• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : سياحة فكرية ثقافية (11 ) هل الله تعالى يرى ! ؟ .
                          • الكاتب : علي جابر الفتلاوي .

سياحة فكرية ثقافية (11 ) هل الله تعالى يرى ! ؟

قال تعالى (( وجوه يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة )) القيامة 22 ، 23 
ناضرة من النضرة وهي الحسن والجمال ، وناظرة من النظر وهي الرؤية بالبصر والبصيرة . قال صاحب التفسير الكاشف في تفسير الاية الكريمة السابقة (( قال الامامية والمعتزلة،ان الله سبحانه لا تجوز عليه الرؤية البصرية في الدنيا والاخرة ، وقالوا ايضا :ان ناظرة هنا من رؤية البصيرة لا البصر ، او من الانتظار بمعنى ان النفس تنتظر وتترقب نعمة الله تعالى وكرامته ، واجاز الاشاعرة الرؤية البصرية لله تعالى .. على ان البحث في هذا الموضوع وما اليه لا جدوى منه عامة ولا خاصة ، وربما ادى الى توسيع الشقة بين المسلمين ، والله تعالى لم يكلف به احدا ، ومهما يكن فان المتقين يحشرون غدا في طلعة بهية مشرقة مستبشرين بما آتاهم الله من فضله )) محمد جواد مغنية 
قال تعالى 
(( واذ قلتم ياموسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وانتم تنظرون )) البقرة 55 
قوله تعالى (( حتى نرى الله جهرة )) . اورد صاحب تفسير الكاشف الاية الكريمة الى انها (( تشير الى النزاع القائم بين اهل المذاهب الاسلامية وفرقها من ان العقل :هل يجيز رؤية الله بالبصر او يمنعها ؟ 
قال الاشاعرة ان رؤية الله بالبصر جائزة عقلا ، لانه موجود وكل موجود يمكن رؤيته )) 
الايتان السابقتان موضع خلاف بين المسلمين ، منهم من يأخذ الآيتين على الظاهر ويعتقد انه بالامكان رؤية الله تعالى بالعين المجردة ولكن في الاخرة ، ومن المسلمين من ينفي هذه الرؤية الى الله تعالى سواء في الدنيا او الاخرة ، لان من يدعي الرؤية فقد حدّه ، والله تعالى لا يحده مكان او جهة او زمان ، فهو منزّه عن هذه الحدود الزمانية او المكانية او الجهوية ،وهو موجود لكن لا شبيه له او مثيل ، ولا نعرف كنهه بل صفاته وآثاره ، ومن يقول برؤية الله تعالى فأنه يعتبر الرؤية هذه هي حق اليقين  وهو اعلى درجات اليقين فالذي يقول بأمكان الرؤية البصرية يعتقد ان حق اليقين انما تحصل (( لما حصل من العلم والمشاهدة )) وهذا الاعتقاد هو الشائع عند الاشاعرة وهم جماعة ابو الحسن الاشعري المتوفى سنة ( 330 ) للهجرة وهو من جماعة اهل الحديث ، من قبيل مالك بن انس واحمد بن حنبل الا انه خرج عنهم في اجازته لعلم الكلام ، على عكس اهل الحديث الذين يحرمون هذا العلم ، فالاشاعرة يعتقدون بأمكان رؤية الله بالبصر ولكن في الاخرة ، ودليلهم بعض الروايات والايات منها الاية الكريمة (( وجوه يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة )) وفي حال المشاهدة بالبصر يتحقق عندهم كمال اليقين او ما يسمونه هم ( حق اليقين ) وهو اعلى درجات اليقين حيث العلم والمشاهدة ، وعلى النقيض من الاشاعرة ، المعتزلة الذين انكروا رؤية الله بشدة ، وقالوا : (( لا يمكن في حق الله تعالى سوى الاعتقاد به –والاعتقاد والايمان من شؤون الذهن والتفكير – ويرون ذلك اعلى درجات الايمان ، فليس بالامكان رؤية الله ومشاهدته بحال، والدليل قوله تعالى (( لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير ))الانعام103))مطهري 
ونفس الاشكال السابق على الاشاعرة يطرح اشكال اخر على المعتزلة ايضا اذ لايفرقون بين اليقين والايمان ويعتبرونهما من شؤون الذهن والفكر ، لكن هناك حالات قد لا يجتمع اليقين فيها مع الايمان، مثلا الشيطان موجود ونحن متيقنون من وجوده ، لان الله تعالى اخبرنا عن وجوده بواسطة القرآن الكريم ، والرسول الاعظم عليه وعلى آله افضل الصلاة والسلام ، لكننا لا نؤمن بالشيطان بل نكرهه ، ومن شروط الايمان ان تحب من تؤمن به ويدخل الى قلبك،اذن اليقين منحصر في الذهن والفكر ، لكن اذا توافق اليقين مع الايمان ، سيكون عندئذ توحد في الذهن والفكر والقلب والعواطف والمشاعر ، وينقل الشهيد مطهري رأي الشيعة عن الموضوع في كتابه (الكلام –العرفان-الحكمة العملية ) : (( اما الشيعة فيرون استحالة رؤية الله تعالى بالعين في الدنيا والاخرة ، ولكنهم لا يحدّون اعلى مراتب الايمان باليقين الذهني والفكري – كما قال المعتزلة –اذ ان اليقين الفكري هو 
( علم اليقين )وهناك ما هو اعلى واسمى منه وهو اليقين القلبي الذي هو ( عين اليقين ). والمراد منه مشاهدة الله تعالى بالقلب دون العين . وعليه فبالامكان رؤية الله بعين البصيرة دون الباصرة )) . 
المسلمون اذن ينقسمون الى ثلاث فرق بخصوص رؤية الله تعالى ، منهم من ينفي الرؤية بالكامل ، ومنهم من يؤكدها أي نقيض الرأي الاول ، ومنهم من يؤكد الرؤية الباصرة لا البصرية وهؤلاء هم الشيعة ، ويؤيدهم اهل العرفان ، روي عن امير المؤمنين علي ( ع ) انه سئل (( هل رأيت ربك يا امير المؤمنين ؟ فقال أفأعبد ما لا أرى ، فقيل له وكيف تراه ؟ فقال : لا تراه العيون بمشاهدة العيان ولكن تدركه القلوب بحقائق الايمان .
وقد سئل الائمة عليهم السلام عن رؤية النبي محمد ( ص ) ربه في المعراج ، فقالوا ( لم يره بعينه ولكن بقلبه)،)) وبعد ان منع الشيعة الرؤية عقلا حملوا الآيات الدالة بظاهرها على جواز الرؤية ، حملوها على الرؤية بالعقل والبصيرة ، لا بالعين والبصر ، و(( بحقائق الايمان ، لا بجوارح الابدان )) على حد تعبير صدر المتألهين الشيرازي .
  
 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=2800
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 01 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 29