• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : قواعد في القراءة القرآنية / ٤ .
                          • الكاتب : يحيى غالي ياسين .

قواعد في القراءة القرآنية / ٤

الـتدبـّر : قال تعالى ( أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) محمد ٢٤

والتدبر : هو التأمّل في الآية عقيب الآية ، أو التأمّل بعد التأمّل في الآية . ( الميزان ج5 ص19 ) .

تعريف صاحب الميزان للتدبر يشمل البعدين :

» الأفقي ، بمعنى قراءة القرآن الكريم ومعرفة معانيه وفهم مقاصده كسياق كامل ( من الفاتحة الى الناس أو سورة كاملة أو مجموعة آيات تتناول موضوعاً ما ) ..

» العمودي ، أي التعمّق في الآية الواحدة والانتقال من المعنى الظاهر الى الباطن ، ومن العميق الى الأعمق .. وهكذا

وقلب الإنسان هو مركز الفهم والإدراك والمعرفة لديه ، وهذا المركز بحسب عدد من آيات القرآن الكريم ولأسباب معينة قابل للختم والإقفال والغلق المانع من دخول المعلومة واستقبال أنوار المعرفة .. وبالتالي فإن القلب المقفول غير قابل لتدبر القرآن وعندها يكون خالياً منه ، ولهذا ورد عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وآله : ( إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب ) .

ولهذه الأقفال مفاتيح معينة ايضاً ، جاء عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : « إنّ لك قلباً ومسامع ، وإنّ الله إذا أراد أن يهدي عبداً فتح مسامع قلبه ، وإذا أراد به غير ذلك ختم مسامع قلبه فلا يصلح أبداً ، وهو قول الله عزَّ وجلّ : ( أم على قلوب أقفالها ) .

ويمكن لنا هنا ذكر مفتاحين مهمّين لهذه الأقفال :

الأول : الإيمان قبل القرآن .. هذا الثنائية كان يستعملها المسلمون الاوائل - كما في بعض الأخبار - في تهيئة القلوب لكتاب الله العزيز ، حيث يروى عن الصحابي جندب بن عبد الله : ( كنا مع النبي صلى الله عليه - وآله - وسلم ونحن غلمان أيفاع قاربنا البلوغ ، فتعلّمنا أركان الإيمان قبل أن نتعلم تلاوة القرآن ، ثم تعلمنا القرآن بعد ذلك فازددنا بالقرآن إيمانًا ) . وهذا معنى قوله عز وجل : { وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا وعلى ربهم يتوكلون } [الأنفال: 2] ، فزيادة الإيمان يدل على سبقه على أصل تعلم القرآن .. والإيمان هو تعلم عقائد الإسلام والتصديق بها والإطمئنان لها ( قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ۖ) .

الثاني : التقوى ، ولعلها أنجع وصفة بعد الإيمان في علاج القلب من أقفاله وموجبات ختمه وخرابه ، وهذا ما نستشفّه من خطبة أمير المؤمنين ؏ في وصف المتقين وآثار هذه التقوى على طبيعة العلاقة مع القرآن الكريم :

« أمّا الليل فصافون أقدامهم ، تالين لأجزاء القرآن يرتلونها ترتيلاً ، يحزنون به أنفسهم ، ويستثيرون به دواء دائهم ، فإذا مرّوا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعاً ، وتطلّعت نفوسهم إليها شوقاً ، وظنّوا أنّها نصب أعينهم ، وإذا مرّوا بآية فيها تخويف أصغوا إليها مسامع قلوبهم ، وظنّوا أنّ زفير جهنّم وشهيقها في أصول آذانهم .. » .

فيعطينا هذا المقطع من خطبة الإمام عليه السلام آثار التقوى في التفاعل مع القرآن الكريم وعلامات هذا التفاعل ، كما قال تعالى ( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ) الزمر ٢٣ .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=179554
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 03 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29