• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : عندما عجز عن ابتلاع الإهانة حرق جسدة . .
                          • الكاتب : علياء موسى البغدادي .

عندما عجز عن ابتلاع الإهانة حرق جسدة .

عندما لا  تمتلك سلطة اتخاذ القرار في الدفاع عن ابسط حق من حقوقك وهو كرامتك المتعثرة في بحر من الظلم المتمثل في أناس افتقدوا قيمة مبدأ العدل والعمل الدءوب للرقى بوطنهم لتقودهم غرائزهم إلى الطمع والرقى بأنفسهم فقط عن طريق الكسب السريع والسلطة اللا محدودة دون رقيب عليهم ولا حسيب.واستغلال سلطاتهم ضد شعوبهم و أهانه كرامة شعوبهم  وهيمنتهم على مراكز السلطة والنظام والوصول الى غياتهم عن طريق نهب حقوق الانسان وسلب حياتهم الكريمة و أهمال أجيال وأجيال مثقفة متعلمة ومصادرة امالهم واحلامهم وطموحاتهم الشبابية في خدمة وطنهم وبناء حياتهم الخاصة .
يشنون حروبهم النفسية على ابناء وطنهم ويهاجموهم بالبطاله والفقر والجوع والعوز وحرمانهم من حقهم في العمل والامان 
والبناء .ويمدون يد العون لانفسهم فقط ويحمونها ويرفهون انفسهم واتباعهم ويغدقون العطايا على حاشيتهم بالمليارات دون أي 
رقابة!...تستهلك أرواح البشر عندهم بمسرحية الشعارات الزائفة ...وظميرهم مستتر على شعوبهم .وتفوح منهم رائحة الظلم المركبة برائحة صرخات الفقراء والمساكين والشباب المتعلم الذي توج أحلامه بتعليق سنين التعليم والطموح على جدران الشعارات .ليمضي قدما في بناء مستقبل زاهر على أرصفة الشوارع  او مقاهي العاطلين .
أن اكبر جريمة لحقوق الانسان  ان تسرق حياة الاخرين وتختزلها لصالحك !
مع سبق الاصرار والترصد  اصبحت  يا محمد بن عزيزة  رمز للحرية , وخطواتك ارادة شعب , عزفت لحنا خالد للخبز والحرية .برغم من أن البعض من المحللين السياسين ومثقفي السلطة وجدوها ظاهرة سلبية ؟وبعض الفئات  وخاصمن الناحية الشرعية والدينية  وجدو من عملية انتحار هذا الشاب التونسي  عمل غير شرعي وهو ضد ارادة الله وضد حكم الله والمنتحر في النار وانه قد اشاع ثقافة سلبية غير شرعية برغم من تعاطفهم مع قضيته وقضية الشعب التونسي! . ...لكن مع ملاحظة بسيطة اقولها من كل قلبي واستميح فيها العذر من الله .العزيز الكريم .
 عشقنا ذاك الرجل -الذي أعده شهيد  أبي في رأيي - وندعو الله له بالرحمة والمغفرة  لم يحرق نفسه إلا لضياع كرامته ورائحة دخانه قد أيقظت جموع تونس وكل المحرومين والمسلوبين للحقوق .. وما حدث في تونس كان تلقائية .. ضاعت كرامته فأضاع حياته. 
محمد بوعزيزي يحرق نفسه لم تكن إلا بصقه وصفعة وجهتها إليه شرطية لا لشيء إلا أنه يبيع الخضار والفواكه على عربة جوالة في مكان لم يرق لها وبما أن الشرطية تمثل السلطة فإن ذلك يعني بالضرورة أن المكان الذي يقف فيه لم يرق للسلطة أيضا وبالتالي فإن السلطة هي التي بصقت في وجهه وصفعته ورغم انه يحمل شهادة جامعية فقد رضي من حطام الدنيا أن يجر عربة يبيع عليها الخضار رغم السنوات التي قضاها على مقاعد الدراسة وتحصيل العلم.. 
هذا الشاب العشريني لم يحرق نفسه بعد أن بصقت الشرطية في وجهه وصفعته بل بعد أن رفض المسؤلين قبول شكواه ضد الشرطية التي أهانت كرامته أي رفضت شكواه ضد السلطة فما كان منه إلا أن احرق نفسه في فعل غضب وأحتجاج ضد الظلم والفقر والبطالة والتعسف والفساد والدكتاتورية.. ولأن البوعزيزي لا يتقن لغة العنف ضد جلاديه حتى لو كانت السلطة؟ صب جام غضبه على نفسه وجسده.......
فهو لا يستطيع أن يطلق سهام غضبه ضد من اعتقله في ملابسه وحول عظام قفصه الصدري إلى قضبان زنزانة وجعل من جلده غلافا لملف \"أمني\" يحصي عليه رزقه وأنفاسه وسكناته ووساوسه وهمساته وأحلامه
 
