• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : (من اسرار الملكوت) الحسين(ع) وسيرته مع الانبياء .
                          • الكاتب : صادق الموسوي .

(من اسرار الملكوت) الحسين(ع) وسيرته مع الانبياء

اللهم صل على محمد وآل محمد
قصة آدم مع ذكر الحسين
لما نزل آدم عليه السلام إلى الأرض لم ير حواء صار يطوف الأرض في طلبها فمر بكربلاء فاغتم وضاق صدره من غير سبب وعثر في الموضع الذي قتل فيه الحسين( ع) حتى سال الدم من رجليه فرفع رأسه إلى السماء وقال
( إلهي هل حدث عني ذنب آخر فعاقبتني به فإني طفت جميع الأرض فما أصابني سوء مثل ما أصابني في هذه الأرض )
فأوحى الله إليه يا ( آدم ما حدث منك ذنب ولكن يقتل في هذه الأرض ولدك الحسين عليه السلام فسال دمك موافقا لدمه )
فقال آدم ( يا رب أيكون الحسين نبيا )
قال تعالى ( لا ، ولكنه سبط النبي محمد صلى الله عليه وآله )
قال ( ومن القاتل له )
قال تعالى ( قاتله يزيد لعين أهل السموات والأرض )
فقال آدم عليه السلام ( أي شيء أصنع يا جبرئيل )
قال ( العنه يا آدم ) فلعنه أربع مرات ومشى أربع خطوات إلى جبل عرفات فوجد حواء هناك .
نبي الله نوح (عليه السلام) وسيرته مع سيد الشهداء
ونوح (ع) لما نجر السفينة أتى له جبرئيل (عليه السلام) بمائة وأربعة وعشرين ألف مسمار ليحكم بها السفينة ثم أتى له بخمسة بساميرأخرى قال اجعل إحداها على صدر المركب والآخر على ظهره والثالث على مؤخره والرابع على اليمنى والخامس على اليسرى ، فلما ضرب المسامير ووصل إلى الخامس انكسرت الخشبة وظهرت منها ضجة ورنة و انكسر بها قلب نوح عليه السلام فتعجب من ذلك وسأل جبرئيل عنه ، فقال : يا نوح إن هذه المسامير باسم الخمسة من أهل الكساء والمسمار الخامس باسم الحسين عليه السلام تصيبه مصيبة تصغر عندها الرزايا والمصائب ، فذكر وقعة كربلاء فبكى نوح وجبرئيل عليهما السلام بكاء شديدا وحزنا حزنا طويلا ولعنا يزيد وسائر من قتله .
ولما ركب في السفينة وطافت به جميع الدنيا ،وعندما مرت السفينة بكربلاء أخذته الأرض وخاف نوح عليه السلام من الغرق فدعا ربه فقال
( إلهي طفت جميع الدنيا فما أصابني فزع مثل ما أصابني في هذه الأرض )
فنزل إليه جبرئيل وقال ( يا نوح في هذا الموضع يقتل الحسين عليه السلام سبط محمد( صلى الله عليه وآله )خاتم الأنبياء وابن خاتم الأوصياء )
قال ( ومن القاتل له يا جبرئيل )
قال ( قاتله يزيد لعين أهل السموات والأرضين ) فلعنه نوح أربع مرات فسارت السفينة حتى بلغت الجودي واستقرت عليه
ابراهيم عليه السلام
وإبراهيم عليه السلام مر بأرض كربلاء وهو راكب فرسا فعثر الفرس وسقط إبراهيم (عليه السلام) وشج رأسه وسال دمه فأخذ في الاستغفار فقال ( إلهي أي شيء حدث مني ) فنزل جبرئيل 
وقال ( يا إبراهيم ما حدث منك ذنب ولكن هناك يقتل سبط خاتم الأنبياء وابن خاتم الأوصياء فسال دمك موافقا لدمه )
قال ( يا جبرئيل ومن يكون قاتله )
قال ( قاتله يزيد لعين أهل السموات والأرضين والقلم جرى على اللوح بلعنه بغير إذن ربه
فأوحى الله إلى القلم أنك استحققت الثناء بهذا اللعن ) فرفع إبراهيم يده ولعن يزيد لعنا كثيرا وأمّن فرسه بلسان فصيح فقال إبراهيم لفرسه
( أي شيء عرفت حتى تؤمن على دعائي ) 
فقال ( يا إبراهيم أنا أفتخر بركوبك علي فلما عثرت وسقطت عن ظهري عظمت خجلتي وكان سبب ذلك من يزيد لعنه الله ) . 
وكان إبراهيم كثير البكاء والنوح على الحسين كما أخبر الله سبحانه عنه في كتابه 
} فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم { والنجوم هم آل محمد صلى الله عليهم قد ظهروا في كرسي الولاية فنظر فيهم لأنه من شيعتهم وعبيدهم ومرجع العبد إلى سيده ، 
فلما اطلع على وقعة الحسين قال إني سقيم القلب لشدة الألم والحزن وبقي هذا الألم والسقم والحزن إلى أن قبضه الله إليه ، أو النجوم هي الكواكب الظاهرة فلما نظر إليها وعرف اقتضاءاتها وتأثيراتها وفهم منها وقعة الطفوف قال ما قال ، وللآية وجوه كثيرة أخرى.
وإسماعيل عليه السلام كانت له أغنام ترعى بشاطئ الفرات فأخبره الراعي أنها لا تشرب الماء من هذه المشرعة منذ كذا يوما فسأل ربه عن ذلك
فنزل جبرئيل فقال ( يا إسماعيل اسأل غنمك فإنها تجيبك عن سبب امتناعها من شرب الماء )
فقال لها ( لم لا تشربين من هذا الماء )
فقالت بلسان فصيح ( قد بلغنا أن ولدك الحسين عليه السلام سبط محمد صلى الله عليه وآله يقتل هنا عطشانا فنحن لا نشرب من هذه المشرعة حزنا عليه )
فسألها عن قاتله فقالت ( يقتله يزيد لعين أهل السماوات و الأرضين و الخلائق أجمعين )
فقال إسماعيل ( اللهم العن قاتل الحسين عليه السلام ) .
نبي الله موسى عليه السلام
كان موسى عليه السلام ذات يوم سائرا و معه يوشع ابن نون فلما جاء إلى أرض كربلاء انخرق نعله و انقطع شراكه و دخل الحسك في رجليه و سال دمه
فقال ( إلهي أي شيء حدث مني )
فأوحى الله إليه : أن الحسين عليه السلام يقتل هنا و يسفك دمه فسال دمك موافقة لدمه 
فقال (رب و من يكون الحسين )
فقيل : هو سبط محمد المصطفى و ابن علي المرتضى
فقال ( و من يكون قاتله ) فقيل : هو يزيد لعين السمك في البحار و الوحوش في القفار و الطيور في الهواء فرفع موسى يديه و لعن يزيد و دعى عليه و أمن يوشع بن نون على دعائه و مضى لشأنه .
و روى كعب الأحبار اليهودي و قال ( إن في كتابنا أن رجلا من ولد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم يقتل و لا يجف عرق دواب أصحابه حتى يدخلون الجنة فيعانقون الحور العين )
فمر بنا الحسن عليه السلام
فقلنا هو هذا ؟ 
فقال : لا فمر بنا الحسين عليه السلام فقلنا : هو هذا ؟ فقال : نعم
نبي الله سليمان 
و سليمان عليه السلام كان يجلس على بساطه و يسير في الهواء ، فمر ذات يوم و هو سائر في أرض كربلاء فأدارت الريح بساطه ثلاث دورات حتى خافوا السقوط ، فسكنت الريح و نزل البساط في أرض كربلاء فقال سليمان ( يا ريح لم سكنت ) فقالت : إن ههنا يقتل الحسين عليه السلام
فقال( فمن يكون الحسين ؟ ) قالت : هو سبط أحمد المختار و ابن علي الكرار ،
فقال : ( فمن قاتله ؟ ) قالت : يقتله يزيد لعين أهل السماوات و الأرضين فرفع سليمان يده و لعن يزيد و أمن على دعائه الإنس و الجن فهبت الريح و سار البساط . 
زكريا عليه السلام
و زكريا عليه السلام سأل ربه أن يعلمه الأسماء الخمسة فنزل جبرئيل عليه السلام فعلمه إياها ، ثم أن زكريا عليه السلام إذا ذكر محمدا و عليا و فاطمة و الحسن عليهم السلام سرى عنه همه و انجلى كربه و إذا ذكر اسم الحسين عليه السلام خنقته العبرة و وقعت عليه البهرة ، 
فقال ذات يوم ( إلهي مالي إذا ذكرت أربعا منهم تسليت بأسمائهم من همومي و إذا ذكرت الحسين عليه السلام تدمع عيني و تثور زفرتي ) فأنبأه الله تبارك و تعالى عن قصته 
فقال ( كهيعص فالكاف اسم كربلاء و الهاء هلاك العترة الطاهرة و الياء يزيد عليه اللعنة و هو ظالم الحسين عليه السلام و العين عطشه و الصاد صبره )
فلما سمع بذلك زكريا لم يفارق مسجده ثلاثة أيام و منع فيهن الناس من الدخول عليه ، وأقبل على البكاء و النحيب و كان يرثيه 
(إلهي أتفجع خير جميع خلقك بولده ، إلهي أتنزل بلوى هذه الرزية بفنائه ، إلهي أتلبس عليا و فاطمة عليهما السلام ثياب هذه المصيبة ، إلهي أتحل كربة هذه المصيبة بساحتهما )
و كان يقول ( إلهي ارزقني ولدا تقر به عيني على الكبر فإذا رزقتنيه فافتني في حبه ثم افجعني به كما تفجع محمدا صلى الله عليه و آله و سلم حبيبك بولده )
فرزقه الله تعالى يحيى و فجعه به ، و كان حمل يحيى ستة أشهر و حمل الحسين كذلك
عيسى عليه السلام
و عيسى عليه السلام كان سائحا في البراري و معه الحواريون فمر بأرض كربلاء فرأى أسدا قد أخذ الطريق فتقدم عيسى عليه السلام إلى الأسد و قال له ( لم جلست في هذا الطريق و لا تدعنا نمر فيه )
فقال الأسد بلسان فصيح : إني لم أدع لكم الطريق حتى تلعنوا يزيد قاتل الحسين عليه السلام ،
فقال عيسى عليه السلام ( و من يكون الحسين عليه السلام )
قال : هو سبط محمد المصطفى النبي الأمي و ابن علي الولي قال (و من القاتل له )
قال : قاتله يزيد لعين الوحوش و الدواب و السباع أجمع ، خصوصا في يوم عاشوراء ، فرفع عيسى يده و لعن يزيد و دعا عليه و أمن الحواريون على دعائه فتنحى الأسد عن طريقهم و مضوا لشأنهم ،
وروي عن مشايخ بني سليم قالوا (غزونا بلاد الروم فدخلنا كنيسة من كنائسهم فوجدنا فيها مكتوبا هذا البيت 
أيرجو معشر قتلوا حسينا شفاعة جده يوم الحساب 
قال ( فسألناهم كم هذا في كنيستكم ؟ ) فقالوا : قبل أن يبعث نبيكم بثلاثمائة عام . 
 
