• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : على مهلك يا صديقي .
                          • الكاتب : عبد الكريم سعدي .

على مهلك يا صديقي

 كنت ألمس فيه يافعات الجنون، لكن يردني الصمت الذي يحتويه، أعرفه مدرساً ومولعاً بحب اللغة، وهو كاتب معروف (فراس حاج محمد) قلت له:ـ اعرف بأنك مولع بحب... لم يتركني اكمل جملتي صائحاً: خطأ، هذا خطأ..! تساءلت بحسرة: أين الخطأ يا فراس؟ قال: لماذا تحشر باء الجر في جملتك دون أي داع؟ قلت: هو جائز يا فراس، وتأتي للتوكيد، فقال: وما الفائدة أن تأتي للتّوكيد أو لا تأتي، وأنت تستخدمها في كلامك القصير عشر مرّات على أقلّ تقدير؟ هل كنتَ مسكوناً بالشّكّ إلى هذا الحدّ لتشعر بحاجتك لباء عجماءَ لتؤكّد ما تقول؟
التّركيب خاطئ، ولا يجوز أن نقول (أعلم بأنّ) فلا داعيَ لها، وهي ليست من المواضع الّتي تكون فيها الباء حرف توكيد. فهي ليست كقوله تعالى: «أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انتِقَامٍ»، الآن أراك تكرر كثيراً الباء فتقول:
 (أعلم بأنّني، وأظنّ بأنّه، وأشعر بأنّك، وأقول بأنّها،....)، كما تصدمني عندك عبارة (بدون شكّ)، ألا يكفي ما نحن فيه من شكّ لتؤكّد الشّكّ بالباء، إن تَوَهَّمك التّأكيدَ أصلاً إنّها غير صالحة لهذا الفعل، فهي خاطئة تماماً.
 قلت لصديقي: على مهلك معي، ضحك فراس وقال: المشكلة انها ليست خطأك وحدك بل هي اخطاء الكثير ومنهم كبار الادباء، وبدأ صاحبي فراس يتكلم بلغة لا رحمة فيها، لماذا لا تتدبر ما تكتب، وتحافظ على ما تبقى من كيانك، ولاتبرر الخطأ بخطأ اما ان تتعلم او تترك الكتابة ترحم نفسك وترحمها. 
واترك باء الجرّ مرتاحة في موقعها، تمارسُ غواية فعلها اللّغويّ؛ جارّة أصليّة، أو زائدة توكيديّة حيث يلزمُ أن تكون، ولا تقحمها بمواضع لا تلزمها، فإنّها ساعتئذٍ ستكره نفسها، وتكرهك، وتكره كلّ ما كتبته، ولن تعترفَ لك بجميلِ جملةٍ، تركني وانصرف وهو يثرثر بكلمات لا افهمها.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=169677
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 06 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19