• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : أدب الفتوى .
                    • الموضوع : همسات .
                          • الكاتب : منتظر العلي .

همسات

 كنت كلما أراه أحدث نفسي ،  رجل هادىء ولطيف  ، طيلة  المدة التي عشتها معه لم اره يغضب على احد او يزعل من صديق ، لكنه في الحرب يتحول الى شخص آخر وشخصية غير التي نألفها ،رغم انه أبن مدينتي  لكني لم اتعرف عليه الا في الجبهات  ،  قاتلنا على عدة سواتر واشتركنا سوية في العديد من الهجومات وفي أماكن متفرقة  ،  ومن الاشياء الغريبة التي  لاحظتها من خلال معايشتي معه انه كان يحرص على حياة من معه اكثر من حرصه على نفسه ، يتصرف  وكأنه محصن من الموت  لا يخاف منه أبدا ، بل كان يتمنى  الشهادة ليلتحق  بركب الحسين عليه السلام ، رجل متعدد المواهب فهو يجيد  البناء بحرفة بناء ماهر ، ويطبخ  بمهارة  طباخ ويضمد  الجرحى  ليؤمن  وصولهم   الى الطبابة  ،  يطبخ كل الاكلات ليس من أجل ان يأكل بل كان احيانا  ينهي توزيع  الطعام وهو جائع ،  يقول ويكرر أنا أبن شهيد و   اولاد الشهداء لا يخافون من الموت ما داموا على السواتر ، لكنهم يخافونه حين يكون على فراش المرض ،  اجمع تلك الاشياء من شخصيته وارجعها الى عوالمي التأويلية  لأصل الى عمق معناه ،  هو لا يحتاج    الحرب كمعاش  لأنه يمتلك موهبة الحياة ،ويستطيع العيش بعيدا عن الحرب   ومع هذا  ينتمي  اليها كوسيلة دفاع عن الحياة  نفسها ، يقاتل من اجل سلامة   بلده وشعبه وليحافظ على  مراقد الائمة عليهم السلام  من الدمار ،  لذلك يجد ان الشهادة هي السبيل  الى الركب الحسيني المبارك  ، قررت ان اعود الى التحليل ثانية  ، الناس الذين يمتلكون مثل هذا الوعي حريصون على استثمار  جبهات القتال  للالتحاق بركب الشهداء فاذا انتهت الحرب  دون نيل الشهادة سيعتبر نفسه قليل  حظ ، أي بمعنى ان تعلقه بالشهادة عبارة عن هوية وانتماء وكأنه يريد ان يفرض على العالم قانونه الخاص :ـ لابد لكل أبن شهيد  ان يكون  شهيدا ، شهدت له  المواقف الجريئة في القتال  يصاب ثم ينهض ليقاتل  ، امتلأ الجسد اصابات وشظايا كثيرة اخترقت جسده واستقرت فيه ، وبعضها جعلته قريبا من الموت  ومع هذا الفزع  الذي استسلم  له بابتسامة أدهشت الجميع ،واخيرا انتهت الحرب ولم يدرك الشهادة ، سعادته بالانتصار الكبير الذي انتهى باندحار قوى الشر وعودة النازحين  الى ديارهم ، وعدنا الى كربلاء  الى بيوتنا وعوائلنا واياد محمد علي يشكو ضياع الفرصة من بين يديه ، :ـ صديقي ان كل جرح في جسدك هو شهيد ، وكل آهة وجع لها ثواب شهيد ، يجيبني :ـ  النتيجة اني ساموت على فراش المرض ، نسيت ان اخبركم ان كل هذه الانثيالات   تمر براسي وانا احمله مع الناس على الاكتاف  ونطوف  به  ضريح الحسين على السلام  ابكيه وأهمس في اذن تابوته  :ـ نم قرير عين  يا اياد فانت شهيد 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=171236
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 08 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19