مقدمة:
لابد من الإشارة إننا في هذه المقالات ليس الغرض منها أضافة شيء جديد بخصوص المناقب والفضائل الخاصة بالإمام علي «عليه السلام» أو نأتي بقراءة جديدة لها، وإنما الغرض منها هو ذكر وتوضيح وأثبات تلك المناقب والفضائل ورفع بعض الشبهات عنها وكذلك رد من يحاول تفريغ تلك المناقب من خصوصيتها ومضمونها، وذلك بالاستعانة بمختلف المصادر والنقل عنها.
ومن المعلوم ان ألقاب وفضائل أمير المؤمنين علي «عليه السلام» بلغت من الكثرة والشهرة حداً لم يتمكن أعدى أعدائه من إنكارها، رغم كل الجهود التي بذلت في ذلك.
· قال الخليل بن أحمد الفراهيدي وقد سُئل عن الإمام علي «عليه السلام»: ((ماذا أقول في رجل أخفى أعداؤه فضائله حسداً، وأخفاها محبوه خوفاً، وظهر من بين ذين وذين ما ملأ الخافقين)).(1)
· وقال احمد بن حنبل عن الإمام علي «عليه السلام»: ((لم يرد في حق أحد من الصحابة بالأسانيد الحسان ما جاء في علي)).(2)
ونتيجة لعدم إمكانية إخفاء هذه الفضائل حاولوا أن يتقاسموها، وينحلوها الى الآخرين، حتى لا تكون خصوصية للإمام علي «عليه السلام»، وهذا دليل على أن كل فضيلة لوحدها تمثل مقاماً رفيعاً، ورغم كل هذه المحاولات بقي الإمام علي «عليه السلام» صاحب الخصوصيات التي لم يشاركه فيها أحد، وقد تكلمنا في مقالات سابقة عن:
1. لقب «أمير المؤمنين»
2. لقب «قائد الغر المحجلين».
3. لقب «يعسوب الدين».
4. لقب «أبو تراب».
5. لقب «إمام المتقين».
6. منقبة «وليد الكعبة».
7. لقب ومنقبة وصفه بـــ«السيد».
8. منقبة «قسيم الجنة والنار».
9. منقبة «أول من أسلم».
10. لقب «الصديق».
11. لقب «الفاروق».
12. لقب «سيف الله المسلول».
13. لقب «ساقي الحوض».
14. لقب «ذي النورين».
15. لقب «باب مدينة العلم».
16. لقب «صاحب بيعة الغدير».
17. لقب «حامل لواء الحمد».
18. منقبة «علي مع الحق والحق مع علي».
19. منقبة «ان حب الإمام علي إيمان وبغضه نفاق».
20. لقب «سيد الثقلين»:
21. منقبة «إن الإمام علي بمنزلة الكعبة يؤتى ولا يأتي».
22. منقبة «المبيت على فراش النبي ليلة الهجرة».
23. منقبة «هجرة أمير المؤمنين علانية».
24. منقبة «حديث المؤاخاة».
25. منقبة «حديث الراية».
26. منقبة أنه «قاتل المشركين».
27. منقبة «رجحان ايمان الإمام علي على السموات السبع»
28. منقبة «حديث المنزلة».
29. منقبة «تشبيه الإمام علي بالانبياء».
30. لقب وصف الإمام علي بــ«تاج البكائين».
31. الإمام علي «عليه السلام» في القرآن.
واليوم نتكلم عن آية التطهير:
تمهيد:
آية التطهير، هي قوله تعالى:
(... إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً)(3)
وهذه الآية المباركة كما هو معلوم اختصت بأصحاب الكساء، والمعنيون هم أهل البيت «عليهم السلام»، أي أن شأن نزول الآية الكريمة هم النبي الأكرم وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين «عليهم السلام»، وسائر الأئمة «عليهم السلام» مشمولون بخصائص تلك الآية، فالإرادة التكوينية الأزلية للمولى جل شأنه قضت بأن يكون هنالك فاصل أبدي بين الأرجاس وأهل بيت النبوة فطهرهم من الرجس ومن أي دنس، وحكمت إرادته تعالى لهم بالمزيد من النزاهة والطهارة، إذ أنهم يتمتعون بروح عالية عظيمة تنأى بهم عن ارتكاب القبائح والمكروهات وترك الأولى.
هوية الآية:
- اسم السورة: الأحزاب
- ترتيب السورة: 33
- عدد آيات السورة: 73
- رقم آية التطهير: 33 وهي قوله تعالى:
(وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا).
في رحاب آية التطهير:
لابد لنا من المرور على معاني مفردات الآية لفهم معناها حيث تتكون آية التطهير من مجموعة من المفردات، وهي:
- «إنما»:
لفظة مركبة في الأصل من حرفين «إن» التي تفيد معنى الإثبات، و«ما» الكافة، ومع الجمع بين الحرفين تصير «إنما» التي هي أداة تفيد معنى الحصر والقصر(4) أي حصر أمر بأمر آخر على وجه التخصيص به، فالتأكيد إذا ما أعقبه نفي يدل على معنى الحصر على قول المشهور، وعملها في الآية هو حصر إرادة المولى تعالى في إذهاب الرجس وتطهير أهل البيت «عليهم السلام» تطهيراً.(5)
- «يريد»:
وفيها جملة من المسائل:
· المسألة الأولى: إن القرن الحاصل بين لفظة «يريد» مع لفظة الجلالة «الله»، يدل على كون الإرادة الواردة في الآية والمتعلقة بتطهير أهل البيت «عليهم السلام» وإذهاب الرجس عنهم، هي الإرادة الإلهية، التي هي صفة من صفاته تعالى.
· المسألة الثانية: وبما أن الإرادة الواردة في آية التطهير هي إرادة إلهية، ففي تعلقها بالموجودات المادية أو المعنوية تكون على نحوين: (6)
- إما أن تكون في تعلقها بالشيء على نحو إيجاده الحتمي فتسمى حينئذ «إرادة تكوينية» والتعلق بهذا النحو لا يمكن أن يتأخر فيه الشيء المراد عن إرادة المولى تعالى، وبالتالي فوجود الشيء المراد تحققه حتمي لا محالة، وهذا المعنى من الإرادة نلاحظه في الأمور الإيجادية أو الإعدامية أي إيجاد الشيء أو إعدامه، وهذا ما يدل عليه قوله تعالى: (إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون)(7)، الذي وقع بعد جملة من الآيات التي تتحدث عن الخلق والإيجاد.(8)
- وإما أن تكون في تعلقها بالشيء على نحو التنظيم والتشريع والتقنين، فتسمى عند ذلك «إرادة تشريعية»، وهذا النحو من التعلق يمكن أن يتأخر فيه المراد عن إرادة المولى تعالى لأنه يفيد معنى التخيير لا أكثر، أي أن إرادة المولى تعالى تتعلق بالشيء الذي فيه مصلحة فيوجب القيام به أو تتعلق بما فيه المفسدة فينهى العبد عن ارتكابه، ثم يترك للعبد الخيار أيهما يختار، والإرادة بهذا النحو تكون في المسائل التشريعية والتنظيمية لا المسائل التي فيها خلق وإيجاد أو إعدام، وهذا نجده في قوله تعالى: (ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون)(9)، الذي وقع كتعليل من المولى تعالى على تشريعه لجملة من الأحكام الشرعية التي ذكرها قبل هذا القول.
· المسألة الثالثة: أن الظاهر من الآية هو كون الإرادة الواردة، هي الإرادة بالنحو الأول، أي الإرادة التكوينية لا التشريعية، ولهذا القول قرائن عديدة من نفس آية التطهير منها:
العناية الخاصة التي أولاها المولى تعالى بأهل البيت «عليهم السلام» في هذه الآية الكريمة، وهذه العناية يكشفها الآتي:
- بالعودة للآية يلاحظ أن المولى تعالى قد ابتدأ الآية بأداة الحصر، التي تحصر إرادته بإذهاب الرجس وتطهير أهل البيت «عليهم السلام»، فلو كانت إرادته تشريعية لما كان للحصر معنى.
- أنه تعالى وضح وعين الجهة التي تعلقت بها إرادته، وهم «أهل البيت» «عليهم السلام»، فكان يمكن أن لا يذكرهم في الآية بدون أن يقع أي خلل في سياقها، فيقول «إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس ويطهركم تطهيرا»، وعليه فذكرهم بنحو الإختصاص يكشف بوضوح على العناية الخاصة بهم، التأكيد لعملية التطهير، ففعل «يطهركم» جاء ليؤكد أكثر عملية التطهير، فالمولى تعالى كان يمكن أن يستغنى عن التأكيد فتكون العبارة «إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت»، وبدون أن يختل سياق العبارة، وعليه فهذا التأكيد الحاصل في الآية كاشف عن الإرادة الخاصة والعناية الزائدة.
- أنه تعالى نكر مصدر «تطهيرا»، ليدلل على الإكبار والتعظيم، فيكون المعنى «يطهركم تطهيراً عظيماً».
وعليه فالحصر لإرادته، وتعيين الأفراد المتعلق بهم التطهير وإذهاب الرجس، وتأكيد إذهاب الرجس والتطهير، وتنكير لفظة «تطهيرا» للدلالة على التعظيم، لهي قرائن لفظية تكشف عن العناية الزائدة والإرادة الخاصة، وهذا كله لا ينسجم مع الإرادة التشريعية، بل هو ظاهر في أن الإرادة تكوينية.(10)
- «ليذهب»:
فعل مضارع مشتق من «الإذهاب» الذي هو بمعنى الإزالة، وعليه فمعناه في آية التطهير هو أن المولى تعالى يريد إزالة الرجس من أهل البيت «عليهم السلام».
