ورد في كتاب المهدي المنتظر عليه السلام عند الشيعة الإمامية راي يقول أن الأساس لعلم التوحيد الشيعي الموحد وضع في عصر الغيبة الصغرى.
كلنا يعرف أن قبل هذا الوقت كان عدد كبير من الكتب والآلاف من طلاب العلم الذين درسوا على يد الأئمة، فقد روي أن 400 كتاب من الاحاديث الشفوية كانت جمعت في زمن الأئمة عليهم السلام
لدينا الكثير من الكتب التي عالجت مشاكل التوحيد الحيوية مثل الإمامة، والاختيار، وصفات الله سبحانه وتعالى، لكن لم تظهر عند العلماء ضرورة صياغة مبادئ علم التوحيد بشكل واضح إلا في عصر الغيبة الصغرى.
ترتكز أهم نقاط الاختلاف بين المذاهب في الحديث أن الشيعة تعتقد أن كلام المعصوم له نفس القيمة التي لأحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، الإمامة يحددها الله سبحانه وتعالى، وتواصل الأئمة حتى الغيبة الصغرى، كل حديث عند السنة لا بد أن يرتبط بالنبي صلى الله عليه وسلم، بينما عند الشيعة إذا نسب إلى واحد من الأئمة عليهم السلام يكفي.
نرى أن الإمام الباقر والإمام الصادق عليهما السلام تدخلا أيامهما في الجدل مع الطوائف الأخرى، معظم الأحاديث التي يملكها المسلمون تنسب إلى الإمامين وخاصة الإمام الصادق عليه السلام، كان جدلا نموذجيا بالنسبة إلى الشيعة وكان العالم الإسلامي كبيرا والطوائف الشيعية موزعة على مسافات بعيدة، وكان لا بد أن يتصدى شخص ما للدفاع عن المصالح الشيعية وأن يناقش ويحاور.
نشأ رجال نشيطون شجعان متحمسون من بين صفوف طلاب العلم أخذوا على عاتقهم الدفاع عن نقاوة المذهب الشيعي، ولا بد في هذا الكفاح من وجود أساس عقائدي مشترك، والأساس الوحيد في الأصل هو فكرة الإمامة، وكانت نظرية الإمامة باعثا أساسيا على الجدل بين الشيعة، لأنهم لم يكونوا في الأغلب متفقين في الداخل على شخصية الإمام، وفي الخارج على عقيدة الأئمة على الإطلاق، وأحاديث الأئمة عليهم السلام كافية عند الجدل بالنسبة للشيعة، لكن مواجهة الطوائف تحتاج إلى براهين وأدلة أخرى، ولم يكن من الممكن مراجعة الإمام عليه السلام لكل أمر من أمور الناس، كانوا يسكنون بعيدا عن الإمام وكانت المجادلات تشتد في بعض الأحيان فجأة، عليهم أن يعينوا من يمثلهم فيها، وأن يعملوا كل ما في وسعهم، وتصحيح الإمام كان يصل متأخرا بسبب البعد وسوء المواصلات.
وهناك منافقون يتصرفون تصرف الشيعة ويصيغون أفكارهم في أثواب شيعية، لينشروا إلحادهم محتمين باسم الشيعة، وهناك فئة من التجار يبحثون عن الاستفادة من أحاديث الإمام إن كانت صحيحة أو غير صحيحة، وربما كثرة الاحاديث هي رغبة في الربح.
والعلماء الشيعة كانوا يعملون بجد وتفاني على حراسة هذه الأحاديث، فتسبب هذا بالتمزق في وضع أحاديث كثيرة وبما أن الأحاديث تلقى شفويا فكان التزييف سهلا، والإمام كان يريد أن تأخذ الأحاديث عن شخصه بحذر، ولعن كل من يشيعون الكذب عنه.
عاش في زمان الإمام الصادق عليه السلام معظم العلماء، وطلب من كل واحد منهم أن يتخصص في ميدان معين، فأوكل علم الفقه إلى (زرارة بن أعين) من أصحاب الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام) وكان من رواة الحديث وأوكل علم الكلام إلى (مؤمن الطاق) هو محمد بن علي بن أبي طريف الكوفي البجلي كان له محل صيرفة في طاق المحامل ولذلك لقب مؤمن الطاق،
ومسألة الاختيار إلى (الطيار) وهو محمد بن عبد الله الطيار وابنه حمزة، عد من أصحاب الصادقين (عليهما السلام)، ومسالة التوحيد أوكلها إلى(هشام بن سالم الجواليقي) مولى بشير بن مروان الجواليقي والجعفي، أصله من أهالي الجوز جان إحدى مناطق بلخ، أبوه من سبايا جوزجان فقيه ومحدث من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام والكاظم سلام الله عليهما، ومسألة الإمامة أوكلها إلى (هشام بن عبد الحق بن عبد الحكم) من رواة الحديث وهو من أصحاب الإمامين جعفر الصادق وموسى الكاظم عليهما السلام، قال عنه ابن حجر العسقلاني إنه شيخ الرافضة، لكي يتخصص التلاميذ وكان يعتمد على اختصاصاتهم، وفي حال غيابهم يتكفل للدفاع عن جميع الميادين.
كانت مساله التوحيد تشغل أهل العلم والاختيار والتشفير وصفات الله سبحانه وتعالى، وهذه الأسئلة المجردة الصعبة تتصل بعلم التوحيد مثل ما تتصل بعلم الفلسفة، لم يكن في وسع العلماء أن يسافروا إلى الإمام عليه السلام كلما استجد جدال، وكان على كل واحد منهم أن يكون تلقائيا بشكل مستقل، ولكل واحد منهم رأيه الخاص، ويتهم الراي الأخر ويلعن أصحابه، واحد يؤمن بالاختيار والأخر يؤمن بالجبر، والإمام عليه السلام أوضح لهم أن هذه الاختلافات في الراي ليست جوهرية، المسالة الرئيسية إنهم كلهم يؤمنون بالإمامة والإمام ودوره التقويمي.
الشيعة كانوا أحرارا في أفكارهم جميعها، على أنه لا يحق لآرائهم أن تكون مناهضة للإمام الذي يعد المقوم المكمل للمذهب الشيعي.
جاء كتاب الكافي وكتب الحديث الأخرى عند الشيعة ما يمكن الاعتماد عليه فيما ينتصر برايهم في طبيعة الإرادة الإنسانية وجوهر الله، لكن هذه الأحاديث اختلفت عبر المنقول وبشكل مفاجئ، فكان هناك اختيار وضده، هذا الاتجاه قائم إلى زمن الإمام الثاني عشر (عج) ليس الاختيار ولا هو الجبر، بالمنزلة بين المنزلتين، هذا رأي بان خصوصا الإمام جعفر الصادق فيما يتصل بهذه المسالة على أن آراء الشيعة عبر المنقول اختلفت، ولا يمكن العثور على خط موحد، هذا الجدل حتى ما بعد زمن جعفر الصادق عليه السلام، فقال بعضهم بالاختيار وبعضهم الأخر بالجبر، والواقع هناك اختلافات في كثير من المشاكل الفقهية والكلامية، كان الانقسام سنة علم التوحيد الشيعي، استمر حتى للغيبة الصغرى، هنا اقتضت الظروف فيها إيجاد أساس مشترك من العقائد.
|