• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : اراء لكتابها .
                    • الموضوع : الايمان هو الفطرة .
                          • الكاتب : صفاء ابراهيم .

الايمان هو الفطرة

 صفاء ابراهيم


ahleen65@yahoo.com



(متى غبت حتى تحتاج الى دليل يدل عليك ومتى بعدت حتى تكون الاثار هي الموصلة اليك)



ما حفزني للكتابة في موضوع كهذا هو مقال طريف لاحد الافاضل يتحدث فيه عن فكرة النشوء بشكل يضعه امام القارىء وكأنه حقائق مسلمة مع ان مقاله هذا يخلق من الاسئلة الاعتراضية اكثر من التي يجيب عليها


يقول الكاتب انه وبعد وجود المادة الاولى التي نشأ منها الكون(ولم يذكر لنا كيف وجدت) فقد حدثت في فترة ما طفرتان هما طفرة الحياة وطفرة العقل , طفرة الحياة هي  الصدفة التي جمعت المادة الاولية  التي تتكون منها الخلية الحية بنسبها المطلوبة وبالشروط الطبيعية اللازم توفرها للنشوء وطفرة العقل وهي حدوث امر ما جعل هذه الخلية وربما مجموعة الخلايا التي تكون جسما ما, جعلها تنال القوة المعنوية التي تسمى العقل ويستطرد الكاتب ويشرح كيف ان تاخر طفرة العقل ينتج عنه العته وان اي خلل في طفرة  الحياة ينتج عنه الاعاقه


والغريب من الكاتب الذي اراد ان يجيب على سؤال افتراضي هو كيف بدأت الحياة على كوكبنا؟ الغريب انه فتح على نفسه جبهة من الاسئلة التى  لا حصر لها ولا جواب لديه او لدى غيره عليها


السؤال الاول ان طفرة الحياة كما يسميها نشأت عن المادة الاولى فمن خلق هذه المادة؟ ثم اليست الخلية الحية اصعب تركيبا من موادها الاولية التي يزخر بها الكون؟ فكيف استطاعت الصدفة التي اسماها الكاتب بالطفرة ان تخلق خلية حية في حين عجزت عن خلق بضعة عناصر اولية بسيطة تتكون منها  هذه الخلية؟ وما هو العامل الخارجي الذي كان لابد من حدوثة لتتحقق هذه الطفرة في الوقت الذي حدثت فيه وليس في وقت اخر لان العقلاء متفقون انه لايحرك الساكن الا متحرك ولا يغير الثابت الا متغير فلو وضعنا قلما على منضده وعدنا بعد الف سنه لوجدنا القلم مكانه الا اذا اكلت الارضه خشب المنضدة فانهارت وسقط القلم عنها او هبت ريحا فحركته او اخذه شخص ما او ان هزة ارضية اسقطته من مكانه وسواها من الامور التي لا حصر لها  فما هو هذا المتحرك الذي جعل تلك الطفرة ممكنه؟ وما هوذلك المتغير؟ ومن اعطاه هذه الصفة المؤثرة في الاجسام؟


ولم يخبرنا الكاتب عن الطفرة الثانية التي ولا شك ليست طفرة مادية لان العقل عبارة عن ذاكرة لخزن التجارب السابقة وقابلية على استحضارها والتعلم منها أو الاستفادة منها في استنباط طرق بديلة لحل مشكلة ما وبالتالي لا دخل للمادة في ادائه لوظائفه المعروفه وبعبارة اخرى يجب ان تكون الطفرة هنا  معنوية وليست ماديه وفي هذا الوضع يكون السؤال عنها اصعب من سابقه واذا كان لنا طرحه فنقول اية قوة مؤثرة جعلت بالامكان تحقق هذه الطفرة؟ ثم اليس التلازم بين الطفرتين ضروريا؟ اليس تخلف طفرة العقل عن طفرة المادة ينتج اجيالا من المعتوهين وناقصي العقول ؟وحتى على صعيد الحيوان ينتج مخلوقات غبية وغير قادرة على التكيف؟ وبالتالي فان تكاثر الاحياء يؤدي الى ان تمتلاء الارض بالبشر المعتوهين والمجانين والحيوانات الغبية التي لا تهتدي لغذاءها ولا لكيفية الدفاع ضد اعداءها


