الصخري
عندَما نُلاحظُ الرواياتِ الشريفة التي وردت في الشخصياتِ السلبيةِ التي ستكونُ مُعاصرةً لزمنِ الظهور، والتي سيكونُ لها أدوارٌ سلبيةٌ ضدّ حركةِ الإصلاح المهدوية، نجدُ أنّها قد استعملتْ عدّةَ أساليب للتعريفِ بها؛ وذلك لتتضحَ الصورةُ لدى المؤمنين خصوصًا والناس عمومًا، ومن ثَمّ ليحذر المؤمنون من تلك الشخصيات، وما يقومون به من حركاتٍ سلبية، فيأخذوا حذرَهم منهم، وليقفوا ضدَّ تحرُّكاتِهم ومُحاولاتِهم القضاءَ على المؤمنين وعلى حركةِ الإصلاح والعدالة المهدوية، هذا من جانب.
ومن جانبٍ آخر؛ لتكونَ حُجّةً على من يتبعُ تلك الشخصيّاتِ السلبية، ولا يبقى لمُعتذرٍ عذرٌ في عدم اتباعه الحقَّ.
ومن تلك الشخصياتِ التي تعدّدتْ أساليبُ التعريفِ بها هي شخصية (السُفياني) الذي يُعَدُّ من أقوى المناوئين للإمام المهدي، والذي سيعملُ بطريقةٍ وبأخرى على الوقوفِ ضدّه.
فنجد الرواياتِ الشريفةَ قد عرّفته مرةً باسمِه الشخصي، فقالت: إنَّ اسمَه (عثمان بن عنبسة)، ومرةً حدّدتْ مكانَ بدايةِ تحرُّكه، فقالت: إنَّ خروجَه سيكونُ من الوادي اليابس، ومرّةً عرّفته بلقبه (السُفياني)؛ لتوضحَ نسبته إلى عدوِّ أهلِ البيت: أبي سفيان بن حرب.
وغيرها من أساليب التعريف.
رويَ عن أمير المؤمنين: «يَخْرُجُ ابْنُ آكِلَةِ الْأَكْبَادِ مِنَ الْوَادِي الْيَابِسِ، وَهُوَ رَجُلٌ رَبْعَةٌ، وَحْشُ الْوَجْهِ ، ضَخْمُ الْهَامَةِ، بِوَجْهِهِ أَثَرُ جُدَرِيٍّ، إِذَا رَأَيْتَهُ حَسِبْتَهُ أَعْوَرَ، اسْمُهُ عُثْمَانُ وَأَبُوهُ عَنْبَسَةُ، وَهُوَ مِنْ وُلْدِ أَبِي سُفْيَانَ، حَتَّىٰ يَأْتِيَ أَرْضاً ذَاتَ قَرَارٍ وَمَعِينٍ ، فَيَسْتَوِيَ عَلَىٰ مِنْبَرِهَا».
ومن ذلك أنَّ بعضَ الرواياتِ الشريفةِ أطلقتْ عليه لقبَ (الصخري) في تعريفٍ آخر له بأنّه يرجعُ في نسبه إلى (صخر بن حرب) وهو الاسم الحقيقي لأبي سفيان.
فقد جاء في رواية عامية طويلة عن أرطأة –وهي بذلك ضعيفة السند ولم ترو عن معصوم-: ...ويخرجُ رجلٌ من ولدِ صخر في ضعفٍ فيلقى جيوش المغرب...، وفرقة تلحقُ بالصخري فيسيرُ إلى بقيةِ جموعِهم حتى يأتي ثنية فتق فيلتقون عليها فيدال عليهم الصخري...، وينحازون إلى الصخري فيدخل دمشق فيمثل بها...
فمن الواضحِ من الرواياتِ أنَّ هذه الأحداثَ والتحرُّكاتِ هي للسفياني لا غير، فيكون الصخري هو السفياني نفسه.
وفي الحقيقة، أنَّ تعدُّدَ أساليبِ التعريف به، في الوقتِ الذي يُشيرُ إلى خطورةِ أمره تجاهَ الشيعة عمومًا، هو يدعو المؤمنين إلى أخذِ الحيطةِ والحذر منه، وإلى ضرورةِ الوقوف يدًا واحدةً ضدّ تحرُّكاتِه وتوسُّعاتِه الطامعةِ في جعلِ الحكم سفيانيًا صخريًا أمويًا.
وفي إشارةٍ إلى وحدةِ العمودِ الفقري لموقفِ السفياني من أهلِ البيت، والذي يرجعُ إلى أبي سفيان أصل النفاق، روي عن أبي عبد الله أنّه قال:
«إنّا وآل أبي سفيان أهلُ بيتين تعادينا في الله، قُلنا: صدقَ الله وقالوا: كذبَ الله. قاتلَ أبو سفيان رسولَ الله، وقاتلَ معاوية علي بن أبي طالب. وقاتلَ يزيدُ بن معاوية الحسينَ بن علي، والسفياني يُقاتلُ القائمَ» .
|