• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الواقع الاداري بين المشاكل والحلول ح (5) .
                          • الكاتب : السيد عبد الستار الجابري .

الواقع الاداري بين المشاكل والحلول ح (5)

ومن السلبيات التي يعاني منها واقع الشارع شعبيا وسياسيا في ان واحد هو الاحتكام الى القوة في ادارة الصراع السياسي، وهو مؤشر خطر امن وسلامة واستقرار العملية السياسية، وبالتالي على جميع الواقع العراقي، اذ ان الاحتكام الى القوة يعني تغييب القانون ولغة المنطق في الصراعات السياسية وتقديم المكاسب الفئوية على مقتضيات المصلحة العامة، التي يشكل القانون والدستور – مهما كان فيهما من الخلل – بعض الضمانات للسير صحيحا في تحقيق المصلحة العامة، والخلل في القانون والدستور يتم معالجته من خلال الاصلاحات في المواد الدستورية والقوانيين لا ان يتم الاحتكام الى القوة في الصراع السياسي للوصول الى مكاسب معينة بعيدا عن الاستحقاق القانوني والدستوري.
ولا يمكن الخروج من هذه الدائرة الا اذا كانت الدولة قوية، ولن تكون حكومة قوية الا اذا كفت القوى السياسية عن فرض ارادتها على الحكومة، ولن يتحقق ذلك الا بالغاء نظام المحاصصة الحزبية المتبع في ادارة الدولة العراقية، لان الغاء قانون المحاصصة سيكون احد ضمانات تكافؤ القوى السياسية في الساحة وعدم استغلالها لموارد البلد في تعزيز نفوذها وهيمنتها على المقدرات مما يترك اثارا سلبية كبرى ابرزها الفساد الاداري والمالي وغياب القانون واللجوء الى القوة وشريعة الغاب.
السادس: ضعف منظومة الدولة.
من المشاكل الاخرى التي يواجهها المجتمع العراقي ضعف سلطة الدولة، اذ يمكن لاي فصيل او حزب سياسي او متمول ان يغير الكثير من الامور لصالحه، وهذا يدفع بالموظف العادي سواء كان مدنيا او امنيا ان لا يعرض نفسه لخطر الاستهداف الحزبي او العشائري، وهذا الامر سيؤدي الى فشل في جميع مفاصل الدولة العراقية حيث سيكون الموظف هدفا سهلا لاصحاب النفوذ ومن ثم يسعى الموظف لتامين سلامته اما بالسكوت عن الفساد او باللجوء الى عشيرته لحمايته من الاحزاب او المنفلتين من ابناء العشائر، فما لم تكن للدولة هيبة حقيقية فلا مجال لتطور عمل الدولة في مرافقها المختلفة، وهذا الضعف الذي تعانية مفاصل الدولة ناشئ من نظام المحاصصة الحزبية واسناد المناصب والمهام على اسس حزبية وفئوية ومحاصصاتيه بعيدا عن الكفاءة والمهنية.
السابع: تطبيق القانون بحذافيره على الطبقة المستضعفة من الشعب، وحرية الرؤوس الكبيرة التي ترتكب المخالفات القانونية.
من المشاكل الاخرى التي يواجهها المجتمع الانتقائية في تطبيق القانون، وهذا بنفسه شعبة من شعب الفساد، فمن الضروري الجنوح نحو تطبيق القانون على الجميع وبنحو واحد، مع مراجعة مستمرة لقانون العقوبات وملاحظة الظرف الاجتماعي والسياسي الذي يقتضي التشدد في بعض العقوبات والتساهل في احيان اخرى، واما ان يكون القانون سيفا حادا على البعض وصادئ تجاه البعض الاخر فهذا الظلم ينتهي الى ما لا تحمد عقباه.
الثامن: غياب التخطيط الاستراتيجي في استثمار الطاقات العراقية.