- «عنكم»:
جار ومجرور، والمجرور ضمير متصل للجمع المذكر، ويجوز استعماله في الجمع المختلط بين الذكور والإناث، وهذا متفق عليه بين الجميع.
- «الرِّجس»:
بكسر الراء وتشديدها، لفظة لها مصاديق كثيرة، منها: العذاب، الحرام، اللعنة، الكفر...الخ،(11) ولكن يمكن القول أن لفظة «الرجس» مشترك معنوي أي أن له معنى واحد عام وهو كل ما هو مكروه ومستقذر، وهذا المعنى أي المكروه والمستقذر، له مصاديق وأفراد عدة منها الكفر والإثم والمعصية والشرك والشك...إلخ،(12) وعليه يكون معناه في آية التطهير أن المولى تعالى يريد إزالة وتنقية أهل البيت «عليهم السلام» من كل ماهو منفر عنهم أو مستقذر في نظر الشرع والعقل.
- «أهل البيت»:
المقصود بأهل البيت «عليهم السلام» في آية التطهير، هم أصحاب الكساء، وبالتحديد الرسول الأكرم «صلی الله عليه وآله» والإمام علي بن أبي طالب «عليه السلام» والسيدة فاطمة الزهراء «عليها السلام» وإبنيهما الحسن والحسين «عليهما السلام»، وقد نصت على ذلك الروايات الواردة من طرق الشيعة والسنة على حد سواء، والتي تحدد من هم أهل البيت «عليهم السلام» المقصودين في الآية الكريمة.
- «يطهركم تطهيراً»:
لفظ يفيد معنى التنقية وإزالة البواقي، والتطهير يفيد أيضاً معنى الإزالة من خلال إزالة الأسباب، وعليه فيكون معناه في آية التطهير، أن المولى تعالى يريد أن يزيل الرجس من أهل البيت «عليهم السلام» من خلال إزالة أسبابه المولدة له.
تفسير الشيعة للآية:
بناء على ما تقدم من تفسير لمفردات آية التطهير، وانسجاماً مع حديث الكساء، وباقي الأحاديث الواردة في تحديد من نزلت فيهم آية التطهير، فقد فسر علماء ومفسرو الشيعة آية التطهير كالآتي:
- «إنما يريد الله بإرادته التكوينية التي هي حتمية الوقوع والتحقق أن يزيل الرجس عنكم يا أهل الكساء الخمسة ويطهركم من المعاصي والذنوب ووساوس الشيطان وكل ماهو مستقذر شرعاً وعقلاً تطهيراً تاماً».(13)
- وذهب علماء الشيعة إلى أن آية التطهير فيها دلالة واضحة على عصمة أهل البيت «عليهم السلام»، مستندين في ذلك على إذهاب الرجس والتطهير الواردين في آية التطهير، وقالوا: ليس من المعقول أن يكون هناك فرداً طاهراً من كل ما يمكن أن يصدق عليه رجس ولا يكون معصوماً.
- وكذلك قالوا أن المقصود بأهل البيت «عليهم السلام» في الآية هم أصحاب الكساء الخمسة، «رسول الله «صلی الله عليه وآله»، وعلي، وفاطمة، والحسن والحسين «عليهم السلام»».
أدلة تفسير الشيعة:
استدل الشيعة على ما ذهبوا إليه من تفسير لآية التطهير بنوعين من الأدلة:
أ. الدليل القرآني:
والقرائن التي استند عليها علماء الشيعة في تفسيرهم لآية التطهير، هي:
1. أن أداة الحصر «إنما» تدلل على حصر إرادة المولى في إذهاب الرجس بمن يصدق عليهم «أهل البيت»، وهذا هو عمل هذه الأداة في آية التطهير.(14)
2. أن لفظة «يريد» المذكورة في الآية هي الإرادة التكوينية لا التشريعية، وذلك لأن الإرادة التشريعية متعلقة من خلال أدلة أخرى بكل مسلم، فالمولى تعالى تشريعاً طلب من المسلمين السير نحو تطهير أنفسهم، وبالتالي فلو كانت الإرادة تشريعية لتناقض ذلك مع الحصر المشار إليه في الآية بـ«إنما»، وعليه فالإرادة التكوينية هي المحصورة بأهل البيت «عليه السلام»، أما الإرادة التشريعية فهي متعلقة بعموم المسلمين.(15)
3. أن الجار والمجرور «عنكم» هو جمع مذكر، وبالتالي يكشف على أن آية التطهير، متعلقة بجمع إما مذكر فقط، أو جمع فيه مذكر ومؤنث معاً، لجواز استخدام جمع المذكر عند العرب في الجماعة المختلطة بين الذكور والإناث، وقول أنه مختص بالذكور لا دليل عليه عند أحد، ولم يقل به أحد من المسلمين، أما القول الثاني فهو الصحيح، يبقى تشخيص من هم هذه الجماعة المختلط فيها الذكور والإناث، فالروايات والأحاديث المتواترة تكشف أن الذين نزلت فيهم هذه الآية هم خمسة لا غير، وهم أصحاب الكساء الخمسة، والدليل على ذلك هي نفسها الأدلة التي وضحت من هم المقصودين في الآية بأهل البيت».(16)
4. أن لفظة «الرجس» ومن خلال إطلاقها تشمل الأرجاس الظاهرية والباطنية، غير أن المتلائم مع الإرادة التكوينية هي خصوص الأرجاس والمستقبحات الباطنية، سواء كان ذلك بنظر الشرع أو العقل أو من جهة الطبع، لوضوح أن التطهير من الأرجاس الظاهرية مقدور عليها عند كل مكلف، بل هو مكلف بها، ولا تحتاج لعناية وتدخل من المولى تعالى، وانصراف لفظ الرجس للمستقبحات الباطنية هو الظاهر من كلمات كل المفسرين، حين ذكرهم لمصاديق الرجس فقالوا: أنه الشرك، والمعاصي، والشك، والشيطان، والإثم...، كما أن إطلاق لفظ الرجس في الآية ينفي حصره بمصداق واحد، بل بإطلاقه يشمل كل مصاديق الرجس.(17)
5. أن عبارة «أهل البيت» المذكورة في آية التطهير، منصرفة لخصوص أصحاب الكساء الخمسة، وذلك بأدلة روائية متواترة، تذكر أن النبي «صلی الله عليه وآله» وفي عديد المناسبات، وضح وأكد على أن أهل بيته المقصودين بآية التطهير هم علي وفاطمة والحسن والحسين،(18) لا غيرهم، منها:
- حديث الكساء: الذي يكشف على أن الآية نزلت في أصحاب الكساء الخمسة لا غير، وروى هذه الرواية زوجات النبي «صلی الله عليه وآله وسلم» وكذلك أصحابه بشكل متواتر.(19)
- حديث دق الباب: (20) والذي يكشف على أن النبي الأعظم «صلی الله عليه وآله وسلم» قد بقي لأشهر، وحين توجهه إلى صلاة الصبح، كان يدق باب بيت الإمام علي وفاطمة «عليهما السلام»، ويقول الصلاة يأهل البيت، (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا).(21)
وهذا ما أشار له ابن حجر الهيثمي عندما قال: «أكثر المفسرين على أنها نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين.(22)
6. أن عبارة (ليذهب عنكم الرجس) وعبارة (يطهركم تطهيراً) كاشفة بوضوح عن عصمة من نزلت فيهم آية التطهير، وذلك لوضوح تعلق الإرادة التكوينية الإلهية بأصحاب الكساء، في إذهاب كل ما يستقبحه الشرع والعقل، وكذلك يطهرهم منه تطهيرا.(23)
ب.الدليل الروائي:
ذهب الشيعة إلى أن آية التطهير نزلت في خصوص أصحاب الكساء الخمسة: «الرسول الأكرم «صلی الله عليه وآله وسلم»، الإمام علي «عليه السلام»، السيدة فاطمة الزهراء «عليها السلام»، الإمامين الحسن والحسين «عليه السلام»».
وأن حكم التطهير وإذهاب الرجس متعلق بهم، دون غيرهم، واستندوا في ذلك على الحديث المعروف بـ«حديث الكساء»، والذي أخرجه جملة من محدثي أهل السنة والشيعة وأيضاً بعض الروايات الأخرى التي فيها إشارة في تحديد من هم أهل البيت المقصودين في الآية.
