ما إن استقرّ بها المقام، حتى راحت عيونها تبحث في كل زوايا البيت, لم يبق شيء خارج فعل التمحيص، ثم قالت:ـ بيتكم جميل ما شاء الله لكن العجب انكم لا تملكون صيدلية منزلية في البيت، شيء مهم أن يمتلك كل بيت صيدلية صغيرة للإسعافات الأولية، فيها خافضات حرارة، ومسكنات صداع، ومضادات حموضة، ومضادات إسهال، وبعض المراهم، ومطهرات الجروح.

 سكتت قليلاً لترتاح ولتعرف ردود فعل اهل البيت، فوجدتهم منشغلين عنها، سرعان ما استعادت رباطة جأشها وأكملت: الصيدلية المنزلية تُباع مجهزة بكل لوازمها، لكن من الأفضل شراء الصيدلية فارغة، ومن ثم شراء اللوازم، ولا بد من حفظ كل محتويات الصيدلية بعيداً عن متناول الأطفال، وفحص أغطية الادوية دائماً، ومراقبة تاريخ الصلاحية، ورمي كل دواء انتهت صلاحيته.
 سكتت العمة لترى ردود الفعل، فوجدتهم غير مبالين لما تقول، استجمعت قواها ثم أكملت: لا بد من ثقافة صحية؛ كي نتعامل مع الدواء، وهذه الادوية لا يُستغنى عنها في كل بيت.
 ثم انتبهت الى أن الحديث لا يلاقي أي أهمية، فقالت: للصيدلية المنزلية اضرار كثيرة، اضرارها أكثر من نفعها، حسنا تفعلون أنكم لا تقتنون صيدلية.
 انتبه اهل الدار الى كلامها وسرعة تبديل المعنى، فتشجعت وقالت: تتكدس الأدوية فيها، وتستخدم لكل أفراد العائلة، لذلك حدثت كثير من المشاكل والمضاعفات جراء سوء استخدام بعض الادوية، أعرف امرأة كان أحد أولادها يشكو صداعاً، فأعطته البنادول، وهو مسكن للتقلصات المعوية، والناس تعامله كعلاج للصداع، فازدادت حالتها سوءاً.
 إياكم أن تعطوا وصفات طبية دون معرفة، الدواء ليس لعبة، قامت وتوجهت الى الباب وهي تقول: تركت عندكم العافية، انها وجدت ردود الفعل لهذه الجملة في غاية مفعولها:ــ الله معك آنستينا.