• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : قبل 62 عاماً .
                          • الكاتب : د . صاحب جواد الحكيم .

قبل 62 عاماً

عام 1960 ( الف و تسعمائة و ستون ) نشرت مجلة ( الإيمان) في عدديها 20-21 مقالا ً للطالب صاحب جواد الحكيم أعادت نشره مجلة ( الصراط) الآن ، مشكورة عن الإمام الصادق ع ( بمناسبة ذكرى شهادته هذه الأيام )

صوت الطلبة المسلمين من وحى ذكرى الإمام الصادق (ع)

تمر على العالم الإسلامي في هذه الأيام ذكرى عظيمة جليلة.. هي ذكرى بطل من أبطال الجهاد الإسلامي الخالد.. هو الإمام السادس جعفر بن محمد الصادق (ع) فلقد كان علماً شامخاً من أعلام الدين الحنيف، ونجماً ساطعاً ينير للمسلمين عامة طريق الحق والرشاد، فلقد كانت حياته مليئة بالمفاخر الكثيرة والمآثر الجمة، وليس في ذلك عجب، وهو الذي ترعرع في بيت النبوة والإمامة وعاش في كنف جده الإمام زين العابدين (ع) ووالده الإمام محمد الباقر (ع) فارتشف منهما العلوم الإسلامية والفقه المحمدي وكبر وكبرت معه روحه الجبارة التي ما استكانت في يوم ولا تهادنت لحظة في خدمة الإسلام والمسلمين.
والسنوات التي عاشها الإمام والبالغة خمسون سنة كلها مليئة بالعمل المتواصل، والجهاد المثمر، قضاها في الدعوة إلى الطريق السوي طريق الإسلام الواضح، فبلغ في هذا الأمر مبلغاً كبيراً فلقد روى عنه الحديث، وأخذت منه التعاليم الدينية وتخرج على يديه كثير من رجالات الإسلام وجهابذة العلماء ورواة الحديث الذين كانوا ينتهلون من علمه الغزير، ويرتشفون من معارفه الجمة، ويقتبسون من مواعظه الشيء الكثير.
فلقد كان الإمام الصادق (ع) عاملاً بالقرآن داعياً إلى الله آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر قائماً ليله، صائماً نهاره، مجاهداً في سبيل الله داعياً إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة.
لقد بلغ عدد الذين درسوا في مدرسة الإمام (ع) أربعمائة شخص كل هؤلاء كانوا قد سمعوا منه الحديث ورووا عنه الشيء الكثير أمثال مالك بن أنس، وأبو حنيفة، وسفيان الثوري، وآخرين كهشام بن الحكم، وأبان بن تغلب وغيرهم.
وقد قال بعض العلماء من المسلمين ورواة الحديث في الإمام الصادق (ع) الشيء الكثير وكلهم شهدوا بفضل الإمام وعلمه وورعه وتقواه، فقال زيد بن علي ابن الحسين (ع): في كل زمان رجل منا أهل البيت يحتج الله به على خلقه، وحجة هذا الزمان ابن أخي جعفر لا يضل من تبعه، ولا يهتدي من خالفه، وقال أبو حنيفة: ما رأيت أفقه من جعفر بن محمد، وقال مالك بن أنس رئيس المذهب المالكي: جعفر بن محمد اختلفت إليه زماناً فما كنت أراه إلا على ثلاث خصال: إما مصل، أو صائم، وإما يقرأ القرآن، وما رأت عين ولا سمعت أذن ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر بن محمد الصادق علماً وعبادة وورعاً، وهكذا نرى أن الإمام الصادق (ع) قد بلغ شأواً بعيداً في التقوى والصلاح والدعوة إلى حكم الله.
وقد أراني بحاجة إلى ذكر وصيته لولده الإمام موسى الكاظم (ع) ففيها الشيء الكثير من الحكم والمواعظ وتربية النفس على الفضيلة وتنمية الخلق القويم والأخلاق الفاضلة: يا بني، إنه من يرض بما قسم له استغنى، ومن مد يده إلى ما في يد غيره مات فقيراً.
يا بني، من كشف حجاب غيره انكشفت عورات بيته، ومن سل سيف البغي قتل به، ومن حفر لأخيه بئراً سقط فيها، ومن داخل السفهاء حقر، ومن خالط العلماء وقر، ومن دخل مداخل السوء اتهم، يا بني إياك أن تزري بالرجال فيزرى بك، والدخول فيما لا يعنيك فتذل لذلك؛ يا بني قل الحق لك أو عليك، يا بني كن لكتاب الله تالياً، وبالمعروف آمراً، وعن المنكر ناهياً، ولمن قطعك واصلاً، ولمن سكت عنك مبتدئاً، ولمن سألك معطياً، وإياك والنميمة فإنها تزرع الشحناء في قلوب الرجال، وإياك والتعرض لعيوب الناس، فمنزلة المتعرض لعيوب الناس بمنزلة الهدف، يا بني إذا زرت فزر الأخيار، ولا تزر الفجار، فإنهم صخرة صماء لا ينفجر ماؤها وشجرة لا يخضر ورقها وأرض لا يظهر غيثها.
فما أحوجنا أيها الأخوة إلى الاقتباس من هذه الحكم الثمينة ما يضيء لنا طريقنا، ويحفزنا إلى العمل الجاد لخدمة ديننا، وإسعاد أمتنا، فليست العبرة بإقامة ذكرى الإمام الصادق ليس غير، بل العبرة بأن نستلهم من ذكراه (ع) العزم والقوة، وأن نسترشد بهداه، ونسير على منهجه القويم، ونجعله مثلنا الأعلى في أعمالنا، من أجل أن نصعد بأمتنا إلى أوج الكمال في ظل راية الإسلام الخفاقة.
إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون

كلية طب الأسنان-بغداد
1380هـ ، 1960م
المصدر: مجلة الأضواء، السنة الأولى، العددان 20-21




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=169122
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 05 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29