• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : القطاع المصرفي في الصومال عقبات وفرص .
                          • الكاتب : محمود محمد حسن عبدي .

القطاع المصرفي في الصومال عقبات وفرص

يعتبر القطاع المصرفي بالغ الأهمية للاقتصاد الحديث، بصفتها المورد الرئيسي لإقراض، فهي تسهّل انتقال الاموال بطريقة آمنة، وتوفر المال للأفراد لشراء السلع والخدمات وللشركات لشراء المعدات وتوسيع عملياتها وتلبية احتياجاتها المالية، كما توفّر البنوك أيضًا للمودعين مكانًا آمنًا للاحتفاظ بأموالهم، والقطاع المصرفي أيضا قطاع يوفّر العديد من فرص العمل، وقد بدأ عصر العمل المصرفي في البلاد بالصورة الحديثة باكرًا، ففي سنة 1920م قامت السلطات الاستعمارية الإيطالية في "مقديشو" بجنوب البلاد، بافتتاح أول فرع لمصرف إيطاليا المركزي (BANCA D’ITALIA)، تلاه افتتاح فرع آخر في الثاني من نوفمبر-تشرين الثاني سنة 1925م في مدينة "كيسمايو"، كما قامت سلطة الحماية البريطانية بافتتاح عدد من المصارف كان أولها فرع لمصرف الادّخار الحكومي (the Government Savings Bank) في مدينة "بربرة" سنة 1932م، بهدف تشجيع السكّان على إدّخار جزء من دخولهم فيه، وفي ذات السنة تم افتتاح فرع لمصرف (Cassa di Risparmio di Torino) التجاري، ومن هنالك استمر القطاع المصرفي الصومالي في النمو والتطوّر مع مروره بمنعطفات صنعتها التطورات السياسية، كانقلاب عم 1969م والذي قاده الجنرال الراحل محمد سياد برّي، وبدء أعمال التأميم في ظل النظام الاشتراكي الذي اعتمده البلاد تحت حكمه.

انهيار الدولة الصومالية والقطاع المصرفي

أدى انهيار الدولة الصومالية في يناير 1991م إلى غياب تام للمؤسسات الحاكمة للقطاع المالي والأنشطة التجارية والاقتصادية، مما دفع الصوماليين إلى استحداث طرق مبتكرة في تنظيم شؤونهم المالية والاقتصادية، تبعًا لآليات السوق الطبيعية التي استمرت تصحح مسار العملية الاقتصادية، إلّا أن إثمار الجهود التي أدت انتهاء المرحلة الانتقالية سنة 2012م والاعتراف الدولي بالحكومة الفيدرالية أعادت الاهتمام بمساعدة الصوماليين في إعادة بناء دولتهم، والعودة من جديد إلى السوق العالمية، عبر البدء ببناء المؤسسات الحكومية والرسمية الناظمة للعمل الاقتصادي والمالي في البلاد.

نظرًا للواقع المعقّد في البلاد فقد اعتمد الصوماليون على نظام الحوالات والحوالدار، في إنجاز تعاملاتهم المالية مع الخارج، في حين استفادوا من خدمات التحويل المالي الهاتفي، التي قدمتها شركات الاتصالات مبكرًا، إلّا أن القطاع المصرفي، لازال في مراحله الجنينية، وقد بدأ بنشأة بنك "دار السلام" في مقديشو عام 2010م، ورغم الجهود التي يقودها المستثمرون في تجاوز العقبات القائمة، فإنّ القطاع لا تزال تشوبه الكثير المشكلات وعلى رأسها انعدام الشفافية، وغياب الرقابة، وكذلك ضعف ارتباطه بالقطاع المصرفي الدولي، إضافة إلى ضآلة مشاركته في قطاع التمويل والإقراض.

وقد قام البنك المركزي الفيدرالي الصومالي بتأسيس دائرة الترخيص والإشراف، لمنح التراخيص لمقدمي الخدمات المالية في البلاد وتوفير الإشراف لضمان التزام مزودي الخدمة بالقواعد واللوائح المعمول بها محليًا، و تهدف تلك الدائرة إلى تمكين قطاع مالي آمن وسليم، يعمل وفقًا للمعايير الدولية، وهي توفر تدريبات وورش عمل منتظمة لبناء قدرات مقدمي الخدمة بالإضافة إلى إجراء فحوصات في الموقع وخارجه، وبلغ عدد المؤسسات الحاصلة على الترخيص ثلاثة عشر مؤسسة مصرفية.

