• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تاملات في القران الكريم ح50 .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تاملات في القران الكريم ح50

سورة آل عمران
بسم الله الرحمن الرحيم 
وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ{176}
تضمنت الاية الكريمة موردين جديرين بالتأمل : 
1- (  وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئاً ) : اليوم هناك الكثير من المسلمين ممن ينطبق عليهم هذا النص المبارك .  
2- (  يُرِيدُ اللّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) : الكافرون مهما كان درجتهم في الفسق والفجور , لابد وان يكون لديهم بعضا من الحسنات , او اعمال خيرية , لهم الحق ان يطالبوا في اجرها وثوابها , فيمنحهم الله تعالى ذلك الاجر في الدنيا , ويسلبهم اياه في الاخرة , فيكون مصداق نص الاية الكريمة (  يُرِيدُ اللّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً فِي الآخِرَةِ ) .      
 
إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئاً وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ{177}
 كثير من الناس يترك ايمانه , ويرمي نفسه في احضان الكفر والفسق والفجور , لاسباب كثيرة , وتحت مبررات واهية اكثر , فتبين الاية الكريمة ان هؤلاء : 
1- (  لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئاً ) . 
2- (  وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) .      
 
وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْماً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ{178}
هذا الموضوع غاية في الاهمية , حيث يلاحظ ان اهل الفسق والفجور منعمين او مترفين , ليس جميعهم , بل الاعم الاغلب , وشعارهم في ذلك ( بيت الطرب , ما خرب ) , فيحسبون انهم على خير , وان كان الامر غير ذلك , لما نالوا كل تلك النعمة , وذلك الترف . 
كثير من المسلمين ينخدعون ايضا بما لدى هؤلاء , فيتمنوا ان يكونوا مثلهم , لديهم ما لديهم , فتكون الاية الكريمة في محل الواعظ المنبه الحكيم , لكلا الطرفين : 
1- الكافرون : من عدة جوانب :  
أ‌) تنبيه . 
ب‌) انذار و تحذير . 
ت‌) استهزاء و سخرية بحالهم واحوالهم . 
2- المؤمنون :  من نفس الجوانب اعلاه , مضافا اليها : 
أ‌) بيان وتوضيح . 
ب‌) رفع الحالة المعنوية للمسلمين . 
ت‌) تحسين وتطيب الخواطر النفسية . 
 
مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ{179}
الاية الكريمة في محل بيان ضرورة الاختبارات الربانية للمسلمين , لغرض استخلاص نخبة المؤمنين , وتمييز المنافقين والمتنطعين بالدين , تماما كما يحدث في امتحانات الطلاب , حيث يفوز وينجح ويتقدم المتفوق المجد , ويفشل ويرسب ويتأخر الكسول البليد , او كما هو الحال عندما يقطف الفلاح الثمار , فيضع الجيد منها في مكان الصدارة , واما الرديء فيرسل الى مكان اخر . 
 
وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ{180}
تخاطب الاية الكريمة فئة موجودة في كل المجتمعات , البخلاء , يكتنزون المعدن النفيس , والعملات الصعبة , ظنا منهم انهم على خير , وان تفكيرهم صائب , لذا فهم على حق , فتنذرهم الاية الكريمة , انهم سيذوقون ما اكتنزوا وبخلوا به . 
الملفت للنظر , ان الاية الكريمة تؤكد للبخلاء والناس كافة , (  وَلِلّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ ) , فتفند كافة نظريات البخل , و تبطل كافة اعذار البخلاء !ّ .      
جاء عن الامام علي (ع) كلاما في هذا المعنى , لا اذكر مصدره , انه (ع) قال : ( لله در الخل ما اعدله ... بدأ بصاحبه فقتله ) .
 
لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ{181}
قال بعض اليهود ان الله جل وعلا فقيرا , عندما نزلت الاية الكريمة {من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا} , فلو ان الله جل وعلا غنيا , لما طلب القرض , تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا , فيتوعدهم الباري عز وجل (  سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ ) , وتضيف الاية الكريمة جرما اخر لهم (  وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ) . 
الملفت للنظر , في الاية الكريمة امرين : 
1- اوردت ما قال هؤلاء بــ (  قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء ) , في مقابل ذلك اوردت قولا لله عز وجل (  وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ ) . 
2- (  عَذَابَ الْحَرِيقِ ) : من المحتمل ان يكون هذا النوع من العذاب , نوعا خاصا , لفئات خاصة .                 
 
ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ{182}
(  عَذَابَ الْحَرِيقِ ) الذي جاء في ختام الاية الكريمة السابقة  , جزاء ما اكتسبه هؤلاء , باقوالهم (  قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء ) , وافعالهم  (  وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ) , انما هي اعمالكم تعود اليكم , ليست ظلما , ولا جورا , حيث ان الله عز وجل عادل , لا يظلم او يظلم في ملكوته احد , (  وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ ) .       
 
الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىَ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ{183}
اعتاد اليهود ان تأتيهم الرسل ببينة خاصة , كقربان تأكله النار وغيره , الا في عيسى (ع) والنبي الكريم محمد (ص واله) , لم يأتيا بشيء من هذا القبيل , فطلبوا منه (ص واله) ان يأتيهم بهذه البينة او الاية , فتخاطب الاية الكريمة النبي محمد (ص واله) وتطلب منه ان يخبرهم بــ (  قُلْ قَدْ جَاءكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) .  
الملفت للنظر , ان الاية الكريمة ذكرت بلسانهم دعوى (  إِنَّ اللّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىَ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ  ) ! . 
 
فَإِن كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ جَآؤُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ{184}
تخاطب الاية الكريمة النبي محمد (ص واله) , انهم ان كذبوك , فليس ذلك بالامر الجديد عليهم , فقد كذبوا رسلا وانبياء من قبلك , جاءوهم بـ : 
1- (  بِالْبَيِّنَاتِ ) . 
2- (  وَالزُّبُرِ ) . 
3- (وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ) .        
الملفت للنظر , ان الاية الكريمة افترضت ( التكذيب ) مسبقا , فقد كان في علم الله تعالى انهم ( اليهود ) سوف لن يؤمنوا به (ص واله) , وهذا مما يوجب انعدام افتراض ( التصديق ) ببعثته  (ص واله) , ثم تركت الخيار مفتوحا للمتأملين ! . 
 
مما يروى في سبب نزول الايات الكريمة اعلاه , ان جماعة من اقطاب اليهود حضروا عند رسول الله (ص واله) وقالوا له : يا محمد ان الله عهد الينا في التوراة ان لا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار , فأن زعمت ان الله بعثك الينا فجئنا به نصدقك 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=21695
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 09 / 09
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19