• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تاملات في القران الكريم ح47 سورة آل عمران .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تاملات في القران الكريم ح47 سورة آل عمران

 بسم الله الرحمن الرحيم 
أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ{142}
توجه الاية الكريمة سؤال يؤكد على ان المؤمن لا يمكن ان يدخل الجنة من غير ان يتعرض للامتحان والاختبار . 
الملاحظ ان الاية الكريمة , حددت نوعين من الاختبار الملزم لدخول الجنة : 
1- الجهاد : وهو على نوعين : 
أ‌) جهاد العدو الخارجي : ويشمل كل من اراد بالاسلام سوءا . 
ب‌) جهاد العدو الداخلي : النفس الامارة بالسوء وملحقاتها . 
2- الصبر : موضوع كبير جدا .   
 
وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ{143}
تذكر الاية الكريمة ان المؤمنين كانوا يتمنون لو انهم استشهدوا في يوم بدر , فينالون تلك المنزلة ( منزلة شهداء بدر) , وتعرض عليهم ان هذا اليوم ( يوم احد ) هو كيوم بدر , فقاتلوا وصابروا , فمن يمت منكم , فقد نال الشهادة التي كان يتمناها . 
 
وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ{144}
تسلط الاية الكريمة الضوء على جانب مهم من احداث يوم احد , حيث انتشرت بين المؤمنين شائعات تقول ( ان محمدا قد قتل ) , فشعر المؤمنون بالحزن , مما احبط معنوياتهم , وثبط عزائمهم , فتراجعوا , وتركوا القتال , وحلت بهم الهزيمة . 
تبين الاية الكريمة , امرين رئيسيين من شأنهما تحديد النصر او الهزيمة : 
1- وفاة القائد : كان لزاما على المؤمنين ان يدركوا ان القائد هو بشر , كسائر الناس , معرض للقتل والجرح وغير ذلك من الامور , فينبغي لهم ان لا يتراجعوا او يتخاذلوا , عند سماع خبرا بموت القائد او اصابه مكروه . 
2- الشائعات : يعمد العدو الى بث الاشاعات في صفوف الطرف المقابل , لذا فينبغي للمؤمنين ان ينتبهوا لذلك , وان يتفحصوا مصادر الاخبار والشائعات  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ }الحجرات6  
 
وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ الله كِتَاباً مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ{145}
تؤكد الاية الكريمة , ان كل ذي نفس سيموت في وقته , لا يتقدم ولا يتأخر , ليس ذلك فقط , بل ان كافة الموجودات لها وقت , وساعة خاصة لفنائها . 
الاية الكريمة حددت نوعين من الثواب , وتركت الخيار مفتوحا للطالبين : 
1- (  وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا ) . 
2- (  وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا ) .    
الملفت للنظر , اختتام الاية الكريمة بــ (  وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ ) , يحتمل ان ( الشَّاكِرِينَ ) ينالون كلا الثوابين ( في الدنيا والاخرة ) , لما افردت لهم من مكانة خاصة .     
 
وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ{146}
تضرب الاية الكريمة مثلا , للتذكير ولفت النظر الى ان كثيرا من الانبياء قد قاتل معهم ( الى جانبهم ) جموعا كثيرة , فأصابهم ما اصاب المؤمنين في احد , وربما اشد , لكن لم يعترضهم وايا من الامرين : 
1- (  وَمَا ضَعُفُواْ ) .
2- (  وَمَا اسْتَكَانُواْ ) .   
الملاحظ ان الاية الكريمة اختتمت بــ (  وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ) , كفى بذلك منزلة ومدحا من الله تعالى للصابر المحتسب ! .       
 
وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ{147}
تذكر الاية الكريمة , ان تلك الفئة التي قاتلت مع الانبياء , قد صبروا على ما اصابهم , وبالرغم من ذلك , لم يغفلوا ذكر الله تعالى والتوجه له بالسؤال , فكان من جملة دعواتهم : 
1- أ) (  قَالُواْ ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا ) . 
ب) (  وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا ) .
2- (  وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا ) .
3- (  وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ) .   
 
