دمعة انتظار:

 مشى، فتوقف، استدار وبقي ينظر إلى الخلف طويلاً، لم يلتفت للمال الذي كان يُرمى أمامه، كان منشغلاً بالترقب، ولون الثلج وحرارة النار، انسابت من عينيه دمعة انتظار، انتظر طويلاً ولم يأتِ علي (عليه السلام) نظر إلى الأمام، فهزّ برأسه، وواصل المسير زحفاً بلا قدمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تصحيح:
 دخل الصف الدراسي وهو يخفي شيئاً على صدره، بقي خائفاً يلتفت يميناً يساراً، جلس على مقعده حينما دخل المعلم، قال له المعلم :
_ قف واشرح الدرس .
وقف فتلعثم بالكلام حتى سخروا منه وضحكوا، أوقفهم المعلم قائلاً:
_ كفى وإلا سأضربكم.
قال التلميذ له :
_ لا تضربهم فلربما لهم نفس أسبابي.
صمت الجميع وذهل المعلم من قول التلميذ فقال له :
_ ما الأسباب التي منعتك عن حفظ الدرس؟
ردّ الطالب بطمأنينة واخرج ما في جيبه وناوله للمعلم :
_ هذا ...
 فتح المعلم الكتاب الذي أعطاه الطالب له، فضحك حتى حشرج صوته من نوبة السعال التي انتابت صدره وصوته، وكل الطلاب معه يضحكون، والطالب واقف يبتسم لهم بطمأنينة، حتى تخلص المعلم من نوبته، وصاح بصوت متقطع من لهاث السعال :
_ كفى.
صمت الجميع، همس في أذن الطالب قائلاً:
_ هل تعرف مدى خطورة ما فعلت؟
ردّ الطالب بكل ثقة :
_ نعم، اعرف مدى راحة ضميري الآن.
غضب المعلم وهو يصيح به بعصبية :
_ كم استغرق منك هذا الفعل؟
اجاب الطالب باسترخاء :
_ الليل كله.
فردّ المعلم عليه بعصبية منكسرة :
_ وما الداعي من وراء كل هذا؟
ردّ الطالب عليه بثقة :
_ هو حلم أتمنى أن يتحقق .
استدار المعلم بصمت، وتقدم الى حيث السبورة، والتفت اليه التفاتة مفاجئة وقال له :
_ قل لزملائك ماذا فعلت .
تقدم الطالب نحو مقدمة الصف الدراسي، وكتب على السبورة عبارة (تصحيح).
سخر الطلاب مما كتب، وضجّ الصف بالضحك والسخرية، فأوقفهم المعلم وطلب منه أن يشرح ما فعل، فقال الطالب:
_ قضيت طيلة ليلة الأمس، وأنا أصحح ما جاء في كتاب القراءة.
ضجّ الصف مرة أخرى بالضحك والسخرية، حتى طلب منهم المعلم التوقف، فعمّ الصمت في المكان، فاسترسل الطالب شرحه قائلاً:
_ رفعت من القراءة كل عبارات الكراهية وقصص العداء وأناشيد الحرب، حتى بقي في القراءة موضوع واحد صالح للقراءة.
صمت يعمّ المكان، يتسرب اللغط للمكان ويضج التساؤل بين الطلاب عن أي موضوع أبقى عليه من بين كل تلك المواضيع، المعلم أوقف ضجيج التساؤلات بقوله:
_ أوقف نزاع زملائك، وأجبهم أي موضوع صالح للقراءة وسط ما حذفت؟
رفع الطالب كتاب القراءة الى الاعلى وفتحه، فعمّ الصمت في المكان والذهول، لم يكن في الكتاب شيء صالح للقراءة غير قصة (الفتى الشجاع).