• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : زيارة الأربعين وكأس العالم في قطر وأرباحها المادية ❗️ .
                          • الكاتب : صلاح عبد المهدي الحلو .

زيارة الأربعين وكأس العالم في قطر وأرباحها المادية ❗️

بين الأربعين وكأس العالم 🏆

يلعبُ الإعلام دوراً كبيراً في تسليط الضوء على قضايا معيَّنةٍ أو أشخاصٍ معيَّنين حتى يشتهروا, أو يهملهم حتى يكاد لا يعرفهم أحد.

#وأضرب لكم مثلاً من عالَم كرة القدم لتتضح الصورة, مثلاً الإعلام سلَّط الضوء على لاعب الوسط المصري بكرة القدم محمد أبو تريكة حتى عرفه الجميع, ولكن زوى أضواءه عن معاصره طارق التايب اللاعب الليبي حتى لا يكاد يعرفه أحد, مع أنَّ هذا الأخير أكثر مهارةً منه بمراحل.

وسلَّط الإعلام أضواءه على الاولمبياد الصيفيّ حتى صار مناسبةً عالميَّةً ينتظرها العالَم كلَّ أربع سنوات, وزوى أضواءه عن الأولمبياد الشتوي حتى يكاد يكون مجهولاً عند الكثيرين.

ستقام بعد شهرين ونصف من أربعين الإمام الحسين – عليه السلام – بطولة #كأس_العالَم في #قطر التي تحتشدُ فيها الآن أرقى الملاعب, وأحدث التكنلوجيا الرقمية وهي اليوم محطّ الأنظار العالميَّة الرياضيَّة حيث الحدث المنتظر, 

#ترى ما ذا ستجني قطر من كأس العالم, وما سيحني العالَمُ من قطر؟

وماذا جنى العراقُ من زوَّار الأربعين وماذا جنى زوَّارهم منه؟

الزوَّار المحترمون المباركون مستعدون أن يدفعوا أعمارهم ثمناً لهذا الطريق العظيم رغم المخاطر المحتملة – وإن كانت معدومة بحمد الله -, وأنا على يقين لو أنَّ حدثاً إرهابيَّاً صغيراً صار في قطر كاختطاف مشجّع, أو تفجير منشأة رياضيَّة فإنَّ عدد الجمهور سيقلُّ بشكلٍ كبيرٍ جداً, في حين سيزداد الحسينيُّون تحدّياً ويزداد جمهورُهم الكريم حضورا.

الدولة القطرية وبعض الرُّعاة الرسميين هم من سيتحمَّلون نفقات كأس العالَم, ولكن سيدرُّ ذلك عليهم نفقاتٍ ربحيَّةً هائلةً, من النقل التلفزيوني, وبيع حقوق المباريات المشفَّرة والإعلانات وغير ذلك, ولكن هذا الربح المادي لن يجلب جميع الحضور إلى قطر مرةً أخرى, فإذا فرضنا أن عدد المشجعين سيكون ثلاثة ملايين مشجع يأتون خلف فرقهم, فإنَّ الذين سيرجعون لقطر من أجل السياحة لن يكون عشر هذا الرقم, في حين أن المؤمنين في العراق من يتحمَّل التكاليف بهدف الربح المعنويّ لا المادّي, فكان من جرَّاء ذلك أنَّ الأغلبية الساحقة من الزوَّار سيرجعون إلى هذا الطريق, ولربَّما جاءوا في المرَّة القادمة ومعهم آخرون, رغم تحديات الطريق الصعبة من الزُّحام والحرّ, والعطش والصحراء.

ثم, إنَّ قطر لن تكون محفورة في وجدان من أتى إليها, نعم ربَّما تكون أيامها محفوظةً في ذاكرة الجمهور الرياضيّ لا باعتبارها قطر, بل باعتبارها الدولة المنظمة لكأس العالَم؛ لأن كأس العالم ليس من ذاتيات قطر, 

في حين مراقد أهل البيت – عليهم السلام – في العراق جزءٌ من ماهيَّة الأرض العراقية, وخريطة العراق, بحيث يصعب تخيّل العراق من دون النَّجف وكربلاء, والكاظمين وسامراء, فلذا يكون العراق محفوراً في ذاكرة الفرد الشيعي وقلبه, 

