• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : شرح الفقرة رقم(7) من المعاهدة .
                          • الكاتب : محمد السمناوي .

شرح الفقرة رقم(7) من المعاهدة

قوله ( عليه السلام): (( ولا يصيبك فقر أبداً ولا فزع ولا جنون، ولا بلوى أبداً ولا تدعو الله (عز وجل) بدعوة في يومك ذلك في حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلا أتتك كائنة ما كانت بالغة ما بلغت في أي نحو شئت ولا تطلب إليه حاجة لك ولا لغيرك من أمر الدنيا والآخرة إلاَّ سبب لك قضاءها)).

     يشير الإمام (عليه السلام) إلى جملة من الآثار المترتبة على قراءة هذا الدعاء، والتي منها عدم تعرض الإنسان إلى الفقر، بل بكل أنواعه وأشكاله وصوره سواء كان مادياً أو فكرياً، ويكون غنياً بالمال والعلوم والمعارف والعقيدة السليمة، وقضيت حوائجه الدنيويّة والآخرويّة، سواء كانت الحاجة المقصودة لنفسه أو لغيره من سائر المؤمنين فانها تكون مقضية، حيث أن الله تعالى يسبب الأسباب، إلا ما استثني بالحكمة الحاكمة المقيدة للرحمة، ولذا نجد بعض الدعوات غير مستجابة لحكمة يعلمها الله تعالى، فمن رحمته الواسعة أن لا تستجاب بعض الدعوات، وإن من عباد الله من لا يصلحه إلا الغنى لجهة الحكمة، وكذلك العكس فإن من عباد الله من لا يصلحه إلا الفقر لجهة الحكمة أيضّاً وهذه هي عين الرحمة.

     وبيان ذلك إنَّ الله (عز وجل) له القدرة المطلقة، وله العلم المطلق وله الحكمة المطلقة، لكن رحمته تشمل عباده مالم تكن مخالفة لحكمته، بمعنى إن الله تعالى عالم بكل شيء ( وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)[سورة الانعام/الآية: 59] . وقدرته مطلقة فهو القادر على كل شيء وحكمته مطلقة، ولكن رحمته تعالى نافذة مالم تكن مناقضة لحكمته، بمعنى أن الحكمة تُقيّد الرحمة والرّحمة لا تقيد الحكمة فقد جاء في دعاء الإمام السجاد (عليه السلام):" ويَا مَنْ لَا تُبَدِّلُ حِكْمَتَه الْوَسَائِل"(1) .

      بمعنى إذا اقتضت الحكمة الإلهيّة أن يبتلى الإنسان بمرض فبمقتضى الحكمة تكون المصلحة بهذا المرض والوسائل لا تغير الحكمة الإلهيّة ومن الوسائل (الدعا، الصدقة،  التوبة، الاستغفار،  الإنابة، الستشفاع بأهل البيت (عليهم السلام)، هذه الوسائل وغيرها كلها لا تغير حكمته، ما دام أن  المرض أو الفقر أو عدم استجابة الدعاء هو مقتضى الحكمة بالنسبة لهذا الإنسان، فلا تغير الوسائل  مقتضى الحكمة  الإلهيّة، ولا تؤثر عليها ولا تقيدها، فلا يترك الله تعالى حكمته إلى ما ليس بحكمة رعاية للرحمة، ولذا نجد أن الإنسان قد يدعو كثيراً  لكن لا يستجاب له، ولهذا السبب لا تستجاب الكثير من دعواتنا؛ والسر في ذلك لأن ما ندعو به مخالف لمقتضى الحكمة الإلهيّة، وقد ورد في دعاء الافتتاح في شهر رمضان:"ولعل الذي أبطأ عني هو خير لي لعلمك بعاقبة الأمور"(2) .

     ومعناه أن اجابة الدعاء قد تتأخر  لحكمة، وعلى هذا الأساس أيضّاً قد لا يستجاب  الدعاء أصلا، وذلك  لإقتضاء الحكمة الإلهيّة  في عدم الإستجابة . ومعنى ذلك كله إن الرحمة الإلهيّة توثر ما لم تكن على خلاف الحكمة، أي إن الحكمة مطلقة، لكن الرحمة مقيدة بان لا تكون على خلاف الحكمة(3) .

      كما يوجد في بطون الكتب والمجاميع الحديثيّة أخبار عن أهل البيت (عليه السلام) تشير إلى جملة من الأذكار الصغيرة التي تقرأ في وقتين من اليوم بعد فريضتي الصبح، والمغرب، فان لها جملة من الآثار، حيث تنفي الفقر وتدفع السقم والجنون والبلاء فاذا كان شقياً محي من الأشقياء وكتب من السعداء،  وكان دعاءه مستجاباً، فعن أبي بصير، عن أبي عبد الله ( عليه السلام) قال: ( من قال في دبر صلاة الفجر ودبر صلاة المغرب سبع مرات) :  بسم الله الرَّحمن الرَّحيم لاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ) دفع الله (عز وجل) عنه سبعين نوعاً من أنواع البلاء أهونها الريح  والبرص والجنون وإن كان شقياً محي من الشقاء وكتب في السعداء(4).

المصادر

[1] الصحيفة السجاديّة في الدعاء الثالث عشر في طلب الحوائج إلى الله تعالى: ص68

[2] الطوسي، مصباح المتهجد: ص 564.

[3] هذا ما أفاده أحد علماء البحرين الكبار في درسه الفقهي بتاريخ 4/12/ 2017م. بتصرف.

[4] الكليني، الكافي: ج2، ص 531.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=168237
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 05 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29