• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : وصايا المرجعية الدينية العليا للمقاتلين ومنهج أهل البيت (عليهم السلام )، قراءة في بحث الدكتور يوسف شفيق الرضوي .
                          • الكاتب : طارق الغانمي .

وصايا المرجعية الدينية العليا للمقاتلين ومنهج أهل البيت (عليهم السلام )، قراءة في بحث الدكتور يوسف شفيق الرضوي

   لابد أن يكون الإنجاز الفكري صادر وفق قواعد رصينة قادرة على قيادة الأمة بالاتجاه الصحيح، ومنجز بحجم وصايا المرجعية الدينية للمقاتلين يخضع أولا لمنهجية أهل البيت (عليهم السلام )منهج الحرية والعدل والسلام وثانيا لفاعلية الأثر الجماهيري لمرجعية السيد علي السيستاني دام عزه، وعدالة فتوى الدفاع  المقدسة ومواكبة الأحداث والأزمات السياسية وتعقبها والقضاء عليها قبل أن تستفحل وتصبح عصية على الانقياد فتنفلت الأمور إلى حرب أهلية طائفية، وهذا هو أول المقاصد التي قادت الجهات المندسة داخليا وخارجيا لا فتعال الحرب تحت مسميات عديدة.
 لابد من التحرك حول محورين الأول الباحث وفاعلية قراءة المنجز فكريا ومعنويا فهو الباحث الدكتور السيد يوسف شفيق البيومي الرضوي من لبنان يعمل في المركز الإسلامي للدراسات التابع لسماحة المحقق آيه الله السيد جعفر مرتضى العاملي، طالب علوم دينية مرحلة البحث الخارجي، دكتوراه حقوق في القانون العام الجامعة الإسلامية في لبنان، إجازة بكالوريوس في التاريخ الجامعة اللبنانية ،إجازة بكالوريوس في العلوم السياسية والإدارية من جامعة لبنان، كان شيخا من مشايخ الوهابية استبصر بنور محمد وآل محمد قبل 20 سنة . لديه منجز فكري ضخم رحمه الله وكانت علاقته مع العتبات المقدسة وخاصة إعلام العتبة العباسية المقدسة ومجلة صدى الروضتين علاقة روحية فهو أحد كتابها منذ أكثر من عشر سنوات وشارك في أغلب مهرجانات العتبات ومؤتمرات العتبة العباسية المقدسة.

 والمحور الثاني هو فاعلية الفتوى المقدسة وحيوية تلك الوصايا حسب رؤية الباحث السيد الرضوي يرى أن الجهاد في سبيل الله هو أساس الدين في مواجهة أهل الجور ،التغيير الجذري الذي أحدثه الدين في تثقيف الوسائل وصولا إلى غايات سامية جعل بعض الناس يستصعب عليهم المثول .كانت القبيلة تسعى أن يكون الدين وفق مسلكهم أو تفكيرهم والنتيجة خلق عملية جمعية نفعية هدفها تحقيق مكاسب وقتية، تعتنق الحروب من أجل الغنائم وكسر شوكة المنافسين بالقوة الغاشمة ومثل هذه الحرب لا تعرف أي استثناء أو حدود لقيم إنسانية، كل شيء عندها مباح، صرنا نحتاج الى تشخيص القيم والمفاهيم الثقافية والفكرية، بمفهوم الدين الفكر الدخيل على ثقافة المجتمعات العربية انشأت تلاحم بين الموروث القبلي والفكر المستورد ، استثمر من قبل الجبرية السياسية التي جعلت من القسوة حربا على القريب والبعيد بينما الإسلام كدين كان يؤكد على الوعي الانساني الرشيد الذي لابد أن يتسلح به المقاتل ،واذا كان العمل الجمعي يشتغل على التعصب الطائفي الذي يرفض المسالمة والوسطية وعلى القبلية المهلكة التي تبتعد في كثير من فعالياتها عن احترام الصالح العام، واذا بسماحة السيد المرجع السيستاني /دام عزه ، وسط هذا التحارب يصدر وصاياه ونصائحه ويجعلها واجبا على كل مقاتل يدخل ميادين الحرب،  أن يلتزم ويحافظ على القيم الانسانية.