 
النبي محمد (صلى الله عليه وآله ) وسيرة الحسين(ع)
كان النبي صلى الله عليه و آله و سلم في بيت أم سلمة رضي الله عنها فقال لها (( لا يدخل علي أحد )) فجاء الحسين عليه السلام و هو طفل فما ملكت منعه حتى دخل على النبي صلى الله عليه و آله و سلم فدخلت أم سلمة في إثره فإذا الحسين عليه السلام على صدره و إذا النبي يبكي و في يده شيء يقلبه فقال النبي صلى الله عليه و آله (( يا أم سلمة إن هذا جبرئيل يخبرني بقتل ولدي هذا و هذه التربة التي يقتل فيها فضعيها عندك فإذا صارت دما فقد قتل حبيبي )) ،
فقالت أم سلمة ( يا رسول الله اسأل الله أن يدفع ذلك عنه ) 
قال (( قد فعلت فأوحى الله عز و جل إلي أن له درجة لا ينالها أحد من المخلوقين و إن له شيعة فيشفعون ، و أن المهدي عليه السلام من ولده فطوبى لمن كان من أولياء الحسين عليه السلام و شيعته و شيعة أبيه و الله هم الفائزون )) 
و في اليوم الذي قبض فيه النبي دعا الحسين عليه السلام و ضمه إلى صدره و بكى بكاء كثيرا شديدا و هو
يقول (( مالي و ليزيد يا بني إن لي مقاما مع قاتلك عند الله )) . 
امير المؤمنين وسيرة الحسين (عليهم السلام)
أمير المؤمنين عليه السلام مر في خروجه إلى صفين بنينوى و هو شط الفرات فقال بأعلى صوته 
(( يا ابن عباس أتعرف هذا الموضع ؟ )) قلت : ما أعرفه يا أمير المؤمنين
فقال عليه السلام
(( لو عرفته كمعرفتي لم تكن تجوزه حتى تبكي كبكائي ))
قال : فبكى بكاء طويلا حتى اخضلت لحيته و سالت الدموع على صدره و بكينا جميعا و هو يقول (( آه آه و آه و آه و آه و آه مالي ولآل أبي سفيان مالي و لآل حرب حزب الشيطان و أولياء الكفر والطغيان صبرا يا أبا عبدالله فقد لقي أبوك منهم مثل الذي تلقى منهم ))
ثم دعا بماء فتوضأ وضوء الصلاة فصلى ما شاء الله أن يصلي ثم ذكر مثل كلامه الأول فنعس عند انقضاء صلاته و كلامه ساعة ثم انتبه
فقال (( يا ابن عباس )) فقلت : ها أنا ذا ، فقال عليه السلام (( ألا أحدثك بما رأيت في منامي آنفا عند رقدتي )) فقلت : نامت عيناك و رأيت خيرا يا أمير المؤمنين ، قال عليه السلام (( رأيت كأني برجال قد نزلوا من السماء معهم أعلام بيض قد تقلدوا بسيوفهم و هي بيض تلمع و قد خطوا حول هذه الأرض خطة ثم رأيت كأن هذه النخيل قد ضربت بأغصانها الأرض تضطرب بدم عبيط و كأني بالحسين سخلي و فرخي و مضغتي و مخي قد غرق فيه يستغيث و لا يغاث و كان الرجال البيض قد نزلوا من السماء ينادونه و يقولون صبرا آل الرسول فإنكم تقتلون على أيدي شرار الناس و هذه الجنة يا أبا عبد الله إليك مشتاقة ثم يعزونني و يقولون لي : يا أبا الحسن أبشر فقد أقر الله به عينك يوم يقوم الناس لرب العالمين)) .
الامام الحسن وسيرة اخيه الحسين (عليهم السلام)
وإن الحسن بن علي عليه السلام دخل يوما إليه الحسين عليه السلام فنظر إليه فبكى وقال ( يا أخي كأني بك تقتل مسموما ) قال الحسن ( يا أخي أما أنا فأسقى سما فأموت به وأما أنت يا أخي فلا يوم كيومك يهجم عليك ثلاثون ألفا يدعون أنهم من أمة جدنا ) ثم ساق الحديث وذكر وقعة كربلاء وبكى بكاء شديدا . 
روى سالم بن أبي حفصة قال ( قال عمر بن سعد للحسين عليه السلام يا أبا عبدالله إن قبلنا أناس يزعمون أني أقتلك ، فقال له الحسين عليه السلام : إنهم ليسوا بسفهاء ولكنهم حلماء علماء ، أما إنه يقر عيني أنك لا تأكل به بر العراق بعدي إلا قليلا )) . قال (( وخرجنا مع الحسين عليه السلام فما نزلنا منزلا ولا ارتحلنا منه إلا ذكر يحيى بن زكريا عليه السلام وقال يوما من الأيام : ألا إن من هوان الدنيا على الله عز وجل أن رأس يحيى بن زكريا أهدي إلى بغي من بغايا بني إسرائيل )) . 
وهكذا كان الأمر في جميع الأنبياء والمرسلين والملائكة المقربين وأهل الأرض أجمعين لم يزالوا في البكاء والحزن والملال حتى وقعت هذه الداهية العظمى والرزية الكبرى . 
الحسين سيد الشهداء وسيرته في واقعة الطف بكربلاء
لما كان يوم عاشوراء وبقي الحسين عليه السلام وحيدا فريدا بلا ناصر ولا معين في أرض كربلاء بعد أن قتل أنصاره وأعوانه وبنو أخيه وبنو عمه وبنو أبيه وأولاده ولم يبق أحد سوى العليل زين العابدين عليه السلام ، وإنما صار عليلا ليسقط عنه الجهاد وإنما وجب سقوط الجهاد حفظا للعالم أن ينهدم ويبيد فما كان يجوز له الجهاد ليقتل ، فالحسين عليه السلام لما رأى وحدته وقتل جميع أنصاره ودع عياله وأطفاله الصغار وخرج إلى الميدان وبقي واقفا متحيرا متكئا على رمحه مرة ينظر إلى أخوته وأولاده وبني أخيه وبني عمه صرعى مقتولين مجدلين ومرة ينظر إلى غربته ووحدته وانفراده ومرة ينظر إلى النساء وغربتهن ووحدتهن وعطشهن وصيرورتهن أسارى ومرة ينظر إلى شماتة الأعداء وتصميمهم بقتل قرة عين العالم ، ثم نادى عليه السلام بصوت عال حزين 
( أما من ناصر فينصرنا ، أما من مغيث يغيثنا ، هل من موحد يخاف الله فينا ، أما من ذاب يذب عن حرم رسول الله ) .
فلما نادى عليه السلام هذا النداء تزلزلت أركان العرش وقوائمه وبكت السموات وضجت الملائكة واضطربت الأرض فقالوا بأجمعهم يا ربنا هذا حبيبك فأذن لنا لنصره ، وهو صلوات الله عليه وروحي له الفداء في هذه الحالة إذ وقعت صحيفة قد نزلت من السماء في يده الشريفة فلما فتحها رأى أنها هي العهد المأخوذ عليه بالشهادة قبل خلق الخلق في هذه الدنيا فلما نظر عليه السلام إلى ظهر تلك الصحيفة فإذا مكتوب فيه بخط واضح جلي 
( يا حسين نحن ما حتمنا عليك الموت وما ألزمنا عليك الشهادة فلك الخيار ولا ينقص حظك عندنا فإن شئت أن نصرف عنك هذه البلية فاعلم أنا قد جعلنا السموات والأرضين والملائكة والجن كلهم في حكمك فأمر فيهم بما تريد من إهلاك هؤلاء الكفرة الفجرة لعنهم الله ) فإذا بالملائكة قد ملئوا بين السماء والأرض وبأيديهم حرب من النار ينتظرون حكم الحسين عليه السلام وأمره فيما يأمرهم به من إعدام هؤلاء الفسقة .
فلما عرف عليه السلام مضمون الكتاب وما في تلك الصحيفة رفعها إلى السماء ورمى بها إليها فقال 
(( يا رب وددت أن أقتل وأحيى سبعين مرة أو سبعين ألف مرة في طاعتك ومحبتك وإني قد سئمت الحياة بعد قتل الأحبة ، سيما إذا كان ف قتلي نصرة دينك وإحياء أمرك وحفظ ناموس شرعك )) ثم أخذ عليه السلام رمحه ولم يأذن للملائكة بشيء وباشر الحرب بنفسه الشريفة ، وحمل على أولئك الكفار وطحن جنود الفجار واقتحم قسطل الغبار مجالدا بذي الفقار كأنه علي المختار ، فلما رأوه ثابت الجأش غير خائف ولا خاش نصبوا له غوائل مكرهم وقاتلوه بكيدهم وشرهم ، وأمر اللعين ابن سعد جنده فمنعوه من الماء وردوه وناجزوه القتال وعاجلوه النزال ورشقوه بالسهام والنبال وبسطوا إليه أكف الاصطلام ولم يرعوا له ذماما ولا راقبوا فيه آثاما في قتلهم أولياءه وهو مقدم في الهبوات ومحتمل للأذيات قد عجبت من صبره ملائكة السموات وأحدقوا به من كل الجهات وأثخنوه بالجراح وحالوا بينه وبين الرواح ولم يبق له ناصر وهو محتسب صابر يذب عن نسوته وأولاده حتى نكبوه عن جواده فهوى إلى الأرض جريحا تطؤه الخيول بحوافرها وتعلوه الطغاة ببواترها قد رشح للموت جبينه واختلفت بالانقباض والانبساط شماله ويمينه يدير طرفا خفيا إلى رحله وبنيه وقد شغل بنفسه عن ولده وأهاليه .
وأسرع فرسه شاردا إلى خيامه قاصدا محمحما باكيا ، فلما رأين النساء جواده مخزيا ونظرن إلى سرجه عليه ملويا برزن من الخدور ناشرات الشعور على الخدود لاطمات الوجوه سافرات وبالعويل داعيات وبعد العز مذللات وإلى مصرعه مبادرات ، والشمر جالس على صدره مولغ سيفه في نحره ذابح له بمهنده ، قد سكنت حواسه وخفيت أنفاسه ورفع على القناة رأسه ، وسبي أهله كالعبيد وصفدوا في الحديد فوق أقتاب المطايا تلفح وجوههم حر الهاجرات يساقون في البراري والفلوات أيديهم مغلولة إلى الأعناق يطاف بهم في الأسواق ، فالويل ثم الويل للعصاة الفساق قد قتلوا بقتله الإسلام وعطلوا الصلاة والصيام ونقضوا السنن والأحكام وهدموا قواعد الإيمان وحرفوا آيات القرآن وهموا في البغي والعدوان .
فقام ناعيه عند قبر جده الرسول صلى الله عليه وآله فنعاه إليه بالدمع الهطول قائلا : يا رسول الله قتل سبطك وفتاك واستبيح أهلك وحماك ، وسبيت بعدك ذراريك ووقع المحذور بعترتك وذويك ، فانزعج الرسول صلى الله عليه وآله وبكى قلبه المحول وعزاه به الملائكة المقربون والأنبياء المرسلون ، وفجعت به أمه الزهراء واختلفت جنود الملائكة المقربين تعزي أباه أمير المؤمنين عليه السلام وأقيمت له المآتم في عليين ولطمت عليه الحور العين وبكت السماء وسكانها والجبال وخزانها والهضاب وأقطارها والبحار وحيتانها ومكة وبنيانها والجنان وولدانها والبيت والمقام والمشعر الحرام والحل والإحرام وكل شيء دخل في الوجود وأقر بالمعبود ، 
قال مولانا الصادق عليه السلام في زيارة له عليه السلام 
(( أشهد أن دمك سكن في الخلد واقشعرت له أظلة العرش وبكى له جميع الخلائق ، وبكت له السموات السبع والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن ، ومن يتقلب في الجنة والنار من خلق ربنا ، وما يرى وما لا يرى ))
لعن الله يزيدا وكل من شايع وقاتل وساند ورضي بهذا الامر ولعن الله كل ظالم ظلم آل محمد من الاولين والآخرين الى يوم الدين
 
