• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الزوجـة الرابعـة خطـر على المـرأة العـربية ..!! .
                          • الكاتب : رضا عبد الرحمن على .

الزوجـة الرابعـة خطـر على المـرأة العـربية ..!!

 يعتبر الوهابيون المرأة نصف المجتمع ويؤمنون بذلك في حالات معينة ومحددة منها اعتبارها وسيلة أساسية لامتاع الرجل وخدمته وتفريغ شحناته ونزواته التي تفقده أحيانا إنسانيته ، أو استغلالها في العمل السياسي بحشد النساء والبنات للتصويت لمرشح ديني يعتنق الفكر الوهابي ، وفيما عدا ذلك تقريبا يتعامل معها على أنها ناقصة عقل ودين ومخلوقة من ضلع أعوج ، وكأنه بوهابيته الظالمة المُظلمة يعلم الغيب وشاهد كيف خلقهن الله جل وعلا  ، تناسوا جميعا بكل جهل أن المرأة التي يدّعون أنها مخلوقة من ضلع أعوج وأنها ناقصة عقل ودين هي الأخت والزوجة والبنت ، وقبل كل هذا فهي الأم التي أنجبت فكيف تنجب ذات الضلع الأعوج داعية يظن نفسه نبي آخر الزمان ، وكيف يوافق نفس الداعية الزواج من ناقصة عقل ودين ألا يحتاج هؤلاء لعلاج نفسي سريع ومكثف ، لأنهم يصفون المرأة بهذه الأوصاف ولا يستطيعون العيش بدون زوجة أو زوجات ساعة أو ساعات ، فاخترعوا أنواعا من الزواج تتناسب مع السفر والرحلات.
وأصبحت المرأة ركن أساسي في الفقه السني الوهابي لدرجة أنهم خصصوا مباحث فقهية كاملة أطلقوا عليها فقه المرأة ، وفي معظمها تتعامل مع المرأة وتنظر إليها نظرة نقص وتسفيه واحتقار ووصفها دائما بأنها أقل درجة من الرجل.
منذ عشر سنوات تقريبا ويتكرر كل عام صناعة مسلسل درامي مصري يحاول إقناع المشاهدين والمشاهدات بأن تعدد الزوجات أمرا طبيعيا لا غبار عليه ، ويظهر حالة انسجام وحب ووئام وتفاهم وتناغم غير عادية بين الزوجات ، خصوصا الزوجات الثلاث الأُوَلْ ، وتكون المشكلة الوحيدة التي يجـتمعـن لمواجهتها حين يفكر الزوج إضافة الزوجة الرابعة لحريمه ، فـيتـفـقـن ويُخطـطـن لمنع هذه الزوجة من تكدير صفو حياتهم (المُصطنع)، وكلما حاول الزوج التفكير في زوجة رابعة جلست زوجاته يُفكرن في حل يُصَدعـن به هذه العلاقة الرابعة ليصيبها الفشل كي لا تتم ، ويتم وضع كل هذا في قالب درامي (خادع) يُظهر صفات خيالية للمرأة تتناقض تماما مع الصفات الطبيعية للمرأة(خصوصا المرأة المصرية التي أعرفها جيدا) لأني أعلم تماما إلى أي مدى تغير كل زوجة على زوجها ، ولا تقبل أبدا أبدا أن ينظر زوجها مجرد نظرة واحدة عابرة لامرأة غيرها ولو صدفة ، ولا تقبل أيضا أن يتحدث زوجها بكلمة ثناء واحدة على أنثى سواها ، هذه هي الصفات الحقيقية التي يمكن تصديقها في معظم نساء مصر ، لكن محاولة إقناع النساء والرجال في مصر والعالم العربي أن الزواج ثلاث مرات ليس فيه أدنى مشكلة إلا قليلا من الغيرة المقبولة الصحـّية ، وأن تلك الزوجات الثلاث لا ينتفضن ولا يغضبن إلا حين يسمعن خبرا عن قدوم الزوجة الرابعة ، فهذا خيال لا يمكن تصديقه.
وأشك أن مثل هذه الأعمال الدرامية مقصودة ومحددة الهدف والغرض ، لكي تنشر حالة من القبول والارتياح وإعداد تهيئة الرأي والوعي العام عند معظم الناس أن تعدد الزوجات أمرا طبيعيا ومقبولا ، ولا يوجد تيار فكري أو فكر ديني يبتغي هذا الهدف إلا دعاة الوهابية الذين ينظرون للمرأة نظرة جنسية بحتة ، وفي هذه الأيام يُعـرَض أحد هذه المسلسلات في رمضان وفي الحلقة الرابعة عشرة من المسلسل قالها الزوج الهمام بكل ثقة حين أراد إقناع والده بالزواج وهو في سن المشيب فقال: بعد أن أمر الحضور بالصلاة على خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام(من استطاع منكم الباءة فليتزوج ومن لم يجد فعليه بالصيام) ومجرد ذكر هذا الحديث الغير الصحيح وعرضه أمام الناس على أنه منهج حياة وأنه ضمن أقوال خاتم النبيين ــ وهو بريء منه ــ هي عملية مقصودة ومحسوبة لتهيئة المجتمع المصري والمجتمعات العربية فكريا واجتماعيا ودينيا لقبول تعدد الزوجات لأن الرسول قالها صراحة من امتلك إمكانات الزواج فليتزوج دون وضع أي ضوابط لهذا الزواج "فليتزوج" ، والفقير والمسكين والمعدوم يتحمل ويصبر ويصوم.
