• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : قراءة في كتاب .
                    • الموضوع : (تأملات في كتاب المصابيح لسماحة السيد أحمد الصافي)59 .
                          • الكاتب : علي حسين الخباز .

(تأملات في كتاب المصابيح لسماحة السيد أحمد الصافي)59

تميز المذهب الشيعي بمصادره الفكرية التي يعتمد عليها بعد القران الكريم والسنة النبوية، حيث تمتلك مرجعية أهل البيت عليهم السلام الكثير من المعارف الأخلاقية التي مكنتهم فكريا من صياغة معنى حياتيّ خاص، وإنشاء علاقة وثيقة بين الفكر والسلوك، فصار للشيعة معارف أخلاقية لا يمتلكها غيرهم، سعيا لترويض النفس الإنسانية لغرض (الانتصار على الذات).
صياغه الواقع الاجتماعي والتراثي الأخلاقي لمدرسة أهل البيت عليهم السلام يمنحنا الرؤية الأكثر نضجا للمجتمع الفاضل، لنحقق من خلال هذه الأخلاق الفاضلة التي يدعو لها أئمة أهل البيت عليهم السلام (الهدف من وجود الإنسان على الأرض)
الكثير من الدراسات المعاصرة تنظر إلى الأخلاق على أنها تحدٍ مقاوم ضد القيم المادية الحياتية، وتقر تلك الدراسات أن الأخلاق في تراجع إثر القيم الدينية في حياة الأفراد، وقد صنفوا المرحلة إلى مرحلة ما بعد الأخلاق، وراحوا يدرسون سبل العودة إلى الأخلاق، لهذا نجد أن كتاب المصابيح لسماحة السيد أحمد الصافي أدرك أن القوة التأثيرية في أدعية الصحيفة السجادية للإمام زين العابدين عليه السلام، تقدم المنهج الحقيقي للمفاهيم الأخلاقية ضمن الرؤية الأخلاقية القرآنية القادرة على الاستنهاض بالقيم الأخلاقية في كل مجتمع وفي أي زمان ومكان.
قراءة كل حكمة من حكم الصحيفة السجادية تأخذنا إلى عالم مضمونه واسع (وحلني بحلية الصالحين والبسني زينة المتقين في بسط العدل وكظم الغيظ) نلمس نزعة روحية وفكر يصنع لنا قيما، بإمكان العقل إدراكها ضمن مقوماتها الإنسانية ومنظومة راقية للأخلاق مكونة من أربعة دعائم مهمة
(الصلاح / الزينة / بسطة العدل / وكظم الغيظ).
تخصص فكر أهل البيت عليهم السلام بصياغة علم الأخلاق بصيغ ترتبط بالدين، بضرورة اقتران الإيمان بالأخلاق، الشعائر التعبدية ترتكز على فضائل أخلاقية ومحظورات أخلاقية، والهدف تربية النفس جاءت لإتمام مكارم الأخلاق وللمظهر الخارجي يمكن أن يكون هوية تعريفية للمهنة من خلال الزي والمنطق وبعض التصرفات المظهرية.
 سماحة السيد أحمد الصافي ينبهنا إلى تحذير الإمام السجاد عليه السلام لبعض المظاهر التي تستغل في بعض الحالات استغلالا سيئا، قد  يرتدي الإنسان  زي الآخرة رغبة بالدنيا، الإمام السجاد ركز على منهج يبين فيه المظهر الذي ينبئ عن الباطن حقيقة لا زيفا ولا خداعا، وذكر مجموعة موارد لها علاقة بالمطلب (حلني بحلية الصالحين) نحن بحاجة كبيرة إلى شرح أدعية الصحيفة السجادية كونها تعتمد على نشر المفاهيم الأخلاقية، الإعلام اليوم بما يمتلك من كتاب ومحدثين يعرضون الفلسفة الأخلاقية بخصوصية الحضارة الغربية، يتجاهلون عن قصد الأخلاق الإسلامية أو وضع هذه الثقافة الأخلاقية كجزء يتبع لعلم الأخلاق