 

كافة التعليقات (عدد : 4)


• (1) - كتب : ابن خلدون من : سوريا ، بعنوان : زخرف القول في 2010/12/20 .

يبدوا ان كاتب المقال يجهل الفرق بين سند الرواية وبين المقالة او الحديث
طالبناه بسند الرواية في مقالته لنمحص ونعرف رجالها فاجابنا بكلام زخرف وحاله حال المفضّل بن عمر، وبنان، وعمرو النبطي وغيرهم، من الكذب على جعفر
ومااجبتنا فهو مردود جملة وتفصيلا لانه كلام زخرف وحشو لايوافق كتاب الله وسنة رسوله ونضرب بع عرض الحائط
وللاعتبار ارجو من كاتب المقال مراجعة ردنا وما نقلناه عن ابو عمرو الكشي في كتاب رجال الكشي ص208



• (2) - كتب : صادق الموسوي من : العراق ، بعنوان : صحيفة العهد نزلت من السماء على الحسين في معركة الطف في 2010/12/18 .

صحيفة العهد نزلت من السماء على الحسين في معركة الطف فلما فتحها رأى أنها هي العهد المأخوذ عليه بالشهادة قبل خلق الخلق في هذه الدنيا

لما كان يوم عاشوراء وبقي الحسين عليه السلام وحيدا فريدا بلا ناصر ولا معين في أرض كربلاء بعد أن قتل أنصاره وأعوانه وبنو أخيه وبنو عمه وبنو أبيه وأولاده ولم يبق أحد سوى العليل زين العابدين عليه السلام ، وإنما صار عليلا ليسقط عنه الجهاد وإنما وجب سقوط الجهاد حفظا للعالم أن ينهدم ويبيد فما كان يجوز له الجهاد ليقتل ، فالحسين عليه السلام لما رأى وحدته وقتل جميع أنصاره ودع عياله وأطفاله الصغار وخرج إلى الميدان وبقي واقفا متحيرا متكئا على رمحه مرة ينظر إلى أخوته وأولاده وبني أخيه وبني عمه صرعى مقتولين مجدلين ومرة ينظر إلى غربته ووحدته وانفراده ومرة ينظر إلى النساء وغربتهن ووحدتهن وعطشهن وصيرورتهن أسارى ومرة ينظر إلى شماتة الأعداء وتصميمهم بقتل قرة عين العالم ، ثم نادى عليه السلام بصوت عال حزين
( أما من ناصر فينصرنا ، أما من مغيث يغيثنا ، هل من موحد يخاف الله فينا ، أما من ذاب يذب عن حرم رسول الله ) .
فلما نادى عليه السلام هذا النداء تزلزلت أركان العرش وقوائمه وبكت السموات وضجت الملائكة واضطربت الأرض فقالوا بأجمعهم يا ربنا هذا حبيبك فأذن لنا لنصره ، وهو صلوات الله عليه وروحي له الفداء في هذه الحالة إذ وقعت صحيفة قد نزلت من السماء في يده الشريفة فلما فتحها رأى أنها هي العهد المأخوذ عليه بالشهادة قبل خلق الخلق في هذه الدنيا فلما نظر عليه السلام إلى ظهر تلك الصحيفة فإذا مكتوب فيه بخط واضح جلي
( يا حسين نحن ما حتمنا عليك الموت وما ألزمنا عليك الشهادة فلك الخيار ولا ينقص حظك عندنا فإن شئت أن نصرف عنك هذه البلية فاعلم أنا قد جعلنا السموات والأرضين والملائكة والجن كلهم في حكمك فأمر فيهم بما تريد من إهلاك هؤلاء الكفرة الفجرة لعنهم الله ) فإذا بالملائكة قد ملئوا بين السماء والأرض وبأيديهم حرب من النار ينتظرون حكم الحسين عليه السلام وأمره فيما يأمرهم به من إعدام هؤلاء الفسقة .
فلما عرف عليه السلام مضمون الكتاب وما في تلك الصحيفة رفعها إلى السماء ورمى بها إليها فقال
(( يا رب وددت أن أقتل وأحيى سبعين مرة أو سبعين ألف مرة في طاعتك ومحبتك وإني قد سئمت الحياة بعد قتل الأحبة ، سيما إذا كان ف قتلي نصرة دينك وإحياء أمرك وحفظ ناموس شرعك )) ثم أخذ عليه السلام رمحه ولم يأذن للملائكة بشيء وباشر الحرب بنفسه الشريفة ، وحمل على أولئك الكفار وطحن جنود الفجار واقتحم قسطل الغبار مجالدا بذي الفقار كأنه علي المختار ، فلما رأوه ثابت الجأش غير خائف ولا خاش نصبوا له غوائل مكرهم وقاتلوه بكيدهم وشرهم ، وأمر اللعين ابن سعد جنده فمنعوه من الماء وردوه وناجزوه القتال وعاجلوه النزال ورشقوه بالسهام والنبال وبسطوا إليه أكف الاصطلام ولم يرعوا له ذماما ولا راقبوا فيه آثاما في قتلهم أولياءه وهو مقدم في الهبوات ومحتمل للأذيات قد عجبت من صبره ملائكة السموات وأحدقوا به من كل الجهات وأثخنوه بالجراح وحالوا بينه وبين الرواح ولم يبق له ناصر وهو محتسب صابر يذب عن نسوته وأولاده حتى نكبوه عن جواده فهوى إلى الأرض جريحا تطؤه الخيول بحوافرها وتعلوه الطغاة ببواترها قد رشح للموت جبينه واختلفت بالانقباض والانبساط شماله ويمينه يدير طرفا خفيا إلى رحله وبنيه وقد شغل بنفسه عن ولده وأهاليه .
وأسرع فرسه شاردا إلى خيامه قاصدا محمحما باكيا ، فلما رأين النساء جواده مخزيا ونظرن إلى سرجه عليه ملويا برزن من الخدور ناشرات الشعور على الخدود لاطمات الوجوه سافرات وبالعويل داعيات وبعد العز مذللات وإلى مصرعه مبادرات ، والشمر جالس على صدره مولغ سيفه في نحره ذابح له بمهنده ، قد سكنت حواسه وخفيت أنفاسه ورفع على القناة رأسه ، وسبي أهله كالعبيد وصفدوا في الحديد فوق أقتاب المطايا تلفح وجوههم حر الهاجرات يساقون في البراري والفلوات أيديهم مغلولة إلى الأعناق يطاف بهم في الأسواق ، فالويل ثم الويل للعصاة الفساق قد قتلوا بقتله الإسلام وعطلوا الصلاة والصيام ونقضوا السنن والأحكام وهدموا قواعد الإيمان وحرفوا آيات القرآن وهموا في البغي والعدوان .
فقام ناعيه عند قبر جده الرسول صلى الله عليه وآله فنعاه إليه بالدمع الهطول قائلا : يا رسول الله قتل سبطك وفتاك واستبيح أهلك وحماك ، وسبيت بعدك ذراريك ووقع المحذور بعترتك وذويك ، فانزعج الرسول صلى الله عليه وآله وبكى قلبه المحول وعزاه به الملائكة المقربون والأنبياء المرسلون ، وفجعت به أمه الزهراء واختلفت جنود الملائكة المقربين تعزي أباه أمير المؤمنين عليه السلام وأقيمت له المآتم في عليين ولطمت عليه الحور العين وبكت السماء وسكانها والجبال وخزانها والهضاب وأقطارها والبحار وحيتانها ومكة وبنيانها والجنان وولدانها والبيت والمقام والمشعر الحرام والحل والإحرام وكل شيء دخل في الوجود وأقر بالمعبود ،
قال مولانا الصادق عليه السلام في زيارة له عليه السلام
(( أشهد أن دمك سكن في الخلد واقشعرت له أظلة العرش وبكى له جميع الخلائق ، وبكت له السموات السبع والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن ، ومن يتقلب في الجنة والنار من خلق ربنا ، وما يرى وما لا يرى ))
لعن الله يزيدا وكل من شايع وقاتل وساند ورضي بهذا الامر ولعن الله كل ظالم ظلم آل محمد من الاولين والآخرين الى يوم الدين

