• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : آيةٌ ، وهِدايةٌ: .
                          • الكاتب : د . علي عبدالفتاح الحاج فرهود .

آيةٌ ، وهِدايةٌ:

قال اللٰهُ تعالى: ﴿وَإِن مِن أَهلِ الكِتابِ إِلّا لَيُؤمِنَنَّ بِهِ قَبلَ مَوتِهِ وَيَومَ القِيامَةِ يَكونُ عَلَيهِم شَهيدًا﴾ [النساء/١٥٩]. هذه الآيةُ تختصُّ بنبيِّ اللٰهِ عيسى (عليهِ السلامُ) ، وهي واضحةٌ وضوحَ الشمسِ بأَنَّ من العارفين من (اليهودِ ، والنصارَى) الذين سيكونُون في المستقبل سيؤمنُون بعيسى (عليهِ السلامُ) عبدًا للٰهِ ، ورسولًا كان في زمنِ بعثتِه قبلَ الإِسلامِ ، (لا كاذبًا ، وليس ابنًا للهِ ، ولم تتجَلَّ فيه الربوبيةُ) كما اعتقد به كذلك (أَهلُ الكتابِ) مذ وُجِد حتى (نزولِه) في آخرِ الزمانِ. والدليلُ هو كلمةُ (قبلَ موتِه) أَي أَنه سيموتُ. ونحن المسلمين ، واليهودَ (مفتعِلي القتلِ صَلبًا) ، والنصارَى نؤمنُ بأَنه حيٌّ يُرزَقُ ، وأَنَّه لم يمُتْ بعدُ ؛ فما معنى (لَيُؤمِنَنَّ به) ، و(قبلَ موتِه) ؟ بدليلِ قولِه تعالى: ﴿وقَولِهِم إِنَّا قَتَلنَا المَسيحَ عيسَى ابنَ مريمَ رسولَ اللٰهِ وما قَتَلوهُ وما صَلَبوهُ ولكِن شُبِّهَ لهُم وإِنَّ الَّذينَ اختَلَفُوا فيهِ لَفي شَكٍّ مِنهُ ما لَهُم بهِ مِن عِلمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ وما قَتَلوهُ يَقينًا﴾ [النساء/١٥٧]. المعنى أَنَّه سيُظْهَرُ عَلَنًا لقضيةٍ كونيةٍ حاسمةٍ على الأَرضِ. وظهورُه هذا لا يعني عودةَ المسيحيةِ دينًا للأَرضِ وللعالَمين ؛ فالدِّينُ الخاتِمُ الحاسمُ اللازمُ هو (الإِسلامُ المحمديُّ) بدليلِ قولِه تعالى: ﴿ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِن رِجالِكُم وَلكِن رَّسولَ اللٰهِ وخاتَمَ النَّبِيّينَ وكانَ اللٰهُ بكُلِّ شيءٍ عَليمًا﴾ [الأحزاب/٤٠]. إِذًا سيظهَرُ روحُ اللٰهِ عيسى بنُ مريمَ (عليهِ السلامُ) وهو تابعٌ لشريعةِ الرسولِ الأَحمدِ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه) الذي بشَّر هو به بتوثيقِ قولِه تعالى: ﴿وإِذ قالَ عيسَى ابنُ مريمَ يا بَني إِسرائيلَ إِنِّي رسولُ اللٰهِ إِليكُم مُصَدِّقًا لِما بَينَ يَدَيَّ مِنَ التوراةِ ومُبشِّرًا برسولٍ يأتي مِن بَعدِي اسمُهُ أَحمَدُ فلَمَّا جاءَهُم بالبيِّناتِ قالُوا هذا سِحرٌ مُّبينٌ﴾ [الصف/٦] ، عاملٌ بها ؛ ليكونَ حجةً على (أَهلِ الكتابِ) أَنفُسِهم ؛ فيؤمِنوا به ، ويتعايشُوا معه ، ويُذعنُوا لتوجيهاتِه (قبل موتِه) الفعليِّ بأَمرِ اللٰهِ تعالى ، لا الصُّوريِّ ﴿ وَما قَتَلوهُ وَما صَلَبوهُ وَلكِن شُبِّهَ لَهُم﴾ [النساء/١٥٧] الذي خَدَعوا وخُدِعُوا هُم به. فمَنِ الذي سيكونُ قائدًا بظهورِ النبيِّ عيسى (عليهِ السلامُ) وهو في أُمةِ الرسولِ الأَحمدِ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه) والقرآنُ هو الكتابُ ، والإِسلامُ المحمديُّ هو الشِّرعةُ أَيكونُ هو نفسُه قائدًا وقدِ انتهت مهمتُه الرساليةُ بظهورِ مَن بشَّر هو به ، أَم يكونُ القائدُ امتدادَ بشارتِه ، ووصيَّ بشيرِه الخاتِمِ عِدْلِ القرآنِ ، وحامي الشريعةِ ؟ نعم ؛ إِنَّه الإِمامُ محمدُ بنُ الحسنِ المنتظَرُ الموعودُ (عليهِ السلامُ) الذي غيَّبه اللٰهُ تعالى لحكمةٍ كما غيَّب أَهلَ الكهفِ إِماتةً ثم إِحياءً بعد (ثلاثمئةٍ وتسعِ سنين) لحكمةٍ ، وكما أَماتَ عُزيرًا (عليهِ السلامُ) مئةَ عامٍ ومعه حِمارُه ثم بعثهُما لحكمةٍ ، وكما رفع عيسى (عليهِ السلامُ) إِليه حيًّا وأَرجأ نزولَه إِلى زمنٍ وتحديدِ وقتٍ لا يعلمُه إِلَّا هو لحكمةٍ أَيضًا ، وكما جعَل العبدَ الصالحَ (عليهِ السلامُ) قائدًا ذا خُبْرٍ لا يفعلُ شيئًا عن أَمرِه الشخصيِّ ؛ فتبِعه النبيُّ ذو العزمِ كليمُ اللٰهِ موسى (عليهِ السلامُ) لِحِكمةٍ إِلٰهيةٍ قطعًا. الإِمامُ المنتظَرُ (غَيبٌ ، وشهادةٌ) والدعوةُ عامَّةٌ لمَن يُريدُ التشكيكَ ، والتحرِّي ، والتوثُّقَ فالإِيمانَ. أَمَّا الذي يؤمنُ فله التوفيقُ ، وأَمَّا الذي لا يُؤمن ؛ فله قولُه تعالى: ﴿لا إِكراهَ فِي الدّينِ قَد تَّـبَيَّنَ الرُّشدُ مِنَ الغَيِّ﴾ [البقرة/٢٥٦] ، وقولُه تعالى: ﴿وَلَقَد ضَرَبنا لِلنّاسِ في هذَا القُرآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِن جِئتَهُم بِآيَةٍ لَيَقولَنَّ الَّذينَ كَفَروا إِن أَنتُم إِلّا مُبطِلونَ﴾ [الروم/٥٨].




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=191389
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2024 / 02 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 5