لا يهمني ما اقرأ من كتاب وإنما الذي يهمني كيف أتنفس فيه؟
كيف أبحر بأفكاري إلى عوالم اليقين؟
العين تقسم أنها لم تره، والقلب يصر على ألفته، وكل ما في الروح يأوي إليه.
المهم أنى أعرفه قبل أن يخلق الله لي العين، فمن العقوق أن نجحد يوما فضل شهيد وتسألني كيف عرفت أنه شهيد؟
قلت رائحة التاريخ تعبق فيه وولاء لأهل البيت عليهم السلام، قف ونادي باسمه عند ضريح أنصار الحسين عليه السلام، ستسمع لهفة الإجابة، أتقدم إليه الست أنت...؟
فأجابني: ـ نعم أنا الشهيد الأدهم بن أمية العبيدي
قلت لهذا أراك يانعا بالحياة تستقبل ضيوفك بالصلاة على محمد وآل محمد، والصلاة على محمد وأهل بيته في حضرة الشهيد تكون أكثر بهجة ويقينا، كنت أعرف تماما أن شهداء كربلاء ينهضون عند كل محرم ينتشرون في كربلاء الحسين عليه السلام، يرحبون بالزائرين، قال: ـ أنا الأدهم أبن أمية الخزاعي بن أبي عبيدة الحارث العبدي البصري،
قلت المدون عندنا في لائحة الشهداء أنصار الحسين عليه السلام إنك الشهيد أدهم بن أمية العبدي، قال:
ـ نعم أنا هو والخزاعي نسبة إلى خزاعة، والبصري نسبة إلى سكني البصرة، وأنا شيعي موالي لسيدي الحسين وابن صحابي من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، واليت الإمام علي بروحي وسكنت البصرة، كنت من شيعة الحسين المعروفين فيها.
قلت أساله من الذي أخبرك بخبر كربلاء وأنت في البصرة؟
- قال وصلت رسالة الحسين عليه السلام إلينا، وكان شيعته في البصرة يجتمعون في بيت ماريا بنت منقذ العبدي، وكان منزلها ملتقى الشيعة يتحدثون فيه عن أخبار الحسين عليه السلام، وهم يعدون العدة لتجيش جيش يذهب لنصرة الحسين عليه السلام، لما بلغ الخبر ابن زياد عن إقبال الحسين عليه السلام إلى العراق بعث إلى عامله في البصرة، أن يسد الطرق ويضع الجواسيس عليها، ليمنع شيعة البصرة من الالتحاق بالإمام الحسين عليه السلام، وتحرك الإعلام المضاد الحكومي لتحصين شتاتهم وتياههم، الخطباء يمجدون يزيد والوعاظ على منابر الهاوية يهتفون باسم يزيد لعنه الله، والكل يمجد الظالم ويرص الصفوف ضد الحسين واهل البيت عليهم السلام، ويعد العدة لمواجهته بينما الشيعة أيضا تعد عدتها بصمت وحذر لهذا كنت أميل إلى حماس صديقي يزيد بن ثبيط الذي كان يرى أن البصرة ستتخلف عن نصرة الحسين لضيق الوقت ولشدة الحصار على البصرة، ولهذا قرر أن يلتحق بالحسين عليه السلام كي لا تفوته الشهادة، سالته أ لم يصبك شيئا من الإحباط، شيء من الحنين إلى البيت، ألم تحسب حسابك لحياتك، لبيت، أهلك، ناسك؟
- أجابني بالعكس أنا كنت أكثرهم حماسا للشهادة، أشجع أولاد صديقي يزيد بن ثبيط أن لا يتركوا أباهم لكنهم تخلفوا ليلتحقوا مع جيش أهل البصرة، وتحرك معه عبد الله وعبيد الله من أولاده معنا، فكنا أربعة، سألته:
ـ أين التقيتم بالحسين عليه السلام؟
كنت اشعر بفرحه وهو يحدثني عن سعادته عن رحلة جهاده مع الحسين، التقينا به بالأبطح من مكة، ثم كنت معه حتى أتينا كربلاء.
أريد من لقائي مع الشهيد أن أدرك معنى الشهادة فرحة الفوز بالموت والولوج إلى أعماق التاريخ، كيف يتجاوز الإنسان الموت بموت ليعيش رغم الموت؟
كيف من قاتل الحسين مات ومن قتل مع الحسين شهيد لم يزل ينبض بالحياة، يزار كل يوم تزوره آلاف الزوار من كل جيل على مدى التاريخ
- قال لي من أجمل ما عشته في الحياة أني ختمتها بالشهادة مع الحسين، وأن أقف شامخا لأقاتل معه للنفس الأخير، سمعت مناديا يخبر السماء استشهد الأدهم العبدي فرحلت مع الحسين إلى الله سبحانه إلى دار النعيم.
باركت له حسن العاقبة وقلت له يا ليتنا كنا معكم، فابتسم لي وقال أنتم معنا بعون الله تعالى.. أنتم معنا
|