• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : توازن القوى هو السبيل لمنع الاستبداد والصدام العنيف .
                          • الكاتب : د . حميد مسلم الطرفي .

توازن القوى هو السبيل لمنع الاستبداد والصدام العنيف

من غريب ما قرأت أن شركة مايكروسوفت لمؤسسها بيل غيتس قد قدمت دعماً لشركة ابل (مؤسسها ستيف جوبز)عندما أوشكت الأخيرة على الإفلاس عام 1997 ، كان مقدار الدعم 150 مليون دولار كأسهم في الشركة دون انتصوت في قراراتها ، وعندما سُئل غيتس عن هذه (الحماقة) قال إننا بحاجة إلى منافس قوي يفتح أمامنا آفاق منالاختراعات !!! علماً أن ما بين الشركتين من تنافس قبل هذا التاريخ وصل الى حد اقامة الدعاوى في المحاكم(خطوة نادرة )

أقول مذ خلق الله آدم ،خلقه ومعه خصلتان حب الطاعة والانقياد في جانب وعلى الجانب الآخر حب السيطرةوالجاه ، ولذا فالمشكل السياسي عبر التاريخ في دساتير الدول يتمثل في ترشيد نزعة السيطرة والجاه عند الامراءعندما يملك القدرة والقوة الكافية والحؤول دون استبداده وقهره لمواطنيه وبني جنسه ، وقليلاً ما تمكنت حاكميةالأخلاق من هذه النزعة عند من ملكوا أدواتها ، (فالظلم من شيم النفوس وإن تجد ذا عفةٍ فلعلّةٍ لا يظلِمُ ) ؛ ولايسري هذا الأمر على الأفراد فحسب بل حتى على الدول فكلما امتلكت دولة فائضاً من القدرة والقوة كلما زحفتعلى الدول الأخرى فضمتها اليها كرهاً أو أخضعتها لها اختياراً ، فوجود امريكا في الخليج وعلى بعد سبعة الافكيلومتر من حدودها انما هو لفائض القوة التي تشعر به كدولة ، وتاريخ الصراعات ملئ بالأمثلة على ذلك .

مراكز القوى الثلاث داخل الدولة الواحدة أعني بها (التشريعية والتنفيذية والقضائية) لا تخرج عن هذه المعادلة ،فكل واحدة تريد الهيمنة على الأخرى وجعلها خاضعة لها ، فانتبه فقهاء القانون الدستوري لهذا التنازع فشرعوامايعرف بالتعاون والتوازن في النظام الديمقراطي بشقيه الرئاسي والبرلماني عبر الصلاحيات الممنوحة لكل واحدمن هذه القوى ، ولولا هذا لكان دونالد ترامب قد قذف بالكونغرس ونوابه المعارضين له بالبحر أيام حكمه . فمنيوافق على صرف الأموال للرئيس الأمريكي هو الكونغرس ولا تعيين لسفير أو قائد جيش الا عبر الكونغرس أيضاً.

الأحزاب داخل الدولة الواحدة هي الأخرى لا تخرج عن هذه المعادلة فلا استقرار للحياة السياسية من دون توازنالقوى الحزبية ؛ فمتى ما شعر تيار سياسي أو كتلة أو حزب سياسي بفائض القوة لديه زاغ بصره وانحرفتطموحاته لسحق الخصوم السياسيين فلا غرابة أن تجد هذا التقارب في عدد المقاعد بين الحزب الجمهوريالامريكي ونظيره الديمقراطي ، وكذا الحال حزبي المحافظين والعمال في بريطانيا ، فإن لم يكن كذلك كانتالتحالفات هي التي تعدل من الموازنة . اختلال توازن القوى يعني الذهاب الى الاستبداد حتماً ، أما نظريةالديكتاتور العادل أو المستبد المستنير ، فابحث عنه عبر التاريخ فما ترى الا القليل القليل ، ولا يؤتاها إلا ذو حظعظيم . بقي أن نقول إن التوازن الذي نعنيه هو التوازن المؤدي الى الاستقرار السياسي الوطني وإن حكم الأغلبيةلا يتنافى مع هذا التوازن فوجود المعارضة والموالاة والحاكم والمراقب يُقوّم الدولة تحت ظل توازن القوى لأن الحاكميشعر بأن الناقد بصير به قريب من كرسي حكمه (حكومة الظل) ، أما التوازن بمعنى شلل الدولة ومنع كل طرفالطرف الآخر من الحكم فتلك حماقة إذ (لا بد للناس من امير براً كان أو فاجرا) ، وفراغ الحكم مقدمة للفوضى . المؤسف أن البشر بطبيعتهم يميلون إلى الأقوى ، ويتناسون وقت اتخاذ القرار أن القوي بطبيعته أيضاً يميل الىقضم الحقوق وفرض الواجبات وما ذاك إلا لأن القوي سيستبد برأيه وقد ينحرهم بسيفه ولات حين مندم .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=171256
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 08 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28