• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ثقتي من أهل بيتي ... .
                          • الكاتب : نرجس مهدي .

ثقتي من أهل بيتي ...

قلة أولئك الذين تعطرت بهم الدنيا قبل الجنان، تنهدت بهم الحياة، ورست على كواهلهم أثقالها وهمومها، ابتلوا بأناس لم يرعوا لهم حرمة ولا مقاما.
ومن هؤلاء نسمة هاشمية وشمائل محمدية، كانت هالة السفارة تأطره جمالاً، فقد فاضت عليه انسجاماً وكمالاً.
ولقد احتواها واحتوته مضموناً وإطاراً، مشرق كالبدر يعلوه جلال وفخار.
نشأ في صلب اليقين، قدوته عمه إمام المتقين، فارس همام، كثير الصلاة والصيام، السيف ولد في كفه، وحمائله يشده على وسطه كأنها نياط قلبه، اختاره مولاه ليكون للكوفة سفير .
خبر معدنه وكنه ما انطوى عليه ضميره، فوجده أهله وثقته، فوكل إليه ثقل سفارته، ليرتج من دعوته غربان قصر الإمارة.
كان لائقاً لها، فلبسها فبان جماله عليها، وقد أتاها وكأنه أتى بها .
والله يا بن عقيل..! إنه لعصي على الحرف أن يقوم بتصويرك، أو يلم معانيك ويترجم ما أنت ويبين مخابيك .
وأنت حفيد أبي طالب سيد بني هاشم، أشجع العرب ومن بالنسب يدانيك، بطل مغوار، كأنك حيدر الكرار .
ناداك سيدك ومولاك، فالتقت عيناه عيناك، واحتضن قلبك قلبه، فاتحدت النبضات ودقت على وتر واحد حتى اغرورقت عيناه.
ماذا رأى سبط الرسول؟
هل راى غدر وحيرة وحبال ؟
وما رأت عيناك يا بن عقيل في عين مولاك؟
هل رأيت صهيل خيل، ناراً ودخاناً، ورماحاً رفعوا فوقها القرآن؟
وبعدما انتهى لقاء العيون، وصاك وفداك: أيها الثقة الأمين توكل على الله وتوجه لكوفان، فليحفظك الرب المنان .
ودع أطفاله وأهل بيته، فداروا عليه يتمسكون بأطراف ردائه، كل هذا والحيرة بادية على محياه !
كيف يفارق وجهاً تشرق الشمس لأجله؟
وكيف يبتعد عنه ولا يراه؟ والقلب مجبول بحب مولاه؟.
ودع البيت الحرام، وقبّل جبين الشمس، وغاب في أفق السماء تطويه الأيام.
والكوفة بالرغم من تخمة فسحة أرضها، إلا أنها غصت وتشكو المجاعة بفقد إمامها .
فكنت لها داءها ودواءها، فأججت نار حب الحسين (عليه السلام) في حشاها، محصت النفوس وسبرت أغوارها .
فتجمعوا ولملموا اعدادهم، كثرت، فخاف من سطوتها أعداؤهم .
لكنهم ما لبثوا أن بايعوك حتى خذلوك، وفي سكك الكوفة تركوك، وللمنايا أسلموك .
وتلك الدروب التي مشيتها تشهد لك بثقل خطاك، وبطول نجواك ..
لم تستطع الدنيا أن تقدر ارتفاع قمتك وعلو همتك .
أو تقطع خيطاً واحداً من متانة نسيجك.
جلت وحيداً يعتصر قلبك لسيدك ومولاك، تخشى عليه أن يكون الغدر مصيره، كما رسموا مصيرك، ومن فوق قصر الإمارة كان للسلام طعم آخر، فأوصل النسيم سلامك، وعطر شذى هيامك .
فرد السبط السلام، وانكشف له البصر.
أن امضِ يا مسلم، فنحن بالأثر .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=169691
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 06 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28