نص حديث الكساء عند الشيعة:
ورد حديث الكساء وغيره من الروايات التي تفيد بأن آية التطهير نزلت في أصحاب الكساء الخمسة في المصنفات الشيعية بطرق عدة، منها:
- قال شيخ الطائفة في التبيان:
روى أبو سعيد الخدري وأنس بن مالك وعائشة وام سلمة وواثلة بن الاسقع أن الآية نزلت في النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين «عليهم السلام» قال:
(وروي عن ام سلمة أنها قالت إن النبي كان في بيتي، فاستدعى علياً وفاطمة والحسن والحسين وجللهم بعباء خيبرية، ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، فأنزل الله قوله: «إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا»، فقالت ام سلمة: قلت: يا رسول الله هل أنا من أهل بيتك ؟ فقال: لا ولكنك إلى خير)(24)
- قال محمد بن سليمان الكوفي في مناقب أمير المؤمنين:
(محمد بن سليمان قال: حدثنا محمد بن سليمان الأصبهاني عن يحي بن عبيد عن عطاء بن أبي رباح عن عمر بن أبي سلمة ربيب النبي «صلى الله عليه وآله» قال: نزلت هذه الآية على النبي «صلى الله عليه وآله» في بيت أم سلمة: «إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً» فدعا «النبي» فاطمة وحسناً وحسيناً فجللهم بكساء وعلي خلف ظهره فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً فقالت أم سلمة: وأنا معهم يا رسول الله؟ قال: أنت على مكانك وأنت إلى خير) (25)
وهناك العديد من الأحاديث والروايات الصحيحة والتي تثبت بوضوح اختصاص آية التطهير بأهل البيت «عليهم السلام» وهم رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم» والإمام علي والسيدة فاطمة الزهراء والإمامين الحسن والحسين «عليهم السلام»، وقد ذكرت الروايات وقرأنا فيها ما صح عن النبي «صلى الله عليه وآ له وسلم» أنه جذب الثوب من أم سلمة حين أرادت الدخول وقال لها: إنك على خير أو منعها من الدخول معهم وقال لها: أنت على مكانك وأنت إلى خير.
فائدة:
حادثة الكساء من أهم الحوادث المشرقة في تاريخ حياة النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» في مضمار التعريف بأئمة الاسلام وهداته، كما تعد من النقاط المضيئة البارزة في خصائص أهل البيت الكريم وفضائلهم، وان سند حادثة الكساء لا مجال للتشكيك في وقوع هذه الحادثة، فقد نقلها المحدثون الكبار في كتبهم المعتبرة بطرق مستفيضة، بل جاز لنا أن نقول بتواترها إذا ما توسعنا في دراستها، وثمة قرائن كثيرة تدل على أن من قرأ التاريخ الإسلامي لا يتسنى له أن يشك فيها، وقد بلغت من الشهرة في المجتمع الإسلامي مبلغاً أن سمي اليوم الذي كانت فيه حادثة الكساء يوم الكساء (26)، ولقب الخمسة الطيبون الذين شملتهم العناية الإلهية الخاصة يومئذ بأصحاب الكساء(27).
اتضح مما تقدم أن حديث الكساء - بالتفصيل المتقدم - هو حديث قطعي لا شك فيه، وهو بيان لإحدى أهم خصوصيات أهل بيت النبي «صلى الله عليه وآله» وهي الطهارة والعصمة، إلا أنه اشتهر بين الشيعة في العقود الأخيرة نص بعنوان «حديث الكساء»، وهو مما لا أساس له:
يقول الشيخ محمد الريشهري:
((... لكن شاع أخيراً حديث يحمل عنوان حديث الكساء، وهو واه لا أساس له، وكان المرحوم المحدث القمي «رضوان الله تعالى عليه» أول من نبه على ضعفه.
ومن العجيب أنه لم يجز لأحد أن يزيد على كتابه «مفاتيح الجنان» شيئاً، ودعا على من يقوم بذلك (28)، لكن نلاحظ أن الحديث المذكور قد أضيف إليه.
والأدلة على ضعف هذا الحديث كثيرة، نشير فيما يأتي إلى بعضها:
1. لم يرد هذا الحديث في أي كتاب من الكتب المعتبرة للفريقين، بما فيها الكتب التي تعمد إلى جمع الأحاديث المنسوبة إلى أهل البيت «عليهم السلام» كبحار الأنوار.
قال المرحوم المحدث القمي في كتاب «منتهى الآمال» حول الحديث الشائع، بعد أن أثبت تواتر حديث الكساء:
(أما الحديث المعروف بحديث الكساء الشائع في عصرنا بهذا الشكل فلم يلحظ في الكتب المعتبرة المعروفة وأصول الحديث والمجامع المتقنة للمحدثين، وجاز لنا أن نقول: إنه من خصائص كتاب «المنتخب») (29).
2. إن أول كتاب - فيما نعلم - نقل هذا الحديث بلا سند - كما أشار إليه المحدث القمي - هو كتاب «المنتخب» (30)، وهذا يعني أن الحديث المذكور لا يلاحظ له أثر في كتب الحديث منذ عصر صدر الاسلام حتى ألف سنة بعده.
3. من العجيب أن هذا الحديث غير المسند ورد في حاشية كتاب «العوالم» مسندا كالآتي:
(رأيت بخط الشيخ الجليل السيد هاشم، عن شيخه السيد ماجد البحراني عن الحسن بن زين الدين الشهيد الثاني، عن شيخه المقدس الأردبيلي، عن شيخه علي بن عبدالعالي الكركي، عن الشيخ علي بن هلال الجزائري، عن الشيخ أحمد بن فهد الحلي، عن الشيخ علي بن الخازن الحائري، عن الشيخ ضياء الدين علي ابن الشهيد الأول، عن أبيه، عن فخر المحققين، عن شيخه العلامة الحلي، عن شيخه المحقق، عن شيخه ابن نما الحلي، عن شيخه محمد بن إدريس الحلي، عن ابن حمزة الطوسي صاحب «ثاقب المناقب» عن الشيخ الجليل محمد بن شهرآشوب، عن الطبرسي صاحب «الاحتجاج» عن شيخه الجليل الحسن بن محمد بن الحسن الطوسي، عن أبيه شيخ الطائفة، عن شيخه المفيد، عن شيخه ابن قولويه القمي، عن شيخه الكليني، عن علي بن إبراهيم، «عن أبيه إبراهيم» بن هاشم عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، عن قاسم بن يحيى الجلاء الكوفي، عن أبي بصير، عن أبان بن تغلب البكري، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، عن فاطمة الزهراء «عليها السلام» بنت رسول الله «صلى الله عليه وآله»، قال: سمعت فاطمة أنها قالت:
دخل علي أبي رسول الله «صلى الله عليه وآله» في بعض الأيام فقال: السلام عليك يا فاطمة..... (31)
وفيما يأتي ملاحظاتنا حول السند:
أ. المستند الوحيد للسند المذكور هو كلام الشيخ عبد الله نور الدين البحراني، إذ يقول على فرض ثبوته: «رأيت بخط السيد هاشم البحراني...»، ولكن لا يعلم من ذا الذي يضمن صحة تشخيصه بأن الخط هو خط السيد هاشم البحراني حتماً.
ب.لم يذكر السيد هاشم البحراني (32) المنسوب إليه السند هذا الحديث في كتابيه: «تفسير البرهان»، و«غاية المرام»، مع اهتمامه بجمع الأحاديث لا تصحيحها في هذين الكتابين، بل إن ما ذكره يخالف ما نسب إليه سنداً ومتناً.
ج. إن كثيراً من المحدثين الكبار المذكورين في سلسلة السند كالكليني، والطوسي، والمفيد، والطبرسي، وابن شهرآشوب رووا في كتبهم حديث الكساء بالشكل الوارد في متن الكتاب(33)، وهو لا يتفق مع الحديث الشائع.
د. سلسلة السند المذكور لهذا الحديث في حاشية «العوالم» مليئة بالإشكالات، حتى إن من كان له أدنى اطلاع على علم الرجال يدرك سقمه بوضوح (34).
ه. متن الحديث يخالف جميع المتون المعتبرة، ويضاف إليه أن فيه نقاط ضعف لا تخفى على المتأمل)).(35)
تفسير علماء السنة للآية:
ليس من السهل تشكيل تصور موحد، في تفسير أهل السنة والجماعة لآية التطهير، وذلك:
1. سكوتهم وعدم تفسيرهم للآية بالشكل الذي يساعد على تشكيل تصور دقيق لمعناها العام.
2. للاختلاف الكبير الحاصل بينهم في تفسير مفردات الآية، والذي بطبعه أدى إلى الإختلاف في التفسير العام للآية.
اختلاف أهل السنة في مفهوم الرجس:
اختلفوا أعلام أهل السنة في المقصود من لفظة «الرجس» إلى ستة أقوال:
1. الشرك، قاله الحسن.
2. الإثم، قاله السدي.
3. الشيطان، قاله ابن زيد.
4. الشك، حكاه الماوردي.
5. المعاصي، حكاه أيضاً الماوردي.
6. كل مستقذر من مأكول أو عمل أو فاحشة، قاله الزجاج.(36)
وقد جمع الآلوسي معاني الرجس التي قالها من تقدمه فقال:
(والرجس في الأصل الشيء القذر وأريد به هنا عند كثير الذنب مجازاً، وقال السدي: الإثم، وقال الزجاج: الفسق، وقال ابن زيد: الشيطان، وقال الحسن: الشرك، وقيل: الشك، وقيل: البخل والطمع، وقيل: الأهواء والبدع، وقيل: إن الرجس يقع على الإثم وعلى العذاب وعلى النجاسة وعلى النقائص، والمراد به هنا ما يعم كل ذلك، ولا يخفى عليك ما في بعض هذه الأقوال من الضعف، وأل فيه للجنس أو للاستغراق، والمراد بالتطهير قيل التحلية بالتقوى ، والمعنى على ما قيل إنما يريد الله ليذهب عنكم الذنوب والمعاصي فيما نهاكم ويحليكم بالتقوى تحلية بليغة فيما أمركم، وجوز أن يراد به الصون، والمعنى إنما يريد سبحانه ليذهب عنكم الرجس ويصونكم من المعاصي صوناً بليغاً فيما أمر ونهى جل شأنه).(37)
والرد على هذه الأقوال أن الرجس هو لفظ له معنى واحد، وهذا المعنى الواحد له مصاديق عديدة، وما ذكروه كله هو مصاديق للرجس، لا أن الرجس هو الشرك فقط، أو هو الإثم فقط ...، ولعل القول السادس وهو ما قاله الزجاج هو أقرب التعريفات لمفهوم ومعنى الرجس، فكل مستقذر من فعل أو قول أو غيرهما في نظر الشرع والعقل هو يندرج تحت مفهوم الرجس، ومع انتفاء الرجس عن أهل البيت «عليه السلام»، لا مناص من الإعتراف والقول بعصمتهم.
