• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : غديريات / ٤ نقد الذات .
                          • الكاتب : يحيى غالي ياسين .

غديريات / ٤ نقد الذات

مراقبة ورصد الأخطاء وتصحيحها ، سواء كانت أخطاء على مستوى الفكرة أو التطبيق ، وسواء كانت تشمل الفرد أو الجماعة أو المؤسسة .. من الأهمية البالغة بمكان لتطوير النفس وتسريع الوصول للأهداف المرحلية أو التي تمثل الغاية والنتيجة النهائية ..

ممارسة أسلوب نقد الذات هذا في المؤسسات ذات الأفراد الكثيرة والمهام المتشعبة ومستويات المسؤولية المختلفة أهمّ وأعظم من نقد الذات الفردي ، ونتائجه تكون سريعة وملموسة إذا ما تمّ بطريقة سليمة ومُحكمة . فالمؤسسات أحوج من غيرها لهذا الأمر ، لأن المؤسسة عبارة عن مجتمع مصغّر ، فيه العامل والخامل ، وفيه حب الأنا والحسد وفيه من يقدّم المصلحة الخاصة على العامّة .. الخ .

ثم أن أخلاق الفرد قد تتبدل بأخلاق المؤسسة التي يعمل بها ، فتتبدل الأخلاق والمبادىء الدينية الى أخلاق ومبادىء حزبية مثلاً ، وقد تتحول الأخلاق والأعراف الاجتماعية الى استعلائية وتسلطية يكسبها الفرد من مؤسسة الدولة ذات الطابع العسكري أو القضائي أو الإداري .. فتراه بعد فترة شخصاً آخراً قد استهلكه مكان عمله وأفرغته من محتواه الشخصي الى محتوى آخر تحكمه شعارات وإتفاقات وبروتوكولات لو خلي ونفسه لاستوحشها ونفرها ..

ونقد الذات منهج إسلامي أصيل ، استعمله القرآن الكريم وأرسى قواعده رسول الله صلى الله عليه وآله ، قولاً وفعلا .. فيخاطب القرآن الكريم المؤمنين ويضع نقاط الخلل فيهم أمام أعينهم ، قال تعالى ( يا أيّها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ) ، ( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون ) ، وعن رسول الله ص وآله : ( المؤمن مرآة لأخيه المؤمن ، ينصحه إذا غاب عنه ، ويميط عنه ما يكره إذا شهد ) .

وكان أمير المؤمنين عليه السلام من أكثر القادة والرؤساء والخلفاء الذين عرفهم التاريخ الإسلامي ممارسةً للنقد الذاتي ، في نفسه - وهو المعصوم من الخطأ - وفي معيّته والذين يعملون تحت لوائه .. فكتبه وكلماته وخطبه ومواعظه مملوءة بذلك .. فنراه عليه السلام يقول : ( لا تخالطوني بالمصانعة ، ولا تظنوا بي استثقالاً في حق قيل لي ولا التماس إعظام لنفسي ، فإنه من استثقل الحق أن يقال له أو العدل أن يعرض عليه كان العمل بهما أثقل عليه ، فلا تكفوا عن مقالة بحق أو مشورة بعدل ، فإني لست في نفسي بفوق أن أخطئ ، ولا آمن ذلك من فعلي إلا أن يكفي الله من نفسي ما هو أملك به مني ، فإنما أنا وأنتم عبيد مملوكون لرب لا رب غيره ) ، في إشارة منه لاستقبال النقد ..
ويمارس ذلك بنفسه مع معيّته والأجهزة العاملة ضمن خلافته ، فينتقد بعض عمّاله ( أَمَّا بعدُ ، فقد بلغَني عنكَ أَمرٌ ، إِنْ كُنْتَ فعلتهُ فقد أَسخَطتَ ربَّكَ ، وَعَصَيْتَ إِمَامَكَ ، وأَخزيت أَمانتك ) ويوصي جيشه ( ولا تُجْهِزُوا عَلَى جريح ، ولاَ تَهِيجُوا النِّسَاءَ بِأَذىً ، وَإِنْ شَتَمْنَ أَعْرَاضَكُمْ ، وَسَبَبْنَ أُمراءَكُمْ ، فَإِنَّهُنَّ ضَعِيفَاتُ الْقُوَى وَالاَْنْفُسِ وَالْعُقُول ، إِنْ كُنَّا لَنُؤْمَرُ بِالْكَفِّ عَنْهُنَّ وَإِنَّهُنَّ لَمُشْرِكَاتٌ ) ، وينزل الى الأسواق ويوجه تجارها وقصّابيها وباعتها بكلمات خلدتها المنقولات التاريخية نتركها اختصارا ..




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=194367
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2024 / 06 / 23
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 5