• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تاملات في القران الكريم ح26 .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تاملات في القران الكريم ح26

 
سورة البقرة
بسم الله الرحمن الرحيم 
الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ{229}
تبين الاية الكريمة واجبات الزوجين بعد الطلاق , فلكل منهما حقوق , وعليه مراعاة بعض الواجبات , يستمر ذلك حتى انقضاء العدة . 
مما تجدر الاشارة اليه , في الاية الكريمة تكرر مصطلح (  حُدُودَ اللّهِ ) اربع مرات , ووصفت من يتجاوز تلك الحدود بأنه سيكون من الظالمين , فتأمل اهمية و خطورة تلك المرحلة ( الطلاق ) ! .         
 
فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ{230}
تكرر مصطلح (  حُدُودَ اللّهِ ) مرتين في هذه الاية الكريمة , واربع مرات في سابقتها , مما يدل على ان القران الكريم يولي اهتماما خاصا بالعلاقات الزوجية , كون الزواج يمثل الارتباط الاول في المجتمع الاسلامي , ولكون الطلاق من الامور بالغة الحساسية . 
 
 
وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُواً وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ{231}
بعد ان ذكرت الايات الكريمة السابقة مرحلة ما بعد الطلاق , ووصفت من يتجاوز (  حُدُودَ اللّهِ ) بالظالم ( مستحقا للعقوبة ) , جلبت هذه الاية الكريمة معها امرين ( انذار وتذكير ) , وكما يلي : 
1- انذار : 
أ‌) (وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ )0 
ب‌) (  وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُواً ) . 
2- تذكير وتنبيه : 
أ‌) (  وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ ) . 
ب‌) (  وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ ) . 
ت‌) (  وَاتَّقُواْ اللّهَ ) . 
ث‌) (  وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) .                    
                              
وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ{232}
هناك احتمالات قد تحدث في مرحلة الطلاق , فمنها ان الزوجين سيفترقان الى الابد , ومنها انهما قد يتراجعا بالتراضي بينهما , فترحب الاية الكريمة بالخيار الثاني , خيار العودة , واجمل ما في الموضوع انها تصفه (   ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ ) , والله عز وجل اعلم بما فيه المصلحة ! . 
  
وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّا آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ{233}
بعد ان بينت الايات الكريمة السابقة مرحلة الزواج وبناء الاسرة المسلمة , وفقا الى القواعد السليمة , ووضحت حقوق الزوجين في مرحلة الزواج ومرحلة الطلاق , جاءت هذه الاية الكريمة بحقوق الاطفال , وبدأت من اول مرحلة يمر بها الوليد , وهي مرحلة الرضاعة . 
فما اجمل ان يرعاني القرآن الكريم قبل ولادتي ! , فيفرض على ابي ان يختار الزوجة المناسبة , ويفرض على امي اختيار الزوج المناسب , ويفرض على كليهما واجبات وحقوق تضمن سلامة بيت الاسرة , ومن ثم يفرض عليهما حقوقي كطفل رضيع , ويفرض عليهما واجبات القيام في تربيتي وتنشئتي في كل مرحلة من مراحل عمري , حتى يشتد عودي , وتصلب ارادتي , فيزجاني في المجتمع ! .       
 
وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَل فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ{234}
قد يتعرض احد الزوجين الى الموت , في حالة موت الزوج , تفرض الاية الكريمة على الزوجة العدة , وتحدد مدتها باربعة اشهر وعشرة ايام , فيجب على الزوجة ان تلتزم بالمدة المحددة , وتمتنع من عدة اشياء كــ ( ان لا تخرج من منزل الزوجية , عدم التزيين , عدم الزواج في تلك المدة ) , اما بعد انتهاء المدة المحددة , فتهب الاية الكريمة لتلك الزوجة حريتها بما يتناسب مع تعاليم القران الكريم .   
 
وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَـكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاً مَّعْرُوفاً وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ{235}
تشير الاية الكريمة الى حالة خافية في قلوب بعض الناس , فقد يرغب شخص ما او يضمر في نفسه رغبته في الزواج من امرأة معينة , فيجب ان يكون ذلك وفقا الى ما يرضي الله عز وجل وان لا يتعدى من يضمر ذلك (  حُدُودَ اللّهِ ) . 
حتى هذه ورغم خفائها لم يغفلها القران الكريم , ووضع لها حدودا ! . 
 
لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ{236} 
مرحلة الطلاق تورث احقادا كثيرة بين الزوجين , فيضمر كل منهما الحقد للاخر , وقد نسيا كل الساعات واللحظات الجميلة التي قضوها معا , فتحجب ! , ويبدأ كل منهما بسرد كل لحظات المرارة التي عاشها مع الطرف الاخر , ولا يذكر شيئا من محاسنه , فتنبه هذه الاية الكريمة الى ذلك , وتحاول ان تلطف الاجواء بين الطرفين , وتدعو الى رفع حالة الحقد والضغينة , لعل العقل يغلب العاطفة , ويحكم بينهما من جديد ! .
 
وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلاَ تَنسَوُاْ الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ{237}
تحث هذه الاية الكريمة الى عدم نسيان اللحظات والساعات الجميلة التي قضاها الزوجين معا قبل الطلاق , وتطالبهما بالعفو عن اللحظات المرة التي عاشاها معا , وكذلك التسامح في مساوئ كل طرف , في محاولة قد تكون الاخيرة , لغرض الاصلاح فيما بينهما .   
 
 

كافة التعليقات (عدد : 2)


• (1) - كتب : حيدر الحدراوي ، في 2012/05/11 .

استاذي القدير صالح الطائي الفاضل
سرني متابعتكم لموضوعي المتواضع .. ان كل ما جاء في التأملات مبني على انطباعاتي الشخصية المستندة على جملة كبيرة من المصادر و محاضرات اهل الخبرة , لذا لا يمكنني ان اكتيها جميعا .. لكني سأذكر جميع مصادري عند الفراغ من التاملات انشاء الله .. تقديري لشخصكم الكريم

• (2) - كتب : صالح الطائي ، في 2012/05/10 .

الأخ الأستاذ حيدر الحدراوي المحترم
أتابع منذ زمن ليس بالقصير حلقات هذا الموضوع الممتع وأستر بما يرد فيه من معلومات
أسأل هل هو مقتطفات من كتاب ام هو مادة لكتاب تنوي طبعه؟
دمت بخير



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=17102
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 05 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28