تبحث الوصايا في شان الوعي الحقيقي للتغيير، الجهاد من أجل إجراء التحولات الإيجابية في المجتمع على الصعيد الفكري في العديد من القضايا الجوهرية منها الحدود الأخلاقية وآداب كرسها الدين . استثمرت المرجعية القداسة للصالح الوطني الإنساني ولعالم الهوية، ويرى الباحث السيد الرضوي أن المعاملة الإنسانية تتناغم مع الفطرة الإنسانية، ليصل إلى نتيجة إن هذا الوعي سيخلق تواصلا بين عامة الناس وأهل الاجتهاد في الأمور الجهادية ، في زمن يشكو الفوضى المعرفية التي حولت القوة الإصلاحية نحو التعصب في تطبيق الفكر لتنمو عقلية الناس بعيدا عن الإنسانية في فهم الدين والثقافة والحرية والالتزام. مسالة الفعل الجمعي أدرك أن النتيجة تراعي مقام المرجعية في حفظ الدين ،ونجد أن مفهوم السلام في الحرب سيجعل من صفاء السلام مستقرا للأمان ، لو قرأنا تلك النصائح والوصايا قراءة تأملية لنجدها مسقاة من منهل أهل البيت (عليهم السلام) ، المرجعية المباركة لم تتصرف بمعنى حاكمية الأكثرية ،بل سعت لبناء الأمور على الرؤية العلمية ومسير الصواب ،القضية في غاية الدقة ، المرجعية المباركة وازنت بين الفعل الجمعي أمام الميول العاطفية، كسيد الشهداء الحسين (عليه السلام) أتخذ لغة الحوار حتى آخر لحظة إلى أن استعملوا العنف معه (عليه السلام) ،والدرس العاشورائي المهم أن العقل الجمعي لا يمثل ضمانة وإنه قابل للهزيمة أمام مغريات المال والجاه.
أصبح بعض الناس ينقاد إلى هوى الإمارة يقول أمير المؤمنين (عليه السلام )«وكم من عقل أسير تحت هوى أمير»، الوصايا كانت هوية سلام في وقت الحرب ، التزام إنساني بظل صبر المؤمنين على اتقاء الفتنة المؤدية إلى اشعال الحروب ومواجهة الفكر المتشدد و المتعصب بسحب البساط التاثيري عنه ويحمي العقول من التأثر بدعوات الزيف ممن يرون أنفسهم أنهم الممثلون الحقيقيون للدين ،وتفكيرهم المحدود الذي يستوردوه من خلف الحدود ليشعلوا الفتنة وخلق منهج موضوع بدل المنهج الإلهي هو في غاية الخطورة. أن يجتمع كل حزب ليصبح دين ويرفع منهجا باسم الإسلام يذبح من لا يؤمن به بحجة الدفاع عنه فيكون فيها الإنسان ضحية و جلاد حين ينخدع بشعارات الزيف والدمار ، يصادر حقوق الآخرين بداعي مسميات الجهاد. هذه الثقافة التي اكتسبها بعض أبناء المجتمع ترجع إلى النصوص التاريخية أو الشرعية التي جعلتهم يتمسكون بالتكفير والإرهاب، بعضهم يعبر عنها بخطاب  المرحلة ،والحقيقة التي ركز عليها السيد يوسف الرضوي إنه خطاب مراحل إجتمع في مرحلة تعد بيئة مناسبة وملائمة لأحياء الرؤية المتطرفة ،قراءات ضيقة الرؤى تعمم على الدين بعدما يصبغوها باللون الذي يريدون، هذا الإجتهاد الموضوع سيقود الناس إلى افتعال حروب هم في غنى عنها وإنما تبحث عن غنائم، بينما الدين الإسلامي حذر أتباعه من الإعتداء على الآخرين لخلق توازن بين الرؤيتين وترسيخ مفاهيم قادرة على توضيح شرعية الدين من الحرب وحرية المعتقد عند الإسلام تستمد قوتها من جذور نشأتها وبالتالي فهي فكرة تجددها مرهون على الزمن والعقل الذي يتبناها ويبعث فيها الحياة من جديد، وهذا ما يتبناه التكفيرين والارهابيين إذ عملوا بين الفكر الذي يبرر أفعالهم بل يجعلهم يظهرون بصورة البطل المنقذ وهو أمر له أثر في إغراء فئة الشباب،  نجد أن العقلية البائسة اشتغلت على تشجيع الظلم والجور والطغيان في زمن ينعم بالخير والأمان ،واشاعوا بعض النصوص على أنها قول رسول الله (صلى الله عليه واله) وهي تجسد لغة العنف والسب، وتنسبها للنبي (صلى الله عليه واله وسلم) ،والنبي يقول « الشحناء ليست من طبيعتي ولا شأني » ويعملون على إحياء بيئة العنف والتطرف باسم الدين ، وهذا الأمر سيقود الناس إلى افتعال حروب هم في غنى عنها .