الغربي، بمعنى أنهم يعملون لإلغاء استقلالية الأخلاق الإسلامية وإخفائها من دائرة الفلسفة الأخلاقية، لا احد منهم يقرأ فلسفة الأخلاق في أدعية السجاد عليه السلام بالشكل الذي يعبر عن حضارة مستقلة وأخلاق لا تلتقي مع الفلسفة الغربية، كونها مرتبطة بالوحي ولها دوافعها ومنطلقاتها، وتصوراتها وأسسها وغاياتها وضوابطها رغم أن علم الأخلاق بعموميته لا يتعارض مع أخلاق الدين، وهدف الأئمة عليهم السلام هو نشر الأخلاق بشكل مؤثر يجعل للإنسان مثل أعلى، ممثلا في قيم ومبادئ حقيقية يقتدي بها.
نسال... ما هي حليه الصالحين (وحلني بحلية الصالحين) ما هي حليه الصالحين لكي يطلبها الإمام عليه السلام (والبسني زينة المتقين) يريد الإعلام العلماني أن يعزل أخلاق الدين عن التفاعل الإنساني ويصورها على أنها فكر يتناقض مع مضمون العقل، بينما العقل هو هبة الله سبحانه، كما هو الوحي، فالعقل والوحي من نفس المصدر، من الخطأ أن نعتبرهما مصدرين مختلفين، الإلزام الخلقي والدرس التربوي الأخلاقي للدعاء دقيق وعميق المعنى والجوهر، الإمام عليه السلام يعرفنا أن هناك من يتحلى بأخلاق قوم هو في الحقيقة ليس منهم، لا يريد أن يتحلى بحلية الصالحين وهو ليس منهم، وبين أن الصالح له حلة والمتقي له زينة.
لا يريد الاكتفاء بحلة الصالح فقط والباطن غير صالح، كي لا يقع في الرياء.
امتاز فكر الإمام عليه السلام على تبني الدلالات الأخلاقية ليظهر للناس إمكانية الفعل الأخلاقي، (العمل الصالح) الزينة الحقيقية، يقيم الجوهر الإنساني، إحالة الحكم القيمي على الأفعال الإنسانية وليس على المظهر، يروي سماحة السيد أحمد الصافي أن الجمهور كان يوقر مهرجا لحسن هندامه ومظهره مع خدمه، وهو مهرج يجعل من نفسه مهزلة ليضحك الأمير، والإمام الهادي عليه السلام وضع في خان الصعاليك توهينًا لقيمة الإمام عليه السلام.
والزينة الحقيقية هي الورع، أن يكون محبا لله والله سبحانه وتعالى وهب الإنسان العقل من أجل النظر للتوصل إلى العلم، ويسر له سبل العمل بالقدرة، لكي يمكنه من جعل ما أمره به من طاعات، ويبصره عما نهاه عنه من معاصي ورذائل، الكثير من التصرفات تخرج عن حالة العدل، وضرب مثلا بالمتصوفة ينكرون العمل ويعدونه باطلا وهم يستجدون من الأخرين ويحترفون الكدية، وتحت (عنوان بسط العدل) يرفض أن تكون هذه الطريقة وسطا، الله سبحانه وتعالى لا يريد رهابنة في الإسلام، بل يريد أن ينصف الإنسان نفسه حتى من نفسه، ليربي نفسه بنفسه، الإيمان هو الأمر الوحيد القادر على توجيه الإنسان إلى صفات الصلحاء، والتخلي عن الغضب، وركز الانتباه إلى حالة كظم الغيظ، ليكون من عباد الله المقربين، الغضب  هو من طبائع إبليس ويجر الإنسان إلى ويلات كثيرة قد تخرج من حدود الشخص نفسه، وتعبر إلى مديات كبيرة، تضمن غيظ من موارد الأخلاق العالية، والأخلاق كثيرة ولله الحمد...




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=200176
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 02 / 18
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23