• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : هل (يُحِبُّ) المؤمنُ الموت؟ .
                          • الكاتب : شعيب العاملي .

هل (يُحِبُّ) المؤمنُ الموت؟

بسم الله الرحمن الرحيم
 
هَلْ رَأَيْتَ حَبِيباً يَكْرَهُ لِقَاءَ حَبِيبِهِ؟ إِنَّ الحَبِيبَ يُحِبُّ لِقَاءَ حَبِيبِهِ! (الأمالي للصدوق ص197)
 
كلمةٌ نَقَلَها مَلَكُ الموت، أوصلها من الله تعالى إلى نبيِّه وخليله إبراهيم عليه السلام، عندما أراد قبضَ روحه..
 
تكشفُ هذه الكلمات أنَّ مَن أحبَّ الله تعالى أحبَّ لقاءَه.. ولقاء الله يحصل بالموت، لذا أحبَّ الكُمَّلُ من الناس الموتَ.
وهذا أميرُ المؤمنين عليه السلام، يقول في نهجه الشريف: وَإِنَّ أَحَبَّ مَا أَنَا لَاقٍ إِلَيَّ المَوْت‏ (الخطبة180).
ويقول: فَوَالله مَا أُبَالِي دَخَلْتُ إِلَى المَوْتِ أَوْ خَرَجَ المَوْتُ إِلَي‏ (نهج البلاغة الخطبة55).
 
وهو القائل: ان المَوْتَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الشَّرْبَةِ البَارِدَةِ، فِي اليَوْمِ الشَّدِيدِ الحَرِّ، مِنْ ذِي العَطَشِ الصَّدَى‏ (الشديد) (الخصال ج2 ص376).
 
إذا كان الله تعالى، المُحِبُّ للمؤمنين الكُمَّل، قَد أراد لقاءهم، وأمرَ ملك الموت بنقلِهم من الدّار التي هُم فيها إلى دارٍ أخرى، فلا ريبَ أنَّه ينقلهم إلى ما هو أفضلُ لهم وأكمل..
وإذا كان تعالى قد شاء لهم البلاء والامتحان في الدُّنيا، فإنَّهم يرضون ذلك ويقبلونه.
وإذا أحبَّ لقاءهم.. أحبُّوا ذلك..
 
ولقد عانى أقربُ النّاس لله تعالى في هذه الحياة أشدَّ الصعوبات والمشاق، ولكنَّ أيَّ معاناةٍ لم تكن كمعاناة الحسين عليه السلام وصحبه..
يقول السجاد عليه السلام: وَكَانَ الحُسَيْنُ (ع) وَبَعْضُ مَنْ مَعَهُ مِنْ خَصَائِصِهِ تُشْرِقُ ألوَانُهُمْ، وَتَهْدَأُ جَوَارِحُهُمْ، وَتَسْكُنُ نُفُوسُهُمْ!
 
ليس حالهم كحال من يخافُ قلبه وترتعدُ فرائصه.. إنهم لا يبالون بالموت، كما كان عليٌّ عليه السلام..
حينها كشفَ الحسينُ عليه السلام بعضاً من سرِّ ذلك الموقف العجيب، فقال:
صَبْراً بَنِي الكِرَامِ، فَمَا المَوْتُ إِلَّا قَنْطَرَةٌ تَعْبُرُ بِكُمْ عَنِ البُؤْسِ وَالضَّرَّاءِ، إِلَى الجِنَانِ الوَاسِعَةِ، وَالنَّعِيمِ الدَّائِمَةِ، فَأَيُّكُمْ يَكْرَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ مِنْ سِجْنٍ إِلَى قَصْرٍ؟
 
سروُر هذه الحياة مَشوبٌ بحُزنها.. وحُلوها مخلوطٌ بمُرِّها.. فما بالك ببؤسها وضرَّائها؟!
ولئن كان أشدُّ الناس بلاءً فيها هم أمثلُ مَن فيها وأكمَلُهم، فكم سيكون مقدار أذاهم فيها؟!
ولئن كانت الدّارُ الآخرةُ هي دارُهم، وفيها قُصُورُهم، ونعيمُهم الذي لا يزول، فلماذا يكره أحدهم الانتقال إلى تلك الدّار؟!
 
