• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : مع ابن كثير في تفسير آية ( ليلة القدر خير من ألف شهر ) .
                          • الكاتب : يحيى غالي ياسين .

مع ابن كثير في تفسير آية ( ليلة القدر خير من ألف شهر )

هذه الآية نقل تفسيرها أهل السنة عن الإمام الحسن عليه السلام :

في تفسير ابن كثير : قال أبو عيسى الترمذي عند تفسير هذه الآية : حدثنا محمود بن غيلان ، حدثنا أبو داود الطيالسي ، حدثنا القاسم بن الفضل الحداني ، عن يوسف بن سعد قال : قام رجل إلى الحسن بن علي بعدما بايع معاوية فقال : سودت وجوه المؤمنين - أو : يا مسود وجوه المؤمنين - فقال :

( لا تؤنبني ، رحمك الله ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أري بني أمية على منبره ، فساءه ذلك ، فنزلت : { إنا أعطيناك الكوثر } يا محمد يعني نهرا في الجنة ، ونزلت : { إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر } يملكها بعدك بنو أمية يا محمد . قال القاسم : فعددنا فإذا هي ألف شهر ، لا تزيد يوما ولا تنقص يوما .

وحاول ابن كثير ضرب هذا الحديث بأكثر من وجه وسنحاول نحن بتوفيق الله تعالى الردّ عليه بحدود إمكانيتنا :

١. ابن كثير / قال الترمذي : هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث القاسم بن الفضل ، وهو ثقة وثقه يحيى القطان وابن مهدي . قال : وشيخه يوسف بن سعد - ويقال : يوسف بن مازن - رجل مجهول ، ولا نعرف هذا الحديث ، على هذا اللفظ إلا من هذا الوجه . وقد روى هذا الحديث الحاكم في مستدركه ، من طريق القاسم بن الفضل ، عن يوسف بن مازن به .

ولكن لم يقبل ابن كثير بهذا التضعيف غير أنه ضعّفه من جهة أخرى حيث قال : وقول الترمذي : إن يوسف هذا مجهول - فيه نظر ، فإنه قد روى عنه جماعة ، منهم : حماد بن سلمة وخالد الحذاء ويونس بن عبيد . وقال فيه يحيى بن معين : هو مشهور ، وفي رواية عن ابن معين [ قال ] هو ثقة . ورواه ابن جرير من طريق القاسم بن الفضل ، عن عيسى بن مازن ، كذا قال ، وهذا يقتضي اضطرابا في هذا الحديث ، والله أعلم .

/ ونقول/ : اضطراب الحديث هو نقله من قبل أكثر من راوٍ على أوجه مختلفة .. فأين الاضطراب هنا ..؟

٢. ابن كثير / ثم هذا الحديث على كل تقدير منكر جدا ، قال شيخنا الإمام الحافظ الحجة أبو الحجاج المزي : هو حديث منكر . قلت : وقول القاسم بن الفضل الحداني إنه حسب مدة بني أمية فوجدها ألف شهر لا تزيد يوما ولا تنقص ، ليس بصحيح ; فإن معاوية بن أبي سفيان ، رضي الله عنه ، استقل بالملك حين سلم إليه الحسن بن علي الإمرة سنة أربعين ، واجتمعت البيعة لمعاوية وسمي ذلك عام الجماعة ، ثم استمروا فيها متتابعين بالشام وغيرها ، لم تخرج عنهم إلا مدة دولة عبد الله بن الزبير في الحرمين والأهواز وبعض البلاد قريبا من تسع سنين ، لكن لم تزل يدهم عن الإمرة بالكلية ، بل عن بعض البلاد ، إلى أن استلبهم بنو العباس الخلافة في سنة اثنتين وثلاثين ومائة ، فيكون مجموع مدتهم اثنتين وتسعين سنة ، وذلك أزيد من ألف شهر ، فإن الألف شهر عبارة عن ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر ، وكأن القاسم بن الفضل أسقط من مدتهم أيام ابن الزبير ، وعلى هذا فتقارب ما قاله للصحة في الحساب ، والله أعلم .

/ نقول / : طرح الزائد عن الأرقام الكبيرة والاكتفاء بها ممكن في اللغة مادام الهدف هو بيان الكثرة لا الدقة ، كما في قوله تعالى ( وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ) فكأن الآية لم تهتم برقم العدد الزائد مادام ال ١٠٠ الف مذكورة .. والأمر سهل على كل حال .

٣. ابن كثير / ومما يدل على ضعف هذا الحديث أنه سيق لذم دولة بني أمية ، ولو أريد ذلك لم يكن بهذا السياق ، فإن تفضيل ليلة القدر على أيّامهم لا يدل على ذم أيامهم ، فإن ليلة القدر شريفة جداً ، والسورة الكريمة إنما جاءت لمدح ليلة القدر ، فكيف تمدح بتفضيلها على أيام بني أمية التي هي مذمومة ، بمقتضى هذا الحديث ، وهل هذا إلا كما قال القائل :

ألم تر أن السيف ينقص قدره
إذا قيل إن السيف أمضى من العصا

وقال آخر :

إذا أنت فضلت امرأ ذا براعة على
ناقص كان المديح من النقص

/ أقول / : الأصح هو أن يكون التفضيل بين ليلة القدر ومدة بني أمية لو كان فيها أهل البيت خلفاء رسول الله ، فكأنما الامام الحسن ع يقول مفسراً للآية : ليلة القدر أفضل من خلافتي لمدة الف شهر .. لأنه في سياق المواساة والتسلية وبنفس الوقت سيكون التفضيل بين الخير والأكثر خيراً ..فتأمل .

٤. ابن كثير /ثم الذي يفهم من ولاية الألف شهر المذكورة في الآية هي أيام بني أمية ، والسورة مكية ، فكيف يحال على ألف شهر هي دولة بني أمية ، ولا يدل عليها لفظ الآية ولا معناها ؟! والمنبر إنما صنع بالمدينة بعد مدة من الهجرة ، فهذا كله مما يدل على ضعف هذا الحديث ونكارته ، والله أعلم .

/ نقول / : لا يراد بالمنبر هنا نفس المنبر بقدر ما يراد منه موقع ومكانة الرسول من الأمة ، فهو القائد والهادي والإمام .. وهذا واضح بأدنى تأمل ..

والله أعلم




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=180839
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 04 / 13
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 25