كانت المرجعية المباركة ،تمثل حركة العقل واشراقة تعانق الفكر القيادي للإمام علي (عليه السلام) والمنهج الحسيني ولوصايا المرجعية للمقاتلين ما يعمل لبناء المجتمع بناء سليما يمتد إلى آفاق إنسانية رحبة و مثيرة وكانت روح الأثر الديني هي نصائح المرجعية ووجها من وجوه الوجود الحي والفاعل ويقظة الإيمان في عصر اشتغلت العقلية البائسة لتشجيع الظلم والجور والطغيان كي لا ينعم الناس بالإسلام ،في العراق خطاب يرفع شعارات الطغيان اوردوها ضمن نطاق المأثورات ،اشاعوا نظرية المستبد العادل وحقوق الأقوى استشرى الظلم في زمن كان الامام علي (عليه السلام) يعمل على نظرية «الناس صنفان أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق » بمعنى إن الاسلام يحترم خصوصيات الآخرين ، الدور كان كبيرا للمرجعية في تربية المجتمع واعدادهم وربط الأمة بمفاهيم الإسلام الحقيقي من أجل إبقاء الدين منارا يهتدى به والحروب طغت على التفكير السياسي الذي يلبس هوية الدين وجعل فوضى الحرب معيارا لقوة الدولة، جعلوا الحرب مضامين مبهجة وقضية من قضايا الإيمان . يرى الدكتور يوسف شفيق الرضوي أن الأحكام المسالمة داخل رؤى الحرب ليس ضعفا بل تمسكا بالهوية الإسلامية المؤمنة، لإن الحرب في المفهوم الديني ليس لتصفية الخصوم و سلب أعراضهم وإنما محددة بأهداف أكثر سمو كونها حربا من تخطاها تجاوز حدود الهوية ولم يكسب رضا الله سبحانه وتعالى، 
استشهد الدكتور الرضوي بفكر الإمام الرضا (عليه السلام )في معنى الحكم «وان لا  أسفك دما حراما ولا أبيح فرجا ولا مالا إلا ما سفكته حدود الله »ليصل الباحث في التركيز على مفهوم سفك الدم في غير محله يعد حراما )هذا هو رشاد إمام معصوم ورؤيته التي رسمت لنا منهجا من مناهج القيادة .
كان المرجع السيد السيستاني يتواكب مع الجانب الدفاعي والمقاومة للحفاظ على الهوية في مواجهة الغزو الخارجي وحفظ الإسلام من الأخطار الفكرية، والجنبة الأخرى يثبت ثقافة الإعتداء والتسامح بين المجتمعات لإعادة بناء الإنسان الحضاري الفاعل في مجتمعه والمنتج وليس عالة على الآخرين ، يفهم حقيقة الإسلام ومهمته ونشر الإيمان والسلام ونبذ العنف الحروب وما تنتجه من أزمات الفكر. يسأل الدكتور الرضوي:ـ ماذا لو أردنا محاكمة فكر الحرب في الواقع التاريخي لوجدنا أن الكثير من عوالم الإرث بنى قاعدته على عدم مراعاة القيم الدينية والابتعاد عن روح الدين، المشكلة هي في تغييب النص الرسالي وهو الذي كان حاضرا في قلب الحياة يقول الإمام الصادق (عليه السلام )، كان النبي (صلى الله عليه واله وسلم) إذا أراد أن يبعث سرية من العاملين كان يجلسهم بين يديه ويقول لهم سيروا بسم الله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله( صلى الله عليه وسلم ) لا تغلوا ولا تغدروا ولا تقتلوا شيخا ولا صبيا ولا امرأة ولا تقطعوا الأشجار الا أن تضطروا اليها ، والشعب العراقي أعتبر المرجعية من أهم الركائز التي يعتمد عليها في معرفة الحقائق من حيث البعد العقائدي والبعد السلوكي الإجتماعي والبعد التاريخي يعتني بآمور السياسة كون لها الدور في الرؤية المستقبلية في المجال السياسي ويرتكز الإعتداء في شؤون الناس والحفاظ على حقوقهم.  والمرجعية تريد تتربع على أكبر قاعدة جماهيرية لنشر الوعي وتنمية الفكر.
يرى السيد يوسف الرضوي أن المرجعية الدينية اعتمدت على هذه الوصية ، هي توجيه النصائح للمقاتلين، ويتأمل الباحث في ترجمة الوصية:
أولا- أن يكون الجهاد باسم الله ليحملوا هذا الاسم، اسم الله في قلوبهم وتصرفاتهم أفعالهم وأعمالهم، ومن سار على اسم الله لابد من الإلتزام بأخلاق الله، وإلا كان سيره عبثيا. وأن سيروا في سبيل الله، وعلى ملة رسول الله (ص). البحث عن رضا الله، وإطاعة الله، وآداب ومنهاج الرسالة المؤمنة.
