• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : قضية رأي عام .
              • القسم الفرعي : قضية راي عام .
                    • الموضوع : دعاء اليوم الأخير من شهر رمضان المبارك ومعارفه العظمية؛ بقلم السيد منير الخباز .

دعاء اليوم الأخير من شهر رمضان المبارك ومعارفه العظمية؛ بقلم السيد منير الخباز


 دعاء اليوم الأخير من شهر رمضان المبارك من أجل الأدعية وأعظمها يشير اليه السيد منير الخباز ويبين معارفه العظمية وما يحمله من معاني.

بسم الله الرحمن الرحيم ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾؛ صدق الله العظيم

من أجل الأدعية وأعظمها دعاء اليوم الأخير من شهر رمضان المبارك هذا الدعاء الشريف: ”اللهم إنك أرحم الراحمين لا إله إلا أنت تفضلت علينا فهدتنا ومننت علينا فعرفتنا، وأحسنت إلينا فأعنتنا“ هذه العنواين الثلاثة تفضلٌ ومنٌ وإحسان، وهدايةٌ ومعرفة وإعانة هذه العناوين تشير الى مراتب عنايته تعالى بعبده وعطفه تعالى على عبده.

المرتبة الأولى: التفضل. هناك بحث في علم الكلام
هل أن الثواب تفضُل أم استحقاق؟
مثلا عندما يأتي الأنسان بعمل صالح هل أنه يستحق على الله الثواب؟ أو أنه لاحق للإنسان على الله إنما ثواب الله تفضل محض، ويذكر علمائنا ومنهم سيدنا الخوئي «قدس» أن الثواب تفضل محض لأن العبد مملوك والمملوك كل مايأتي به من عمل فهو تسليم للملك الى مالكه.

الله كما ملك وجودنا ملك حركاتنا وسكناتنا وأفعالنا وأعمالنا وأنفاسنا وكل شئ فينا، فكل شئ يصدر من الانسان فهو ملك لله، وبالتالي فالعمل الصالح هو مجرد تسليم ملك الى مالكه وتسليم الملك الى مالكه لايوجب استحقاق شئ، تسليم الملك الى مالكه لايوجبُ أي حق لك على المالك عز وجل. إذن لو أراد الله أن لا يعطيك ثواب على عمل صالح لم يكن ظلما منه عز وجل فلا محال إعطاء الثواب على العمل الصالح تفضل محض وليس إستحقاقا، أنت ملك وأعمالك ملك فلابد أن تسلم الملك إلى مالكه ولا تستحق على هذا التسليم شيئا، هنا أيضا الإمام سيد الساجدين في هذا الدعاء الشريف يريد أن يقول كل ما أعطينا من قبل الله عز وجل فهو تفضل، أول مرتبة تعامل بها معنا هي التفضل أعطانا الوجود، الوجود تفضل أعطانا الحياة، الحياة تفضل، أعطانا الرزق، الرزق تفضل أعطانا الثواب وهو تفضل. تعامل معنا بالتفضل تفضلت علينا فهديتنا، قال تبارك وتعالى ﴿الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾ أول مرتبة من مراتب التفضل علينا أنك هديتنا بمعنى أنه زرع في قلوبنا الهداية الفطرية ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا﴾

أول تفضل أعطانا إياه هو الهداية الفطرية، والهداية الفطرية هي عبارة عن نزوع الخلق الى خالقه. جاء رجل الى الإمام الصادق : قال: دلني على الله، قال الإمام: هل ركبت البحر؟ قال: نعم، قال: هل صادف أن غرق بك السفين؟ قال: نعم، قال: فحيث غرق السفين وتلاطمت الأمواج وإنسدت عليك الطرق ولم يكن أمامك ملجأ ولا منجا، ماذا حدثك قلبك؟

قال: حدثني قلبي أن هناك شئ هو الذي يقدر أن ينقذني، قال: فذلك الذي حدثك به قلبك هو الله”.

هناك نزوع وجداني شاء الإنسان أم أبى، نزوع قلبي وجداني نحو قوة معينة حتى الملحد حتى الكافر إذا ألمت به الأزمات وإنسدت عليه الطرق وقست عليه الظروف يشعر أن في قلبه نزوع نحو قوة معينة، نزوع نحو قوة خارقة معينة، هذا النزوع الوجداني الذي إذا كان ملحد يحاول يستر على هذا النزوع ولا يلتفت اليه ويبتعد عنه، هذا النزوع نحو قوة خارقة هو الهداية الفطرية ﴿الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا﴾.