ما كَرِهَ عليٌّ ذلك، ولا الحسين عليهما السلام، ولا أقرب الناس إليهم وإلى ربِّهم..
كذلك لم يكره المؤمنون الموت..
 
أمّا أعداؤهم.. فليس أحدٌ منهم يُحبُّ لقاء الموت.. وقد قال الحسين عليه السلام مخاطباً مَن معه:
وَمَا هُوَ (أي الموت) لِأَعْدَائِكُمْ إِلَّا كَمَنْ يَنْتَقِلُ مِنْ قَصْرٍ إِلَى سِجْنٍ وَعَذَابٍ!
إِنَّ أَبِي حَدَّثَنِي عَنْ رَسُولِ الله (ص) أَنَّ الدُّنْيَا سِجْنُ المُؤْمِنِ وَجَنَّةُ الكَافِرِ، وَالمَوْتُ جِسْرُ هَؤُلَاءِ إِلَى جَنَّاتِهِمْ، وَجِسْرُ هَؤُلَاءِ إِلَى جَحِيمِهِمْ، مَا كَذَبْتُ وَلَا كُذِبْتُ (معاني الأخبار ص289).
 
لقد فَرِحَ اللُّقطاء والأرجاسُ بقتل الحسين عليه السلام، وحَزِنَ الأنبياء والمُرسَلون، والملائكة المقرَّبون، وعبادُ الله المؤمنون..
لقد ظلموا الحسين عليه السلام وقتلوه.. فكان في قتلهم إياه فوزاً له ولقاءً بالله تعالى، وعبوراً لجسر الجنان..
 
ولكن..
حُبُّ الموتِ هذا خاصٌّ بالكُمَّل.. ومَن قارَبَهم.. وليس هناك مُلازمةٌ بين الإيمان وحُبِّ الموت.. فإنَّ المؤمنَ قَد يكرهُ الموت..
 
دلَّ على ذلك أحاديث عديدة..
منها ما روي عن النبيِّ صلى الله عليه وآله، عن جبرائيل، عن الله تعالى أنه قال: وَمَا تَرَدَّدْتُ فِي شَيْ‏ءٍ أَنَا فَاعِلُهُ كَتَرَدُّدِي فِي مَوْتِ [فَوْتِ‏] عَبْدِيَ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ، وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ (المؤمن ص32).
 
فإنَّ المؤمن إذا كَرِهَ الموت أطال الله عمره، أو حَبَّبَ الموت إليه قبل قبضه.
 
وقد دلَّت الأحاديث على هذين المعنيين:
أما إطالة عمره، فقول الله تعالى في الحديث القدسي عن المؤمن: إِنِّي أُحِبُّ لِقَاءَهُ وَيَكْرَهُ المَوْتَ، فَأَزْوِيهِ عَنْهُ، وفي آخر: فَأَصْرِفُهُ عَنْهُ (المحاسن ج1 ص160)
 
وأما أنَّه يحبِّبُ إليه الموت، فذاك حيثُ استفسرَ بعضُ أصحاب الصادق عليه السلام منه عن الوجه في حبِّ لقاء الله مع كراهتهم للموت، فقال عليه السلام: إِنَّمَا ذَلِكَ عِنْدَ المُعَايَنَةِ إِذَا رَأَى مَا يُحِبُّ فَلَيْسَ شَيْ‏ءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَقَدَّمَ، وَالله تَعَالَى يُحِبُّ لِقَاءَهُ، وَهُوَ يُحِبُّ لِقَاءَ الله حِينَئِذٍ (الكافي ج‏3 ص134).
فليس هناك بأسٌ في كراهية الموت.. حتى من المؤمن..
 