اختلاف أهل السنة في من هم أهل البيت:
اختلف أهل السنة في المقصود بـ«أهل البيت» «عليهم السلام»، إلى أربعة أقوال: (38)
القول الأول:
أن المقصودين بأهل البيت «عليهم السلام» والتي نزلت فيهم آية التطهير، هم رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم» والإمام علي بن أبي طالب «عليه السلام» والسيدة فاطمة الزهراء «عليها السلام» وابنيهما الحسن والحسين «عليهما السلام» فقط.
وهذا القول قاله أبو سعيد الخدري وكذلك أنس بن مالك، وأم سلمة زوجة الرسول «صلی الله عليه وآله وسلم»، وعائشة زوجة الرسول «صلی الله عليه وآله وسلم» وغيرهم من الصحابة والتابعين، وأصحاب هذا القول تمسكوا بالروايات المروية عن الصحابة والتي تحكي عن نزول الآية في أصحاب الكساء الخمسة.
الرد على هذا القول:
هذا القول هو القول الثابت والصحيح، والذي جاءت به الروايات والأحاديث البالغة من طرق أهل السنة إلى حد التواتر، وكذلك حالها عند الشيعة، وهو قول الإمام علي «عليه السلام»، وأم سلمة زوج النبي «صلی الله عليه وآله وسلم»، وعائشة زوج النبي «صلی الله عليه وآله وسلم»، وجعفر بن أبي طالب، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وأنس بن مالك، وسعد بن أبي الوقاص، وأبو هريرة، وغيرهم من الصحابة والتابعين، وأي دعوى أخرى تخالفها هو اجتهاد في مقابل النص المحرم شرعاً عند السنة والشيعة، بل هو كبيرة لكونه رداً على النبي «صلی الله عليه وآله وسلم»، خاصة وأن هذه الروايات المتواترة صرحت بأن النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» قد تصدى لتوضيح وتبيان من هم أهل البيت «عليه السلام»، الذين نزلت فيهم آية التطهير.
القول الثاني:
أنهم نساء النبي محمد «صلی الله عليه وآله وسلم»، فقط لا غير بلحاظ أنهم في بيته فهم أهل بيته.
وهذا ما قاله مقاتل وابن السائب وعكرمة وسعيد بن جبير رواه عن ابن عباس، وهناك من قوّى قولهم هذا بقوله أن الآية جاءت في سياق آيات متعلقة كلها بنساء النبي «صلی الله عليه وآله وسلم»، وادلة المتمسك بهذا القول هي:
الدليل الأول: خبر صرح فيه ابن عباس برأيه: فقال: أن آية التطهير نزلت في زوجات النبي «صلی الله عليه وآله وسلم»، وهذا الخبر ورد بطريقين:
أ. من خلال سعيد بن جبير.(39)
ب.من خلال عكرمة البربري.(40)
والرد على الدليل الأول:
1. أن الرواة الذين نقلوا قول ورأي ابن عباس،فيهم الضعفاء والمتروكين.
- ففي الرواية الأولى:
– فيها «أبو يحيى الحماني» وهو «عبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني»:
· قال عنه ابن سعد: «كان ضعيفاً.(41)
· قال عنه العجلي: «كوفي ضعيف الحديث مرجئ».(42)
· قال فيه أحمد بن حنبل: «كان ضعيفاً».(43)
– وفيها «صالح بن موسى القرشي الطلحي»:
· قال عنه البخاري: «منكر الحديث».(44)(45)(46)
· قال فيه النسائي: «متروك الحديث».(47)
· قال يحيى بن معين: «ليس بشيء».(48)
· قال فيه العقيلي: قول يحيى بن معين «ليس بشىء».(49)
· قال عنه ابن حبان: «لا يجوز الاحتجاج به».(50)
· قال فيه أبو نعيم: «متروك».(51)
· قال عنه الذهبي: «ليس بحجة».(52)
· قيل فيه الكثير عند رجاليي أهل السنة.
– وفيها: «خصيف بن عبد الرحمن الأموي الجزري»:
وثقه بعضهم وضعفه البعض الآخر:
· قال فيه أبن حنبل: «ليس بقوي، وليس بحجة»، وعن ابنه أنه قال فيه: «ليس بذاك».(53)
· قال أبو طالب: «سئل أحمد عن عتاب بن بشير، فقال: أرجو أن لا يكون به بأس، روى أحاديث ناخرة منكرة، وما أرى إلا أنها من قبل خصيف».(54)
· قال فيه أبوحاتم: «سيء الحفظ».(55)
· قال النسائي: «ليس بقوي».(56)
· قال المدائني: «كان يحيى بن سعيد يضعفه».(57)
· قال عنه ابن خزيمة: «لا يحتج بحديثه».(58)
· قال عنه جرير: «كان متمكنا من الإرجاء».(59)
· قال عنه يحيى: «كنا نجتنب خصيفاً».(60)
· قال عنه أبو أحمد الحاكم: «ليس بقوي».(61)
· قال عنه الأزدي: «ليس بذاك».(62)
- وفي الرواية الثانية:
يكفي أن فيها «عكرمة البربري»: الخارجي، وهو مولى عبد الله ابن عباس:
- وقد أقر ابن بكير أنه أول من نقل المذهب الخارجي إلى بلاد المغرب.(63)
- وشهد أكثر من واحد أنه كان خارجياً، منهم يحيى بن معين، وعلي بن المديني، وأحمد بن حنبل، ومصعب الزبيري.(64)
- كما شهد عليه البعض بالكذب على ابن عباس، منهم ابن عمر عندما خاطب نافع قائلا: «اتق الله ويحك يا نافع لا تكذب علي كما كذب عكرمة على ابن عباس».(65)
ومنهم سعيد بن المسيب عندما قال لغلامه: «يا برد لا تكذب علي كما كذب عكرمة على ابن عباس».(66)
- بل إن علي بن عبد الله ابن عباس قد أوثق عكرمة على الباب تأديباً له، وعندما سأله يزيد بن أبي زياد لماذا تفعل به ذلك، قال ابن عبد الله بن عباس: «إنه كان يكذب على أبي».(67)
- ويكفي ثبوت أنه خارجيا لفهم حقده وبغضه لأهل البيت «عليه السلام» عموماً، والإمام علي بن أبي طالب «عليه السلام» خصوصاً.
2. أن خبر ابن عباس متعارض مع خبر آخر مروي عنه من طريقين:
أ. عن طريق أبوصالح.(68)
ب. عن طريق عمرو بن ميمون.(69)
يقول فيه أن آية التطهير نزلت في أصحاب الكساء الخمسة، فلما الإقتصار على روايتي سعيد بن جبير وعكرمة البربري وفيهما ما فيهما من الضعف والوهن.
3. حتى مع تمامية سند رواية ابن عباس، وعدم معارضتها مع رواية أخرى لابن عباس نفسه، هل من العلم ومن الوثاقة التمسك بخبر الآحاد وترك الخبر المتواتر عن «22» صحابي وصحابية من ضمنهم زوجات النبي «صلی الله عليه وآله وسلم» نفسهن، وهل من صنعة أهل الحديث التمسك بخبر الآحاد حين تعارضه مع المتواتر أو المستفيض.
4. هل عندما يتعارض قول الصحابي مع قول النبي «صلی الله عليه وآله وسلم»، نقدم رأي الصحابي على النبي «صلى الله عليه وآله وسلم»، كما هو حال من ذهب لقول ابن عباس وترك تشخيص وتحديد النبي في تحديد من هم أهل البيت «عليه السلام» الذين نزلت فيهم آية التطهير.
الدليل الثاني:
خبر ورد عن عكرمة البربري مولى ابن عباس: حيث كان ينادي في الأسواق بأن آية التطهير نزلت في خصوص زوجات النبي «صلی الله عليه وآله وسلم»، وكان يطلب المباهلة على قوله أنها نزلت في زوجات النبي «صلی الله عليه وآله وسلم».(70)
الرد على الدليل الثاني:
1. لا قيمة شرعية ولا عقلية، لشهادة وقول عكرمة البربري، حتى لو صحت هذه الأخبار في نسبتها إليه، ولعل فعل السير في الأسواق والمناداة بهذا القول، وكذلك الدعوة للمباهلة، يكشف عن ثلاثة أمور مسقطة لشهادة عكرمة ومقوية لقول نزول الآية في أصحاب الكساء:
أ. وجود دافع سلبي قوي نحو هذه الأفعال المستهجنة في نظر العقلاء.