المرتبة الثانية:
المن: ترادف الإفاضة بعد الإفاضة. فمثلا تفضلت على إنسان بعمل من الأعمال إن استمريت في هذا التفضل يسمى من.

ضمن دعاء اليوم الأخير من شهر رمضان المبارك، المن ترادف الفضل بعد الفضل، والإفاضة بعد الإفاضة قال تعالى في حق النبي سليمان عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام ﴿فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ «36» وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ «37» وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ «38» هَٰذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾. إما أن تستمر أو أن تقف هذا بيدك

المنان من صفاته تعالى، المنان معناه الذي يعطي عطاءا متواصلا مترادفا بعد تفضلك إستمريت في التفضل ماقطعت فيضك وما حبست فيضك تباركت وتعاليت. ”ومننت علينا فعرفتنا“ المعرفة غير الهداية الفطرية، فالهداية الفطرية هي النزوع القلبي نحو الله عزوجل، تأتي بعد ذلك التعرف على هذا النزوع.

مثال: كل الناس تتنفس الأكسجين مادام يعيش على هذه الأرض لكن هناك من يلتفت الى أن هذا أكسجين يتنفسه وهناك من لايلتفت، هو يتنفس لكن لا يدرك ماذا يتنفس؟ وماهو هذا الذي يتنفسه؟ وماهي ملامحه وماهي حدوده؟

كل العباد عندها هداية فطرية نحو الله نزوع قلبي نحو الله لكن الذي يلتفت إلى هذا النزوع ويحاول أن يفهمه ويحاول أن يفسره، ويحاول يصل إلى أعماقه هو الذي عرف الله فمعرفة الله غير الهداية الفطرية، الهداية الفطرية موجودة عند كل الناس كما ورد عن النبي : ”كل مولود يولد على الفطرة إلا أن يكون أبواه يهوديين فيهودانه أو مجوسيين فيمجسانه“ هذه الهداية الفطرية عامة لكن هناك شئ خاص معرفة أن تلتفت إلى هذا النزوع وتلتفت إلى تلك القوة وتحاول أن تفهمها ماهي هذه القوة؟ ماهي صفاتها؟ ماهي أسمائها؟ هذه هي المعرفة ”ومننت علينا فعرفتنا“.

المعرفة كما يذكر علمائنا هي سلسلة هذه السلسلة إذا أخذتها من قوس النزول تسمى دليل «إني» إذا أخذتها من قوس الصعود تسمى دليل «لمي» ماهي هذه السلسلة؟ السلسلة هي هذا الدعاء الذي نقرأه “اللهم عرفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك، اللهم عرفني رسولك فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك، اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني».

سلسلة مكونة من أربع حلقات معرفة الله، معرفة النبي، معرفة الإمام، معرفة المعاد.

هذه السلسلة المكونة من الحلقات الأربع إذا بدئتها من قوس النزول يعني جئت من الآخر بمعنى من معرفة الحجة تعرفت على الإمام فعرفك الإمام على النبي فعرفك النبي على الله عز وجل هذا يسمى قوس صعود بدأت من الاخر وارتفعت. ويسمى بالدليل «الإني» وهو الأنتقال من الأثر الى المؤثر ومن المسبب الى السبب وإذا جئت إليها من الفوق بدأت من معرفة الله تقول عرفت الله، فعرفت نبيه، فعرفت حجته، فعرفت ديني من الفوق هذا يصير قوس نزول هذا يسمى دليل «اللمي» وهو الأنتقال من العلة إلى المعلول بمعنى أن الله تبارك وتعالى عرفنا نفسه عرفنا نبيه وعرفنا بمعرفتنا نبيه عرفنا حجته الإمام المعصوم هذا الدليل «اللمي» يتحدث عنه الإمام أمير المؤمنين : ”بك عرفتك“ منك بدأت، وهو الذي قال عنه الإمام الحسين : ”ومتى غبت حتى تحتاج إلى دليل يدل عليك“ أنت واضح من البداية عرفتك بك، ماعرفتك من آثارك ”متى غبت حتى تحتاج الى دليل يدل عليك ومتى كانت الآثار هي التي توصل إليك، عميت عين لا تراك عليها رقيبا، وخسرت صفقة عبد لم تجعل له من ودك نصيبا“.

