• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الشهيد سليماني وحرب حزيران 2006   الحلقة الثالثة     .
                          • الكاتب : السيد عبد الستار الجابري .

الشهيد سليماني وحرب حزيران 2006   الحلقة الثالثة    

من الخصائص التي تميز بها الشهيد سليماني انه كان مضحياً وفدائياً وباذلاً للنفس في سبيل القضايا التي يؤمن بها، ومنذ شبابه كان ضمن التحرك الاسلامي ضد الحكم الشاهنشاهي ثم شارك في الحرب العراقية الايرانية - التي تعرف بين الايرانيين بالدفاع المقدس - تلبية لنداء الواجب الشرعي والوطني، وبعد انتهاء الحرب العراقية الايرانية كان له دور بارز في المنطقة خاصة المنطقة العربية فكان له دور كبير في لبنان وسوريا والعراق وفلسطين، دور ميداني في ادارة كفة الصراع مع القوى الاقليمية والدولية التي تدير مخططات من شأنها التأثير السلبي على مستقبل الاسلام وايران في المنطقة.
ان اتسام القائد الميداني بالتضحية والفداء من شانه ان يغير الكثير من المسارات ويغير الكثير من المعادلات، ويزيد من اقدام الجنود وثباتهم واستبسالهم، وهذه الخصال والآثار مما شهد به الكثير من شهود العيان للشهيد سليماني في مختلف مناطق المواجهة والصراع.
يتحدث الشهيد سليماني عن بعض مواقف حرب تموز 2006م دون ان يشير الى نفسه ولكن من الحديث يمكن ان يستشف طبيعة التضحية والإقدام التي كان يتحلى بها ذلك الشهيد الفذ.
تحدث الشهيد عن قصف شديد للاسرائيليين على المنطقة التي كان فيها مقر عمليات حزب الله، وبَيّن في اثناء الحديث ان ذلك المقر لم يكن محصنا بل كان عادياً جداً، يقول رحمه الله احسست ان حياة السيد نصر الله في خطر لذلك حاولت اقناعه بالخروج الى مكان اخر، لم يستجب السيد الا بصعوبة بالغة وكان الشهيد سليماني قد اتفق مع الشهيد عماد مغنية ان يذهبا بالسيد الى مكان آخر، يقول الشهيد انهم لم يكن لديهم مكاناً محدداً للذهاب اليه لان كل الاماكن لم تكن امنة، وكانت الطائرات المسيرة تحوم في سماء المنطقة وهي تنقل صور فورية الى مقرات العدو – اي ان العدو تصله صور التحركات في الشوارع الخالية - فتحولوا الى عمارة لم يكن فيها سوى الثلاثة السيد نصر الله والشهيدين، بمجرد خروجهم من مقر العمليات اشتد القصف وتم استهداف جسر قريب، وعلى اساس قراءته للمناطق المستهدفة توقع الشهيد سليماني ان البناية التي كانوا فيها ستكون هدفا مقبلاً فخرجوا ولم يجدوا محلاً للالتجاء اليه سوى شجرة - كانت الغاية من الالتجاء الى الشجرة للاستخفاء عن العيون اما النواظير الحرارية فانها قادرة على كشف الاشخاص - الى ان جاءهم الشهيد مغنية بسيارة وانتقلوا الى مكان اخر وكان الانتقال من مكان الى مكان مغامرة ومجازفة واستمر التنقل لدرء الخطر المحتمل عن حياة السيد نصر الله الى الساعة الثانية ليلاً ثم عادوا الى مقر قيادة العمليات.
ثم تحدث عن انه والشهيد مغنية بعد ذلك كانا في موضع غير الموضع الذي فيه السيد نصر الله، ولكنهما كانا يلتقيانه كل ليلة لاطلاعه على الاحداث والخطط والاجراءات المتخذة، مما يكشف عن ان الشهيد سليماني كان في الخطوط المتقدمة والخطوط الساخنة مع القائد الميداني في حزب الله الشهيد عماد مغنية الذي وصفه الشهيد سليماني بانه العقل المدبر للعمليات العسكرية والميدانية، بل للكثير من الخطط الاستراتيجية والمرحلية التي تقتضيها طبيعة المعركة عسكرياً او اعلامياً.
4- الايمان بقدرات الشعوب
الشهيد سليماني من القادة الميدانيين القلائل الذين عملوا في ساحات مختلفة، ربما ان عمله في الساحات المختلفة يشابه الى حد كبير عمل القائد العالمي - الميداني الماركسي الارجنتيني المولد - جيفارا الذي كان يعمل الى نشر عقائده الاشتراكية وحمل السلاح مع مجتمعات مختلفة للدفاع عن حقوقها في وجه الامبريالية والاستعمار.