نعم قد يكره النّاسُ الموتَ لأسبابٍ وأسباب منها:
 
1. أنَّهم جهلوا الموت فكرهوه
 
فقد قيل للإمام الجواد عليه السلام: مَا بَالُ هَؤُلَاءِ المُسْلِمِينَ يَكْرَهُونَ المَوْتَ؟
فقال عليه السلام: لِأَنَّهُمْ جَهِلُوهُ فَكَرِهُوهُ، وَلَوْ عَرَفُوهُ وَكَانُوا مِنْ أَوْلِيَاءِ الله عَزَّ وَجَلَّ لَأَحَبُّوهُ، وَلَعَلِمُوا أَنَّ الآخِرَةَ خَيْرٌ لَهُمْ مِنَ الدُّنْيَا.. أَمَا إِنَّهُمْ لَوْ عَرَفُوا مَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ المَوْتُ مِنَ النَّعِيمِ لَاسْتَدْعَوْهُ وَأَحَبُّوهُ أَشَدَّ مَا يَسْتَدْعِي العَاقِلُ الحَازِمُ الدَّوَاءَ لِدَفْعِ الآفَاتِ وَاجْتِلَابِ السَّلَامَاتِ (معاني الأخبار ص290).
 
المؤمن مِن أولياء الله، لكنَّه قد يعلَم ما سيُقدمُ عليه بعد الموت، فيُحبُّه، وقد لا يعلم ذلك فيكرهه.
والكافرُ إن لم يعلَم ما سيحيق به بعد الموت أبغضه، وإن عرَفَ كان أشدَّ بُغضاً له.
مع أنَّ الموتَ خَيرٌ لكليهما..
 
أما المؤمن، فهو: يَكْرَهُ المَوْتَ، وَالمَوْتُ رَاحَةٌ لِلْمُؤْمِنِ (الخصال ج1 ص74)، وذلك قول الله تعالى: ﴿وَما عِنْدَ الله خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ﴾ (تفسير العياشي ج‏1 ص212).
 
وأمّا الكافر، فلأنَّ في حياته إملاءٌ من الله تعالى، وفي الإملاء زيادةُ المعاصي، يتبعها زيادة العذاب، وذلك قول الله تعالى: ﴿وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ﴾ (تفسير العياشي ج‏1 ص206).
 
وقد روي عن أمير المؤمنين عليه السلام: إِنَّ فِي المَوْتِ لَرَاحَةً لِمَنْ كَانَ عَبْدَ شَهْوَتِهِ وَأَسِيرَ أَهْوِيَتِهِ، لِأَنَّهُ كُلَّمَا طَالَتْ حَيَاتُهُ كَثُرَتْ سَيِّئَاتُهُ، وَعَظُمَتْ عَلَى نَفْسِهِ جِنَايَاتُهُ (عيون الحكم ص157).
فالموتُ مع كلِّ شدَّته وصعوبته على الكافر، وعلى عُبَّادِ الشهوات، هو خيرٌ لهم وراحةٌ من مزيد العذاب.
 
أي أنَّهم معذَّبون على كلِّ حال، لكن إذا عَجَّلَ الله لهم الموت فقد قبضهم قبل أن تزداد معاصيهم ويزداد عذابهم.. وإن أطال عمرَهم كانوا أسوأ حالاً عند الموت وأشد.
 
2. أنهم خرّبوا الآخرة فكرهوا الموت
 
وقد نقل هذا المعنى الإمام الصادق عليه السلام عن أبي ذر رحمه الله حينما قيل له: مَا لَنَا نَكْرَهُ المَوْتَ؟
فَقَالَ: لِأَنَّكُمْ عَمَرْتُمُ الدُّنْيَا وَأَخْرَبْتُمُ الآخِرَةَ، فَتَكْرَهُونَ أَنْ تُنْقَلُوا مِنْ عُمْرَانٍ إِلَى خَرَابٍ (الكافي ج‏2 ص458).
 
ولذا قال أميرُ المؤمنين في قصار كلماته عن المذنب أنَّه: يَكْرَهُ المَوْتَ لِكَثْرَةِ ذُنُوبِهِ، وَيُقِيمُ عَلَى مَا يَكْرَهُ المَوْتَ مِنْ أَجْلِه‏!.. يَخْشَى المَوْتَ وَلَا يُبَادِرُ الفَوْتَ!
 