اذن «مننت علينا فعرفتنا وأحسنت إلينا فأعنتنا».

المرتبة الثالثة:
الإحسان، تفضل، فمنٌ، فإحسان، هذا الإحسان كيف﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ﴾ ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين﴾ ﴿إنّ رحمتَ اللهِ قريبٌ من المُحْسنينَ﴾.

ماهو الإحسان: مقابلة الإساءة بالعطاء، واحد يسيئ إليك وأنت تقابله بالعطاء، هذا يسمى إحسان هناك تفضل هناك من، وهناك أعظم من المن، إننا يارب أسأنا لك تجرأنا عليك ومع ذلك مازال عطائك وافراً علينا ”خيرك إلينا نازل وشرنا إليك صاعد، نقابلك بالإساءة وتقابلنا بالإحسان“.

اذن هذه أعلى مرتبة من مراتب جوده وكرمه أننا نسئ ونُصر على الذنب والتمرد ونُصر على الرذيلة، ومع ذلك يغمرنا برحمته ويسعنا بعفوه﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ مع إسرافنا يمر شهر رمضان شهر الرحمة شهر المغفرة شهر التوبة شهر الإنابة، ومع ذلك الإنسان يفعل المعصية ويفعل الذنب في شهر رمضان يصر على الطغيان والتمرد ومع هذا كله يخاطبه الله ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ هذا هو الإحسان هذا هو نهاية الإحسان ”وأحسنت إلينا فأعنتنا“ أعنتنا على ماذا؟ على أداء مافرضت علينا من صيام شهرك شهر رمضان، فهي نعمة أن يمر على الإنسان تسع وعشرون يوما أو ثلاثون يوما وقد أدى الصيام نعمة من نعم الله، ماعرض علي مرض ماعرض علي مانع أتممت هذه النعمة أتيت هذا الفرض هذا من أجل النعم التي تستحق الحمد

«فأعنتنا على أداء ما فرضت علينا من صيام شهرك شهر رمضان فلك الحمد بمحامدك كلها على جميع نعمائك كلها حتى ينتهي الحمد الى ماتحب وترضى «ثبوت الحمد إليه» هي عبارة العرفاء ثبوت الحمد إليه ذاتي وليس بالتحميد، كيف يكون الحمد إليه ذاتي وليس بالتحميد؟

تعريف الحمد؟ الحمد هو الثناء على الجميل الإختياري، رزق هذا جميل يستحق الثناء علم يستحق الثناء، صحة هذا جميل يستحق الثناء أعطاني العلم والصحة والرزق والحياة هذا كله جميل يستحق الثناء الثناء على الجميل الإختياري حمد.

لو تأملنا في هذا الكون كله، هل هناك في هذا الكون جميل لايعود إليه تعالى؟ لايوجد جميل إلا ويرجع إلى جماله. جمال العلم جمال الصحة والحياة، جمال الألوان والطبيعة وجمال الاصوات، جمال الأخلاق والقيم أي جميل نضع يدنا عليه نجد أن هذا الجمال مرآة لجماله إذن لا يوجد جميل في الواقع إلا جماله، ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ۗ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾ إذا لم يكن جميل إلا وهو مرآة لجماله عز وجل إذن لا جميل إلا جماله، أي جمال تمدحه أو تثني عليه فهو راجع الى الثناء على جمال الله عز وجل اذن كل حمد في الكون فهو حمد له مادام كل جميل فهو جماله فكل ثناء على جميل ثناء عليه، فبما أن كل حمد يرجع إليه لذلك قال : ”فلك الحمد بمحامدك كلها“ كل حمد في هذا الكون هو حمد له. ولذلك في الرواية الشريفة عن الإمام الباقر : ضلت بغلة فقال ”لأن وجدت البغلة لأحمدن الله بمحامد يرضاها“ فلما وجد البغلة صعد عليها قال: ”الحمد لله رب العالمين“.

ماقلت شئ ”بمحامد يرضاها“ وعندما صعدت على البغلة قلت الحمد لله رب العالمين كيف؟ قال ما تركت حمداً إلا وقلته. كل المحامد تدخل في هذه الجملة التي نقرأها في الصلاة ﴿الحمد لله رب العالمين﴾يعني جميع أنواع الحمد من كل شخص كافر، ملحد جميع أنواع الحمد هي حمد على جمال والجمال جماله إذن كل حمد في هذا الكون فهو حمد له.

