• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مشاهد من الزيارة الأربعينيّة.. .
                          • الكاتب : علا الحميري .

مشاهد من الزيارة الأربعينيّة..

 تحت لهيب أشعة شمس العراقِ الحارقة انطلقت الأبْدانِ بكلِّ جوارحها الوالهة تسعى بكل شبرٍ في تراب هذه البلاد،  قاصدةٍ قبلة الأحرار و مأوى النفوس "كربلاء المقدسة"، من كل الأجناسِ - من الذكور و الإناث و من مختلف الاعمار، فنجد في هذه المسيرة العظيمة، الطفل، و الفتى، والشاب، والكهل المحدودب الظهر، و المعافى و العليل و الضرير و البصير، من جاء راجلاً او يخط الارض بعصا يتكأ عليها، او استعان بعربةٍ بسبب إصابة او حادث تعرض له حال دون مسيره على قدميه، لكن على الرغم من هذا لم يمنعه ذلك  من ان يشد الرحال نحو سيده ومولاه، من مختلف الاقطار والبلدان احتشدت الملايين على حدود العراق براً و جواً منذ بدء المسيرة، فترى زائر الحسين يقبل الأرض منذ ان تطأ اقدامه عراق الأئمة و يقدم خالص شكره لتفاني شعب الحسين لخدمتهم وتهيئة كل ما يُيسير عليهم رحلتهم الطويلة، احد الزائرين من احد البلدان عند عبوره المنفذ الحدودي بين بلده والعراق صدح هاتفاً  "النه عشر ايام و الحسين فرجها" و يخر ساجداً على الأرض شاكراً ربّ الحسين على فضله و نعمائه، و زائرة أخرى تقول مستبشرة وعَلى الخد دُموع الشَّوقِ: "الكرم الذي عندكم تستاهلون عليه الحسين و أهل بيته يكونون على أرضكم".

هنا على امتداد طريق يا حسين ستسمع اجمل العبارات وانقاها واكثرها تأثيرا وملامسة للقلبِ؛ حيث أنها ممزوجة بملوحة هذه الأرض التي اكتسب منها الحسينيون فطرتهم وملامحهم السمراء، و غيرتهم العبّاسية على كل ما له صلة بشعائرِ الحسين عليه السلام وبذلوا انفسهم ودمائهم للحفاظ على هذه الشعيرة المباركة، ألا و هي زيارة الأربعين، ستشاهد هنا ثامن العجائب، حيث رجلٌ عجوز ترتجف يداه لتقادم العمر به، يقدم ماتجود به يداه حباً و كرامة لمولاه، ستشاهد ذلك الشاب، مبتور القدم، بعد ان قدم جزء من بدنه في سبيل الحسين، يرى انه مقصر بحق من قُطِعت اوصاله لأجل إعلاء كلمة الله فتراه واقفا على قدمٍ و ساق يفتدي اليسير في طريق الكريم، على مسافة منه و في مدينة أخرى، تجد قطيع الكفين يسقي الماء لزائري ابي الأئمة عليهم السلام لتتبادر لإذهاننا ان سقاية الماء قد ارتبطت بالمقطوعةِ كفيهِ منذ ان قُطِعت كفيّ الساقي في طف كربلاء، على بعد خطوات تستقبلك أمهاتنا الجنوبيات المقتديات بمولاتهن العقيلة بكامل سترهن و عفافهن و بوجوهٍ بشوشة، و لهجةٍ حنونة و بعبارة  "هلا يمة" ، اما عبارة "هلا بالزاير هلا" و "هلا بزوار ابو علي" لا يكاد يخلو شارع او رصيف منها منذ الانطلاقة الأولى وصولا إلى جنة كربلاء.

اما اشبالنا الحسينيون الصغار فهم على خطى الكبار، يجسدون أبهى صور الخدمة الحسينيّة، فتجدهم في كل موكب وعلى قارعة كل طريق يقدمون ماتجود به البراءة من عشقٍ و افتداء و كرم، فطفل في مدينة ما قد جمع مصروفه اليومي و فتح حصالة امواله منذ انطلاق اولى قوافل العشاق؛ ليشتري بها ما يقدمه للسائرين الزائرين في ركب الأربعين، و أخرى عليلة أصرت ان تحضر و توزع بنفسها ما اعده والديها " ثواب لأبي عبد الله الحسين" بنية شفائها من مرضها.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=173010
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 09 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28