لدرجة أن مهور بعض النساء المؤمنات هو زيارة كربلاء المقدَّسة, في حين لن ترى امرأةً في العالَم يكون مهرها أو صداقها زيارة قطر.
ويقولون: إن كرة القدم رسالة سلامٍ بين الشعوب, في حين أنك إذا دخلت صفحةً رياضيَّةً على وسائل التواصل الاجتماعيّ فيها إعلانٌ عن مباراةٍ بكرة القدم بين منتخبين سترى التعصب بين جمهوريهما الرياضي لدرجة السَّب والشتم, خصوصاً (الديربي) لاحظ مثلاً (العراق× السعودية) (مصر×الجزائر) وفي العالَم بحسب ما ينقل المعلقون الرياضيون لاحظ (الارجنتين× البرازيل)(المانيا×هولندا) رغم أنه مضى على احتلال المانيا لهولندا ثمانون سنةً لاتزال الأحقاد بين شعبي البلدين, فكرة القدم تُثير مرجل الحقد في قلوب جمهور الفريقين وصارت في عالَم التعصّب من وسائل الحقد والضغينة بين القلوب قبل الشعوب, عكس ما نراه من صفة الإيثار بين زوَّار الأربعين وخدمَتهم من المؤمنين, فرغم مرور أربعٍ وعشرين سنة تقريباً على وقف نزيف الدِّماء بين العراق وإيران والجرح لمَّا يندمل, والنزف لمّ يقف, والدم لم يجف ترى الخادم العراقيّ يؤثر الزائر الإيرانيَّ على نفسه بداره, وفراشه, وطعامه, ويكون ملتذاً بذلك أشدَّ الالتذاذ., فالأربعون هي رسالة السَّلام الحق.
زيارة الأربعين تُعزّز القيم الروحيَّة في الفرد, خادماً وزائراً, وتوثّب روح التحدّي لدى جميع المؤمنين المشاركين في هذه الفعالية, بحيث تكون أيَّةُ معصيَّةٍ, أوخلقٍ سيءٍ - مهما كان صغيراً - نشازاً ومنبوذاً لو خالف روح الشعيرة المقدَّسة أدنى مخالفة, في حين تتنازل قطر عن أهم مبادئها الإسلامية فسمحت بشرب (البيرة) على أراضيها.

إن كأس العالَم تتكرَّر في كلِّ مرة بأكثر من نسخة, ولكنه من التكرار المعاد, جمهور يشجّع, ملاعب, فنادق, حرب إعلامية,  في حين تُقدّم (الأربعين) صوراً جديدةً وفذَّةَ من الإيثار , والحبّ, والمودّة, والاحترام, والتفدية بحيث بعض الزوار يكون صورة أخرى عنه في العام الفائت, وهذا يلاحظه كلُّ من استشعر روح الزيارة ومفاهيمها الحقة في نفسه وغيره.
وأخيراً وليس آخراً, الأربعون بابٌ من أبواب الله لقضاء الحوائج, من طلب ولد, وسعة رزق, وإيجاد فرصة عمل ونحو ذلك, والشواهد على عطائها, وكراماتها كثيرة, ولعلَّ الكثيرين منَّا كان جزءاً من هذه الكرامات أو شاهداً عليها , فزيارة الأربعين تعطي ولا تأخذ, وكأس العالَم – بالمقارنة بها – تأخذ ولا تعطي.


وفي الأخير حين يرى الزائر القبَّة المشعَّة بعد طول كدحٍ وسعيٍّ أمام عينيه, وحين يطوي الخادم فراش الخدمة وقد أدَّى حق ضيف الإمام الشهيد – عليه السلام – هناك سيعرف كلٌ من موقعه من الفائز الحقيقيّ, من كان جزءاً من شعيرة الأربعين, وكان هو لسانها الإعلاميَّ النَّاطق, أم من حضر وأسَّس لكأس العالَم في قطر, هناك سنعرف من المنتصر الروح أم الجسد, المعنى أم المادة.
تقبَّل الله أعمال لسان إعلام الأربعين الذي سلَّط الضوء على ظلامة آل محمدٍ عليهم السلام.

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=172643
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 09 / 10
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19