وبرغم من تعاطفي الانساني ونصرتي  لاخي الانسان وقضايا حقوق الانسان وتعاطفي مع قضية بوعزيزي واحترامي له واجده شهيدا  لقضيته   الا اني اجد ان أسلوب او محاولا ت الحرق وثقافة  ايذء الجسد من اجل الاحتجاج او التغير او ايصال معاناة الاخرين لنصرة المظلوم ليست مقبولة شرعا ولا انسانيا برغم من ان انها تحمل معنى كبير وغالي ومميز ان(الحرية أصبحت ثمناً يتأتى على أجساد الضحايا، ؟ الا اني اجد وأصر على ان  أسلوب التعبير السلمي والمظاهرات والاعتصامات والكلمة الحرة هو
الاقرب والاقوى.  للتغير  وما تحتاجه الدول والمجتمعات العربية  على الاقل في الوضع الراهن .
الناحية التاريخية لثقافة الحرق    :  يقول د.عاصم الدسوقي أستاذ التاريخ بجامعة حلوان:
أن إقدام الإنسان على حرق نفسه لعجزه عن توفير قوته لم تكن فكرة مطروحة في التاريخ بشكل واسع، وخاصة في منطقتنا العربية، لكنها منتشرة في أقاصي شرق آسيا كالذي حدث في اليابان حين احترقت طائرة ركاب مدنية فاعتبر الوزير نفسه مسئولا عن الحادث أديبا فانتحر عبر إحراق نفسه.
و ايضا يرى د.أحمد عبد الحليم عطية أستاذ الفلسفة بآداب جامعة القاهرة أن التضحية بالنفس في سبيل قيم ومثل عليا طقس إنساني عرفته البشرية منذ بدء الخليقة، وسيدنا إبراهيم عليه السلام معروف في تاريخ الإنسانية أنه أول من قدم قرباناً بشرياً لإرضاء الله، وهي فكرة موجودة في الديانات السماوية الثلاث القائمة على التضحية والقرابين لاسترضاء الإله.
اعتقد ان الدكتور احمد عبد الحليم تناسى ثورة الحسين وما شهده تاريخ الانسانيه  من تضحية عظيمة بالنفس من اجل الحق والمظلوم ونصرة الدين. وبالتاكيد لايمكن ان تقارن ثورة وتضحيات الحسين والنبي ابراهيم عليهم السلام  والاسلوب الرباني الذي انتهجاه والرساله الربانية لهما ,مع ثقافة حرق الجسد!! بالرغم من التوافق مع بعضها البعض في فكرة التضحية والثورة ضد الظلم ولكن  بختلاف ( الوسيله والمشرع ). لكن اجد ان الغاية واحدة .
رحم الله بوعزيزي فإن كان أخطأ في الوسيلة فقد أدرك الغاية و الله غفور حليم.ولم تعلم تلك الشرطية التي صفعة البطل انها صفعة في وجه حرر... اراد   الحياة الكريمة ...فستجاب القدر
((ورب صفعة ازالت مُلكاً )) يا أكلي حقوق البشر.
 علياء موسى البغدادي 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=2888
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2011 / 01 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19