ثم يقول ”وهذا آخر يوم من شهر رمضان فإذا إنقضى فإختمه لنا بالسعادة والشهادة والرحمة والمغفرة….. الى آخر ماذكر“

ما هي السعادة التي نتمناها التي يرغب بها كل إنسان؟
عندما يتصور السعادة هي الثروة أو أن السعادة الزوجة الجميلة ومنهم من يتصور السعادة سيارة جميلة وهكذا، كلٌ بحسب أفقه ومقدار حظه من المعرفة كل هذه ألوان تزول وتفنى كل هذه زبد ”أما الزبد فيذهب جفاء وأما ماينفع الناس فيمكث في الأرض“.

السعادة الحقيقية هي رضا الله، السعادة الحقيقية هي ”إن كنت عندك في أم الكتاب شقيا أو محروماً أو مقتراً علي رزقي فامح من أم الكتاب شقائي وحرماني وتقتير رزقي وأكتبني عندك سعيداً مرزوقاً“ فرق بين الرزق والسعادة ”واجعلني عندك سعيدا مرزوقا“ يعني الرزق شئ آخر غير السعادة، هذا تفضل ثاني تتفضل به علي، السعادة لها درجات:

الدرجة الأولى: الأطمئنان، واحد عنده ثروة ملك الملوك خليفة المسلمين أمير المؤمنين وهو يعيش قلق خائف من حرسه اللذين يحرسونه مالفائدة هذه ليست سعادة. السعادة هي الإطمئنان ﴿الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾.

الدرجة الثانية: التوفيق للعمل الصالح، إن الإنسان يرى نفسه موفق للأعمال الصالحة يرى نفسه يحب الدعاء، يحب النافلة، يحب أن يقرأ القرآن في شهر رمضان، يرى نفسه عندما يجلس من النوم أو يذهب للمسجد يبادر لقرائة القرآن الى الدعاء الى النافلة يحب أن يتزود في هذه الدنيا ﴿وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى﴾ الرغبة في العبادة هي السعادة.

الإنسان اذا لم يجد في قلبه رغبة في قراءة القرآن ولا رغبة في النافلة ولا في الدعاء هذا شقاء هذا نوع من الشقاء السعادة أن تشعر بالرغبة نحو العبادة هذه سعادة الإقبال على الله والعمل الصالح.

الدرجة الثالثة: أن تؤثر في غيرك، القرآن الكريم يقول: ﴿أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ﴾ نور ليس له فقط النور يتعداه الى غيره يفيض على غيره ﴿وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا﴾ إذن التأثير على الناس بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بالنصيحة، تنصح زوجتك، تنصح ابنتك وإبنك، تنصح زميلك نفس هذه النصيحة سعادة، أن توفق لنصيحة الآخرين ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾.

والأمر الأخير في السعادة: حسن الخاتمة
كيف يفاجئني الموت أشد لحظة أن يفاجئني الموت وأنا على ذنب وأنا على معصية وأنا لم أتب من رذيلة فالسعادة التي أطلبها وأرجوها حسن الخاتمة: ”للهم اجعل خير أعمالنا خواتمها وخير أيامنا يوم نلقاك حسن الخاتمة“.

المحقق الطوسي الشيخ نصير الدين عنده كتاب تجريد الإعتقاد كتاب في العقائد في علم الكلام يتكلم عن التوحيد والعدل والمعاد وختم الكتاب بالبحث حول الإمامة أثبت أن الإمامة ضرورة من ضرورات الدين أصل من الأصول، جاء القوشجي عالم من أهل السنة شرح الكتاب رأه كتاب عظيم في فلسفته في دقته في عمقه، شرحه ولما وصل للأمامة رأى والله صخرة ثقيلة. يكتب في منهاج السنة «كان علي مخبولا يجري وراء الرئاسة ويقاتل عليها» هذا شيخ الإسلام وأين أتباعه يحبوا الشيعة وهو بهذا الشكل إذا الرأس يقول كان علي مخبولا يعني هذه الحروب التي حدثت للإمام علي كأن الإمام علي هو الذي بدأ الحرب والقتال حتى يحصل على الرئاسة، فهذا ايضا لما وصل مبحث الإمامة رأى البحث ثقيل كتب بيتين من الشعر:

فاق  النصير  بحسن  تجريد  له

ياخاتما   بالسوء   حسن  كتابه

 لكنه     فيه     أساء    الخاتمة

أو ما خشيت عليك سوء الخاتمة

تختم كتابك بالإمامة ماتخشى على نفسك سوء الخاتمة. المرحوم الحجة العظيم الشيخ علي الجشي رحمه الله قدس الله نفسه الزكية كتب ردا عليه:

فاق النصير بحسن تجريده له

ياراميا  بالسوء  حسن  كتابه

 وأزاده  حسنا  بحسن الخاتمة

السوء فيك فخلته في الخاتمة

اذن الختام بالسعادة الختام بحسن الخاتمة ”واختمه لنا بالسعادة والشهادة والرحمة“ ماهي الشهادة؟ الشهادة نوعان: شهادة تحمل، شهادة آداء كما يقولون في الفقه ﴿وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا﴾، ﴿وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ﴾ هذه تسمى شهادة آداء.

أما شهادة تحمل، وهو أن تأتي بشخص تقول له اشهد تريد منه يراقب الموقف «اشهد مانقول» هذه تسمى شهادة تحمل ﴿وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ ۖ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ﴾ هنا بمعنى شهادة التحمل.

يشهد بمعنى يراقب أوضاع أمته ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا﴾، أنت تطلب الشهادة ”واختمه لنا بالسعادة والشهادة“ الشهادة بتمام أنواعها، كيف بتمام أنواعها؟

أولا: أن تكون من الشهداء معناه تكون من اللذين نصبهم الله شهداء على الناس، شهادة تحمل هذا شرف عظيم أن يجعله الله شهيدا على الناس كل واحد من منطلقه شهيد، الإمام شهيد على الأمة، العلماء شهداء على الأمة، الأب شهيد على أسرته، الزوج شهيد على زوجته، كل واحد له منصب شهادة ليس فقط الأنبياء والأئمة، بأن تجعلنا من الشهداء على غيرنا شهادة التحمل هذا منصب عظيم، وأيضا أن تجعلنا من الشهداء بأن نختم حياتنا بالشهادة. أعظم خاتمة أن تموت شهيداً، موت الشهادة أنواع واحد يموت في معركة هذا شهيد، وآخر في طلب العلم شهيد ”من مات وهو يطلب علما مات شهيدا“ وقد ورد عن النبي : ”من مات على حب آل محمد مات شهيدا“، ”من مات على حب آل محمد مات مغفورا له“، ”من مات على حب آل محمد جاء يوم القيامة ونوره يسطع منه، من مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوبا بين عينيه آيس من رحمة الله“ هؤلاء التكفيريون هؤلاء الداعشيون.

”واختمه لنا بالسعادة والشهادة والرحمة والمغفرة والرزق الواسع الكثير الطيب الذي لا حساب فيه ولا عذاب“

تريد رزق لا حساب فيه كيف؟
”لاتخطو قدم يوم القيامة حتى تسأل عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه“ أين منابع الحر لا أين مصارف الحلال، ماهي روافد الحلال التي اكتسبت بها عمل مباح عمل غير محرم، أنفقت في كسوة عيالك أو أنفقت في المعاصي والعياذ بالله، هذه الأيام أيام عيد حاسب نفسك من الآن ”حاسبوا انفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا“ كيف أنفق الأموال أيام العيد؟ أنفق الأموال على هدية على أطفالي، أنفق أموالي على شراء بعض الهدايا هذا جيد، أنفق أموالي على بعض السفرات المباحة هذا جيد، أنفق أموالي على دخول أماكن محرمة أو أنفق أموالي على دخول حفلات محرمة أو أنفق أموالي على دخول سينما لمشاهدة أفلام إباحية، أين أنفق أموالي ”عن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه“.

هذا العيد تجربة للمصرف الحلال جرب نفسك في العيد هل تصرف المصرف الحلال ”وفيما أنفقه“

ولكن إننا نريد أن ننفق أموالنا في إقامة مهرجانات لتفريح الناس أيام العيد، المهرجانات مشتملة على حلال أو مشتملة على حرام؟ دعنا نسأل هذا السؤال: ماهي هذه المهرجانات؟ مالمقصود منها؟ هل مايصرف فيها يصرف في الحلال؟ أو معه شئ من التجاوزات شئ من الحرام؟ لابد أن نركز على هذا الأمر.