صادق الموسوي

======================
كتاب العهد المأخوذ من محمد وآله في عالم الذر على هذه التضحية الكبرى باستشهاد الحسين (ع).

وذلك من اجل نصرة دين الله ونزوله الى الإقرار به من قبل الرسول وعلي وفاطمة والحسن والحسين

(عليهم أفضل الصلاة واتم التسليم).
بسم الله الرحمن الرحيم
أمر الله عز وجل روح القدس أن يأتي بذلك الكتاب والعهد إلى رسول (الله صلى الله عليه وآله) ليجد كيف رأيه ورضاه في ذلك ، فلما أتى به إلى النبي صلى الله عليه وآله ونظر إلى ذلك المضمون تغير لونه وظهرت آثار الحزن في وجهه وبكى بكاء شديدا فقال روحي له الفداء ورضيت بما رضي الله لنا وأصبر على هذه المصيبة العظمى التي هدت ركني وكسرت ظهري لأن فيها الهداية العامة وإثبات نبوتي المطلقة على الخاصة والعامة فرضي بذلك وختم الكتاب بخاتمه الشريف باكيا عيناه وجاريا دمعه على خديه لأنه مصيبة الحبيب وليست بسهلة على الحبيب ، وإنما أظهر آثار الحزن والجزع والبكاء لما وجد في ذلك من محبة الله سبحانه وإلا لما كان يظهر ذلك إذ لا يشاءون إلا أن يشاء الله ،

(وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى )
(وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا )

ثم أتى بكتاب العهد إلى أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام ) فلما نظر إلى مضمونه اشتد وجده وبكاؤه وكثر غمه وعناؤه وتغير وجهه وضاق صدره واهتم قلبه وكان يقول
( مالي وآل أبي سفيان ومالي ولآل حرب حزب الشيطان )،
فلما رأى أن رسول الله صلى الله عليه وآله ختم الكتاب بخاتمه ختمه (أمير المؤمنين عليه السلام) راضيا بما رضي الله وكارها عما يصنع بقرة عينه أبي عبدالله (عليه السلام) .
ثم أتى بالكتاب إلى أمه الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام فلما آن حتم القتل على ابنها المظلوم بكت بكاء شديدا إلى أن غشي عليها فلما أفاقت علا صوتها بالبكاء والنحيب ونادت وا ولداه وا حسيناه وا قرة عيناه ،

ولكنها لما وجدت عليها السلام في ذلك القتل راحة الأمة وانتظام العالم وإظهار الدين الحق رضيت وختمت ذلك الكتاب باكية حزينة كئيبة وهو قوله عز وجل ( ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا ( الإنسان هو رسول الله( صلى الله عليه وآله) والوالدان الحسن والحسين (عليهما السلام(
كما في تفسير القمي ،

ثم عطف سبحانه القول على الحسين عليه السلام وحده وقال

( حملته أمه كرها ووضعته كرها )

كما ذكرنا لما أخبرت عليها السلام بشهادته

( وحمله وفصاله ثلاثون شهرا (

لأن حمله عليه السلام كان ستة أشهر وفصاله كان في عامين ولم يكن هكذا إلا عيسى بن مريم ويحيى عليهم السلام لأنهما كانا من المنتسبين للحسين عليه السلام .


ثم أتى بالكتاب إلى مولانا الحسن عليه السلام فلما نظر إلى مضمونه طال حزنه وبكاؤه واشتد وجده وعناؤه لكنه لا يمكنه إلا أن يرضى بما رضي الله ورسوله وأمير المؤمنين وأمه

(عليهم السلام) فختم ذلك الكتاب بحزن طويل وقلب عليل .
ثم أتى بالكتاب إلى سيدنا الحسين عليه السلام فقال لما نظر إليه حبا وكرامة وسرعة إلى طاعة الله ورسوله وإنقاذ خليقته من الهلاك وإعلان كلمته ، فختمه عليه السلام بخاتمه الشريف فقبضه الملك روح القدس بأمر الله عز وجل وخزنه في الخزائن الغيبية وهي الخزانة الأولى العليا مما قال الله عز وجل
(وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم) .
وحينها لقبه الله بسيد الشهداء وكناه بأبي عبد الله ، أما اللقب فلم يلقب مثله أحد من الأئمة مع أنهم (عليهم السلام) استشهدوا وما لقب أحد بذلك سواه مع أن جده وأباه وأخاه خير منه ، أنه (عليه السلام) هو الأصل في ذلك وما تمنى هذه الرتبة أولا وبالذات سواه وما قبِل الخضوع التام غيره ، وكل شهيد إنما هو تابع له في الشهادة وهو أصل له فيها ، وكل شهيد ما استشهد إلا في كربلاء في يوم عاشوراء من أول الوجود إلى آخره ، وما نال أحدا هم أو غم في كل الموجودات إلا في يوم عاشوراء ،فالحسين أبو الشهداء كلهم ممن دخل تحت دائرة الإمكان والأكوان .




صادق الموسوي


الاخ ابن خلدون
المصدر
أسرار الشــهادة
المعروف بسر وقعة الطف


للسيدكاظم الحسيني الرشتي




كاظم الرشتي


هو السيد كاظم بنالسيد قاسم بن السيد أحمد بن السيد حبيب الحسيني المدني الرشتي
من رجال الدينالشيعة البارزين يلقب عند الشيعة بلقب "آية الله العظمى" السيد كاظم الرشتي ، يعتبرمن أحد أبرز تلامذة أحمد بن زين الدين الأحسائي.


مولده ونشأتهالعلمية
ولد "السيد" كاظم الرشتي في مدينة رشت في سنة 1212 من الهجرة النبويةولذا عرف بالرشتي, يلاحظ عليه منذ صغره علامة النبوغ والعلم والذكاء، فقد كان منذصغره متفكراً زاهداً مولعاً بتحصيل العلوم، فلما رأى أبوه ذلك جعله عند أحدالمعلمين فتعلم العلوم الظاهريه بأسرع وقت وأصبح يطلب العلوم العاليه.


لازمالسيد كاظم الرشتي أستاذه الشيخ الأوحد أحمد بن زين الدين الأحسائي طوال أيام حياتهفي حله وترحاله، ولم يفارقه أبداً إلا في سفر الشيخ الأوحد أحمد بن زين الدينالأحسائي من كربلاء متوجهاً إلى بيت الله الحرام, فقد خلفه في كربلاء حتى يقوممقامه في إعطاء الدروس وإجابة المسائل وأسباب أخرى، وأما في سائر الأوقات فقد كانملازما له ينهل من فيض علومه ويحفظ أسراره حتى قال فيه أستاذه الأوحد أحمد بن زين الدين الأحسائي ولدي كاظم يفهم وغيره لا يفهم.



• (3) - كتب : صادق الموسوي من : العراق ، بعنوان : القصة الكاملة لواقعة الطف في اشتشهاد الامام الحسين عليه السلام يوم عاشوراء في 2010/12/17 .

القصة الكاملة لواقعة الطف في اشتشهاد الامام الحسين عليه السلام يوم عاشوراء



كانَ الوقتُ مساءً والشمسُ قد أرهقها المشهدُ الكئيبُ، وأثقلَ خُطاها مسيرُ ذلك اليوم الثّقيل، فراحت تتوارى خلف أُفق الصحراء، وتبتعدُ عن رحابِ الأرض لئلاّ تشهد الكارثة والمأساة، ولتتركَ الأرض للقمر في ليلته العاشرة يرافق الحسين (عليه السلام) ويشهد دعاءه، ومناجاته . وقُبيل المغيب وقف الحسين (عليه السلام) في أصحابه وأهل بيته (عليهم السلام) خطيباً لِيُخْبِرَهُم أنّ القوم لا يُريدونَ قتل غيره، وبوسع كل واحد أن ينسحب تحت جنح الظّلام، وينجو مِنَ القتل، فرفض الجميع ذلك وأصرّوا على القتال والفداء.

