• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تاملات في القران الكريم ح92 سورة الانعام .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تاملات في القران الكريم ح92 سورة الانعام

بسم الله الرحمن الرحيم

أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ{122}

الاية الكريمة في مورد ضرب المثل للمؤمن , الحي بالايمان , المتمسك بهدي الله تعالى , والكافر الذي يدور حول نفسه في ظلمات ! . 

 

وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِرَ مُجَرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ وَمَا يَشْعُرُونَ{123}

تشير الاية الكريمة , ان في كل قرية مجرمين ( كفار ) , يتزعمهم اكابرهم , يصدون عن سبيل الله (  لِيَمْكُرُواْ فِيهَا ) , فلا يكون وبال ذلته وسوء عاقبته الا عليهم (  وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ ) , لكنهم لا يشعرون بذلك (  وَمَا يَشْعُرُونَ ) ! . 

مما يذكر في سبب نزول الايتين الكريمتين ( 122 – 123 ) , ان ابا جهل اذى يوما رسول الله (ص واله) ايذائا شديدا , فعلم حمزة عم النبي الكريم محمد (ص واله) قبل ان يسلم , فغضب غضبا شديدا وذهب الى ابي جهل , وصفعه صفعة اسالت الدم من انفه . ( مصحف الخيرة / علي عاشور العاملي ) .        

 

وَإِذَا جَاءتْهُمْ آيَةٌ قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللّهِ اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُواْ صَغَارٌ عِندَ اللّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُواْ يَمْكُرُونَ{124}

نستقرأ الاية الكريمة في عدة موارد : 

1- (  وَإِذَا جَاءتْهُمْ آيَةٌ قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللّهِ ) : كلما جاءت اية تدل على صدق النبي محمد (ص واله) , قال اكابر مجرمي ( كفار) مكة لن نؤمن بها حتى نؤتى اية مثلها , لاننا اكثر مالا , واكبر سنا . 

2- (  اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ) : الله جل وعلا يعلم الموضع والمكان الاصلح لحمل الرسالة . 

3- (  سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُواْ صَغَارٌ عِندَ اللّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ ) : تهديد للمجرمين انهم سيقع بهم نوعين من العقاب : 

أ‌) (  صَغَارٌ عِندَ اللّهِ ) : ذل . 

ب‌) (  وَعَذَابٌ شَدِيدٌ ) : نوع خاص من انواع العذاب .       

4- (  بِمَا كَانُواْ يَمْكُرُونَ ) : يذكر النص المبارك سبب وقوع ( ايقاع ) العذاب بهؤلاء المجرمين ! .             

مما يروى في سبب نزول الاية الكريمة , انها نزلت بشأن الوليد بن المغيرة , الذي كان من زعماء عبدة الاصنام ودماغهم المفكر , كان هذا يقول لرسول الله (ص واله) ( اذا كانت النبوة حقا , فأنا اولى منك بها لكبر سني ولكثرة مالي ) . ( مصحف الخيرة / علي عاشور العاملي ) . 

 

فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ{125}         

نتأمل الاية الكريمة في ثلاثة موارد : 

1- (   فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ ) : من شاء الله تعالى ان يوفقه للايمان , يفتح قلبه , ويكتنفه السرور والحبور . 

2- (   وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء ) : اما من لم يشأ الله تعالى ان يوفقه للايمان , يضيق عليه صدره , كأنه يصعد في السماء , ويلاحظ ان النص المبارك سبق علماء العصر الحديث , في ان الانسان كلما صعد في السماء من خلال تسلق الجبال , او الطيران في الطائرات , يضيق صدره , وتصعب عنده عملية التنفس . 

3- (   كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ ) : بهذه الكيفية يسلط الله تعالى الرجس ( بكل معانيه ) على كل من لم يؤمن به جل وعلا ! .        

 

وَهَـذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ{126}

تصف الاية الكريمة , ان المنهج الذي جاء به النبي الكريم محمد (ص واله) (  صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً ) , قد بين الله تعالى الايات لقوم يتعظون منها . 

