• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : قراءة في كتاب (خطب الجمعة)  توثيق وتحقيق الجزء الأول/ المجلد الثاني  خطبة الجمعة لسماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي (دام عزه)  24 شباط 2006م .
                          • الكاتب : تراب علي .

قراءة في كتاب (خطب الجمعة)  توثيق وتحقيق الجزء الأول/ المجلد الثاني  خطبة الجمعة لسماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي (دام عزه)  24 شباط 2006م

  تمتاز خطب الجمعة بقدرتها على استلهام الواقع الفكري، ونشر فكر أهل البيت (عليهم السلام) مع احتواء الواقع المعاش بجميع قضاياه، وفي خطبة سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي الجمعة 24 شباط 2006م والمنشورة في كتاب (خطب الجمعة توثيق وتحقيق الجزء الأول من اصدار العتبة العباسية المقدسة قسم الشؤون الفكرية والثقافية) شخص فيها تكامل الرسالة السماوية، ولخصها في محاور عدة منها: وجود الشخص القادر على تلقي الوحي الإلهي، واستيعاب الأحكام التشريعية وامتدادها التأثيري الى ما بعد رحيل النبي (ص)، والعنصر الأساسي في تكوين أمة مؤمنة هو الاستعداد للبذل والاطاعة وترسيخ القيم والأخلاق.

نجد أن مثل هذا الخطاب قادر على مخاطبة العقول والأرواح، وبناء علاقات مبدئية مع فكر أهل البيت (عليهم السلام)، وفي هذه الحقيقة يتم تسليط الضوء على الإمام السجاد (عليه السلام) الذي واجه مجموعة من الأخطار مثل: انحراف القيادة الحاكمة للأمة عن مسار الخط الإسلامي الأصيل في جميع الأبعاد، وخطر انفتاح المجتمع الإسلامي على بقية المجتمعات وانفتاحها على ثقافات تلك المجتمعات، حينما حصل الغزو من المسلمين لتلك البلدان.
 يرى سماحة الشيخ أن مثل هذا الانفتاح يمثل إمكانية انسلاخ الأمة الإسلامية عن فكرها الأصيل، وخطر انسياق المجتمع الإسلامي وراء الملذات الدنيوية ومثل هذا العرض التوضيحي التبييني يعبر لنا عن مفهوم الموقف ومن ثم سلوك المعصوم لترسيخ هذه المفاهيم في سلوكياتنا المعروضة، والتأثير بتنامي معرفي عند الناس، بمعنى تشكيل قناعات الناس.
 ويبين سماحة الشيخ الخطر الأهم الذي نشأ في بيئته وعصره هو خطر الفرق الضالة المنحرفة عن الخط العقائدي الأصيل, ومن المتوقع أن تولد الكثير من الأسئلة في ذهنية المستمع والمتلقي، كيف نشأت مثل هذه الفرق المنحرفة في مجتمع يدّعي الدين والانتماء؟ يجيب سماحة الشيخ عن تلك الأسئلة، وصولاً الى اقناع منطقي يمثل هذه النشأة.
 الجواب: إن حكام بني امية كانوا يدعمون تلك الفرق الضالة، باعتبار أن نشر هذه الأفكار يساهم في إرساء دعائم بني امية في قضية الجبر, والارجاع, والتشبيه , والتجسيد, مهمة خطب الجمعة مهمة صعبة؛ كونها تخاطب شرائح عمرية متعددة وثقافات متعددة ورؤى ومذاهب وأدياناً مختلفة، لا بد أن يجذب الخطيب الاهتمام الإنساني اليه والى الرمز التاريخي لطرح منطقي موضوعي، فالخطبة تتحدث عن ملامح الدور الذي أداه الامام السجاد(عليه السلام) الملامح التي تربط وتتصل بالله تعالى وشعوره بالوجود الإلهي تعظيمه وقوته وعدله ورحمته، ونحن بحاجة الى استشعار هذا الوجود الإلهي، بحاجة الى ترسيخ المفاهيم الفكرية والعقائدية والعرفانية والتربوية التي بثها لنا في أدعيته (عليه السلام).
 والمعروف عند أهل النقد أن قيمة الخطبة ترتفع كلما ارتفعت الاهتمامات العقلية والحكم البالغة، فيذكر ملامح الامام السجاد السياسية الخطابات التي قالها الإمام في مجلس عبيد الله بن زياد ومجلس يزيد، حينما أسقط الأقنعة التي كانت تتستر وتتغطى بها حكام بني أمية.
 هناك ملاحظة مهمة، وهي أن خطابات الامام (عليه السلام) في مجلس ابن زياد كانت ذا طبيعة تختلف عن طبيعة الخطابات في مجلس يزيد، ففي الكوفة كانت الخطابات تحمل طابع ايقاظ الضمير لتلك الأمة، أما في الشام فكانت طبيعة أخرى بيان منزلة ومقام الذين قُتلوا والذين سُبوا، كانت هناك سياسة متبعة بعد رحيل النبي (ص)، واقتفى حكام بني أمية هذا الأثر وهو منع تدوين الحديث، اذ كان أولئك الحكام يريدون أن يجعلوا حاجزاً بين المسلمين والإمام منبع الفكر الحق والثقافة الاصيلة الحقة؛ كي لا تطلع القواعد الإسلامية الجماهيرية على حقائق التشريع الإسلامي.
 في مثل هذه الظروف يعطي الامام الدروس في الفقه والأخلاق والتفسير وينقل الاحاديث النبوية الصحيحة، هذا يعد تحدياً صارخاً لحكام بني أمية، ولم يكن بنو امية يقبلون بذلك، حتى أن من الخلفاء من حبس بعض الصحابة؛ لأنهم كانوا ينشرون الأحاديث ويوثقونها وينشرونها بين الناس, هذه القوة الروحية تمتلك التأثير العام بالناس من أجل مصلحة الأمة.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=169554
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 06 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28