وهنا لابد أن نبين موقف القرآن من هذا الهـراء والكذب والتضليل الديني والإعلامي ومحاولة غسل ما تبقى من أمخاخ البسطاء.
من مقاصد التشريع الأساسية في الإسلام الحرية والعدل ، والله جل وعلا حـرّم الظلم والإكراه  في أي شيء ، وأي تصرف فيه ظلم أو إجبار للإنسان يكون باطلا ، وبطبيعة الحال ينطبق هذا على الزواج لأنه يقوم على حرية الاختيار أو التراضي ، ولو لم يتحقـق التراضي فهو زواج باطل ، والعـدل قرين التراضي ، ومن العدل حق المرأة في الخُلع أو الافتداء ، إضافة لحقوقها في العدة ونفقة أولادها لو اختارت الانفصال ، حتى في إجراءات الطلاق والانفصال التام بين الزوجين هناك استحالة في تحقيق العدل(وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ)النساء:136
 الزواج مباح ، والتعدد فيه مباح لكن جاء التعدد لحماية الأسرة والمجتمع وذكر التعدد في الزواج في حالات خاصة واضحة حيث تم توجيه التعدد ليكون في زواج الأرملة لتوفير بيت وأسرة وعائل لليتيم وأمه ، وهنا تتجلى مقاصد التشريع في القرآن الكريم التي تجعل المحافظة على الإنسان من المقدسات ، ولن يحدث هذا إلا بالمحافظة على الأسرة كنظام اجتماعي متكامل مترابط. 
حين تحدث القرآن الكريم في موضوع تعدد الزوجات جاء الحديث في سياق يشرح ويوضح ويبين كيفية التعامل مع الأيتام في المجتمع ، ولم يأت الحديث عن تعدد الزوجات في سياق تشريعات الزواج بصورة محددة أو متخصصة ، وهنا لابد من التوضيح بالآيات القرآنية  يقول تعالى في أول سورة النساء يأمرنا بتقوى الله الذي خلقنا من نفس واحدة وخلق منها زوجها ويشير لنسل آدم وحواء ويوضح أهمية تقوى الله وصلة الأرحام وأن الله رقيب علينا (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) وفي الآية التالية يحذرنا من أكل أموال اليتيم التي نشرف أو نحافظ عليها كأوصياء وألا نبدل الخبيث من مالنا بالطيب من مال اليتيم (أو الحلال بالحرام) وألا نخلط هذا بذاك وأن يرد الأوصياء ــ على مال اليتيم ــ أمواله إذا بلغ الحلم أو آنسوا منه رشدا (وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً) ثم الآية التالية تبين لكل الأوصياء على أموال الأيتام لو خاف أحدهم من الظلم فعليه بنكاح أمهم (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا)النساء:1 : 3 ، غاية ما هنالك هو توجيه التعدد ليكون في زواج الأرملة لتوفير بيت وأسرة وعائل لليتيم وأمه ، ورغم ذلك وضع تحذيرا يذكر الإنسان بأهمية العدل كأساس في مقاصد التشريع ، وكذلك احترام حقوق المرأة التي سينكحها ، وكذلك احترام حقوق زوجته الأولى وتوفير احتياجاتها هي وأولادها ، لتحقيق العدل. 
وهنا الفارق والهوة السحيقة بين تشريعات القرآن التي تدعو للعدل والحرية وحقوق الإنسان وتقديس الحياة الأسرية واحترام المرأة والمحافظة على حقوقها زوجة أو مطلقة ، ولا علاقة هنا إطلاقا بظروف الزوج المالية غنيا كان أو فقيرا بالمرأة لها حقوق حسب ظروف زوجها (لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً)الطلاق:7، ويظهر هنا عوار تشريعات البشر التي دائما ما تدعو للظلم واحتقار المرأة واعتبارها سلعة تباع وتشترى بالمال لمن يمتلك ثمنها ، بالإضافة إلى أن تشريعات البشر دائما ما تخدم الأثرياء والأغنياء وتظلم الفقراء والمحتاجين ، وهنا تناقض صارخ يؤكد هذا العوار التشريعي الذي يتناقض مع تشريعات القرآن التي تؤكد على حقوق الفقراء والمحتاجين في كل ما نملكه من رزق وهبنا إياه رب العالمين. 
 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=20300
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 08 / 04
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29