• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : أيها الموظف اسرق ما استطعت لهذا سبيلاً ؟! .
                          • الكاتب : زيد الحسن .

أيها الموظف اسرق ما استطعت لهذا سبيلاً ؟!

بموجب القانون لايحق للموظف العمل سائق سيارة اجرة ، ولايحق له ايضا ممارسة اي عمل تجاري وهو بالوظيفة ، وهذا يعني انك ايها الموظف ملك لدائرتك الوظيفية وأسير لديها براتبك الشهري فقط ، فلا تحاول الاحتيال على القانون وتجمع بين راتبين والا تصبح مخالفاً للقانون وسوف تعاقب .

وبعد ان اكمل الموظف سنوات خدمته التي امتدت لاكثر من ثلاثون عاماً ، خرج من وظيفته يحمل على كتفه الايمن مرض السكر او الضغط ، وعلى ظهره يتربع مرض المفاصل والروماتزم ، وخرج من باب الوظيفة منزوعاً من كل المخصصات التي كان يتقاضاها ، وجلس ينتظر ان يصنفوه وفق مايريدون .

دائرة التقاعد العامة في بغداد لها من الاقسام والدهاليز مايعجز الانسان عن وصفه ، متاهات تضرب متاهات رغم انها في مهمة واحدة وهي العمل من اجل المتقاعدين ، لكن حقيقتها شيء اخر ، فهي دائرة المرض السرطاني الذي يصيب غالبية المتقاعدين الذي لايعرفون اين يضعون الرشا وفي اي درج ، وبعدها يبدأ الصعود والنزول من السلالم ، وتقدم التوسلات لهذا وذاك من اجل اكمال هذه ( الشهادة ) الاخيرة في حياة الموظف ، الذي بدأت الديون تثقل كاهله منتظراً صرف مستحقاته ، ويخرج من هذه الدائرة وهو لايصدق نفسه من شدة الفرح انه قد اكمل معاملته وهو يملك الان بطاقة النجاح ( الماستر كارد ) هذه البطاقة ذات الالوان المتعدده حسب تصنيف المتقاعد ، صفراء ام زرقاء ، وهنا بدأ الموظف بمد يديه ليوضع فيهما قيد الشركات الاستثمارية ، التي تعتاش على دماء الفقراء .

مر الشهر الاول ثقيلا يصحبه امل الفرج القريب لتصل الرسالة لهاتف المتقاعد ، (الموظف )سابقاً تعلن له انه قد تم تعبئة بطاقتك بمبلغ اربعمائة وتسعة وتسعون الف دينار ، لكن الرقم يظهر طويلا لكثرة الاصفار ولكونهم يحسبون المبلغ لغاية الفلس الواحد ، هنا يستعين صديقنا المتقاعد باحد ما ليخبرة عن مقدار راتبه ، وبعدها يذهب لاقرب مكتب (اهلي )لاستلام هذا المبلغ الرهيب ، ويسقط في يده انه قد استلم نصف ماكان يتقاضاه في الوظيفة ، وتدور الافكار في رأسه حتى يتدارك امره ويحمد الله (ويلعن )الحكومة والمشرعين لهذه القوانين المجحفة ، ويسلم امره لقضاء الله والقدر .

وبعد يومان فقط يتذكر صديقنا المتقاعد زملائه الذين كانو يسرقون وكيف انهم قد امنوا انفسهم ولم يكن اعتمادهم على الراتب ، واصبحوا من اصحاب الشركات ، ويبتسم في سره ويقول كنت لا اسرق وهذا خيراً لي ، ويتذكر ايضا زملائه الذين كانو لايعملون بجد كيف انهم قد حافظوا على قواهم الجسدية وصحتهم ولم يفنوا اعمارهم بلا فائدة ، ويكره في سره ذكريات الوظيفة التعيسة .

بعد مرور سنة على احالته على التقاعد بدأ يوصي كل من يعرفه ان لايقع بنفس الخطأ ، واخذ يقدم النصح (اسرق )ايها الموظف ورتب امرك قبل فوات الآوان ، اجلس ايها الموظف ولاترهق نفسك وتفقد صحتك ، فأن الوظيفة رق وعبودية سترافقك طوال العمر .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=179738
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 03 / 22
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29