احتفالات، مهرجانات هذا جيد لكن بشرطها وشروطها أن تكون متضمنة لأمور مباحة لا لأمور نهت الشريعة عنها لا للتشجيع على المعصية، لا للتشجيع على تجاوز الحدود، لا للتشجيع على لقاء الشباب بالشابات من دون حدود هذه كلها أمور سنسأل عنها ونوقف بين يدي الله تعالى للسؤال عنها سؤالا حثيثاً ”وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه والبركة والفوز بالجنة والعتق من النار ولا تجعله آخر العهد مني“ اللهم أعدنا على هذا الشهر المبارك بالمغفرة والرحمة وأنت قد غفرت لنا ورحمتنا “وأهله بأفضل الخير والكرامات والسرور» ليس فقط علي بل علي وعلى أهلي وذريتي ياكريم

”اللهم هذا شهر رمضان الذي أنزلت فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان وقد تصرم فأعوذ بوجهك الكريم“ من أفضل أوقات التوبة والإنابة أن تتوب قبل غروب الشمس، شهر مر عليك تسع وعشرون يوم ثلاثون يوم معاصي، ذنوب وصغائر ماألتفت إليها فعلتها غفلة نسيان لغلبة الشهوة علي، الآن عندك فرصة قبل أن تنتهي هذه الدقائق أن تعوض أن تتدارك أن تصلح، أن تبيض وجهك هذه الفرصة فرصة التوبة ”أنت الذي فتحت علي بابا سميته باب التوبة فقلت توبوا إلى الله توبة نصوحه عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار، فما عذر من أقفل دخول الباب بعد فتحه“.

”فأعوذ بوجهك الكريم أن تغيب عنا الشمس من هذا اليوم أو يطلع الفجر من هذه الليلة ولك قبلي ذنب أو تبعة تريد أن تعذبني عليها يوم ألقاك، اللهم اغفر لي ما مضى من الذنوب ووفقني لمابقي من العمل الصالح، أي ملين الحديد لداوود، أي كاشف الكرب العظيم عن أيوب صل على محمد وأهل بيته المباركين الأخيار وسلم تسليما. اللهم إقبل توبتنا، اللهم ارحم ذلتنا، اللهم ارحم إنابتنا، اللهم وفقنا لأن يكون عيدنا عيد توبة عيد إنابة عيد مغفرة ياأرحم الراحمين“.

هذه الليلة ليلة العيد ليلة مباركة يستحب إحيائها بالعبادة إحيائها بصلاة الليل، الغسل بعد الغروب ولكن هذا الغسل لا يجزئ عن الوضوء لأن هذا الغسل لم يثبت استحبابه يؤتى به رجاء المطلوبية ويستحب أن يقرأ بعد المغرب العشاء بعد الفجر وبعد صلاة العيد هذه التكبيرات المعروفة الله أكبر لا إله إلا الله…… الحمد لله على ماهدانا…. وأن يزور الحسين . في يوم العيد ايضا يستحب لك أن تغتسل غسل يوم العيد يجزئ عن الوضوء، من بعد الفجر الى نهاية يوم العيد ويجزئ عن الوضوء، ويستحب لك قبل أن تخرج من بيتك قبل صلاة العيد أن تأكل شئ من الحلوى تمرة مثلا وأن تتناول بقدر الحمصة من تربة الحسين لأجل الإستشفاء من كل مرض، ليست فقط الأمراض البدنية بل الأمراض النفسية والروحية، أكل التراب حرام إلا من تربة الحسين بقدر الحمصة لأجل الإستشفاء، عند السستاني خصوص تربة الحائر خمس وعشرون في خمس وعشرون هذه تدخل في تربة الحسين، عند السيد الخوئي كل تربة كربلاء يشملها هذا الإستحباب بقدر الحمصة من تربة الحسين ، قبل أن تصلي صلاة العيد إما أن تخرج زكاة الفطرة بنفسك سلمها إلى الفقير أو وكيله أو الصناديق المعدة اللذين عندهم وكالة عن الفقراء أو تعزلها إلى أن تجد الفقير المناسب خمسة عشر ريال عن كل شخص، صلاة العيد تصح فرادى، تصح جماعة يصح فيها الأتمام أن تصلي مأموما يعني تعتمد على الإمام في قرائته.

السيد منير الخباز/شبكة المنير




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=167942
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 05 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29