• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ما بين المراقب واللاعب  .
                          • الكاتب : د . حميد مسلم الطرفي .

ما بين المراقب واللاعب 


يحكي صديقي العزيز ماهر الحسني عن هواياته السابقة في رياضة كرة القدم فيقول كنت حين اتابع المباريات أصرخ بهذا المهاجم أو ذاك ( يلا هدف ، بسرعة الگول فارغ ، لا مع الأسف عليك ، شسويت ضيعت احسن فرصة ،لازم رئيس الفريق يطلعك من اللعب ) ودارت الأيام لأكون ضمن الفريق فجربت حظي اولاً أن أكون مهاجماً ، حينها كنت أبذل قصارى جهدي وأتحرك نحو الهدف لأراه وكأن عرضه ذراعاً  والحارس في وسطه فيستحيل عليّ تسجيل الهدف ويصل الى سمعي توجيه هذا أو ذاك فأضحك  ، فقلت في نفسي الأفضل ان أتولى حراسة المرمى فحينها يسهل عليّ الأداء واتخلص من احراجات نقدي السابق للمهاجمين فوافق رئيس الفريق وحين استلمت المهمة رأيت الهدف وكأن عرضه خمسون متراً وأنا كالعصفور بين القائمَيْن حينها أدركت ان المراقب غير اللاعب وأن أهلنا لم يقولوا جزافاً بمَثَلِهم المتوارث ( هذا الميدان يحميدان) . نعم الناقد بصير ولا بد للمتصدي أن يُحكِمَ سفينته ، بلى  في الامتحان يُكرم المرء ويُهان ، ونعم أن أدعياء الدين كثيرون فاذا ما محصوا بالبلاء قلّ الديانون ، ولكن  أما ترون ياسادة أننا نتعجل الأحكام ونرمي أصحابنا بأقبح التهم ؟ ألا ترون أن عمر بن العاص مازال يوسوس ويهمس فيإذن ابي موسى الأشعري ليخلع صاحبه كما يُخلع الخاتم من أصبعه ثم يقوم هو بتثبيت صاحبه ؟ أما ترون أننا نقسو كثيراً حين نروج مصطلحات ( الغمان) و( الانبطاحيين) و( سياسيو الصدفة) و (شنيعة مو شيعة) . نعم لاعذر لفاسد مد يده للمال العام ولكن هناك ألف عذر وعذر لمُحاور ومفاوض وسياسي يتقلى مثلما نتقلى نحن منأجل الوصول الى نتيجة مرضية ، فالعراق متعدد الأعراق والطوائف والمذاهب ، وهناك ارادات متعارضة وقوىمتداخلة وتبعيات مختلفة وتدخلات خفية وعلنية ، بعملية سياسية لم نصنعها وحدنا بل معنا شركاء متشاكسون . وحتى الطموحات الحزبية في الوصول الى السلطة فمن ذا الذي يتجرد منها وينأى بنفسه عنها فلماذا اشتركتالكتل بالانتخابات اذا كانت لا تريد السلطة ؟ هل على السياسيين أن يكونوا من غير صنف البشر  ؟ دعونا نجرب ذلك على أنفسنا في ادارة البيت او الدائرة أو اي مؤسسة صغيرة . دعونا نتشاور يوماً ونحن خمسة أشخاص حولقضية وانظروا كم تتطابق وكم تتباعد الرؤى . نعم الطغيان يوحد المواقف والغلبة تصرع المناوئ وحكم الفرد يُسرّعفي انجاز القرارات ولكنه أيضاً مسار المخاطرة والمغامرة  وأنى لنا بديكتاتور عادل يحفظ الحقوق والحريات ، فرفقاً رفقا فقد يرى الحاضر ما لا يراه الغائب والانصاف أن تجعل نفسك ميزاناً فيما بينك وبين غيرك ، لا نقول دعوا النقد ولكن (كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدَيْنِ والأقربين )  والله من وراء القصد وهويهدي السبيل .
   




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=167946
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 05 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18