الإحراجات التي يمر بها المعلمون كثيرة، وخاصة حين يباغتك أحد التلاميذ بسؤال غير متوقع، عن كل شيء يسألون، لكنها ليست أسئلة اختبارية، أو القصد منها أحراج المعلم، بل هم يعتبرون المعلم كنز المعلومات الأول، وعندما يجهل المعلم السؤال يستغربون، لا يصدقون أن معلما لا يعرف جواب سؤال.
المهم أحد التلاميذ سألني أين تقع نينوى؟
اعتقدت حينها إنه يسالني عن الموصل، لكنه أعاد صيغة السؤال 
- أين تقع نينوى كربلاء؟
أحرجني السؤال كثيرا، لأنني لا أعرف عنها شيئا، لم يكن حينها جوجل موجودا لألجأ إليه كما يفعل المعلمون اليوم، 
سألت الأستاذ عبد الرزاق عنها فأجابني
- نينوى هي من الأسماء التاريخية لكربلاء
قلت لم أسمع عنها ولم أقرأ شيئا، أو ربما لم انتبه بأننا نمتلك نينوى غير الموصل، نينوى كربلائية، أجابني
- إنه اسم منطقة في شمال شرق كربلاء، عندما دخلت قافلة الإمام الحسين عليه السلام نينوى، بعد قصر بني مقاتل منع الحر بن يزيد الرياحي الإمام من التوقف في هذه المنطقة، امتلكني الفضول لماذا؟
ما الذي كان يخشاه الحر من نينوى؟ ربما كان يخاف من نصرة أهلها مثلا؟
 - قال الأستاذ عبد الرزاق الحكيم تقول الأخبار أن قافلة الإمام الحسين بعد مغادرتها قصر قاتل وعند توقف القافلة جاءت رسالة ابن زياد إلى الحر وكانت أوامر ابن زياد أن لا يوقفوا قافلة الإمام الحسين إلا في منطقة قاحلة، ولذا أخرجوا الإمام الحسين من نينوى وأوقفوها في كربلاء، حدث أمر من الأمور التي لا بد أن تقرأ وأن تدرس وأن نتأمل في معناه،
 قلت خيرا ما الذي جرى في نينوى من أمر؟
 قال الأستاذ عبد الرزاق الحكيم
 - إن الحسين عليه السلام اشترى الأرض من أهالي نينوى والغاضرية مقابل 60000 درهم، ثم أعطاهم الأرض التي اشتراها منهم بشرط أن يستقبلوا زوار كربلاء، قلت وما الذي حدث؟ أجابني 
- ورد في بعض المصادر أن سكان نينوى، لم يعملوا بالشرط الذي وضعه الإمام الحسين عليه السلام، ويستند السيد بن طاووس على حديث يعتبر فيه الإمام الصادق حرم الإمام الحسين عليه السلام مشروعا لأبنائه وأتباعه ومحرما على أعدائه، يعتقد أنه على الرغم من أن أرض الإمام الحسين عليه السلام قد أعطيت لسكان الغاضرية ونينوى من قبل الإمام الحسين عليه السلام إلا أن عدم التزامهم بشرط الإمام أدى إلى نزعها من ملك أهالي نينوى والغاضرية أمور كثيرة تستوقفني وأريد أن أعرفها من الأستاذ، أين حدود نينوى اليوم؟ قال الأستاذ أبو ثامر 
- إن كلمة نينوى استخدمت في كثير من الموارد بدلا من كربلاء واعتبرها بعض المؤرخين إن نينوى هي محل استشهاد الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه في واقعة كربلاء بدلا من كربلاء، واحد أسباب هذا الاستخدام هو أن كربلاء كانت ناحية من نواحي نينوى.
قلت أريد أن أعرف المصادر لو تحفظها؟ أجابني
- المصادر كثيرة منها أوضح المسالك إلى معرفة البلدان، قلت لمن هذا الكتاب قال ابن السباهي زاد من علماء الجغرافيا، وكتاب موسوعة العتبات المقدسة الجزء الثامن صفحه 197 للخليلي،
كانت نينوى محطة توقف لزوار الإمام عليه السلام بعد أداء غسل الزيارة، كان الزوار يذهبون من الغاضرية أو نينوى باتجاه حرم الحسين عليه السلام ليلا ليعودوا إلى نينوى قبل الفجر خوفا من أعوان بني أمية، ليظهر لهم أن من جاء إلى هذه المنطقة لم يكن مقصده زيارة كربلاء وإنما نينوى، وممكن التوسع في المعلومات، هناك كتاب تاريخ كربلاء والحائر الحسيني الكلدار، مرت مرحلة صمت، ثم قال وكانه تذكر شيئا 
- نسيت أن أقول لك أن المستشرق الفرنسي لويس ماسينيون بكتابه خطط الكوفة كتب أن كربلاء كانت قديما معبدا للكلدانيين بمدينة تدعى نينوى التي تقع إلى الشمال الشرقي من كربلاء الحالية.
قلت هل من المعقول أن تكون مدينة بهذا العمق ولا تحمل غرسا علميا؟
- أجابني طبعا ليس هذا الأمر من الأمور المعقولة، قلت:
لكن دعني أعرف؟ فأجابني بحماس
- من فطاحل علماء كربلاء المقدسة ومن كبار المحققين والرواة ذكره السيد محسن الأمين في أعيان الشيعة هو حميد بن زياد بن حماد من أهل نينوى، وجاء تعريف هذا العالم في عدد من مصادر كتب الشيخ في الفهرسة حميد بن زياد من أهل نينوى، قرية إلى جانب الحائر الحسيني، وله كتب كثيرة (الجامع من أنواع الشرائع - الخمس - الدعاء – الرجال) من روى عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام - كتاب الفرائض ـ الدلائل - ذم من خالف الحق وأهله - فضل العلم، وبعدها قلت أسأل من أين جاء اسم نينوى؟
- أجابني مبتسما أن أغلب سكان هذه القرى هم من الأشوريين الذين أسروا من قبل البابلين فاتخذوا من هذه المنطقة قرى يحمل بعضها اسم مدنهم الشمالية نينوى، خرجت من محل الأستاذ عبد الرزاق الحكيم مسرورا أتمنى أن يسالني احد التلاميذ يوما مثل هذا السؤال، إلى الآن ليس هناك من سأل، كفاهم جوجل عن أي سؤال