ليلة أمس التقى بي أحد الإخوة الأعزاء فأخبرني بوجود خطأ في معلومة معينة لمنشور صغير تم نشره على جهاز الموبايل، فحقيقة -والله يشهد- كان هو يتحدث بلسانه وأنا أنظر إليه بعينيَّ الدائرتين السوداوين المظلمتين فقط، و(لكني في هذه الثواني كنتُ أبصر إلى عالَمٍ آخر بغير تلك العينين المظلمتين، وأسمع بغير تلك الشحمتين الفقيرتين إلى ترجمان، فأسمع صوت العقل والقلب بنغمات وذبذبات أخرى غير تلك المعهود سماعها)، فقد سررتُ بحديث الأخ كثيرًا على رغم النقد البنَّاء، وسروري لوجود متابع يقرأ موضوعًا كاملًا على شاشة الموبايل الصغيرة، ويتابع الأحداث والأسماء والتواريخ ويراجع ذلك .. وهذا يدل على وجود مَنْ يقدِّر الجهود، ويبحث عن كمالها، فجزاه الله خيرًا ..
*فبدأت شقشقتي تراودني* قلت في نفسي نحن كمثقفين أو مُدَّعي ذلك ..
هل نحتاج إلى تشجيع الآخرين على أعمالهم ونتابعها ونذكر محاسنهم وجهودهم؟
أم نتركهم في عالمهم ونكتفي بالنظر إليهم عبر العوالم الافتراضية، ونخاطبهم (لكم دينكم ولي دين)؟!!
*ثم فكَّرت أكثر بِأَسًى كبيرٍ فقلت لهذه النفس المتمردة على فطرتها*:
- 👈🏻 هل يعلم المتمتع بقراءة صفحة معرفية ما قيمة الجهود التي بذلها صاحب هذه الصفحة وعظمتها .. حيث القراء، والكتابة، والمراجعة، والطباعة، والأموال، والوقت، وترك الزوجة والأولاد، ومهانة المطبعة والعاملين؟!!
- 👈🏻 وهل يعلم المتمع بمشاهدة دقائق تلفزيونية ما قيمة الجهود المبذولة على هذه الدقائق .. حيث الفكرة، والإعداد، والتنفيذ، والأدوات، والضيوف، والأموال، والمكان، وووووو ... ومصيبة المونتاج والإخراج والنشر؟!!
- 👈🏻 وهل يعلم المتمتع بالاستماع إلى برنامج لمدة دقائق خمس .. كم ساعة تم صرفها من العمل لأجل استخلاص هذه الدقائق؟! وكم من العاملين عليها ليكون في النتيجة هذا النتاج المعرفي؟!! وكم من الإمكانيات التي تقدمت في الدقيقة التلفزيونية؟!!
- 👈🏻 وهل يعلم المتمتع في زيارة العتبات المقدسة (مثلًا) لساعة معينة في أجواء روحانية مباركة .. كم من الإمكانيات البشرية والأموال التي تم صرفها لأجل هذه الراحة، فالكهرباء والتبريد والإنارة والنظافة والأمن ووووو .. فضلًا عن أعمال الملائكة وروحانيتها؟!!
- أخيرًا 👈🏻 وهل يعلم المتمتع بلقمة طعام عندما يرجع إلى بيته .. كم من جهود كبيرة مبذولة لأجل هذه اللذة، وهذا القوت لسد رمق البدن، وما تبذله الأم أو الزوجة الكريمتين العظيمتين من هموم وتعب لأجل تهيئته لمن تحبه وتعشق رؤيته، وهو ممزوج بآلامها وهمومها وتعبها وتفكيرها وحبِّها في الوقت نفسه؟!!
🤲🏻 فما أعظمك يا رب العالمين يوم ناديت عبادك في القرآن الكريم (3) مرات وليس مرة واحدة👇🏻:
((وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ))
👈🏻 فإذا كان كل هذا التعب وما يسخَّر من إمكانيات بشرية ومعنوية يوجِبُ على العقلاء شكر وتقدير جهود الناس كما أيَّدت نصوص الشريعة منهج العقلاء!!
👈🏻 فهل شكر المخلوق للمخلوق فيه نقصٌ أم كمالٌ لهما؟!! فهذا ما يحتاج إلى تأمُّلٍ وثقافة ووعي مجتمعي!!
وإذا كانت 👈🏻 كُلُّ هذه الشقشقة والآلام تتصارع في القلب لأجل ضياع شكر المخلوقين!! فما أعظم المصيبة في غفلتنا عن شكر الخالق سبحانه وتعالى؟!! (اللهم نبِّهنا كل غفلة ففيها ضياعنا وجحودنا) ..
مع التحية والاعتذار ☘️
|