واذا كان تلازم هاتين الطفرتين ضروريا فما هو العامل المؤثر في تحقق هذا التلازم بالشكل الذي تحقق به؟


وهناك سؤال مهم اخر لم يتطرق الكاتب للاجابة عليه هو كيفية تفسير هذا التخصص في وظائف الاعضاء في نفس الكائن و لماذا هذا التباين بين الكائنات المختلفه ؟ فالمفروض ان الطفرة واحده ونشأت عنها خلية حية واحده كانت هي الخلية الام للاعداد اللامنتهيه من الخلايا التي كونت اجسام الكائنات الحيه فمثلا كيف كانت الحية نباتية وحيوانية ؟ ولماذا نشأ من خلية معينة اسد يملأ الغابة بزئيره ونشأ منها ايضا فار صغير لاحول ولا قوة له وفيل له قوي خرطوم طويل وافعى تنساب خلال الجحور  ووبلبل جميل مغرد بصوته العذب ونحلة تقضي جل نهارها في جمع رحيق الازهار وحيتان تجوب المحيطات وبكتريا وفايروسات لانراها بالعين بل ان في كل كائن مئات الاجهزة المختلفة وبناءا على ما ذكره الكاتب وانسجاما مع نظريته فان كل كائن يحتاج الى مئات الطفرات لتتكون اجهزته المتباينه لا طفرة واحده فقط بالحقيقة هي اسئلة قديمة قدم الحياة نفسها وهي متعبه ومرهقة وليس  لهااجابة الا بالايمان؟ الايمان بوجود خالق عظيم , خالق قوي, مقتدر ,مدرك , يتصف بالكمال,وليس لعلمه حدود


لايمكن الاجابة على اسئلة تتعلق بالنشوء الا بالايمان بخالق النشوء , فبالتاكيد ان الاعتقاد بان للحياة المتنوعه من بشر وحيوان ونبات والوان وطعوم واشكال واحجام وهذاالنظام الكوني العجيب بما فيه من مجرات وشموس وكواكب واقمارخالقا مبدعا هو اقرب للعقل من الاعتقاد بان كل ذلك هو وليد طفرة لا يعلم متى حدثت؟ او سبب حدوثها ؟ولماذا؟, ومن المؤكد ان تصور صدور كل هذا النظام الذي يحكم الكون من منظم عاقل اسهل من من تصور حدوثه بسبب صدفة لا عقل لها


وما يؤكد هذا ان الايمان هو الفطره ان الانسان القديم كان يعتقد دوما بوجود خالق للكون الفسيح هذا , رغم اختلافه الكبير في ماهية هذا الاله او كيفية عبادته فكل الحضارات السابقة وحسبما اثبتت الحفريات والنصوص الواصلة الينا كانت تؤمن بفكرة الاله , وحتى الالهة التي كان يعبدها البابليون والمصريون القدماء والفرس والرومان كلها كانت تجسيدا لفكرة ان الايمان هو الفطرة التي خلق الله الناس عليها , نعم اختلفت تسميات الاله وتعددت وسائل التقرب منه وتنوعت عباداته وطقوسها ومرسيمها وتنوعت الرموز والاشارات التي يرمز اليه بها لكن فكرة ان لكل هذه المخلوقات خالقا كانت هي اصل كل هذاالبناء بل ان حتى عبدة الاوثان ماكانوا يعبدونها لانها اوثان بل يعتقدون انها ترمز للاله  وتقربهم منه


اذن الايمان هو فطرة الخالق العظيم  الذي فطر الناس عليها عندما(دل على ذاته بذاته وتنزه عن مجانسة مخلوقاته)



 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=191
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2010 / 07 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28