فَآتَاهُمُ اللّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ{148}
تبين الاية الكريمة ما نالوا من الثواب , وكان في كلا الدارين . 
الملاحظ , ان الاية الكريمة تصفهم بــ (  الْمُحْسِنِينَ ) , وتشير الى ان (  وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) ! .  
 
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ إِن تُطِيعُواْ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ{149}
تخاطب الاية الكريمة المؤمنين , محذرتا اياهم من طاعة الكافرين , حيث ان ذلك يبعدهم عن الله تعالى ودينه الذي ارتضاه لهم , مما يؤدي الى الخسران . 
ما اكثر طاعتنا اليوم لهؤلاء الكافرين , الذين حذرنا الله تعالى منهم , حيث يأمرونا اليوم بطاعتهم عن طريق الموضة , والافلام والمسلسلات , وكافة انواع الغناء , مما يبعدنا عن ديننا الحنيف , ويرمينا في احضان العدو المتربص , وذلك مصداق اختتام الاية الكريمة (  فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ ) ! .   
بَلِ اللّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ{150}
تنبه الاية الكريمة المؤمنين , وتحفزهم بأن لا مولى لهم سوى الله تعالى , وهو جل وعلا لا يخذل من والاه , وكفى به عز وجل (  خَيْرُ النَّاصِرِينَ ) . 
حيث من نطيعهم اليوم , ونتتبع اساليبهم المختلفة , لا ينصروننا ابدا , وذلك لانهم هم بحاجة الى المولى الناصر , وكما يقول المثل ( فاقد الشيء لا يعطيه ) ! .   
 
سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ{151}
تبين الاية الكريمة حال اعداء الاسلام , فهم دائما في حالة ذعر وخوف ورهبة من المؤمنين , ولا يقتصر ذلك على زمان محدد , بل زمانها ممدود ما دامت الايام والليالي . 
 
وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ{152}
توضح الاية الكريمة , ان الله تعالى مع العبد المؤمن , طالما كان ذلك العبد مع ربه , لكن حين غفلته ( العبد ) عن ذكر ربه , ومعيته مع الله جل وعلا , فأنه عز وجل سيسحب منه النصرة والتأييد , ويعرضه الى البلاء , حتى يثيب الى ذكر الله تعالى , ويستغفر لذنوبه ,  ويتوب لربه , فتحل عليه المغفرة , ويشمله جل وعلا بالرحمة والتأييد الرباني . 
 
إِذْ تُصْعِدُونَ وَلاَ تَلْوُونَ عَلَى أحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غُمَّاً بِغَمٍّ لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ مَا أَصَابَكُمْ وَاللّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ{153}
تذكر الاية الكريمة في مجريات واحداث يوم احد , وذلك لغرض اخذ العبرة والدروس من تلك الواقعة , والاستفادة من نقاط الضعف التي حصلت , كي لا تتكرر مرة اخرى في واقعة اخرى , خصوصا وان الاسلام لا يزال فتيا ذلك الحين . 
 
ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً يَغْشَى طَآئِفَةً مِّنكُمْ وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ{154}
تبين الاية الكريمة الحالات النفسية التي اكتنفت المسلمين في تلك الواقعة , وتبين انهم انقسموا الى طائفتين : 
1- الطائفة الاولى ( ثابتي الايمان ) : (  ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاساً يَغْشَى طَآئِفَةً مِّنكُمْ ) . 
2- الطائفة الثانية ( ضعاف الايمان ) : (  وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ ) .              
يلاحظ ان الاية الكريمة تشير الى امرين : 
1- الابتلاء : (  وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ ) . 
2- التمحيص : (  وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ ) .           
لتختتم بــ (  وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) ! . 
 
 
 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=21244
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 08 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29