فلا نجد دافع قوي لمثل هذا الفعل، إلا البغض والكره الشديدين لأهل البيت «عليه السلام» مما دفعه للسير في الأسواق والمناداة بين الناس بأن الآية نازلة في خصوص زوجات النبي «صلی الله عليه وآله وسلم»، وذلك لإخراج أصحاب الكساء من الآية، وهذا البغض يثبت بعد شهادة جملة ممن عاصروه أو كانوا قريبين من عصره، بكونه من الخوارج.(71)
ب. سفاهة صاحبها وقلة عقله.
وذلك بشهادة البعض، فقد وصفه من كان يعرفه، بأنه كان خفيف العقل:
- قال أبو الأسود: «كان عكرمة قليل العقل خفيفاً».(72)
- وقال ابن علية: ذكره أيوب فقال: «كان قليل العقل».(73)
ج. أن المتداول في تلك الأعصار بين الرواة هو قول أن الآية نزلت في غير زوجات النبي «صلی الله عليه وآله»، وإلا لما أقدم عكرمة على مثل هذ الأفعال التي يستهجنها كل عاقل.
أنه وحسب تواتر الأخبار، فالقول بأن آية التطهير نازلة في خصوص أصحاب الكساء دون غيرهم، هو القول المشهور والمتداول عند الطبقات الأولى من الرواة، فلقد رواه أكثر من (20) صحابياً، وأكثر من (30) تابعي، كما هو مدون في مصنفات أهل السنة.
2. أن هذا القول يسقط بعد أن ثبت نسبة الكذب والوضع له، وخاصة في ما يرويه عن ابن عباس، فلا يبقى هناك وجه للأخذ بما يرويه، فضلاً عن أقواله وآرائه الخاصة، كما هو الحال في هذا المقام.
3. أن هذا القول لا قيمة له، في مقابل ما تواتر من الأخبار في خصوص أن آية التطهير نازلة في أصحاب الكساء، بل إن تواتر هذه الأخبار، يقدح بوضوح في عكرمة البربري، بسبب نزوعه نحو هذا القول وترك ما تواتر من الأخبار، التي تخالف قوله.
الدليل الثالث:
وحدة السياق، فالآيات التي سبقت آية التطهير وكذلك التي بعدها، هي خطابات إلهية متوجهة لزوجات النبي «صلی الله عليه وآله وسلم»، وبالتالي فبما أن آية التطهير واقعة بين آيات متعلقة بزوجات النبي «صلی الله عليه وآله وسلم» لابد وأن تكون آية التطهير متعلقة أيضاً بهن، وهذا استدل به بعض المتأخرين من أهل السنة.(74)
الرد على الدليل الثالث:
1. أن وحدة السياق هي قرينة يمكن التمسك بها في إرجاع المتشابه لمعنى معين دون غيره، حينما لا يكون عندنا دليل يبطل الإعتماد على وحدة السياق، والحال في آية التطهير أن الدليل الذي يبطل التمسك بوحدة السياق موجود بل ومتواتر، وهو الدليل الروائي الذي يثبت أن الآية نازلة في خصوص أصحاب الكساء، فمع وجود الدليل يبطل التمسك بوحدة السياق.
2. أن الإعتماد على وحدة السياق في كون الآية متعلقة بنساء النبي «صلی الله عليه وآله وسلم»، يتم ويصح بعد إثبات أن آية التطهير قد نزلت مع ما قبلها وما بعدها من الآية المتعلقة بزوجات النبي «صلی الله عليه وآله وسلم»، وهذا دونه خرط القتاد، وذلك:
أ. هناك إجماع بين المسلمين أن آيات القرآن، التي هي بين دفتي المصحف، غير مرتبة كما نزلت.
ب. أن هناك جملة من القرائن والأدلة التي ترجح أن آية التطهير ليست موضوعة في سياقها الذي نزلت فيه من هذه القرائن:
- اختلاف سياق الضمير من المؤنث للمذكر، فكل الآيات التي سبقت ولحقت بآية التطهير وكانت متعلقة بزوجات النبي «صلی الله عليه وآله»، جاءت بصيغة المؤنث، إلا آية التطهير فقد جاءت بصيغة المذكر، فتبدل الضمير قرينة على أن الآية ليست في سياقها الطبيعي.
- وجود أدلة روائية، تكشف على أن آية التطهير نزلت قبل الآيات التي نزلت في زوجات النبي «صلی الله عليه وآله وسلم»، من قبيل ما أخرجه ابن مردويه:
(... عن أبي سعيد الخدري حيث قال: لما دخل علي «عليه السلام»، بفاطمة «عليه السلام»، جاء النبي «صلی الله عليه وآله وسلم» أربعين صباحاً إلى بابها يقول: «السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته، الصلاة رحمكم الله «إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا»، أنا حرب لمن حاربتم، أنا سلم لمن سالمتم).(75)
فهذه الرواية تكشف على أن آية التطهير نزلت قبل بناء الإمام علي «عليه السلام» بالسيدة الزهراء «عليه السلام»، الذي تم بعد رجوعه من غزوة بدر،(76) التي وقعت في السنة الثانية للهجرة،(77) أما باقي الآيات المتعلقة زوجات النبي «صلی الله عليه وآله وسلم» فهي نزلت بعد ذلك بسنة في أقل تقدير، وذلك لأن زواج النبي «صلی الله عليه وآله وسلم» من حفصة بنت عمر والتي يتفقون على شمول آيات زوجات النبي «صلی الله عليه وآله وسلم لها،(78) وقع بعد أن توفى زوجها الأول «خنيس بن حذافة السهمي» بسبب جراحه التي أصيب بها في معركة أحد، التي جرت أحداثها في العام الثالث للهجرة.(79)
القول الثالث:
أن المراد من أهل البيت «عليهم السلام» الواردة في آية التطهير، هم أزواج النبي «صلی الله عليه وآله وسلم» وآل الإمام علي بن أبي طالب «عليه السلام»، وآل العباس، وآل جعفر الطيار، وآل عقيل، وكل من حرمت عليهم الصدقة، وهذا قاله الضحاك والزجاج وحكي عن زيد بن الأرقم.
وأدلة هذا القول عند من ذهب إليه يتمثل في خبرين:
الدليل الأول: رواية أخرجها مسلم في صحيحه عن زيد بن أرقم قال فيها ما مضمونه: أن مفهوم أهل البيت يشمل حتى آل العباس، وآل جعفر الطيار، وآل عقيل.(80)
الدليل الثاني: رواية لابن عباس يفهم من قوله فيها: أنه مشمول بآية التطهير، وعليه فآية التطهير تشمل آل العباس.(81)
الرد على الدليل الأول:
1. أن رواية زيد بن الأرقم مع التنزل وقبول صحة ثبوت نسبة الرواية إليه، يمكن القول أنها جاءت في سياق بيان من هم أهل البيت الذين حرمت عليهم الصدقة، لا أنها في سياق توضيح من هم أهل البيت الذين نزلت فيهم آية التطهير، والفرق بينهما هو: أن زيد بن الأرقم في مقام بيان مفهوم أهل البيت بمعناه العام، لا أنه في مقام بيان مفهوم أهل البيت بمعناه الخاص، الذين نزلت فيهم الآية.
2. أن رواية زيد بن الأرقم قد أخرجت زوجات النبي «صلی الله عليه وآله وسلم» من أهل البيت «عليه السلام»، فالالتزام بجزء من الرواية يقتضي الالتزام بكل ما جاء في الرواية، وإلا صدق قوله تعالى: «أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض».(82)
3. أنه وبعد التنزل والقول بأن مفهوم «أهل البيت» الوارد في آية التطهير هو عينه المفهوم الذي ورد في رواية زيد بن الأرقم، فعند ذلك نقول: أن هذا الإدعاء ينتج عنه تعارض بين رواية زيد بن الأرقم التي هي خبر آحاد، وحديث الكساء الذي هو خبر متواتر عند السنة والشيعة، وفي هذه الحالة لا يوجد أحد من المسلمين يقول بتقديم خبر الآحاد على الخبر المتواتر، بل هناك إجماع على إسقاط الآحاد إن تعارض مع متواتر، وعليه فلابد من إسقاط خبر زيد بن الأرقم.
4. هذا التعارض مستحكم ولا يمكن فكه إلا من خلال إسقاط إحدى الروايتين والتعارض متحقق في نقطتين:
أ. أن خبر زيد يفيد أن الذي شخص أفراد أهل البيت «عليه السلام»، هو زيد بن الأرقم نفسه من خلال القول، أما حديث الكساء فيفيد بأن المشخص والمحدد لأفراد أهل البيت «عليه السلام» هو النبي الأكرم «صلی الله عليه وآله وسلم» بنفسه، من خلال القول والفعل، وحين تعارض قول الرسول «صلی الله عليه وآله وسلم»، مع قول الصحابي، فالمجمع عليه بين الأمة هو تقديم تشخيص النبي «صلی الله عليه وآله وسلم» على الصحابي، بلحاظ كونه صاحب الرسالة والمستأمن عليها.
ب. حديث الكساء يفيد تخصيص التطهير بأصحاب الكساء الخمسة، وخبر زيد يفيد العموم ودخول آل العباس، وآل جعفر، وآل عقيل، يجعل التعارض بين الخبرين مستحكم ولا يمكن فكه، إلا من خلال:
إما: أن نسقط أحدهما وهو الصحيح.