ويستشهد الباحث بالحسين (عليه السلام) حين استقبل حجرا في جبينه، فقال: «بسم الله وعلى ملة رسول الله»، ورفع رأسه الى السماء وقال: «إلهي إنك تعلم أنهم يقتلون رجلا ليس على وجه الأرض ابن بنت نبي غيره». ركز الباحث على مسألة مهمة، البحث عن الأزمة بصورة غير مباشرة، وتعرية الفكر المأزوم  ، الذي عمل على اشغال المسلمين بالحروب والغلو والتمثيل والتضليل ونزوح هوية الإسلام.
سعى الباحث من هذا المنطلق في التذكر بقيم التأسي المؤثرة فكريا، ومن خلال نقاط التدبر سينكشف واقع الزيف السياسي الذي شاء أن يقود الدين إلى معترك الطائفية والعنجهيات الفكرية المتأزمة.
كان النبي يحرص على عدم الغلو، والغلو غلول، والغلول خيانة، وكان يمنع التمثيل (قطع الأذن، الأنف، قلع العين، حز الرأس). اشاعوا أن الحرب خدعة وعلى المقاتل ان يتوسل كل السبل حتى يحقق النصر، ولو بالخدعة.
الفكر الرسالي المحمدي كان يجيز الخدعة في حدود المعقولية الساعية إلى نصر الدين، وليس نصر المكاسب الشخصية. مفهوم الحرب شكل أزمة عند العرب المسلمين منذ القرن الهجري الأول، أي بعدما أصبحت تلك الحروب عبارة عن أشكال من الصراع على الحكم بمعنى القتال بين طرفين يشهدان شهادة أن لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله.
صنع لنا غايات الحرب المؤمنة، وأصبح المقاتل المسلم بحاجة إلى وصايا تقوده إلى مفهوم الحدود الشرعية داخل الحرب. واستشهد الباحث بكتاب الإمام علي (عليه السلام) الى مالك الاشتر: «ولا عذر لك عند الله ولا عندي في قتل العمد؛ لأن فيه قود البدن»، فهذا التحذير استشهدت به المرجعية المباركة، وبمفهوم معاصر هو عدم استخدام القدرة والسلطة على الغير؛ تمسكا بحكمة أمير المؤمنين (عليه السلام): «فلا تقوي سلطانك بسفك دم حرام» عسانا نصل إلى قناعة بأن هذه الوصايا هي رأس مال الفكر.
سعى الإسلام إلى بث روح السلام والعدل، وتبني القضايا المثابرة بين أي طرف ونزاع. الإمام علي (عليه السلام) حين طلب منهم ثلاثة أشياء: أولا لا نمنعكم مساجد الله، ولا نمنعكم الفيء مادامت ايديكم معنا، ولا نبدأكم بقتال، وقال: إن سكتوا عذرتهم، وهذا ما فعله الحسين (عليه السلام) في كربلاء مع وجود فرصة الانتصار بالمباغتة.
اختصار مفيد لتلك النصائح إنها لمراعاة مبدأ الإنسانية وعدم تنفير الناس وتكفير مذهب وأمة، فمن شهد الشهادتين كان مسلما يعصم دمه وماله، ويقول الإمام الصادق (عليه السلام): «إن عليا لم يكن ينسب أحدا من أهل حربه إلى الشرك ولا الى النفاق (أخواننا بغوا علينا) إنا لم نقاتلهم على التكفير لهم ولا نقاتلهم على التكفير لنا».
والنصائح فكر خصصته المرجعية سعيا لبناء الروح عند المقاتل. وأرى في مجمل القراءة إنها ترمي إلى معالجة العنف الذي اقترن في المعارك؛ لذلك شجعت المرجعية على الصلاة في ميادين القتال؛ كونها توظف لرقة القلب والاتصال مع الله سبحانه تعالى، رغم غضب المقاتل ورؤيته العنيفة للأشياء في مواقع القتال، وأحيانا تنسحب تلك الرؤية وذلك العنف ليشمل حياته الخاصة.
شحنة روحية من الإيمان ، تهدئ روع المشاعر، وترسم معالم رؤية ضميرية للإحساس القلبي والعقلي، لتأسيس مجموعة من المباني القيمية مثل ترك العصبيات والتمسك بمكارم الأخلاق.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=200574
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2025 / 03 / 03
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 3