• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : خطر الغلوِّ في الشخصيّات القياديّة ،وأسبابه وآثاره الوخيمة، وضرورة الحَذَر من ذلك وتجنّبه .
                          • الكاتب : مرتضى علي الحلي .

خطر الغلوِّ في الشخصيّات القياديّة ،وأسبابه وآثاره الوخيمة، وضرورة الحَذَر من ذلك وتجنّبه

1 – ينبغي بكلِّ مُكَلَّفٍ أن يتأمّلَ في ما يَصحُّ مِن أمر العقيدةِ على ضوء كتاب الله سبحانه وثوابت سُنَّة نبيّه الأكرم(صلّى اللهُ عليه وآله وسلّم) والآثار المأثورة عن أهل البيت(عليهم السلام).

2- نؤكّد - أنَّ الذي يتتبّع تاريخ الأديان في المجتمع البشري، ومضامينها ، يجد أنَّ معظم الأديان تضمّنَت الغلوَّ في الشخصيّات القياديّة فيها، عن المستوى الحقيقي لهم، سواءٌ كان تشخيص هذا المستوى الحقيقي بحسب البديهيّات العقليّة ، التي تمّ الإغماض عنها، أو بحسب أصل ذلك الدِّين، فالبديهيّات العقليّة تقتضي أنَّ قادة الأديان هُم بشر، ونوعٌ واحدٌ، لهم إمكانات وطاقات محدودة.

3- نعم يمكن مِن البشر مَن يرتقي في مَراقي الكمال إلى درجات عالية، كما يمكن أن ينزل إلى أدنى الدرجات. 
لذلك نرى الفرقَ الكبيرَ بين العلماء الصالحين المُهَذِّبين لأنفسهم ، وبين كبار المُجرمين، ولكن كبار هؤلاءِ المجرمين مقارنةً مع العلماء الصالحين مثلاً، لم يكونوا منذ طفولتهم أشقياءَ ، و إنّما اُختُبروا في الحياة ، فاختاروا مواقفَ مختلفة ، وانساقوا واتّجه كلٌّ إلى سبيله، الذي انتهى إليه . 

4- إنَّ ادّعاء الإلوهيّة لبعض الحكماء أو العلماء ، كما في أتباع بوذا في شرق أسيا ، هو أمرٌ طارئ مخالف للبداهة العقليّة ، وكذلك في الأديان الإلهيّة السماويّة فقد وقع الغلوّ فيها. 
            
5- إنَّ الأغراض السيّئة والمصالح والمنافسة مع الأديان الأخرى تدفع إلى المُغالاة في القادة ، وهذا الغلوّ غير مختصٍّ بالقادة الأوّلين ،فهو موجود في القادة اللاحقين .
وفي جملة من الأديان والمذاهب المعاصرة يوجد غلوّ قبيح للغاية في قادتها.

6 – مِن أكبر المفاسد في الأديان هي آفة الغلوّ ، لأنّها تمحق الدّّين ، والأصل في الأديان هو الالتفات إلى إلوهيّة الله تعالى ووحدانيّته وممّيّزاته عن الكائنات الأخرى وموقعه، وصفات جماله وجلاله وهيبة مقامه إلهيّاً،والاحتفاظ للبشر وغيرهم بمكانتهم وانتماءاتهم النوعيّة . 

7 – النزعات الفاسدة دائماً هي مَن تسوق جماعةً من أهل الأديان إلى الغلوّ في قادتها، ورفعهم على الصالحين من الأوّلين والآخرين . 

8- كثيراً ما تقع آفة الغلوّ حتى في التعاطي مع العلماء – فمثلاً العَالِمُ يقول بالرأي عن اجتهاده ، ومُقَلِّدَه يَستَقِين به اليقين التّامِ، فكيف يكون المُقَلِّد أوضح مِن المجتهد في ذلك؟ ممّا ينبغي بالإنسان المؤمن أن يحذرَ مِن الغلوّ في هذا الشأن.
   
9– إنَّ مِن أهمِّ مقاصد القرآن الكريم هو التعريف بالله تعالى ، وبالعباد الصالحين، وتنزيل كلٍّ بمنزلته، وتحديد حدود البشر والأنبياء ، من خلال أسلوب الخطاب معهم ، وذكر أحوالهم وعبوديّتهم لله ، ومن خلال ذكر حاجتهم إلى تسديد الله سبحانه ، وذكر ممارساتهم الاعتياديّة كالزواج والطعام ، وما شابه، ولكن مع ذلك يقع الغلوّ فيهم جهلاً وعمدا.

10- يجب أن يكون فَهمنا للدِّين ، وخطابنا مع رعايةِ الحكمةِ فيه أيضاً، ملائماً وحكيماً، يُحافظ على العقائد الصحيحة، ولا يُشَكِّك النّاسَ فيها .


سماحة السيّد الأُستاذ مُحَمَّد باقر السيستاني(دامت بركاته)
الأربعاء -4 - ذي القعدة الحرام - 1444هجرية.

تدوين : مرتضى علي الحلّي  - النجف الأشرف




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=182307
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2023 / 05 / 24
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 18