• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : دبلوماسية الوقاحة .
                          • الكاتب : مازن صاحب .

دبلوماسية الوقاحة

لم تعرف الولايات المتحدة طيلة عمرها القصير الذي لا يتجاوز 250 عاما مثل نموذج الرئيس ترامب في وقاحة التعامل مع ضيوفه لاسيما تلك الدولة التي يرى ترامب وفريق عمله انها حصلت على دعم من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين، أبشع أنواع هذه التطبيقات حصلت مع الملك الأردني عبد الله الثاني ومع الرئيس الاوكراني فلادمير زيلينسكي، كلاهما واجه لغة المنافع الامريكية للحصول على فوائد سياسية وفق المنهج الترامبي غير المعهود في استقبال كبار الضيوف في البيت الأبيض.

يقارن ذلك في الفارق ما بين البيان العراقي عن المكالمة الهاتفية بين وزير الخارجية الأمريكي ورئيس الوزراء العراقي، حيث اكدت السفارة الامريكية ان وزير الخارجية ماركو روبيو قد أجري محادثة هاتفية مع رئيس وزراء العراق محمد شياع السوداني. 

وقد ناقش الطرفان الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والعراق وأهمية الحفاظ على استقرار العراق وسيادته. كما بحث الجانبان سبل الحد من النفوذ الإيراني الخبيث ومواصلة الجهود المشتركة لمنع عودة ظهور داعش وزعزعة المنطقة بأكملها. واتفقا على ضرورة أن يصبح العراق مستقلاً في مجال الطاقة، والإسراع في إعادة تشغيل خط أنابيب العراق-تركيا، والالتزام بالشروط التعاقدية مع الشركات الأمريكية العاملة في العراق لجذب استثمارات اضافية. وشدد وزير الخارجية على أهمية ان لا تصبح سوريا ملاذ آمن للإرهاب أو مصدر تهديد للدول المجاورة. والتزم الوزير ورئيس الوزراء بمواصلة التشاور حول قضايا المنطقة وتعزيز الشراكة الأمنية بين الولايات المتحدة والعراق.

فيما أشار بيان رسمي الى ان رئيس مجلس الوزراء تلقى اتصالاً هاتفياً من وزير الخارجية الأمريكي جرى خلاله البحث في مجمل العلاقات الثنائية بين العراق والولايات المتحدة، وسبل تعزيزها وتطويرها، موضحا " شهد الاتصال مناقشة مجالات التنسيق بين العراق والإدارة الأمريكية الجديدة، وأطر التعاون في سياق الاتفاقات الثنائية" وأشار الى انه "جرى استعراض التقدم الحاصل في العمل المشترك في مختلف المجالات، والاتفاق على تكثيف التواصل وتعميق التعاون".

يوضح هذا التباين بين نموذجي البيانين العراقي والامريكي، نموذجا اخر لدبلوماسية الوقاحة التي تعتمدها الولايات المتحدة في التعامل مع الدول بما يطرح السؤال لماذا يعتمد الرئيس ترامب وفريق عمله هذا النموذج؟؟ 

 تبدو الإجابة ممكنة على ذلك بالقول:

 أولا: هناك برنامج اعتمده فريق الرئيس ترامب في دورته الرئاسية الثانية للتعامل مع الداخل امريكي من خلال لغة غاضبة وقحة مع ملفات العلاقات الخارجية التي جعلت الإدارات الامريكية السابقة تصرف مليارات الدولارات من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين، لذلك كلف ايلون ماسك بوزارة " الكفاءة" لقياس مدة نجاعة تلك السياسات والإمكانات المتاحة لتقليص حجم الأموال التي تصرف على تلك الملفات الخارجية من دون منافع داخلية.

ثانيا: اصدر ترامب مجموعة من القرارات في مجالات عديدة أبرزها السياسة الخارجية والأمن والهجرة والاقتصاد، وقد أظهر منذ أيامه الأولى في السلطة عزمه على إحداث تحولات استراتيجية في السياسة الأمريكية في ملفات في غاية الأهمية في مقدمتها حرب أوكرانيا وحرب غزة والوضع في الشرق الأوسط والسياسة التجارية العالمية عنوانها إيقاف النزاعات والحروب، ولكن نتائجها تصب لمصلحة تعظيم الموارد الامريكية ، فهو ما زال ينتظر قرار القمة العربية المقبلة حول مشروعه في غزة ، فيما فشل في انتزاع موافقة الرئيس الاوكراني على صفقة المعادن النادرة بلا ضمانات امنية ، ويروج في تصريحاته ضمان امن حدود بلاده مع المكسيك وإخراج عدد كبير من المهاجرين غير الشرعيين القادمين منها .

 ثالثا: لا يقابل هذا النموذج الفج من دبلوماسية الوقاحة الترامبية نموذجا عربيا او إسلاميا، كما واجه رفضا أوروبيا وكنديا وربما حتى من الصين لحرب التعريفات الكمركية ، ثم تراجع عنه مع أوروبا وكندا ، فيما ما زالت الدول العربية مثل مصر الأردن تعلن رفضها مشروعه لتهجير أهالي غزة لكن هذا المشروع مازال يتكرر في تصريحاته بلا مواقف حاسمة للرفض عربيا واسلاميا ،ناهيك عن المواقف الإسلامية فلغة البيانات العربية ما زالت قاصرة على جعل ترامب يتراجع عن طروحاته حول "صفقة القرن" ومشروع الشرق الأوسط الجديد .

 رابعا: عراقيا، لم تنجح الحكومات العراقية في تفعيل تطبيقات الاتفاق الاستراتيجي بين واشنطن وبغداد ،بسبب تضارب مصالح الاجندات الحزبية، والفارق الواضح ما بين نصي بيان المكالمة الهاتفية بين وزير الخارجية الأمريكي ورئيس الوزراء العراقي، وفجاجة ان تعلن عنها السفارة الامريكية في بغداد، يعد تطبيقا لدبلوماسية الوقاحة الترامبية ، وتتطلب وقفة عراقية من تحالف إدارة الدولة ، لإعادة النظر الشاملة بمجمل سياسات ترامب في العقوبات القصوى عل ايران وما يمكن ان ينعكس كليا على العراق، والفشل العراقي في الخروج من عنق زجاجة هذه التحديات، يعني في النهاية مواجهة "دبلوماسية الوقاحة" بتطبيقات على الأرض ربما تتعلق بجوانب اقتصادية او امنية عسكرية ،ما زال العراق موضوعيا غير قادر على مواجهتها ،ومن دون بلورة موقف عراقي وطني رسمي، فان فصاحة بيانات التنديد وخطاب المحللين في البرامج التلفازية التي يشار فيها قيادات حزبية معرفة لن تكون الرد الأفضل عراقيا .

هذا غيض من فيض النتاج المتوقعة لسياسات ترامب الجديدة، والصمت عليها لا يعني مرور عاصفتها خلال السنوات الأربع المقبلة.. ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=200571
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 03 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 3