحه جمعا بين الأخبار.(٦)

◾️التدليس الثاني : وليس القبر البناء المبني عليه من حيطان وأبواب وشبابك لأنها ليست قبراً وليس القبر الصندوق الذي عليه والقبة التي عليه فهذه خارجة عن القبر ولا تُسمَى قبراً ومن أطلق لفظ القبر على ذلك فقط خالف اللغة والعرف والشرع والمتشرعة وحرَّف ودلّس

وأما البناء على الميت فد ذكر القرآن قصة أصحاب الكهف حيث قال المؤمنون  كما قال تعالى في كتابه :

(قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا )(٧)

ولو كان الأمر منافٍ للتوحيد لنبه  الله تعالى عليه ولنبه عليه أنبياءه ورسله .

بالإضافة الى ذلك إن النبي صلوات الله عليه وآله لما مات دُفِن في غرفته والغرفة لها حيطان وسقف ولم يهدمها أحد ولم يقل أحد من الصحابة إن البناء على القبر منافٍ للتوحيد وكان يزوره الناس منذ الزمن الأول الى هذا اليوم بل قبور أئمة المذاهب الأربعة(كأبي حنيفة وإبن حنبل والشافعي والمالكي) عامرة بالبناء والقباب ولم يهدمها أحد ولم يُرمَوا زوارها بالشرك فمالكم كيف تحكمون

وقال الشيخ جعفر كاشف الغطاء 

والأصل في بناء (القباب) وتعميرها، ما رواه البناني (واعظ أهل الحجاز) عن جعفر ابن محمد، عن أبيه، عن جده الحسين، عن أبيه علي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال له: والله لتقتلن في أرض العراق، وتدفن بها. فقلت: يا رسول الله ما لمن زار قبورنا وعمرها وتعاهدها. فقال لي: يا أبا الحسن إن الله جعل قبرك وقبر ولديك بقاعا من بقاع الجنة، وإن الله جعل قلوب نجباء من خلقه، وصفوة من عباده تحن إليكم، ويعمرون قبوركم، ويكثرون زيارتها، تقربا إلى الله تعالى، ومودة منهم لرسوله. يا علي من عمر قبوركم وتعاهدها، فكأنما أعان سليمان بن داود على بناء بيت المقدس، ومن زار قبوركم عدل ذلك ثواب سبعين حجة بعد حجة الإسلام، وخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه.
ونقل نحو ذلك أيضا في حديثين معتبرين: نقل أحدهما الوزير السعيد بسند، وثانيهما بسند آخر غير ذلك السند، ورواه أيضا محمد بن علي بن الفضل.
فبعد دلالة هذه الأخبار على تعمير (القباب)، واستمرار طريقة الأصحاب، مع أنها داخلة في المواضع المعدة للطاعات، كالمساجد، والمدارس، والرباطات، مع أن فيها تعظيما لشعائر الإسلام، وإرغاما لمنكري دين النبي عليه الصلاة والسلام.(٨)

وأختم بما رُوِي عن النبي صلى الله عليه وآله

بحق الإمام الحسين(عليه السلام)

(ألا وإن الإجابة تحت قبته، والشفاء في تربته، والأئمة من ولده)(٩)

وقال إبن العرندس الحليحُبِي بثَلاثٍ ما أحاطَ بمِثلِها
       وَلِيٌّ فمَنْ زيدٌ سِواهُ ومَنْ عَمرو؟
له تربةٌ فيها الشِّفاءُ، وقُـبَّةٌ
       يُجابُ بها الداعي إذا مَسَّهُ الضُّرُ
وذريَّةٌ دُرِّيَّةٌ مِنهُ تِسعةٌ
     أئِمَّةُ صِدقٍ لا ثَمانٍ ولا عَـشرُ (١٠)

———
المصادر:
١-الخلاف:ج١،ص٧٠٧.
٢-تذكرة الفقهاء:ج٢،ص٩٧.
٣-صحيح مسلم:ج٣،ص٦١.
٤-القاموس المحيط:ج٣،ص١٥٧.
٥-رياض المسائل:ج٢،ص٢٣٣.
٦-ارشاد الساري:ج٢،ص٤٧٧.
٧-سورة الكهف:آية٢٢.
٨-منهج الرشاد:ص٥٧٩.
٩-كفاية الأثر:ص١٧.
١٠-الغدير:ج٧،ص١٥.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=167001
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 04 / 12
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29