يلاحظ في الاية الكريمة  (  صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً ) , وقد ورد في ايات كثيرة اخرى بطرق مختلفة منها {اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ }الفاتحة6 , {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ }الفاتحة7 , {إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَـذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ }آل عمران51 , {وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً }النساء68 , {وَهَـذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ }الأنعام126 , {وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }الأنعام153 , {قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ }الحجر41 , {قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى }طه135 , {وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ }الحج24 , {صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُ }الشورى53 , {أَفَمَن يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }الملك22 , الى غير ذلك , ويلاحظ فيها : 

1- انها جميعا بمعنى واحد . 

2- ان كلمة ( الصراط المستقيم ) غالبا ما تأتي غير معرفة بـ ( ال ) التعريف . 

 

لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ{127}

تذكر الاية الكريمة ما للمتذكرين المتعظين من المقام والمنزلة عند ربهم عز وجل , في موردين , الاول (  لَهُمْ دَارُ السَّلاَمِ عِندَ رَبِّهِمْ ) , والثاني (  وَهُوَ وَلِيُّهُمْ ) , ثم تختتم الاية الكريمة بذكر سبب نوالهم تلك المنازل والمقامات (  بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ) .          

 

وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ{128}

نستقرأ الاية الكريمة في ثلاثة موارد : 

1- (  وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ ) : يوم يحشر الله تعالى الخلائق الى يوم القيامة , فيخاطب الجن , انكم قد اضللتم الكثير من البشر . 

2- (  وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِيَ أَجَّلْتَ لَنَا ) : استمتع الانس بتزيين الجن ( الشياطين ) لهم , واستمتع الجن ( الشياطين ) بطاعة الانس لهم , حتى بلغهم الموت , وها هم الان محضرون في يوم القيامة . 

3- (  قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ ) : عندها قال لهم الله تعالى , النار مأواكم , خالدين فيها , الا ما شاء الله تعالى . 

4- (  إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ ) : غالبا ما تقدم الحكمة على العلم , فلاحظ ! .                

 

وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ{129}

وفي اية كريمة اخرى , { إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيئاً وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ }الجاثية19

 

يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ{130}

نستقرأ الاية الكريمة في عدة موارد : 

1- (  يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ ) : يخاطبهم الله عز وجل يوم القيامة , الم يأتيكم رسل من قومكم , يتكلمون لغتكم , وكان عمل الرسل ينحصر في امرين : 

أ‌) (  يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي ) : يخبرونكم ويبلغونكم بأياتي الواضحة , التي تأمر بالخير , واجتناب الشر .

ب‌) (  وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا ) : ويحذرونكم من هذا اليوم ( يوم القيامة ) .      

2- (  قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا ) : في ذلك المكان , لا يمكنهم الانكار , فأعترفوا بذلك , ثم زادوا عليه شهادتهم به , فكانت شهادتهم حجة عليهم , مع ما لدى الله تعالى من الحجج البالغة ضدهم ! . 

3- (  وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ) : خدعتهم الدنيا بزخرفها وزينتها , وطول الامل ! .

4- (  وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ ) : وشهدوا على انفسهم انهم كانوا كافرين بكل ما جاء به الرسل والانبياء (ع) في الحياة الدنيا .        

 

ذَلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ{131} 

تشير الاية الكريمة , الى ان الله تعالى قد اهلك القرى بعد ان جحدوا وكفروا بأياته جل وعلا .  

 

وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُواْ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ{132} 

لتوضيح فهم الاية الكريمة اكثر , هناك قوسان : 

1- قوس تصاعدي : للمؤمنين في الجنة , فكلما ارتقى المؤمن درجة , تكون افضل مما دونها , اقل فضلا مما فوقها .   

2- قوس تسافلي : للكافرين في النار , فكلما نزل الكافر درجة , تكون اشد عذابا مما فوقها , اقل عذابا مما تحتها ! . 

 

وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاءُ كَمَا أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ{133}

نستقرأ الاية الكريمة في ثلاثة موارد : 

1- (  وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ ) : الله عز وجل غني عن خلقه وعباداتهم , ويصف نفسه (  ذُو الرَّحْمَةِ ) , جل وعلا ! . 

2- (  إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُم مَّا يَشَاءُ ) : ان شاء يهلككم , ويستخلف قوما او خلقا غيركم مما يشاء عز وجل .

3- (  كَمَا أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ ) : هذا هو ديدن الحياة الدنيا , اقوام تذهب , واقوام تحل محلها .

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=28091
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 03 / 02
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28