أو: نسقطهما معاً، وهذا غير صحيح، لأنه لا يوجد تساوي بينهما، لوضوح أن الخبر المتواتر مقدم على الآحاد، ويترتب على ذلك لزوم إسقاط خبر زيد بن الأرقم.
الرد على الدليل الثاني:
1. أن هذا الخبر مع صحة نسبته لابن عباس، فهو رأي ودعوى له، ولا اعتبار لها في مقابل ما ثبت بالتواتر عن النبي الأكرم «صلی الله عليه وآله وسلم»، من أن آية التطهير محصورة بأصحاب الكساء الخمسة، بشهادة جملة كبيرة من الصحابة منهم بعض زوجات الرسول «صلی الله عليه وآله وسلم»، وعبد الله بن عباس نفسه في خبر له آخر.
2. أن هذا الخبر هو خبر آحاد وهو متعارض مع أخبار المتواتر تفيد بأن آية التطهير مختصة في نزولها بأصحاب الكساء، وعليه فلا اعتبار له.
3. أن القول والأخذ بهذا الخبر، هو رد صريح لقول النبي «صلی الله عليه وآله وسلم»، الثابت بالتواتر.
القول الرابع:
وهو قول ابن الخطيب، حيث قال: الأولى أن نقول أن المقصود بأهل البيت «عليهم السلام» هم أزواج النبي «صلی الله عليه وآله وسلم» وعلي وفاطمة والحسن والحسين «عليهم السلام».
الرد على القول الرابع:
هذا القول هو استحسان من صاحبه، راجع للجمع بين مختلف الأدلة، ولكن يعترض عليه:
1. يعترض عليه ويرد بكل الإعتراضات التي أعترض بها على دخول النساء، في رد القول الثاني.
2. أن إدخال ما لم يثبت إدخاله في مفهوم «أهل البيت»، بعد أن ثبت بالتواتر أن النبي الأكرم «صلی الله عليه وآله وسلم»، قد حدد من هم أهل البيت «عليه السلام»، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، هو في الواقع يؤدي إلى الوقوع في كبيرتين:
أ. الرد على الرسول الأكرم «صلی الله عليه وآله وسلم»، وذلك لأنه «صلی الله عليه وآله وسلم» يقرر ويقول، وأصحاب هذا القول في مقابل ذلك يقولون.
ب. اجتهاد في مقابل النص الصريح، ولا نص ثابت عليه، وهو مخالف في مقابل النص الثابت.
اختلاف أهل السنة في مفهوم التطهير:
وأيضاً اختلفوا في المراد من قوله تعالى «يطهركم تطهيراً» إلى ثلاثة أقوال:
1. أنه تعالى طهرهم من الشرك، قال به مجاهد.
2. أنه تعالى طهرهم من السوء، قاله قتادة.
3. أنه تعالى طهرهم من الإثم، وهذا قال به السدي ومقاتل.(83)
الرد على هذه الأقوال:
أن «التطهير» يفيد معنى إزالة البواقي، ومعناها في الآية جاء بصيغة المبالغة لتأكيد على إزالة الآثار المتبقية من الرجس الذي تم إذهابه عن أهل البيت «عليه السلام»، وبما أن الرجس يصدق على كل مستقبح ومستقذر لدى الشرع أو العقل، فلا معنى من حصر التطهير في الشرك لوحده، أو الإثم، أو السوء، بل هو شامل لكل مستقبح سواء كان ذلك الشرك أو الإثم أو السوء، أو الشك، أو الوسوسة ..
تفسيرهم الإجمالي للآية:
يمكن إيجاد بعض نقاط الاتفاق بينهم في تفسير بعض جزئيات الآية، من قبيل، إدخال نساء النبي «صلی الله عليه وآله وسلم» في معنى أهل البيت «عليهم السلام» المشار إليهم في آية التطهير، أو رد قول الشيعة بأن آية التطهير دالة على عصمة أهل البيت «عليهم السلام»، رغم إقرارهم بكون آية التطهير دالة على طهارتهم، لكن رغم هذا الإتفاق لا يمكن تصوير تفسير موحد وواضح لمفهوم الآية العام، وما يمكن تقريره حول تفسيرهم، هو:
(أن الله قد طهر أهل البيت «عليهم السلام» الذين هم إما أزواجه فقط، وإما أصحاب الكساء فقط، وإما أزواجه مع أصحاب الكساء، وإما أزواجه مع أصحاب الكساء وكل أقارب رسول الله «صلی الله عليه وآله وسلم»، وأذهب عنهم الرجس الذي هو إما الإثم، أو الشرك، أو المعاصي، أو الشك، وطهرهم تطهيرا من الشرك، أو السوء، أو الإثم).(84)
الأحاديث:
1. (... عن عائشة ، قالت: خرج النبي «صلى الله عليه وآ له وسلم» غداة وعليه مرط مرجل من شعر أسود فجاء الحسن بن علي «عليه السلام» فأدخله ثم جاء الحسين «عليه السلام» فدخل معه ثم جاءت فاطمة «عليها السلام» فأدخلها ثم جاء علي «عليه السلام» فأدخله ثم قال: «إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا»).(85)
2. (... عن أم سلمة: أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» قال لفاطمة »عليها السلام»: ائتني بزوجك وابنيك ، فجاءت بهم فألقى عليهم كساءً فدكياً ، قال: ثم وضع يده عليهم ثم قال: اللهم إن هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك وبركاتك على محمد وآل محمد إنك حميد مجيد ، قالت أم سلمة: فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه من يدي وقال: إنك على خير).(86)
3. (... عن عمر بن أبي سلمة (ربيب النبي «صلى الله عليه وآ له وسلم»)، قال: لما نزلت هذه الآية على النبي «صلى الله عليه وآ له وسلم»: «إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً» في بيت أم سلمة، فدعا فاطمة وحسناً وحسيناً «عليهما السلام»، فجللهم بكساء وعلي خلف ظهره، فجلله بكساء، ثم قال: «اللهم هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس، وطهرهم تطهيرا» ، قالت أم سلمة: وأنا معهم يا رسول الله، قال: «أنت على مكانك وأنت إلى خير»).(87)
4. (... عن أم سلمة، قالت: إن النبي جلل على الحسن والحسين وعلي وفاطمة «عليهم السلام» كساء، ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي وحامتي ، أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، فقالت أم سلمة: وأنا معهم يا رسول الله، قال: إنك إلى خير).(88)
شبهات وردود:
نص الشبهة:
هناك من يقول ان الشيعة يستدلون بآية التطهير على عصمة أهل البيت «عليه السلام» مطلقاً، وأنهم لا رجس فيهم منذ الولادة، وهذا القول يمكن أن نرد عليه بـ:
- أن الله سبحانه وتعالى قال: (إنما يريد الله ليذهب)، والإذهاب لغة: هو الإزالة كما قال ابن منظور في لسان العرب(89)، وكذلك كما قال الله تبارك وتعالى: (إن يشأ يذهبكم أيها الناس) أي يزيلكم، وأيضاً قوله تعالى: (إن الحسنات يذهبن السيئات) أي يزلن.
وإذا ثبت هذا، فقول الشيعة غير صحيح، لأن الإزالة لا تكون إلا لما هو موجود، ولو كان الرجس غير موجود فيهم لقال الله: (ليبعد أو يصرف عنكم الرجس أهل البيت).
- وقد يقال:
إن الله قال: (ليذهب عنكم) وليس: (منكم)، وهذا يدل على الدفع لا الرفع، أي أن الرجس ليس فيهم. ونقول: هذا الكلام غير صحيح، لأن (عن) تستخدم للرفع لغة، فالمريض يقول: اللهم أذهب عني المرض، أو اللهم شافني من المرض، والجبان يقول: اللهم أذهب عني الخوف، أو اللهم أرحني من الخوف، واستخدام (عن) في إزالة ما هو موجود، موجود في بعض روايات الشيعة، كالرواية التي رواها الكليني في الكافي: ((... عن أبي عبد الله، قال: إذا أشرفت المرأة على مناسكها وهي حائض فلتغتسل، ولتحتش بالكرسف، ولتقف هي ونسوة خلفها، فيؤمن على دعائها، وتقول: «اللهم إني أسألك بكل اسم هو لك، أو تسميت به لأحد من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، وأسألك باسمك الأعظم، وبكل حرف أنزلته على موسى، وبكل حرف أنزلته على عيسى، وبكل حرف أنزلته على محمد إلا أذهبت عني هذا الدم»)).(90)
وأيضا في مستدرك الوسائل للنوري:
(... عن الإمام الصادق «عليه السلام»، أنه قال: «قل عند الغضب: اللهم أذهب عني غيظ قلبي، واغفر لي ذنبي»).(91)
ولذلك نقول: إن استدلال الشيعة غير صحيح.
الجواب:
المراد بالرجس هو الشك والإثم، وإذهاب الرجس عنهم وتطهيرهم منه يعني عدم وقوع ذلك منهم، لا رفعه عنهم بعد وقوعه منهم، وهذا دليل على عصمة من نزلت فيهم الآية، ويمكن استفادة المعنى الذي ذكرناه للرجس من كلمات مفسري أهل السنة:
- قال البغوي في تفسيره: (92)
أراد بالرجس: الإثم الذي نهى الله النساء عنه، قاله مقاتل، وقال ابن عباس: يعني: عمل الشيطان، وما ليس لله فيه رضا، وقال قتادة: يعني: السوء، وقال مجاهد: الرجس: الشك.