مشاكل القطاع المصرفي

وفي التقرير الصادر من صندوق النقد الدولي بتاريخ 29/07/2015م، أشار رئيس بعثة الصندوق في الصومال "روجيريو زاندَميلّا" إلى أن من كبريات المشكلات الأساسية في الاقتصاد الصومالي، غياب البيانات التي يمكن من خلالها التخطيط، كما صرّح بأنه تمت مساعدة الحكومة الفيدرالية الصومالية، عبر نطاقات "حوكمة البنك المركزي" "حوكمة السياسة المالية"، "المنظومة المحاسبية للبنك المركزي"، "اللوائح الناظمة لعمل مجلس إدارة البنك المركزي"، وهو ما يبشر بنهضة في القطاع المالي بالبلاد.

ويرى خبراء في القطاع المصرفي الصومالي، أنّ البنك المركزي الصومالي لازال لم يصلّ إلى الدرجة المطلوبة من القدرة الإدارية، في ظلّ الظروف السياسية والأوضاع الأمنيّة، إلّا أنّه لم يحقق إلى هذه اللحظة ما هو متوقّع منه في ضبط السياسة المالية للبلاد من جهة، والإشراف والرقابة على عمل الشركات التي تقدّم الخدمات المصرفية، وخصوصًا البنوك، نظرًا لتصاعد الشّكوى من تبعية تلك المؤسسات لأنظمة مصرفية خارج البلاد، وضعف الأنظمة الامنية المصرفية المؤدية إلى مشكلات تواجه المتعاملين من الأفراد والشركات، من حيث سلاسة وصول التحويلات المصرفية، كالوضع الذي يواجهه عملاء "بريميير بانك-Premier Bank" الصومالي، نظرًا لأزمة شريكه الوسيط "فيريسك كوموينيتي بانك- First Community Bank" الكيني، واحتفاظ البنك الأخير بأموالهم إلى أجل غير مسمّى، بل وتتصاعد شكوى المودعين أحيانًا من عجز البنك عن الحفاظ على أموالهم المودعة في حساباتهم.

حلول لتطوير القطاع

يرعى صندوق النقد الدولي ضمن برنامجه الخاص بالدول الفقيرة الأعلى مديونية، دعم وتمويل الأجهزة الحكومية الصومالية الساعية لإعادة إحياء القطاع المصرفي الصومالي، بدءًا من ربيع سنة 2020م، وهو ما سيسهّل انتهاء أزمة الديون الخارجية الصومالية وعودة القطاع المصرفي الصومالي، إلى مكانه الطبيعي ضمن شبكة المصارف الدولية، إلّا أنّ الدعم الخارجي غير كافٍ لتحقيق الأهداف المرجوة، ما لم تستمر الحكومات الصومالية في تأكيد الإرادة السياسية للوصول إلى المرجو ضمن الجداول الزمنية المقترحة، لمنع تبديد الدعم الدولي، وتصحيح أوضاع القطاع المصرفي الذي يعاني منه الاقتصاد الوطني.

كما قد أعلنت الصومال في صيف 2022 عن منحها تراخيص مصرفية لمؤسستين أجنبيتين، مما يفتح البلاد أمام الاستثمار الدولي لأول مرة منذ عقد، ومع إعلان البنك المركزي الصومالي أن "بنك مصر" المصري، وبنك "زراعات كاتليم" التركي منحه الترخيص لهما، فهما بذلك أصبحا أول بنكين أجنبيين يسمح لهم بالعمل في الصومال، وهو ما يفتح المجال للمواطنين والقطاع الخاص، في الاستفادة من التنافس بين البنوك المحلية، وبنوك ذات خبرة مسنودة بنظام بنكي مستقر، ما سيدفع القطاع المصرفي سواءًا الجهاز الحكومي أو مؤسسات القطاع الخاص، للرفع من مستوى عملها، وترقية من جودة ما تقدّمه من خدمات.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=177578
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 01 / 23
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28