• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : من معاني الإسراء والمعراج .
                          • الكاتب : معمر حبار .

من معاني الإسراء والمعراج

من محاسن المناسبات، أنّها تنبه الغافل، وتغرس في المتتبع، اليقظة والشعور بأهمية دراسة ومدارسة الحدث، في إطاره العام، ليقف من جديد على حقائق جديدة، ومعاني سامية، لم يلمسها من قبل.

وهذا مايلاحظه، قارئ السيرة النبوية، وهو يقف من جديد على حقيقة الإسراء والمعراج، والمعاني الجديدة، التي ألهمته إياها.

 

دور المرأة في الإسراء والمعراج: جاء الإسراء والمعراج، عقب حدوث 4 عناصر أساسية، تمثلت في ..  وفاة أمنا خديجة، رضي الله عنه وأرضاها، وعمه أبو طالب، واضطهاد كفار قريش، وقساوة وغلظة أهل الطائف، مع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

يعتبر الإسراء والمعراج مكافأة، لما قامت به الطاهرة، خديجة رضي الله عنها، تجاه الزوج، والرسول، والدعوة الإسلامية، التي كانت في مهدها، محاطة بالفقراء من جهة، ومخالب قريش من جهة أخرى.

 

فهي الأم الحاضنة، واليد الرقيقة، والقلب الحنون. توصي الزوج بالإقدام  وعدم التراجع، لأنه على حق، وكل حق محاط بالأشواك، وتوصي الابن بالطاعة والثبات. فكانت نِعمِ الزوج لسيّد الأزواج صلى الله عليه وسلم، و نِعمِ الأم، لأفضل الأولاد، رضي الله عنهم جميعا. تركت النعيم والعشيرة، لتقف مع زوجها في شعاب مكة، ضد من منعوا عنه، البيع والشراء، لتعاني الجوع والعطش، وهي التي تملك العير والقوافل.

 

وحين لقيت ربها، راضية مرضية، تركت فراغا لم يستطع تعويضه أحد، فلم يعد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، يجد من يواسيه، حين يدخل بيته، وهو محمّلا بشتائم قريش، وسباب غلمانها، وتهديد كبارها، ومنع تجارها. فكان حزنه، على فقدان الزوجة الوفية النقية، والصدر الحنون الدافئ، أشد وقعا، وأنكى في الألم والجراح، من أيّ مصيبة كان يتعرّض لها، على أيدي أبا لهب وأم جميل، ورعاع مكة، وصناديد قريش. 

 

لهذه الأسباب، كان الإسراء والمعراج، مواساة لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، على فقدانه لأعظم زوجة، والتي لم ولن يرى التاريخ لها مثيلا.. في الحب، والوفاء، والعطاء، وحلاوة اللسان، وصدق الجنان.

 

 دور الأقارب في الإسراء والمعراج: نفس الكلام الذي قيل في أمنا خديجة، رضي الله عنها وأرضاها، يقال في عمه أبو طالب. فالعمّ، حين وقف إلى جانب ابن أخيه، معرّضا حياته، ومركزه، وهيبته للخطر، كان يدرك مسبقا، أن ابن أخيه.. فقير، مسكين، يتيم، تمر عليه الليالي والأيام، دون أن توقد في بيته نار. بالإضافة إلى أن قريش هدّدته في ابن أخيه، وعرضت عليه المال، والجمال، والهيبة، والوقار،  لكنه أبى، أن يبيع اليتيم الفقير صلى الله عليه وسلم، وأن يستبدله بشاب جميل جلد، تنشده نساء قريش، وترجوه وتتمناه، وظل معه يواسيه، ويدافع عنه. ولم تستطع قريش مسّ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو طالب حيّ يرزق، لما لعمّه من مهابة ورثها من الجد عبد المطلب، الذي خشيه النجاشي لهيبته ووقاره، وهو الذي يملك أعظم قوة هدم وتدمير يومها، وعبد المطلب حينها، لايقدر على إطعام أبناءه العشرة.

 

وحين توفى أبو طالب، انهالت على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، المصائب والمحن، والشتائم والسباب، فكان حزنه على فقد عمّه، الذي لم يجد له تعويضا، أشدّ وأنكى، من جراح قريش، التي أنهكت الصاحب والجسد.

 

لهذه الأسباب، كان الإسراء والمعراج، تقديرا للأهل والأقارب، الذين عرفوا قدر ابن الأخ، صلى الله عليه وسلم، فوقفوا إلى جانبه، وغامروا بما يملكون، وهم يعلمون أن الذي يدافعون عنه، أفقر الناس، وأحوجهم إلى الحاجة.

 

القدس بين الاحتلال الروماني والاحتلال الصهيوني: حينما أسري بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان الأقصى تحت الاحتلال الروماني، يعبث بخيراته ومقدساته. وبعد 14 قرنا، يعيث الصهاينة من جديد، بخيرات الأقصى ومقدساته، وكأنه كُتب على الأقصى الشريف، أن يبقى بين احتلال واحتلال.

 

والغرض من الإسراء والمعراج، بعد أن أصبح ثاني القبلتين، أن يسعى كل من يقرأ في صلاته وتلاواته، آناء الليل وأطراف النهار، قوله تعالى: "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ"، الإسراء - الآية1، أن يحدّث نفسه، أن السعي لتحرير الأقصى عبادة، يُتقرّبُ بها إلى من أسرى بعبده ليلا، وأن من تمام العبودية لله تعالى، السعي بما يملك ويقدر، على عودة الأقصى، إلى من يعرف قدر المسجد الأقصى، وأن المسجد الحرام لن يعرف طعم الحرية، مادام أخوه الأقصى، تحت القيد والأغلال.

 

الشام حاضنة الأقصى: قال علماء الشام، أثناء المحنة التي فُرضت على سورية الحبيبة، أن المقصود من قوله تعالى: "الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ"، هي الشام بمفهومها الواسع. مايعني أن سلامة الأقصى في سلامة الشام، وأن عزّ الأقصى في عزّ الشام، ومن أراد تحرير الأقصى، فليحرر الشام من ربقة كل محتل غاصب.

 

إن الذي يسعى لتدمير الشام، مهما كانت الدواعي والأسباب، إنما يطيل عمر الاحتلال الصهيوني للأقصى، فلا يمكن للقلب أن ينجو، إلا إذا كان من حوله ناجيا.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=31555
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 05 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19