خلال فترة دراستي، سواء في المدرسة أو الكلية، لاحظت الكثير من التغيرات في طباعي وصفاتي. تغيرات قد تكون جيدة أو سيئة، جعلتني أبدو مختلفة قليلاً عن أفراد أسرتي. على سبيل المثال، تغيّرت لهجتي، وطريقة كلامي، وأسلوب تعاملي، وأسلوب السلام، وغيرها من التفاصيل الصغيرة.
فجلستُ أفكر بيني وبين نفسي كيف اكتسبت هذه الطباع؟ كيف تغيرت طريقتي في الكلام؟ وكيف أصبح أسلوبي في التعامل مختلفًا؟ حتى توصلت إلى أن ما طرأ علي من تغييرات في العادات والأفكار يعود إلى الأشخاص الذين قضيت معهم وقتًا طويلًا وتعلمت منهم، سواء كانوا أساتذة في المدرسة أو الجامعة، أو مدربين عبر الإنترنت، أو حتى ضيوف حلقات البودكاست.
يصر أحد أساتذتي على أن يلزم كل شخص تخصصه ويؤدي المهمة المكلف بها من باب "أعطِ الخبز لخبازه"، حتى وجدتُ نفسي أصر مثله تماماً...
تؤدي أستاذتي في مادة علم وظائف الأعضاء شرح محاضراتها بكل إخلاص، حتى وجدتُ نفسي ما إن أُكلف بعمل، أحرص على أن يكون الإخلاص بالعمل هو نصب عيني..
هذه المواقف وغيرها من المواقف جعلتني أدرك كيف أن الشخص الذي نقضي معه وقتًا طويلًا، لا يمر الوقت إلا ونحن نتأثر بما لديه من أفكار وأساليب. الحمد لله الذي منحني الفرصة لمرافقة الجيدين الذين أثروا فيني بشكل إيجابي. كما أنني أحمد الله على أنني بُعدت عن رفاق السوء الذين ما كُنت لأجني من مرافقتهم إلا تأثرًا سلبي.
هذا الأمر جعلني حريصة على نوعية الأشخاص الذين أقضي معهم وقتي. على سبيل المثال، ذات مرة اشتريت مجموعة من الكتب، وكان من بينها كتاب انتشر بشكل كبير، ولكن حين بدأت بقراءته، شعرت أن أفكاره لا تتناسب مع قيمي. فتوقفت عن قراءته بكل بساطة. وأيضًا، على مواقع التواصل الاجتماعي، أتعمد متابعة الأشخاص الذين يتوافقون مع مبادئي. إذا كان شخص ما لا يضيف لي شيئًا إيجابيًا أو يتعارض مع قيمي، فأنا أختار ببساطة الابتعاد عنه.
كما قال أحدهم: "اسأل عن الرفيق قبل الطريق". لذلك يجب علينا أن نكون حذرين في اختيار الأشخاص الذين نرافقهم. لا يوجد شيء اسمه "أنا أُجازف بالبقاء ولن أتأثر"، لأن الإنسان بطبعه يتأثر بمن حوله.
وفي بعض الأحيان، قد نجد أنفسنا مضطرين للتعامل مع أشخاص ليسوا الخيار الأفضل. في هذه الحالات، علينا أن نكون واعين وأن نراقب أنفسنا جيدًا، ونسعى للحفاظ على مبادئنا وعدم التأثر بما لا يتوافق مع قيمنا.
في النهاية، يجب أن ندرك أن الأشخاص الذين نحيط أنفسنا بهم ليسوا مجرد معارف أو رفقاء، بل هم جزء كبير في تشكيل هويتنا. قد يكون التأثر بهم إيجابيًا أو سلبيًا، لكن الاختيار الواعي لمحيطنا هو ما يصنع الفارق. دعونا نسعى لأن نكون مصدر تأثير إيجابي للآخرين لنسهم في تشكيل جزء من هويتهم.
|