جنّ اللّيلُ، وأرخَى الصّمتُ سدولَهُ، وهدأَ الطّير والهوام، ونامَت جفون الخلائق كلّها، إلاّ آل محمّد
(صلى الله عليه وآله) وأنصارهم باتوا ليلتهم بينَ داعٍ ومصلٍّ وتالٍ للقرآن ومُستَغْفِر في الأسْحار، وبينَ مُودِّع ومُوصٍ بأهلِهِ وأبنائِهِ ونسائِه، فكانَ لهم دويّ كدويّ النّحل، وحركة واستعداد للقاء الله سبحانه. يُصلحِون سيوفَهُم، ويُهَيِّئونَ رماحَهُم، فباتوا تلك اللّيلة ضيوفاً في أحضان كربلاء، وباتَ التاريخ أرِقاً ينتظر الحدثَ الكبيرَ، وما يتمخّض عنه ميلادِ الصّباح، وباتَت سيوفهم ورماحهم أقلاماً تتهيّأ لتخطّ في صفحات التاريخ بمدادِ الدم المقدّس أروعَ فصل كُتِبَ في عمرِ الإنسان.

الحسين (عليه السلام) يودِّع أهله وأحبابه، ويزور السجّادَ وزينبَ وسُكينةَ وليلى والرّبابَ والباقرَ
(عليه السلام) ويوصي آخر وصاياه، ويعهد بآخر عهد له، وقد استسلم للقدر، وباع نفسه لله، وقرّر أن يسقيَ شجرةَ الهدى والإيمان بغزير دمه، وفيض معاناته.

ليلة ليلاء وَغَد موحش على آلِ محمّد (صلى الله عليه وآله)، وقد أحاطت بهم الخيلُ واللّيلُ والغـربةُ والجـيشُ الّذي راحَ يتكاثف ويتجـمّع الألف بعد الألف، والمائة بعد المائة، والعشرات بعد العشرات بعد العشرات، حتّى أمسى جيشاً عرمرماً، وقد غاب عنهم وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ونأى بالغريّ
أبوهم أمير المؤمنـين عليّ (عليه السلام)، وقد باعد بينهم وبين المدينة المنوّرة حيث يرقد جدّهم الرسول (صلى الله عليه وآله) والحسن السبط وأُمّهم الزّهراء مسير شهر
للإبل والرُّكبان، وهاهم قد باتوا ليلتهم غُرباء، يتهدّدهم جيش العدوّ بالقتل والأسر والسّبي.

انقضت ليلة الهدنة، وطلع ذلك اليوم الرهيب، يوم الجمعة، يوم عاشوراء، يوم الدم والجهاد والشهادة، وطلعت معه رؤوس الأسنّة والرِّماح والأحقاد وهي مُشرعةٌ لِتَلْتَهِمَ جسدَ الحسين (عليه السلام)، وتفتكَ بدُعاةِ الحقّ والثوّار من أجل الرِّسالة والمبدأ.

عبّأ عمر بن سعد رجاله وفرسانه، فوضع على ميمنة الجيش عمرو بن الحجّاج، وعلى ميسرته شمر بن ذي الجوشن، وعلى الخيل عروة
بن قيس، وعلى الرجّالة شبث بن ربعي، وأعطى الرّاية دُريداً
مولاه.

نظر الحسين (عليه السلام) إلى الجيش الزاحف، وتأمّل به طويلاً، وهو لم يزل كالطـود الشامخ، قد اطمأنّت نفسه، وهانت دنيا الباطل في عينه، وتصاغر الجيش أمامه، فكان وأصحابه كما قال الشاعر فيهم:

لَبَسوا القلوبَ على الدّروعِ وأقبَلوا *** يَتهافَـتونَ على ذهـابِ الأنفُس

فلم تُرهِبْهُ كثرةُ الجيوش، ولم توهنْ عزيمتَهُ كثافةُ الصِّفاح والأسنّة، بل استشرق من عليائه الرّوحي المتعال، ورفع يدي الضّراعة والابتهال إلى الله سبحانه، وراحَ يُناجي:

(اللّهمَّ ! أَنتَ ثِقَتي في كُلِّ كَرْب، وَأَنتَ رَجائي في كُلِّ شِدَّة، وَأَنتَ لي في كُلِّ أمر نَزَلَ بِي ثِقَةٌ وَعُدَّةٌ، كَمْ مِن همٍّ يَضْعُفُ فِيهِ الفُؤادُ، وَتَقلُّ فِيهِ الحِيلَةُ، وَيَخْذِلُ فِيهِ الصَّدِيقُ، وَيشمتُ فِيهِ العَدُوُّ، أَنزَلتُهُ بِكَ وَشَكوتُهُ إِليكَ، رَغْبَةً مِنِّي إِليكَ عَمَّن سِوَاكَ، فَفَرَّجْتَهُ عَنِّي وَكَشَـفْتَهُ، فَأنْتَ وَليُّ كُلِّ نِعْمَـة، وَصَاحِبُ كُلِّ حَسـنَة، وَمُنتَهى كُلِّ رَغْبَة)).
المعركة الخالدة

وهكذا استغرق الحسين
في لحظة مناجاة، وموقف روحي أخّاذ، والجيوش تقترب، والجند تجول في الميدان، والحسين (عليه السلام) قد حصّن مخيّمه وأحاط ظهره بخندق أوقد فيه النار ليمنع المباغتة والالتفـاف من الخلف، وليحمي النِّساء والأطفال من العدوان المحقّق.

نظر الشمر إلى النار وهي تلتهب في الخندق فصاح:
(أتعجّلتَ النّارَ قبل يوم القيامة يا حسين، فردّ عليه: أنتَ أولى بها صليّا).
حاول أصحاب الحسين (عليه السلام) مسلم بن عوسجة أن يرميه بسهم، فاعترضه الحسين (عليه السلام) ومنعه قائلاً:
لا تَرمِه، فإنِّي أكره أن أبدأهم بقتال

تلك أخلاقية الحرب في الإسلام، وهذه قيم أبي الشُّهداء الحسين السبط (عليه السلام)، لا يمكنه أن يحيد عنها، حتّى وهو في أشدّ الظروف قساوة وحراجة، ومع ذلك فكان هذا الشقي الشمر بن ذي الجوشن هو الّذي قتل الحسين (عليه السلام) بعد ساعات في ذلك اليوم.

وإتماماً للحجّة على أعدائه من جيش يزيد بن معاوية، طلب الحسين إليهم أنْ ينصتوا لكي يكلّمهم بكلمة، إلاّ أنّهم أَبَوْا ذلك، وعلا ضجيجهم ولغطهم، إلاّ أنّهم سكتوا في النهاية، فخطبَ فيهم الحسين مُعاتِباً لهم على دعوتهم له وتخاذلهم، كما حدّثهم بما سيقع لهم بعد قتله على أيدي الظالمين من ولاة بني أُميّة ممّا عُهِدَ إليه من جدِّه (صلى الله عليه وآله) وأبيه (عليه السلام)، وهو ما تحقّق فعلاً، وخصّ قائد الجيش وهو عمر بن سعد الّذي كان يزيد يُمنِّيه بجعله والياً على الريّ وجرجان بأنّ حلمه ذاك لن يتحقّق وأنّه سوف يُقتَل ويُرفَع رأسه على الرّمح ،
قال الإمام الحسين (عليه السلام):

(تباً لكم أيّتها الجماعةُ وتَرَحاً، أفحينَ اسْتَصْرختُمونا وَلِهين مُتَحيِّرينَ، فأصْرَخْناكُم مُؤدِّين مُستعدِّين، سَلَلْتُم علينا سَيفاً لَنا في أَيْمانِكُم، وحَشَشْتُم علينا ناراً اقْتَدَحْناها على عَدوِّكُم وعَدوِّنا ، فأصبحتُم أَلْباً على أوليائِكُم، ويداً عليهم لأعدائِكُم، بغـيرِ عدل أَفشَوْهُ فيكم، ولا أمل أصبحَ لكُم فيهم، إلاّ الحرامَ مِنَ الدُّنيا أنالوكم، وخسيسَ عَيْش طَمعتُم فيه، من غيرِ حَدَث كانَ منّا، ولا رأي تَفيَّلَ لَنا، فهلاّ ـ لكم الويلات ـ إذ كرهتُمونا تركتمونا؟ فتجهّزْتُموها والسّيفُ لم يُشْهَرْ، والجأشُ طامِنٌ، والرّأيُ لم يُستَحْصَفْ، ولكنْ أسرَعْتُم علينا كطـيرةِ الدّبا، وتداعيـتُم إليها كتداعي الفَراش، فَقُبحاً لكم، فإنّما أنتم مِن طواغيتِ الاُمّةِ، وشُذّاذِ الأحْزابِ، وَنَبَذَةِ الكتابِ، وَنَفَثَةِ الشّيطانِ، وعُصبةِ الآثامِ، ومُحَرِّفي الكِتابِ، ومُطْفئي السُّنَنِ، وقَتَلَةِ أولادِ الأنبياء، ومُبيدي عترةِ الاوصياءِ، ومُلْحِقي العُهّارَ بالنّسب))، ومؤذِّي المؤمنين، وصرّاخ أئمّة المستهزئين، الّذين جعلوا القرآن عِضين، وأنتم ابنَ حرب وأشياعَه تعتمدون، وإيّانا تخذلون، أجل واللهِ الخَذْلُ فيكُم معروفٌ، وَشِجَتْ عليهِ عروقُكُم، وتوارَثَتْهُ أُصولُكُم وفروعُكُم ونَبَتَتْ عليهِ قُلوبُكُم، وغَشيتْ بهِ صُدورُكُم، فكُنتم أخبثَ شيء سنخاً للناصِبِ، وأَكَلَةً لِلْغاصِب.