وفي هذه السنون ظهر الشهيد سليماني كبطل اقليمي بل ربما دولي، اذ كان حاضراً في كل الساحات التي يضطهد ابناؤها من قبل الظالمين والمستعمرين وسفكة الدماء ومستنزفي ثروات الامم، فكان حاضراً للدفاع عن ارضه ووطنه وبلده كما حضر في صد عدوان الصهاينة ضد حزب الله وكان اسداً في وقف المؤامرة التي قادتها اثنان وثلاثون دولة للتدمير سوريا ارضاً وشعباً وكان الى جنب المقاومة الاسلامية في فلسطين لدعم وقوفهم في وجه العدو الصهيوني، وسطر اروع البطولات في مواجهة الارهاب على ارض العراق وقد وظف جميع الخبرات التي تنامت في المنطقة لدحر المؤامرة الدولية - الاقليمية في العراق.
وفي جميع هذه الساحات التي تعرضت فيها الشعوب المستضعفة الى تحديات كبيرة تستهدف حريتها وكرامتها وحقوقها وثرواتها كان الشهيد سليماني ينطلق من واقع الايمان بقدرات تلك الشعوب وايمانها بحقوقها واستحقاقاتها، وقد نجح في استثارة الطاقات والنهوض بالقابليات فتحولت تلك الشعوب الى مرحلة متطورة من مراحل الصراع مع الخصوم والاعداء ففي فلسطين تطور الصراع مع العدو الصهيوني من المظاهرات وثورة الحجارة الى الصراع المسلح واستخدام الصواريخ في الصراع وفرض معادلة صراع وقواعد اشتباك جديدة، وفي سوريا تحول الصراع من حكومة وشعب قد استلبت ارضه بمؤامرة كونية الى بلد حرر ارضه وفرض ارادته على من تآمر على ارضه وثرواته ونازل اعدائه في جميع بقاع سوريا ولازال يحمل السلاح لتحرير ما تبقى من ارضه التي تنوء تحت ظل الاحتلال التركي والامريكي، وفي العراق فتح امام ابطال فتوى الجهاد مخازن العتاد والسلاح ونقل المتمرسين على حرب العصابات من ابطال الجهاد في حزب الله اللبناني الى العراق لتقديم الخبرات التي قد يحتاجها ابطال الجهاد في مواجهة داعش – صنيعة امريكا ودول الخليج – فكان وجوده الى جنب ابطال العراق ذا اثر مهم في تغيير معادلة الصراع الدولي الاقليمي على الارض العراقية.
لقد كان القائد الشهيد سليماني رحمه الله مؤمنا بقدرات الشعوب ولذا لم يعمل على جعل اصحاب الارض هامشيين في ما يتعلق بقضاياهم الوطنية بل كان داعماً لهم مستثيراً فيهم الهمم ومحفزاً لهم للوصول الى القمة، وهذا يكشف عن ايمان مطلق بالشعوب وقدراتهم واستعدادهم واحترام خصوصياتهم والاسهام في اعدادهم لتحمل مسؤولياتهم تجاه قضاياهم المركزية، على العكس مما قامت وتقوم به الدول الاستعمارية التي تبعث بجيوشها واساطيلها او تستخدم اموالها لتحقيق اهداف استعمارية وغايات امبريالية في المنطقة التي تتوجه اليها كما حصل في بلدان المنطقة وبوضوح في العراق وافغانستان وليبيا وسوريا حيث قدم الغزاة تحت عناوين متعددة وغايتهم تحقيق برامجهم الاستعمارية واهدافهم التوسعية على حساب الشعوب المقهورة.
والذي يكشف عن هذا التوجه لدى الشهيد سليماني انه عندما غزت قوى الظلام العراق طلب من السيد حسن نصر الله ان يزوده بمائة وعشرين من القادة لتدريب المتطوعين الملبين لفتوى الجهاد وقالها للسيد نصر الله انه ليس بحاجة الى مقاتلين لان المتطوعين العراقيين يكفون بحاجة الساحة وكان كثير الاشادة عند لقائه المتلفز بالشهيد عماد مغنية وبالدور الكبير الذي كان يقوم به الشهيد في رسم الخطط وتنفيذها الامر الذي يكشف عن ايمانه بابناء الارض وانهم الاقدر على تحقيق الانجازات الكبرى لانهم يعيشون قضيتهم عن وعي وادراك ويشدهم الى واقع الصراع العقيدة والارض.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=177894
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 02 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19