3. أنهم جمعوا الأموال فأحبوا الحياة وكرهوا الموت
 
وقد أَتَى النَّبِيَّ (ص) رَجُلٌ، فَقَالَ لَهُ: مَا لِي لَا أُحِبُّ المَوْتَ؟
فَقَالَ لَهُ: أَ لَكَ مَالٌ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَقَدَّمْتَهُ؟
قَالَ: لَا.
قَالَ: فَمِنْ ثَمَّ لَا تُحِبُّ المَوْتَ (الخصال ج‏1 ص13).
 
ولقد نصح النبيُّ صلى الله عليه وآله رجلاً من الأنصار لا يحبُّ الموت أن يقدِّم ماله، وقال له: إِنَّ قَلْبَ الرَّجُلِ مَعَ مَالِهِ! إِنْ قَدَّمَهُ أَحَبَّ أَنْ يَلْحَقَهُ، وَإِنْ خَلَّفَهُ أَحَبَّ أَنْ يَتَخَلَّفَ مَعَه (مشكاة الأنوار ص304).
 
ويظهر من هذه الأحاديث أنَّ المؤمن قد يكره الموت إن جهله، ويحبُّه إن عرفه.
وأنَّ المُذنب يكره الموت لأنَّه خَرَّبَ آخرته.
وأنَّ من يجمع المال يتعلَّق به، ويكره مفارقته، فيكره الموت لذلك.
 
لكنَّ ههنا معنيان آخران في كراهية الموت:
 
المعنى الأول: الموت في الطاعة أحبُّ من الحياة في المعصية
 
لقد أعطى الإمام الصادق عليه السلام حديث أبي ذرٍّ عن حبِّ الموت بُعداً آخر، فقال عليه السلام: إِنَّ هَذَا لَيْسَ عَلَى مَا يَرْوُونَ، إِنَّمَا عَنَى المَوْتُ فِي طَاعَةِ الله أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الحَيَاةِ فِي مَعْصِيَةِ الله (الكافي ج‏8 ص222).
ولذا لو خُيِّرَ الإنسانُ بين هذين الأمرين، فاختار الموت في الطاعة على الحياة مع المعصية، فهو ممَّن يُحبُّ الموت.. ولو كان مُحبَّاً للحياة فعلاً.
 
المعنى الثاني: الموت على حب آل محمد خيرٌ من الحياة مع بغضهم
 
لقد نفى الإمام الصادق عليه السلام في كلامٍ له استحقاق الحياة عمَّن لا يكون الموت أحبَّ إليه من الحياة.. فمثل هذا لا يستحقُّ الحياة..
 
حينها وقع اليأس في قلوب السامعين، فجُلُّهم أو كلُّهم ليسوا ممَّن يتَّصف بذلك.
لكنَّ الإمام عليه السلام عاد وهَوَّنَ عليهم، بأن فتحَ لهم باباً آخر فقال:
أَ يَسُرُّ أَحَدَكُمْ أَنَّهُ عُمِّرَ مَا عُمِّرَ ثُمَّ يَمُوتُ عَلَى غَيْرِ هَذَا الأَمْرِ؟ أَوْ يَمُوتُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ؟
قَالُوا: بَلْ يَمُوتُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ السَّاعَةَ.
قَالَ: فَأَرَى المَوْتَ أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ الحَيَاةِ (الكافي ج‏8 ص253).
 
فصارَ أمرُ الولاية، وحُبُّ آل محمدٍ، والبراءة من أعدائهم، هو الميزان في حُبِّ الحياة عند هؤلاء..
ومَن كان كذلك كان الموتُ أحبَّ إليه من الحياة..
 
فهنيئاً لِمَن أحبَّهم.. ووالاهم.. وأحبَّ الموت على ولايتهم في ساعته.. على العمر الطويل على غير أمرِهم..
أفَهَل تُساوي الدُّنيا كلُّها لحظةً في محبَّتهم ومعرفتهم؟!
وماذا يفعل أحدُنا بعمرٍ مَديدٍ ليس فيه موالاة الأطهار؟!
 