- وقال البيضاوي: الرجس: الذنب المدنس لعرضكم.
- وقال الفخر الرازي:
وقوله تعالى: (ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا )(93) فيه لطيفة، وهي أن الرجس قد يزول عيناً ولا يطهر المحل، فقوله تعالى: (ليذهب عنكم الرجس) أي يزيل عنكم الذنوب، (ويطهركم)، أي يلبسكم خلع الكرامة.(94)
فإذا كان المراد بالرجس هو الإثم، فإن إذهاب الرجس في الآية: هو الحيلولة دون وقوعه (وهو الدفع)، لا إزالته بعد وقوعه (وهو الرفع).
بمعنى أنه ينبغي التفريق بين دفع الرجس، ورفعه، فإن الرفع هو إزالة ما كان موجوداً، وأما الدفع فهو الحيلولة دون وقوعه.
وإذهاب الرجس في الآية محمول على الدفع، وعلى الحيلولة دون وقوعه، وإلا لو كان المراد بالإذهاب رفع ما كان موجوداً، لما كان للآية معنى صحيح، لأنه لا يراد بالرجس في الآية القذارات الحسية والنجاسات العينية ليتحقق الرفع فيها، فإن النجاسات هي التي يمكن إزالتها بعد وقوعها، فتطهر الأعضاء النجسة بالماء ونحوه، وأما الرجس الذي هو الآثام والمعاصي فرفعه بعد وقوعه غير ممكن، لأنه حدث فصار من الماضي الذي لا سبيل لتبديله فضلاً عن رفعه، وكل ما يمكن أن يكون إنما هو رفع المؤاخذة على تلك الآثام والمعاصي، ويمكن لكل مكلف أن يسعى لرفع المؤاخذة على آثامه وذنوبه ومعاصيه إذا تاب عنها، فلو كان المراد بإذهاب الرجس هنا هذا المعنى لما كان في الآية أي اختصاص لأهل البيت «عليهم السلام» ولما كان في إذهاب الرجس عنهم بهذا المعنى أي امتنان إلهي أو تشريف رباني، فلا تكون الآية دالة على أي فضل لأهل البيت «عليهم السلام» على من عداهم.
ولأجل ذلك لا مناص من حمل إذهاب الرجس في الآية المباركة على دفع الآثام قبل وقوعها، وهذا هو معنى العصمة، وقد أشار إلى هذا المعنى الذي قلناه الفخر الرازي في تفسيره حيث قال:
وشبهة المخالف أن الوضوء يسمى طهارة، والطهارة لا تكون إلا بعد سبق النجاسة، وهذا ضعيف، لأن الطهارة قد تستعمل في إزالة الأوزار والآثام، قال الله تعالى في صفة أهل البيت: (... إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)، وليست هذه الطهارة إلا عن الآثام والأوزار.(95)
والتعبير بإذهاب الرجس في الآية دون ذهابه إنما هو للدلالة على أن هذا التطهير إنما هو من الله تعالى، وأنه مما امتن به على أهل البيت «عليهم السلام» بإرادته التكوينية، ولولا هذا الامتنان لكان أهل البيت «عليهم السلام» كغيرهم من الناس في وقوع المعاصي منهم بلحاظ طبيعتهم البشرية التي تستلزم عادة الميل للشهوات واتباع تسويلات الشيطان ووساوسه، التي تفضي عادة إلى ارتكاب الذنوب والوقوع في المعاصي.
وصحة استعمال الإذهاب في رفع ما هو موجود، لا تعين استعماله في هذا المعنى فقط، لأنه كما يصح ذلك يصح أيضاً أن يكون الإذهاب لدفع ما لم يكن، ولهذا فإن من قال: «اللهم أذهب عني الكسل، والسآمة، والفترة، والقسوة، والغفلة، والغرة، والعلل، والهموم، والأحزان، والأمراض، والخطايا، والذنوب، والسوء، والفحشاء، والجهل، واللهو، والتعب، والعناء، وهمز الشيطان، ونفثه، ونفخه، ووسوسته، وتثبيطه، وكيده، ومكره، وخيله، وحيله، ورجله» وما شاكل ذلك، وأراد بإذهاب كل هذه الأمور الحيلولة دون وقوعها، فإن دعاءه صحيح.
والنتيجة أن ما قاله الشيعة في تفسير الآية المباركة وأنها دالة على عصمة من نزلت فيهم الآية صحيح لا إشكال فيه، وبه يتبين بوضوح أن ما زعمه أهل السنة من أن (... أهل البيت ...) في الآية شامل لنساء النبي غير صحيح، لاتفاق الأمة على أن نساء النبي لسن بمعصومات، والآية إنما عنت المعصومين فقط، والحمد لله رب العالمين.(96)
الشواهد الشعرية:
1. السيد الحميري:
ومن غدا نفس الرسول المصطفى
..... صلــــى الله عــــليـــه عند المبتهل
وثــــاني النــــبي في يــــوم الـكسا
..... إذ طهــر الله به مــــن اشتــــمــــل
2. ابو محمد المنصور بالله:
وآيــة التطهير فــــــي الجماعه
..... أهــل الكساء المرتــــــدين الطاعه
الآمنيـــــن مــن خــــــطوب الساعه
..... يـــــا حبـــــذا حبـــهم بــــــضاعه
3. صفي الدين الحلي:
أ أنـــــت تفاخـــــر آل النــــبي
..... وتجـــــحدها فـــــضل أحسابها
بكـــــم باهـــل المصطفى أم بهم
..... فـــــرد العـــــداة بأوصابـــــها
أعـــــنــكم نفى الرجس أم عنهم
..... لطـــــهر النــفوس وألبابها
أمــــا الرجس والخمر من دابكم
..... وفـــــرط العـــــبادة من دابها
4. السيد علي خان المشعسعي:
وفي إنما جاء نص الولاء
..... لهم وسيعرفه من تلا
من الرجس طهرهم ربهم
..... ودلت عليهم بذاك العبا
وكان الكساء لتخصيصهم
..... فطاب الكسا والذي في الكسا
لقد خط في اللوح أسماءهم
..... وفي العرش قبل بدو الضيا
5. الشيخ عبد الرضا المقري:
وقفت دون سعيك الأنبياء
..... فلتطل مفخراً بك الأوصياء
وعن الأنبياء فضلاً عليك
..... الله أثنى فحبذا الأثناء
وإذا لم يكن سوى آية التطهير
..... فيكم لكان فيها اكتفاء
6. أبي الحسن بن جبير:
أحــب النبي المصطفى وابن عمه
..... عـــلياً وسبطــــيه وفاطمة الزهرا
هـم أهل بيت أذهب الرجس عنهم
..... وأطــلعهم افق الهدى أنجماً زهرا
7. بهاء الدين الأربلي:
أنـــــزل الله فيـــــكم هــل أتى نصا
..... جـــــليا فـــــي فــضلكم مسطورا
من يجـــــاريكم ؟ وقـــــد طهر الله
..... تعـــــالى أخـــــلاقكم تـــــطهـــيرا
وختاماً:
نسأل الله سبحانه وتعالى ان يثبتنا على ولاية محمد وآل محمد وان يوفقنا للسير على نهجهم وان يرزقنا في الدنيا زيارتهم وفي الآخرة شفاعتهم ... وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين.
الهوامش:
(1). تنقيح المقال ج1 ص403، سيرة الأئمة الاثني عشر لهاشم الحسني ج1ص145 ، الإمامة في ضوء الكتاب والسنة لمهدي السماوي ص229 ، وفي الكنى والألقاب للقمي ج2 ص349 نسبه للشافعي ، وفي المناقب للخوارزمي ص8 عن بعض الفضلاء ولم يسميه.
(2). فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي للمغربي ص20، الصواعق المحرقة لأبن حجر ص118، إسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار ص149، الرياض النضرة لمحب الدين الطبري ج2 ص282.
(3). سورة الأحزاب: الآية / 33.
(4). جواهر البلاغة للهاشمي ص168 ، الحاشية على المطول للجرجاني ص241 ، الجوهر المكنون الأخضري ص31.
(5). الميزان في تفسير القرآن للطباطبائي ج16 ص309.
(6). مفاهيم القرآن للسبحاني ج10 ص203.
(7). سورة يس: الآية /82.
(8). الميزان في تفسير القرآن للطباطبائي ج17 ص115.
(9). سورة المائدة: الآية / 6.
(10). مفاهيم القرآن للسبحاني ج10 ص204.
(11). تفسير غريب القرآن الكريم للطريحي ص304، باب 12 نوع 8.
(12). مفردات ألفاظ القرآن للراغب الاصفهاني ص342 ، مادة رجس.
(13). تفسير القمي ج3 ص829 ، مجمع البيان للطبرسي ج8 ص210 ، تفسير جوامع الجامع للطبرسي ج3 ص314 ، الميزان في تفسير القرآن للطباطبائي ج16 ص315 ، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيرازي ج10 ص390 ، تفسير النور قراءتي ج7 ص317.
(14). الميزان في تفسير القرآن للطباطبائي ج16 ص315.
(15). الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل لمكارم الشيرازي ج10 ص397.
(16). الميزان في تفسير القرآن للطباطبائي ج16 ص315.
(17). الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل لمكارم الشيرازي ج10 ص397.
(18). تفسير النور قراءتي ج7 ص317.