ألا لعنةُ اللهِ على الناكثينَ الّذين يَنقضونَ الأيْمانَ بعدَ توكيدها، وقد جعلتُمُ اللهَ عليكم كَفيلاً، فأنتم والله هم، ألا وإنّ الدّعيّ ابن الدّعيّ قد رَكَزَ بينَ اثنتين: بين السِّلَّةِ والذِّلَّةِ، وهيهات مِنّا الذِّلّةُ، يأبى اللهُ لنا ذلك ورسولُهُ والمؤمنونَ، وحُجورٌ طابَت وطَهُرَتْ، وأنوفٌ حميّةٌ ونفوسٌ أبيّةٌ، مِن أن نُؤْثِرَ طاعةَ اللِّئامِ على مصارِعَ الكِرامِ، ألا وإنِّي زاحِفٌ بهذي الاُسرة على قِلّةِ العَدَدِ وخُذلانِ النّاصِرِ، ثمّ أنشدَ أبيات فروة بن مسيك المرادي:

فإنْ نَهــْزِم فَهزّامــونَ قُدْمـاً *** وإنْ نُهْزَم فَغيرُ مُهزَّمينــــا

ومـا إنْ طِبُّنـا جُبــْنٌ ولكـــن *** منايانا ودولـةُ آخرينــــــــا

فَقُـلْ للشّامتيــنَ بنـا أفيقـــوا *** سَيَلْقى الشّامِتون كما لَقينا

إذا ما الموتُ رُفِّعَ عَن أُناس *** بِكَلْكَلــِهِ أناخَ بآخرينــــــــا

وحاول بعض من أصحاب الحسين (عليه السلام) أمثال زهير بن القين وبُرير بن خضير أن يستعملوا لغة العقل والمنطق، وأن يشرحوا الأحداث ومبرّرات تحرّك الحسين (عليه السلام)، فلم يستجب لهما أحد.

وعاد الحسين (عليه السلام) على ظهر فرسه ووقف أمام الجيش وخاطبهم

أمّا بعد، فانسبوني فانظروا مَنْ أنا، ثمّ ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها فانظروا هل يَحلُّ لكم قتلي وانتهاك حُرْمَتي؟ ألَستُ ابن بنتِ نبيِّكم (صلّى الله عليه وسلّم) وابن وصيّه وابن عمّه، وأوّل المؤمنين بالله، والمصدِّق لرسولهِ بما جاءَ به من عند ربِّه؟ أوَلَيس حمزة سيِّد الشهداء عمّ أبي؟ أوَلَيس جعفر الشهيد الطيار ذو الجناحين عمّي؟ أوَلَم يبلغْكُم قولٌ مستفيضٌ فيكم إنّ رسـول الله (صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم) قال لي ولأخي: هذان سيِّدا شبابِ أهلِ الجنّة ؟ فإنْ صدّقتموني بما أقول ـ وهو الحقّ ـ والله ما تعمّدت كذباً مذ علمتُ أنّ الله يمقت عليه أهله ويضرّ به مَن اختلقه، وإن كذبتموني فانّ فيكم مَنْ إنْ سألتُموه عن ذلك أخْبَرَكُم، سَلُوا جابِرَ بن عبد الله الأنصاري، أو أبا سعيد الخدري، أو سهلَ بن سعد الساعدي، أو زيدَ بن أرقم أو أنسَ بن مالك، يُخبروكم أنّهم سمعوا هذه المقالة من رسـول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لي ولأخي، أفما في هذا حاجز لكم عن سَفك دمّي؟

فقال له شمر بن ذي الجوشن: هو ـ أي الشمر ـ هو يعبد الله على حرف إنْ كانَ يدري ما تقول.

فقال حبيب بن مظاهر للشمر: والله، إنِّي لأراك تعبدُ اللهَ على سبعين حرفاً، وأنا أشهد أنّك صادق، ما تدري ما يقولُ، قد طبعَ اللهُ على قلبك.

ثمّ قال لهم الحسين:
فإن كنتم في شك من هذا القول أوَ تشكّون في أنِّي ابنُ بنت نبيِّـكم، فوَ الله ما بين المشرق والمغرب ابنُ بِنتِ نبيّ غيري منـكم ولا مِنْ غـيرِكم، أنا ابن بنت نبيِّـكم خاصّة، أخبروني أتطلبـوني بقتـيل منكم قتلتُـهُ؟ أو مال لكم استهلكتُهُ؟ أو بِقَصاص مِن جُراحة؟

فلم يستجب له أحد، ثمّ خاطبهم: أما تَرونَ سَيفَ رَسُولِ الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم(ولامَةَ حَربِهِ وعِمامَتَـهُ عَلَيَّ، قالوا: نعم. فقال: لِمَ تقاتلوني؟ فلم يجيبوا إلاّ بجواب الامّعـة الّذي لا يملكُ رأياً ولا إرادة، ولا يُمَيِّزُ بين التبعيّةِ العمياءِ والطّاعةِ القائمةِ على وعي وفهم سليم،
أجابوا: طاعة للأمير عُبيد الله بن زياد

ثمّ قال (عليه السلام):
أما والله، لا تَلبِثُونَ إلاّ كَرَيْثَما يُركب الفرس، حتّى تدورَ بكم دَوْرَ الرَّحى، وَتَقْلقَ بِكُمْ قَلْقَ المِـحْوَر، عَهْدٌ عَهِدَه إليَّ أبي عن جدِّي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فأجمعوا أمركم وشُركاءكم ثمّ لا يَكُن أمركُم عليكُم غُمَّةً، ثمّ اقضوا إليَّ ولاَ تُنْظِرُون، إنِّي توكَّلتُ على اللهِ رَبِّي وربِّكُم، ما مِنْ دابّة إلاّ هو آخِذٌ بناصِيَتِها إنَّ ربِّي على صراط مُستَقيم

كل ذلك وعمر بن سعد مصرّ على قتال الحسين (عليه السلام)، والحسين يحاور وينصح ويدفع القوم بالّتي هي أحسن، ولمّا لم يُجْدِ نصح، ولم ينفع حوار، قال الحسين (عليه السلام) لابن سعد:

أَيْ عُمَرُ أَتزْعَمُ تَقْتُلني، وَيوَلِّيكَ الدّعِيُّ بلادَ الرَّيّ وجرجان، والله لا تهنأ بذلك، عَهْدُ مَعْهودُ، فاصنع ما أنتَ صانِع، فانّكَ لا تَفْرَحِ بَعـدي بدُنياً ولا آخِرة، وكأنِّي برَأْسِكَ على قَصَبة يَتَراماهُ الصِّبْيانُ بالكوفَةِ وَيتّخِذُونَهُ غَرَضاً بينهُم، فَصَرَفَ بِوَجْهِهِ عَنْهُ مُغْضباً

أستحوذ الشيطان على ابن سعد، ونادى حامل الرّاية: (يا دُرَيْدُ ! أدْنِ رَايَتَك، فَأَدناها، ثمّ وَضَعَ سَهْمَهُ في كَبِدِ قَوْسِهِ، ثُمّ رَمى، فقال: اشهدوا أنِّي أوّلُ مَنْ رَمَى،
ثمّ ارتمى النَّاسُ وتبارَزُوا
وهكذا أضرمَ ابن سعد نار الحرب، وَوَجَّه سهامه نحو مخيّم آل الرّسول (صلى الله عليه وآله)، فتبعهُ جنده ورماته يمطرون الحسين (عليه السلام) وأصحابه بوابل من السهام، حتّى لم يبق أحد من أصحاب الحسين (عليه السلام) إلاّ وأصابه سهم.

عظم الموقف على الحسين (عليه السلام)، فخاطبَ أصحابه: (قُومُوا رَحِمَكُمُ الله إلى الموتِ الّذي لا بُدَّ منه، فإنَّ هذه السِّهامَ رُسُلُ القَوْمِ إليكُم)

لقد أصبحت هذه الفئة الحسينيّة المجاهدة الّتي لا يتجاوز عددها العشرات أمام جيش، عِدَّتُه تبلغُ الألوفَ، ومع هذا الفارق في العدد والعُدّة، فإنّ أحداً لم يتراجـع من رجال الحسـين (عليه السلام)، ولم يَنْكُص أمامهم شابٌّ ولا غلام، فاسـتجابوا للنفير، ولبّوا النداء وانطلقوا كالأُسود الضّواري يلتحمون مع العدوّ بكلِّ ما أُوتوا مِن قوّة وبأس، فاشتدّ القتال، وحمي الوطيس، ودارت رحى الحرب وغطّى الغبارُ أرجاءَ الميدان، واستمرّ القتال ساعةً من النّهار، فما انجلتِ الغُبْرَةُ ولا إنْجابَ الالتحام إلاّ عن خمسين صريعاً من أصحابِ الحسين (عليه السلام)

ثمّ نادى بعض أصحاب عمر بن سـعد بالبراز، فتواثب أصحاب الحسين (عليه السلام): حبيب ابن مظاهر وبُرير وعبد الله بن عُمير الكلبي يطلبون الإذن من الحسين (عليه السلام) ويتسابقون للشهادة، فانتدب الحسين (عليه السلام) عبد الله بن عمير للبراز ليصول في ميدانِ الشرف والجهاد، وراح عبد الله يُنازِلُ الخصومَ، ويُقارِعُ الأقرانَ، ويصولُ في ميدانِ الجهاد.

نظرت إليه أُمّ وهب زوجته، وجراحات يده اليسرى تسيل وتنزف دماً، فهالها الموقف، واسـتنفر الغضب عزيمتها، فحملت عمود الخيمة واتّجهت نحو الميدان، (وأقبلت نحو زوجها تقول له: فداك أبي وأُمِّي قاتلْ دون الطيِّبين ذريّةِ محمّد، فأقبل إليها يردّها نحو النِّساء فأخذت تجاذب ثوبه، ثمّ قالت: إنِّي لن أَدَعَكَ دونَ أن أموتَ معَك، فناداها الحسين فقال: جُزِيْتُم عْنْ أَهلِ بَيْتِ نَبيِّكم خَيْراً، ارْجِعِي إلى الخَيْمَةِ، فَلَيْسَ عَلى النِّساء قِتالٌ)

استمرّت رحى الحرب تدور في ميدان كربلاء، وشلاّل الدم المقدّس يجري ليتّخذ طريقه عبر نهر الخلود، وأصحاب الحسين (عليه السلام) يتساقطون الواحد تلو الآخر، وقد أرهقوا جيش العدو وأثخنوه بالجراح، فتصايح رجال عمر بن سعد: لو استمرّت الحرب برازاً بيننا وبينهم لأتوا على آخرنا، لنهجم مرّة واحدة، ولِنُرشِقُهم بالنبال والحجارة.

