• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : العمامة في مواجهة الحرب الناعمة والخشنة .
                          • الكاتب : حنان محمد البدري .

العمامة في مواجهة الحرب الناعمة والخشنة

العمامة أحد أغطية الرأس الشهيرة، عند العرب، والمسلمين طوال تأريخهم، وهي قطعة قماش، أتخذت أشكالاً، والواناً متعددة، وقد إستخدمها العرب قديماً؛ للوقاية من الحر،والبرد، فقد ذكر أبو الأسود الدؤلي واضع علم النحو: "إن العمامة جُنَّة في الحرب ومكنة من الحر،ومدفأة في القر (البرد)، ووقار في الندى، وواقية من الأحداث وزيادة في القامة".
كانت هذه فائدة العمامة من الناحية الشكلية، والجمالية، لكنها لم تكن قطعة قماش فقط ولم  تقتصر اهميتها على ذلك؛ وانما كانت جزءاً من الظاهرة الفكرية، والثقافية التي امتاز بها العرب، والمسلمين، والتي انعكست على شكلهم الخارجي؛ لأن كل مجتمع يتميز بهوية ثقافية معينة، والعمامة كانت جزءاً من تلك الهوية.
وقد أحتلت العمامة المحمدية الأصيلة، اهمية كبرى في مختلف العصور، وقد كان لها دور بارز في التصدي لكل المؤامرات الداخلية، والخارجية؛ التي تعرضت لها الأمة، بالرغم من إن البعض يحاول حصر دورها في الأمور الدينية فقط؛ لكنها قدمت الكثير من التضحيات؛ من أجل افشال جميع مخططات الأعداء.
ولو استعرضنا دور العمامة، ومواقفها في التأريخ الحديث، سنجد إن العمامة كان لها دورٌ كبيرٌ بالتصدي لكل خطر كان يحدق بالبلد، ففي الحرب العالمية الأولى، رأت مرجعية النجف الأشرف، في هجوم الأنكليز على العراق، تعدياّ وتدخلاً سافراً على وطنهم؛ فكان للعمامة موقف حازم، فأفتت بالجهاد؛ لينخرط الشعب بكل اطيافة، بمافيهم العلماء للدفاع عن وطنهم، ومقدساتهم ضد الاحتلال الانكليزي، وبعد إعلان الإنتداب البريطاني، دعا المرجع الشيخ محمد تقي الشيرازي الشعب، لمقاومة الاحتلال، فكانت الثورة العراقية الكبرى سنة 1920؛التي أجبرت المحتل الإنكليزي على إعلان الحكم الوطني.
استمرت العمامة بعد ذلك بالقيام بدورها، ومواقفها المناهضة لكل اشكال الظلم، والعدوان، وكانت دائماً لها الكلمة الفصل في كل أمر يُشكل تهديداً ضد مصالح الشعب، على الرغم من كل الأذى الذي تعرضت له من قبل النظام البائد، إلا انها كانت صامدة بوجة ذلك النظام رغم كل حملات القتل، والتعذيب الذي تعرض له الكثير من العلماء، وطلاب العلم آنذاك.
بعد سقوط النظام البعثي الديكتاتوري، حاول المحتل الأمريكي استيراد دستور جاهز لا يلائم المجتمع العراقي؛ عندها انبرت العمامة المتمثلة بمرجعية السيد السيستاني (دام ظله)، واصرت على كتابة الدستور بأيدي عراقية، وتمكنت من فرض ارادة الشعب في تقرير مصيرة.
لم ينته دور العمامة إلى هذا الحد، فقد كان لها دور عظيم بالتصدي للمشروع الصهيوامريكي الداعشي، الذي كان يهدف للقضاء على الدين المحمدي الأصيل، وادخال دين دموي يسعى إلى اهلاك الحرث والنسل، وتمزيق البلد، ونهب خيراته، وتدمير تراثه ومقدساته، وذبح ابناءه.
لكن العمامة نسفت هذا المشروع الذي اشتركت به كل قوى الظلام، وانفقت لأجله ملايين الدولارات، وسخرت له كل الامكانيات، والتكنلوجيا الحديثة، واعدت له جيوش المرتزقة، الذين جاءوا من شتى دول العالم؛ لكن بسطر واحد متكون من عدة كلمات من العمامة، اطلقت ( فتوى الدفاع الكفائي) التي دمرت به كل ما أعد له الأعداء، وأفشلت مشروعهم؛ حتى بات العالم مذهولاً لما حدث؛ لأن الجميع راهن على نهاية العراق، ولكن بقدرة الله سبحانه وتعالى الذي رد كيدهم في نحورهم، وحكمة ونعمة وجود المرجعية التي قلبت كل الموازين؛ حتى تحقق النصر المبين.
لكن في الفترة الأخيرة، لاحظنا هناك استهداف للعمامة، هذا الإستهداف لم يكن عفوياً؛ بل هو استهداف منظم، وممنهج، ويقف خلفه الأعداء ،الذين ادركوا أن كل مشاريعهم تصطدم بالعمامة، وتنتهي بالفشل الذريع.
فأخذ الاعداء يخططون، ويستخدمون شتى الأساليب منها ماكان حرباً خفية، مثل اعداد عمائم مزيفة؛ لتشوية صورة العمامة المحمدية الحقيقة؛  من أجل خلق نوع من انعدام الثقة بين الناس والعمامة، او منها ماكان بصورة علنية، مثلما يحدث الآن في عدة بلدان اسلامية، واقربها ماحصل في ايران مؤخراً، بعد إندلاع التظاهرات المطالبة بالحريات، لكن سرعان ما توجهت بوصلة الأحتجاجات صوب العمامة، واخذت تدعو؛ لإسقاط العمامة، والتهجم عليها، فقد تعرض الكثير من المعممين لإسقاط العمامة من على رؤوسهم، وكانت العمامة المستهدفة هي عمامة طالب العلم، وليست العمامة السياسية الحاكمة، وهذا يدل ان الموضوع اكبر من مطالب سياسية، وتظاهرات عفوية بل استهداف منظم، ومخطط له منذ وقت طويل، وكان مقرر نقل هذه الظاهرة للبلدان الأخرى، وكانت هناك محاولات بائسة في العراق، وجوبهت بموقف صارم سرعان ما انتهت بالفشل الذريع.
هذه الهجمات كان الهدف منها، هو انهاء دور العمامة، وخلق فجوة بينها وبين عامة الناس؛ حتى يسهل عليهم تنفيذ مشاريعهم، ومخططاتهم لكن حتماً سيفشلون، وتذهب احلامهم ادراج الرياح؛ لأن العمامة الشيعية ستبقى شامخة، وواهم من يعتقد انه قادر على اسقاطها، وباقية إلى اقامة دولة العدل الآلهي؛ التي بشر بها انبياء الله جميعهم بقيادة صاحب الآمر عجل الله فرجه الشريف.

(سلسلة الاعداء وادواتهم يخططون)
الحلقة 4




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=176139
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2022 / 12 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28