هذا حالُ كلّ المؤمنين.. الذين خاطبهم الباقر عليه السلام يوماً: أَيُّمَا أَحَبُّ إِلَى أَحَدِكُمْ:
1. يَمُوتُ فِي حُبِّنَا؟
2. أَوْ يَعِيشُ فِي بُغْضِنَا؟
حينها قالوا له عليه السلام: نَمُوتُ وَالله فِي حُبِّكُمْ أَحَبُّ إِلَيْنَا (معاني الأخبار ص189).
 
على أنَّ الإنسان قد يكرهُ الموت تارةً، ويُحبُّه أخرى.. والله تعالى قد يُبَغِّضُ الموتَ إليه، ويطيل عمره، لمصلحته..
وقد يُحبِّب إليه الموت.. لكي يقبض روحه.. لمصلحته..
فليس هناك ما يوجب على المؤمن أن يكون على حالٍ واحدٍ تجاه الموت، فقد يُبغضه تارةً، ويُحبُّه أخرى..
 
فقد روي أنَّ إبراهيم عليه السلام كَرِهَ الموت، فقال الله تعالى: إِنَّهُ يُحِبُّ أَنْ يَعْبُدَنِي!
فلقد أحبَّ الحياة لكي يعبُد الله تعالى فيها، فيزداد منه قُرباً.
 
ثمَّ كَرِهَ الحياة بعد ذلك لمّا رأى: شَيْخاً كَبِيراً يَأْكُلُ وَيَخْرُجُ مِنْهُ مَا يَأْكُلُهُ، فَكَرِهَ الحَيَاةَ وَأَحَبَّ المَوْتَ! (علل الشرائع ج‏1 ص38).
فأرسل الله تعالى إليه ملك الموت على أحسن صورةٍ فقبض روحه!
 
وههنا معنىً في غاية اللَّطافة.. روي عن الإمام العسكري عليه السلام، يقول فيه: خَيْرٌ مِنَ الحَيَاةِ مَا إِذَا فَقَدْتَهُ أَبْغَضْتَ الحَيَاةَ!
وَشَرٌّ مِنَ المَوْتِ مَا إِذَا نَزَلَ بِكَ أَحْبَبْتَ المَوْتَ! (تحف العقول ص489).
 
وصفوة القول
 
أنَّ الكافر إن كَرِهَ الموت، فلأنَّه خَرَّب آخرته، فيخاف من شِدَّة ما سيُعايِنُ من أهواله، وإن كان الموتُ خيراً له، فَبِهِ تقلُّ معاصيه، ويقلُّ عذابه.
 
وأنَّ المؤمن العاصي قد يكره الموت، لأنَّه يخافُ مِن شدَّته، لما ارتكبَ من معاصٍ، فإنَّه قد يشدَّدُ عليه في موته.
وأنَّه قد يكرهه لصعوبة فراق أحبته، وأهله، وماله..
وأنَّه قد يكرهه إن جهل ما له من الثواب بعده..
 
وأنَّ المؤمن المطيع قد يُحبُّ الحياة ليعبُد الله فيها ويزداد منه قُرباً..
وأنَّه قَد يُحبُّ الموت إن تألَّمَ في الحياة أو رأى ما يكره، فيحبُّ الانتقال إلى دار السعادة والنعيم..
 
وأنَّ المؤمن يكون دوماً مستعدَّاً للموت في لحظته، إن خُيِّرَ بين الموت فيها على طاعة الله وحبِّ أوليائه، وبين الحياة دون هاتين الجوهرتين.
 
ثبَّتَنا الله على طاعته.. وولاية أوليائه.. والبراءة من أعدائهم.. وجعل الموت: مَأْنَسَنَا الَّذِي نَأْنَسُ بِهِ، وَمَأْلَفَنَا الَّذِي نَشْتَاقُ إِلَيْهِ، وَحَامَّتَنَا الَّتِي نُحِبُّ الدُّنُوَّ مِنْهَا!
 
والحمد لله رب العالمين




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=182296
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 05 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28