• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أنتِ مُعاقة..!! .
                          • الكاتب : ايمان صاحب .

أنتِ مُعاقة..!!

كانت أفنان تتألم كثيراً لسماعِ هذه الكلمة، وأمثالها من الكلماتِ التي تبثُ بروحها اليأس، وتدعها تَستَسلم لِشيءٍ اسمهُ العجز، بالرغم من الصلابة التي تبدو عليها أمامَ النّاس واللامُبالاة، إلا أنّها تَفقدُ كل هذه الصلابة إن اختلت بنفسها، حيث لا يراها أحد.
 تارة تجهش بالبكاء وأخرى تعاتب القدر: لماذا رجلي مشلولة؟ لماذا لا أستطيع المشي كغيري مِن البشر؟ لماذا منذُ طفولتي وإلى الآنّ، أنا أحاول أن أثبتَ لهم أنني قادرة على فعلِ ما يقومُ بهِ الأصحاء، ممن ليس لديهم مُشكلة في أرجلهم، كما أثبت هذا لنفسي بالرغم ممّا فيه من ألم ومعاناة؟ ألا يكفي هذا من أجلِ نظرة تُساوي بيني وبينَ الآخرينَ، مِنْ حيثُ الفكر والتوجه، لا مِنْ حيثُ الشكل والمظهر كما هي نظرتهم المحدودة؟
وحالما تنتهي مِنْ كلماتِ العتاب هذه، تُمسِك القلم بقوةٍ لتخطَ على صفحات الورقِ أيّ شيءٍ حتى وإنّ كانَ مجرد خطوط بسِيطة، مع انّها تجيدُ الرسمَ وتعشقهُ، إلى درجة تحسبهُ صديقها الدائم الذي تلجأ إليهِ حينَ تعصفُ بقلبها ريح الحزن والأسى، إلى أن تشعر بالتعبِ، تترك القلم جانباً وتخلد إلى النوم، وهكذا كانت أفنان، تتعاملُ مع كلِ كلِمةٍ جارحه لسنواتٍ عديدة. وذاتَ يومٍ مِن الأيام، وقفت أمامَ المرآة، حدّقت بها طويلاً، ثم راحت تحدثها قائلة: اعلمي أيتها المرآة في ما مضى مِن سني عمري، كنتُ كأنتِ: سرعانَ ما أنكسر، لمجرد سَماعِ كَلِمة تُشعرني بعوقي، بل بضعفِ إرادتي على مواجهة المجتمع، حتى صارَ صَداها يترددُ في أعماقي: إنّها مُعاقة، إنّها مُعاقة، حينها لم أستمع لنداء عقلي، وهو يقول: لا عليك منهم، ليقولوا ما يقولون.
 توقفُ طرف مِن الأطرافِ لا يعني توقف عجلة الحياة، بل استمرارها، يا أفنان لا تنظري إلى ما أنتِ فيه على أنهُ نقص، فكم مِن شخصٍ سليم الجسم لكنّه سقيمَ العقل.
 كوني قوية، كوني قوية، أطرقت برأسها نحوَ الأرض، وهي تتمتمُ بهذه الكلمات، وما إنْ رفعتهُ عادت مِن جديد لمخاطبة المرآة، بعدما أخذت نفساً عميقاً، تصحبه قطرات من الدموع، حينها لا تعلم أهي دمعاتُ اعتذار على ما فات، أم ندم لتجاهلها نداء العقل؟ أو كلاهما؟
 المهم كل ما علمته أنهُ أيقظَ في أعماقها شيئاً غريباً، جعلها تشعرُ وكأنها لأول مرة تسمعُ فيها هذا النداء، لتجيبهُ قائلة: لن أتجاهلك كالسابق، بل سأكون كما قلت: قوية، قوية، وأكثر من هذا، سترى كيفَ أبتسم لكلمة مُعاقة بدلاً من البكاء، ولا أعاقب نفسي من أجلها بعد هذا اليوم أبداً، فقط لأنني رأيت فيها الآن مِن الاصرارِ والتحدي، ما يكفي لمواجهة ريح الدهر العاتية وقساوة الأيام.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=168304
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 05 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20