(19). الميزان في تفسير القرآن السيد الطباطبائي ج 16، ص321
(20). الميزان في تفسير القرآن السيد الطباطبائي ج16 ص321.
(21). سورة الأحزاب: الآية / 33.
(22). الصواعق المحرقة لإبن حجر الهيتمي ج2 ص421.
(23). الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل لمكارم الشيرازي ج10 ص393.
(24). التبيان في تفسير القرآن للطوسي ج2 ص448.
(25). مناقب الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» لمحمد بن سليمان الكوفي ج1 ص157.
(26). راجع الخصال للصدوق ج2 ص550، الغدير للأميني ج4 ص40.
(27). راجع البحار للمجلسي ج22 ص245، مجمع البيان للطبرسي ج9 ص44.
(28). راجع مفاتيح الجنان ص572 (مقدمة الملحقات)، (يقول العبد المذنب عباس القمي عفا اللّه عنه: بعد أن تم تأليف كتاب مفاتيح الجنان بعون اللّه تعالى وانتشر في البلدان، خطر ببالي أن أضيف إليه في الطبعة الثانية ما يلي: دعاء وداع شهر رمضان ، وخطبة يوم عيد الفطر ، والزيارة الجامعة لأئمة المؤمنين ، ودعاء اللهم إني زرت هذا الإمام ... والذي يقرأ عقيب زيارة الأئمة «عليهم السلام» ، وزيارات الوداع لكل واحد من الأئمة «عليهم السلام» ، والرقعة التي تكتب للحاجة، والدعاء الذي يقرأ في غيبة الإمام صاحب الأمر والزمان، وآداب الزيارة بالنيابة ، بسبب الحاجة الملحة للمذكورات، إلا أنني رأيت أن إضافة المذكورات ستفتح الباب أمام الآخرين للتصرف في كتاب مفاتيح الجنان، ولعله يفسح المجال أمام بعض الوقحين فيما بعد فيضيف بعض الأدعية أو يحذف آخر، وينشره باسم مفاتيح الجنان، كما شاهدناه، ولهذا فإنني تركت الكتاب على صورته السابقة وأضفت الامور الثمانية المذكورة إلى آخر الكتاب تحت عنوان ملحقات مفاتيح الجنان ، واحيل المتصرف في هذا الكتاب إلى لعنة اللّه تعالى ورسوله والأئمة الأطهار «عليهم السلام»).
(29). منتهى الآمال للشيخ عباس القمي ج1 ص527.
(30). كتاب المنتخب: للشيخ فخر الدين محمد بن علي بن أحمد طريح المسلمي الأسدي الرماحي النجفي المعروف بالشيخ الطريحي ولد بالنجف وتوفي ١٠٨٥ه، راجع أعيان الشيعة (ج8 ص395، رياض العلماء ج4 ص334، الذريعة ج22 ص420).
(31). عوالم العلوم ج2 ص930.
(32). السيد هاشم البحراني: هو السيد هاشم بن إسماعيل بن عبد الجواد بن علي بن سليمان بن ناصر الموسوي الكتكاني التوبلي البحراني، ولد في كتكان من توابع البحرين، وتوفي سنة ١١٠٧ه، أثنى أصحاب التراجم على شخصيته العلمية والعملية، أجازه الشيخ الحر العاملي في نقل الحديث، وقال: فاضل عالم ماهر مدقق فقيه عارف بالتفسير والعربية والرجال، من مشايخه في إجازة الحديث: الشيخ فخر الدين بن طريح، والسيد عبد العظيم بن عباس الأسترابادي، ويستشف من ترجمته وكتبه أنه كان يقوم غالباً باستنساخ أحاديث أهل البيت وجمعها وضبطها ومقابلتها وتصحيحها وتبويبها، وقيل: إنه صنف (٧٥) كتاباً كبيراً ومتوسطاً وصغيراً، وأشكل عليه البعض أن كتبه لا تخلو من الغلو والضعف والاعتماد على مصادر غير موثوقة، (راجع أعيان الشيعة ج١٠ ص٢٤٩، أمل الآمل ج٢ ص341، رياض العلماء ج5 ص310، والعلامة سيد هاشم البحراني تأليف فارس تبريزيان).
(33). يعني بالصيغة التي ذكرناها في الاحاديث في هذا المقال.
(34). راجع عوالم العلوم ج2 ص930 «الحاشية الثانية».
(35). أهل البيت في الكتاب والسنة للشيخ محمد الريشهري ص39.
(36). زاد المسير في علم التفسير لإبن الجوزي ص1124 ، اللباب في علوم الكتاب لإبن عادل الدمشقي ج 15 ص548.
(37). تفسير الآلوسي ج22 ص12.
(38). زاد المسير في علم التفسير لإبن الجوزي ص1124.
(39). أسباب النزول للواحدي ص368.
(40). روح المعاني للآلوسي ج22 ص13.
(41). الطبقات الكبرى لإبن سعد ج6 ص399.
(42). معرفة الثقات للعجلي ج2 ص70 رقم 1010.
(43). تهذيب التهذيب للعسقلاني ج6 ص109، رقم 243.
(44). التاريخ الصغير للبخاري ج2 ص182.
(45). التاريخ الكبير للبخاري ج4 ص291، رقم الترجمة: 2864.
(46). الضعفاء للبخاري ص64، رقم الترجمة: 169.
(47). الضعفاء والمتروكين للنسائي ص194، رقم الترجمة: 298.
(48). تاريخ ابن معين برواية الدوري لإبن معين ج1 ص162، رقم 1020، وص 166، رقم 1054.
(49). ضعفاء العقيلي ج2 ص203، رقم الترجمة 73.
(50). كتاب المجروحين، لإبن حبان ج1 ص369.
(51). الضعفاء للأصفهاني ص93، رقم الترجمة: 99.
(52). سير أعلام النبلاء للذهبي ج8 ص180، رقم 25.
(53). تهذيب التهذيب للعسقلاني ج3 ص124، رقم الترجمة 275.
(54). تهذيب التهذيب للعسقلاني ج3 ص124، رقم الترجمة 275.
(55). تهذيب التهذيب للعسقلاني ج3 ص124، رقم الترجمة 275.
(56). تهذيب التهذيب للعسقلاني ج3 ص124، رقم الترجمة 275.
(57). تهذيب التهذيب للعسقلاني ج3 ص124، رقم الترجمة 275.
(58). تهذيب التهذيب للعسقلاني ج3 ص124، رقم الترجمة 275.
(59). تهذيب التهذيب للعسقلاني ج3 ص124، رقم الترجمة 275.
(60). سير أعلام النبلاء للذهبي ج6 ص144، رقم الترجمة 56.
(61). تهذيب التهذيب للعسقلاني ج3 ص124، رقم الترجمة 275.
(62). تهذيب التهذيب للعسقلاني ج3 ص124، رقم الترجمة 275.
(63). تهذيب التهذيب للعسقلاني ج7 ص237، رقم الترجمة 476.
(64). تهذيب التهذيب للعسقلاني ج7 ص237، رقم الترجمة 476.
(65). تهذيب التهذيب للعسقلاني ج7 ص237، رقم الترجمة 476.
(66). تهذيب التهذيب للعسقلاني ج7 ص237، رقم الترجمة 476.
(67). تهذيب التهذيب للعسقلاني ج7 ص238، رقم الترجمة 476.
(68). شواهد التنزيل للحسكاني ج2 ص31.
(69). شواهد التنزيل للحسكاني ج2 ص30.
(70). روح المعاني للآلوسي ج22 ص13.
(71). تهذيب التهذيب للعسقلاني ج7 ص237، رقم الترجمة 476.
(72). تهذيب التهذيب للعسقلاني ج7 ص237، رقم الترجمة 476.
(73). تهذيب التهذيب للعسقلاني ج7 ص238، رقم الترجمة 476.
(74). زاد المسير في علم التفسير لإبن الجوزي ص1124، روح المعاني للآلوسي ج22 ص13.
(75). مناقب علي بن أبي طالب «عليه السلام» لإبن مردويه ص304، ح 487.
(76). مقاتل الطالبيّين للأصفهاني ص59.
(77). تاريخ الطبري ج2 ص486.
(78). الدر المنثور للسيوطي ج12 ص21.
(79). تاريخ الطبري ج2 ص499.
(80). صحيح مسلم ج7 ص123.
(81). شواهد التنزيل للحسكاني ج2 ص29.
(82). سورة البقرة: الآية / 85.
(83). زاد المسير في علم التفسير لإبن الجوزي سورة الأحزاب آية 33.
(84). راجع ما تقدم: آية التطهير للشيخ أحمد جعفر الفاطمي/ مركز الإمام الصادق للدراسات التخصصية 24/ 11/ 2018
(85). صحيح مسلم ج7 ص130.
(76). مسند أحمد ج18 ص314.
(87). سنن الترمذي ج5 ص328.
(88). سنن الترمذي ج5 ص361.
(89). لسان العرب لإبن منظور ج1 ص393.
(90). الكافي للكليني ج4 ص452.
(91). مستدرك الوسائل للنوري ج12 ص15.
(92). تفسير البغوي ج6 ص350.
(93). سورة الأحزاب: الآية / 33.
(94). التفسير الكبير للرازي ج12 ص350.
(95). التفسير الكبير للرازي ج16 ص25.
(96). من أجابة لسماحة الشيخ علي ال محسن نشر على موقعه الرسمي بتاريخ 27/7/2011م.
|