تقدّمت وحدات من الجيش الأموي يقودها عمرو بن الحجّاج، وهاجمت ميمنة الحسين (عليه السلام)
، فاستعمل أصحاب الحسين (عليه السلام) أسلوباً عسكرياً رائعاً، جثوا على ركبهم واشرعوا الرماح، فخافت الخيل وتراجعت بفرسانها، استغلّ أصحاب الحسين (عليه السلام) إدبار الخيل ورجوعها فأطلقوا نبالهم يصطادون بها عناصر الحملة الظّالمة.

عاود الجيش الأموي الحملة، فقاد شمر بن ذي الجوشن قطعات من عسـكره، وهاجم ميسرة الحسين (عليه السلام)، ودارت معركة طاحنة، استطاع الرجال الّذين بقوا مع الحسين (عليه السلام) صدّ الهجوم، وَرَدَّ الشمر على أعقابه، وقد أبلى فيها عبد الله بن عمير الكلبي بلاءً حسناً، وأبدى بسالة نادرة، فَقَتَلَ تسعة عشر فارساً واثني عشر راجلاً، فسقط جريحاً ثمّ اُسِرَ وقُتِلَ صبراً.

ولم تحتمل أُمّ وهب قتل زوجها وفراق الرّجل المقدام، فاتّجهت إلى ساحة المعركة وراحت تحنو على الجسد المسجّى بقلبها المثكول، وغُربَتِها المُفجعة، وتَمسحُ الدمَ عن الرّأس الحُرِّ الأبي وهي تقول له: هنيئاً لك الجنّة.

نظر الشمر إلى صلابتها وتحدِّيها، فاستعظم موقفها وأمر غلاماً له بقتلها، نفّذ العبد أمر سيِّده، واتّجه يحمل عموداً من حديد فضرب أُمّ وهب على رأسها، فسقطت شهيدة تسبح بدم الشهادة وتعانِقُ روحَها روحَ الزّوج الحبيب، فاقتطع القتلة رأسها ورموا به نحو مخيّم الحسين (عليه السلام).

استمرّ الهجوم والزّحف نحو من بقي مع الحسين (عليه السلام)، وأحاطوا بهم من جهات متعدِّدة، فتعالت أصوات ابن سعد ونداءاته إلى جيشه وقد دخل المعسكر يقتل وينهب: (أحرِقوا الخيام)، فضجّت النِّساءُ، وتصارخَ الأطفال، وعلا الضّجيجُ، وراحتْ ألسنةُ النار تلتهم المخيّم، وسكّانُهُ يَفرّون فزعين مرعوبين.

ها هو الجيش الأموي يهاجم مخيّم آل الرسول، وقد زالت الشمس وحضر وقت الصلاة، وليس معقولاً أن يغيب الحسين (عليه السلام) عن الوقوف بين يدي الله، يوحِّـده ويُسَبِّحُه ويُناجيه، وها هو يستعين بالصبر والصلاة، وَيشدُّهُ الشّوقُ والحبُّ الإلهي المقدّس، فينادي للصّلاة وقد تحوّلَ الميدان عنده محراباً للجهاد والعبادة، وليس بوسعِ الأسِنَّةِ والسُّيوف أن تحولَ بينه وبين الحضور في ساحة المناجاة، والعروج إلى حظائر القدس، وعوالم الجلال، والحرب لَمّا تَضَعْ أوزارَها، والمعارِك لم يهدأ سعيرها، فراحَ مَن بقي من أصحاب الحسين (عليه السلام) وأهل بيته (عليهم السلام) ينازلون الأعداء، ويستشهدون الواحد تلو الآخر: ولده عليّ الأكبر، إخوته: عبيد الله، عثمان، جعفر، محمّد، أبناء أخيه الحسن: أبو بكر، القاسم، الحسن المثنّى، ابن أُخته زينب: عون بن عبد الله بن جعفر الطيار، آل عقيل: عبد الله بن مسلم بن عقيل، عبد الرّحمن بن عقيل، جعفر بن عقيل، محمّد بن مسلم بن عقيل، عبد الله بن عقيل. أُولئك الأبطال الأشاوس من آل عقيل وآل عليّ بن أبي طالب، مجزّرين كالأضاحي، يتناثرون في أرض المعركة، تناثر النجوم في سماء الخريف، ويسبحون في بُرَكِ الدمِ سبحَ الشّقائق في حوض النهر.

وقف الحسين (عليه السلام) بينهم ينادي، وقد أيقنَ باللّحوق بهم والاجتماع معهم تحتَ سرادق الرّحمة مع الشُّهداء والصِّدِّيقين والنّبيِّين، بعد أن حزّ في نفسه عويلُ النِّساء، وصراخ الأطفال، ولوعةُ اليتامى والأرامل من آل محمّد (صلى الله عليه وآله) ومَن رافقهم في رحلة الشهادة والخلود، وقف ينادي:

(هَلْ مِن ذابٍّ عن حرمِ رسـول الله؟ هل مِن مُوَحِّد يخـافُ اللهَ فينا؟ هَلْ مِن مُغِيثٍ يرجو اللهَ في إغاثَتِنا)

فلم يجبه غير صراخ النسوة، وعويل الأطفال وضجيجُهُم المروِّع، لم يبق أمام الحسين (عليه السلام) إلاّ أن ينازل القوم بنفسه، ويدخل المعركة مبارزاً بفروسيته وشجاعته، وقلبُهُ يَفيضُ حُبّاً وحناناً وخوفاً على أهله وحرمه، وحرم الأنصار وأيتام الشّهداء، وقد أيقنَ أنّه لن يعود بعد هذه الحملة، فحامت عواطف الحب، ولواعج الأبوّة المفجوعة حول ولده الرضيع عبد الله ، فشدّه الشوق إليه وأَجاءَتْهُ ساعةُ الفِراق نحوَهُ، ووقفَ على بابِ الخيمةِ ينادي أُخته زينب، ويطلب منها أن تحمل إليه ولده ليطبع على شفتيه القبلة الأخيرة، ويلقي عليه نظرة الوداع.

فجاءت به عمّته زينب تحمله، فرفعه الحسين (عليه السلام) لِيُعانِقَهُ ويُقَبِّلَ شفتيه الذابلتين، فسبقهُ سهمٌ من معسكرِ الأعداء إلى نحرِ الطِّفل الرّضيع وحالَ بينه وبين الحياة. فراح يفحصُ رغامَ الموتِ بقدميه، ويسبحُ في مَسربِ الدم البريء، ويكتب بذلك الدمِ المقدّسِ أروعَ قصيدة في ديوان المآسي، ويخاطبُ ضميرَ الإنسان عبرَ أجيال التاريخ بتلك الظليمة والفاجعة الّتي رُزِئَ بها آل محمّد (صلى الله عليه وآله) في يوم عاشوراء.

ما عسى أن يفعل الحسين (عليه السلام)؟ وكيف يمكن أن يتصرّف أبٌ مفجوع وقد سالت بينَ يديه دماء طفل رضيع بريء، يناغي السماء، ويملأ أحضان أبيه بالبشر والابتسامة؟ ما عسى أن يصنع الحسين (عليه السلام) وهو يرى وَلَدَهُ الرّضيعَ قد ذُبِحَ بينَ يديه؟

وقف الحسين (عليه السلام) كالطّود الأشمّ، لم يضعف ولم يتزعزع، بل راحَ يجمع الدم بكفّيه ويرفعه شاكياً إلى الله، باعثاً به نحو السماء، مناجياً: (هَوَّنَ عَلَيَّ ما نزلَ بهِ، أنّهُ بِعَينِ الله)

وهكذا بدأ شلاّلُ الدم ينحدر على أرض كربلاء، وسُحُبُ المأساة تتجمّع في آفاقها الكئيبة، وصيحات العطش والرُّعب تتعالى من حول الحسـين (عليه السلام)، وتنبعثُ من حناجر النِّساء والأطفال.

ركب الحسين (عليه السلام) جواده يتقدّمه أخوه العبّاس بن عليّ، وتوجّه نحو الفرات ليحمل الماء إلى القلوب الحرّى، والأكباد الملتهبة من آل محمّد (صلى الله عليه وآله)، فحالت جموع من العسكر دونه، اقتطعوا العبّاس عنه، الفارس والبطل وحامل اللِّواء، فغدا الحسين (عليه السلام) بجانب والعبّاس بجانب آخر، وكانت للبطل الشجاع أبي الفضل العّباس صولة ومعركة حامية طارَتْ فيها رؤوسٌ وتساقطت فرسانُ، وقد بَعُدَ العبّاس عن أخيه الحسين (عليه السلام) يصولُ في ميدان الجهاد، حتّى وقع صريعاً

يَسبحُ بدمِ الشّهادةِ ويُثبتُ لواءَ الحسين الّذي حمله يوم عاشوراء في أرض كربلاء، خفّاقاً إلى الأبد، لا تبليه الأيّام، ولا تُطأطِئُ هامتَهُ دولُ الطّغاة، وفي الجانب الآخر كان الحسين (عليه السلام) يقتحم الميدان ويحاول الوصول إلى الفرات، فحالت دونه وحدات عسكرية أُخرى، ووجّه أحد رجال ابن سعد سهمه نحو الحسين (عليه السلام) فأصاب حنكه، فانتزع الحسين (عليه السلام) السّهم وراح يستجمعُ الدمَ بيدِهِ ثمّ يلقي به ويناجي ربّه:
(اللّهمّ ! إنِّي أشكُو إليك ما يُفعَل بابن بِنْتِ نَبِيَّك)
وهكذا امتلأ الميدان بالصّرْعى والشهداء من آل رسول الله (صلى الله عليه وآله) والفئة الثائرة الّتي كتبت بدمائها الزّكيّة ملحمةَ الخلود والكفاح، واختطّت للأجيال طريق الثورة والجهاد.
نظر الحسين (عليه السلام) إلى ما حوله، مدّ ببصره إلى أقصى الميدان فلم يَرَ أحداً من أصحابه وأهل بيته إلاّ وهو يسبح بدم الشهادة، مُقطّع الأوصال يخطّ في مضجع الرمال من حوله الحرف المضيء والشعار الخالد:

سأمضي وما بالموتِ عارٌ على الفتى *** إذا ما نَوى حقّاً وجاهَدَ مُسْلِما
ووَاسى الرِّجالَ الصّالحين بِنَفســــه *** وفارَقَ مَثْبُوراً وخالَفَ مُجْرِما
فإنْ عِشْتُ لَمْ أنْدَمْ وإنْ مِتُّ لَمْ الَــمْ *** كفى بِكَ ذُلاًّ أن تَعيشَ وتُرْغَما

وإذن ها هو الحسين وحده يحمل سيف رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبين جنبيه قلب عليّ، وبيده راية الحق، وعلى لسانه كلمة التقوى.
وقف أمام جموع العسكر الّتي أوغلت في الجريمة واستحوذ عليها الشيطان، ولم تفكِّر إلاّ بقتل الحسين والتمثيل بجسده الطاهر. إذن هذا هو اليوم الموعود الّذي أخبر به رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتلك هي تربَتُهُ الّتي بُشِّر بها من قبل.
حمل الحسينُ (عليه السلام) سيفه، وراح يرفع صوته على عادة الحروب ونظامها بالبراز، وراح ينازلُ فرسانهم، ويواجه ضرباتهم بعنف وشجاعة فذّة، ما برز إليه خصم إلاّ وركع تحت سيفه ركوع الذل والهزيمة.
تعلّق قلبُ الحسين (عليه السلام) بمخيّمه وما خَلّفتِ النّارُ والسيوفُ من صبية ونساء وبقايا رَحْلِه. فراح ينادي وقد هجمت قوّات عمر بن سعد على الحسين (عليه السلام) وطوّقته وحالت بينه وبين أهله وحرمه، فصاح بهم: (أنا الّذي أُقاتِلُكُم والنِّساءُ ليسَ عَلَيهِنّ جُناح، فامنعوا عُتاتَكم عن التّعرُّضِ لِحُرَمي ما دُمتُ حيّاً)
صُمّتْ أسماعُ وقلوبُ أُولئكِ الأجلاف عن قول ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وتقدّم شمر ابن ذي الجوشن وعشرة من رجاله نحو مخيّم الحسين الّذي فيه عياله فصرخ فيهم الحسين:
(ويلكم إنْ لم يكن لكم دينٌ وكنتم لا تخافون يوم المعاد، فكونوا أحراراً ذوي أحساب، امنعوا رحلي وأهلي مِن طُغاتكم وجُهالكم، قال ابن ذي الجوشن: ذلك لك يا ابن فاطمة).
استمرّ الهجوم عنيفاً والحسين (عليه السلام) في بحر الجيش العرمرم، يجالد العسكر، حتّى سدَّد أحد جنود الأعداء سهماً نحو شخصه الشريف، فاستقرّ السهم في نحره، وراحت ضرباتُ الرِّماح والسيوف تمطرُ جسدَ الحسين (عليه السلام) حتّى لم يستطع مقاومة الألم والنزف وقد استحالت صفحاتُ جسدِهِ الطّاهرِ كتاباً قد خَطّتْ عليه الجِراحُ والآلامُ بمدادِ الدم أروعَ ملاحِمِ التاريخ، وكَتَبَتْ أقدسَ مواقف البطولة والشرف، فكان الجُرح في جسده أروع حرف يُكتب في سطر الخلود.
قُرِئَت تلك الحروف الجِراح فكانت سبعاً وستّين حرفاً، تروي بصمتها الناطق قصّةَ الكفاح والجهاد، وتُدَوِّن بعمقها المتأصّل فُصولَ الأسى والظّليمة.
عانقَ الحسينُ (عليه السلام) صعيدَ الطّفوف، واسترسلَ جسدُهُ الطّاهرُ ممتـدّاً على بِطاح كربلاء لينتصبَ مِن حوله مشعلُ الحرِّيّة والكفاح، ويجري من شريان عنقِهِ شلاّلُ الدم المقدّس.
إلاّ أنّ روح الحقد والوحشية الّتي ملأت جوانحَ الجُناة لم تكتف بذلك الصّنيع، ولم تستفرغ أحقادَها في حدودِ هذا الموقف، بل راحَ شمر بن ذي الجوشن يحملُ سيفَ الجريمة والوحشية ويتّجه نحو الحسين (عليه السلام) ليقطعَ غُصناً من شجرةِ النبوّة، وليثكُلَ الزّهراء بأعزِّ أبنائها. لِيَفصلَ الرّأسَ عن جسدِهِ ويحملَهُ هديّةً للطّغاة، الرّأسَ الّذي طالما سجد مُخلِصاً لله، وحَملَ اللِّسانَ الّذي ما فتئ يُردِّد ذكر الله، وينادي:
(لا أُعطِيكُم بِيَدِي إعطاءَ الذَّليلِ، وَلا اُقِرُّ إقرارَ العَبيدِ).

الرّأسَ الّذي حَملَ العِزّ َوالإباءَ، ورفضَ أنْ ينحنيَ للطُّغاةِ، أو يُطأطِئَ جبهتَهُ للظّالمين. فأكبّ الحسينُ (عليه السلام) على وجهِهِ، وراحَ يَحْتزُّ رأسَ الشّرفِ والإباءِ ويحول بينه وبين الجسد الطّاهر.
وهكذا وقعتِ الجريمةُ، وولغَ القَتَلَةُ بدمِ الحسين (عليه السلام) والصّفوةِ الأبرارِ مِن أصحابهِ الميامين، وحُملَ الرّأسُ لينتصبَ وساماً خالداً، وشعاراً مجيداً على رأس رمح يَجُوبُ أرضَ الكوفةِ والشّامِ، ليعودَ مِن جديد فيستقِرَّ في كربلاء، إلى جوار الجسدِ الشّهيد.



• (4) - كتب : ابن خلدون من : سوريا ، بعنوان : كونوا زينا لنا ولا تكونوا شينا علينا في 2010/12/17 .

لقد جعل أهل البيت (عليهم السلام) القرآن مقياساً لمعرفة الأحاديث الصحيحة من المكذوبة.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (إذا جاءكم عني حديث فاعرضوه على كتاب الله، فما وافقه فاقبلوه وما خالفه فاضربوا به عرض الحائط).[مقدمة تفسير مجمع البيان ج 1 ص13].
ومن قول الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) ... فكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف.[صحيح الكافي: البهبودي ج 1 ص 11].

فمقالتك حسب قول سيدنا جعفر هي زخرف ونرجو من كاتب المقال ان يعطينا سند الروايات حتى نمحصها ونعرف رجالها لانه لاينبغي للمسلم ان يكذب عليهم ويحدث باحاديث باطلة عنهم
وما اشبه هذا الزمان بزمان جعفر حسب مارواه ابو عمرو الكشي
قال أبو عمرو الكشّى: قال يحيى بن عبد الحميد الحماني فيكتابه المؤلّف في إثبات إمامة أمير المؤمنين عليه السلام: قلت لشريك: إن ّأقواماً يزعمون أنّ جعفر بن محمد ضعيف في الحديث!! فقال: أخبرك القصّة: كان جعفر بن محمد رجلاً صالحاً مسلماً ورعاً، فاكتنفه قوم جهّال يدخلون عليه،ويخرجون من عنده، ويقولون: حدّثنا جعفر بن محمد، ويحدّثون بأحاديث كلّها منكرات كذب موضوعة على جعفر، يستأكلون الناس بذلك، ويأخذون منهم الدراهم، فكانوا يأتون من ذلك بكلّ منكر، وسمعت العوام بذلك منهم، فمنهم من هلك ومنهم من أنكر، وهؤلاءمثل المفضّل بن عمر، وبنان، وعمرو النبطي وغيرهم، ذكروا أنّ جعفراً حدّثهم أنّ معرفة الامام تكفي من الصوم والصلاة، وحدّثهم عن أبيه عن جدّه، وأنه حدّثهم قبل يوم القيامة، وأنّ عليّاً عليه السلام في السحاب يطير مع الريح، وأنه كان يتكلّم بعد الموت، وأنه كان يتحرّك على المغتسل، وأنّ إله السماء وإله الارض الامام، فجعلوا للّه شريكاً، جهّال، ضلاّل، واللّه ما قال جعفر شيئاً من هذاقطّ، كان جعفر أتقى للّه، وأورع من ذلك، فسمع الناس ذلك فضعفوه ، ولو رأيت جعفراً لعلمت أنه واحد الناس). رجال الكشي: ص 208-209، بحار الأنوار: 25/302-303 ,
لقد اولعتم بالكذب على ال بيت النبوه اعتقادا منكم انه انتصارا لهم
أورد المجلسي في البحارحيث قال: "اشتكى الفيضُ بن المختار إلى أبي عبدالله قال: "جعلني الله فداك، ما هذا الاختلاف الذي بين شيعتكم؟ فقال: وأيُّ اختلاف؟ فقال: إني لأجلس في حَلَقِهم بالكوفة، فأكاد أشك في اختلافهم في حديثهم، فقال أبو عبدالله: أَجَل، هو ما ذكرت؛ إن النَّاس أولعوا بالكذب علينا، وإنِّي لأحدث أحدَهم بالحديث، فلا يخرج من عندي حتَّى يتأوَّلُوه على غير تأويله، وذلك أنهم لا يطلبون بحديثنا وحُبِّنا ما عند الله، وإنَّما يطلبون الدُّنيا، وكلٌّ يحب أن يُدعى رأسًا" رجال الكشي ، ص: 135 - 136)، بحار الأنوار (2/246





  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=1874
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 12 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 20