معاناة اخرى يواجهها المجتمع  العراقي ناشئ من غياب التخطيط الاستراتيجي لاستثمار الطاقات، فلا توجد خطط للاستفادة من الطاقات البشرية الهائلة في العراق الذي يعد احد البلدان الشابة، مما دفع الشباب الى التفكير اما بالهجرة او للبحث عن فرص عمل ضمن القوات الامنية لانها تؤمن مصدر مالي لا باس به، هناك عدد كبير من الطاقات المبددة الضائعة بسبب عدم وجود خطة من الدولة في استثمار هذه الطاقات العظيمة، في لقاء لرئيس الوزراء الاسبق نوري المالكي وهو يتحدث عن المبادرة الزراعية قال ان في وزراة الزراعة 23 الف موظف غير منتجين، فلو كان معدل الراتب في هذه الوزراة مليون دينار فهذا يعني شهريا تدفع الدولة لهذه الوزراة 23 مليار دينار دون اي عوائد، والسبب في ذلك يعود الى عدم وجود تخطيط صحيح للاستفادة من هذه الطاقات ان هذه الحالة تكريس للبطالة المقعنة والفساد، فكيف لوزراة فيها 23 الف موظف لا تنتج شيئا انها جريمة، وبدلا من رسم برنامج واقعي لاستثمار هذه ال23 الف طاقة نائمة بذلت اموال طائلة على القطاع الزراعي لم تنتج شيئا ومثله الحال في القطاع الكهربائي والاعمار والاسكان، والقطاع الصحي و......، وليس الخلل دائما في الموظف اذ ان الموظف يحتاج الى دورات تطويرية والى تثقيف والى دعم، وكل هذا لم يتحقق، والسبب في ذلك بقاء نظام ما بعد 2003 على منهج ما قبل 2003 من تكريس البطالة المقنعة، فمصنع الحديد والصلب في البصرة كان يكفيه اقل من الف عامل بينما يعمل فيه اكثر من ثمانية الاف ومعمل الاطارات في النجف يكفيه 500 عامل ويعمل فيه اكثر من 3000 وبعد استيراد اليات حديثه له لم يتم استيراد العجينة التي تدخل في صناعة الاطارات والمعمل متوقف عن الانتاج لان تجار الاطارات الذين لديهم يد اخطبوطية في السلطة يمنعون ذلك بكل  الاشكال.
في القطاع النفطي وبحسب النواب المستقلين تستقدم الشركات المستثمرة يد عاملة اجنبية وتقصي اليد العاملة المحلية علما ان بعض المستقدمين ليسوا فنيين ولا مهرة ويدفع لهم بالدولار من خزينة العراق فيم اليد العاملة المحلية تعاني البطالة.
في العراق الكثير من القطاعات التي يمكن النهوض بها باليد العاملة العراقية، ومن الضروري تقديم التسهيلات اللازمة ومن الضروري اعداد ورش تطوريرية للطاقات الشابة لاستثمارها في مختلف المجالات وان يقوم بذلك الاساتذة والخبراء المختصون، واذكر مثالا على ذلك احد الاساتذة في كلية الزراعة في جامعة الكوفة حاضر في طلبته في كيفية تعليب التمور، وكان بين طلبته احد اصحاب بساتين النخيل في كربلاء، فاستحسن الفكرة وقام بشراء معمل كبس صغير من ايران وجاء به الى مزرعته واخذ يعمل في كبس التمور ولكن بدأت البلدية تطارده، كما كانت البلدية تطارد معمل دبس الكوفة التابع لكلية الزراعة في جامعة الكوفة، فهذه بعض المشاكل التي يواجهها قطاع الشباب، اذ لا توجد دورات تطويرية تنقل التجارب المتطورة للجيل الشاب كي يستثمر طاقاته فمن الضروري اقامة دورات تطويرية لقطاعات الشباب ضمن المجالات التي تمكنهم من تطوير قابليات ادائهم، والحد من الدور الاستفتزازي لدوائر الدولة التي تقف بروتينها حجر عثرة امام تطور العمل الذي يقوم به الشاب العراقي، فلو كان هذا الشاب يكبس التمر بالطريقية التقليدية في قوصرة الخوص او اكياس النايلون لما تعرضت له البلدية، نعم الضروري ان تكون هناك اجازة عمل ورقابة صحية، الا ان هذا لا يبرر الوقوف امام تطوير الشباب لقابلياتهم.
وهكذا في كافة المجالات اذ يمكن لمجموعة من المزراعين ان يستوردوا معملا للتعليب للاستفادة من فائض الطماطم وصناعة الدبس، في مناطقها بدل ان يستورد الدبس من سوريا البلد الذي ليس فيه اي انتاج للنخيل. وكذا الحال في معالم الخياطة ومختلف القطاعات الاخرى التي يمكن ان توفر فرص مناسبة لليد العاملة من خلال مصانع ومعامل صغيرة او متوسطة تستوعب الانتاج المحلي وتسهم في زيادته وتطويره وتوفر فرص جيدة لليد العاملة المحلية.
يعاني الشباب من عدم توفر فرص للعمل اذ ان الخريج منهم لا يدري اين يذهب ولا يوجد قانون يؤمن له عمله كما لا توجد قطاعات تسهم في دعم بداية مشروعه العملي، فيضطر من لا يعرف سوى التخصص الذي درس فيه ان يبحث عن اعمال بعيدة عن تخصصه فيضيع جهده والكلفة المالية التي بذلتها الدولة حتى وصل الى هذا المستوى او الكلف التي بذلها اهله اذا كانت دراسته في المدارس والكليات الاهلية.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=173504
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 10 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28