• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : وثيقة بصرية { هذه الوثيقة للتاريخ } .
                          • الكاتب : الشيخ عبد الحافظ البغدادي .

وثيقة بصرية { هذه الوثيقة للتاريخ }

              بعد سقوط النظام الصدامي يوم 9/4/2003 وحل الأجهزة الأمنية استبيحت المدن العراقية من قبل {جميع الانتهازيين} بكل أصنافهم ، حينها لم يكن الوضع واضحا كما هو الآن ، لم يكن في نية احد استلام سلطة بالمحافظة أو تعيين في الدولة أو تشكيل كتلة سياسية  .. العراق كان خاليا من التنظيمات السياسية في الداخل بسبب قبضة صدام الحديدية  ضد أي تنظيم سياسي أو ديني كما هو معروف .. فتصدى عدد من رجال البصرة كان همهم مصلحة العراق أولا والبصرة ثانيا ، وقفوا ضد حملات النهب والحرق والقتل ، رغم شراسة الهجمة كان لموقفهم نتائج تحسب في حينها لصالح الاستقرار وحفظ البقية الباقية رغم ضعف الإمكانيات  ..
     ومن قرارات تلك المرحلة قوات الاحتلال  ارادت أن يتم تعيين محافظ نرويجي أو أوربي للبصرة فقط دون محافظات العراق ،لأهميتها النفطية  ,كنت وقتها أمارس التعبئة الجماهيرية من المنبر الحسيني وأتنقل في جميع مناطق البصرة كل يوم للحد من ظاهرة السرقة والعنف ولأكثر من منطقة يوميا .. كان للندوات والخطابات أثراً محدودا مقابل الدمار الهائل الذي تعرض له العراق ذلك اليوم ، تم استدعائي من قبل جماعة مؤمنين بوحدة تراب الوطن وعرضوا علّي أن أكون إعلاميا بحكم وظيفتي الخطابية ضمن وفد يشرف على مظاهرات {تعارض تعيين أي أوربي محافظا للبصرة} .
      خرجت يوم 3/5/2003 مظاهرات جماهيرية كبرى في منطقة البصرة القديمة شارك فيها جميع أهالي المحافظة ، إضافة لجماهير  القرنة والزبير والمدينة والفاو ..امتدت  المظاهرة من جامع البصرة الكبير لغاية بوابات القصور الرئاسية على ضفاف شط العرب .. وكان شعارنا المركزي رفض فكرة المحافظ النرويجي .. وحينها تم الاتصال بجميع المؤثرين في الساحة الدينية والسياسية والاجتماعية والعشائرية ولم يستجب إلا عدد لا يتجاوز أصابع اليدين لحضور الاجتماع ، لم اعرف سبب عدم استجابة الاشتراك في وفد لمناقشة الانكليز في وقتها.. اللهم إلا الخوف من عواقب الأمور .. حينها لم يكن هناك أي حزب سياسي أو ديني  يعلن نفسه في الساحة البصرية  من السنة والشيعة وغيرهم من الأحزاب العلمانية  .. ولا يوجد تيار صدري ولا حزب فضيلة ولا حركة سيد الشهداء ولا 15 شعبان ,  ولم يتقدم حزب الدعوة للعمل السياسي ولا المكاتب الدينية  ولا ميليشيات .. نعم كنا نسمع بحزب الدعوة والمجلس الأعلى وقوات بدر والحزب الإسلامي العراقي ،ولكن لا وجود لهم في الساحة السياسية مطلقا تلك الفترة  . نعم  ظهر السيد صلاح البطاط في مهرجان أقيم في جامع البصرة الكبير بمناسبة ولادة النبي {ص} باعتباره رئيس المجلس الأعلى  وفي وقتها ليس هنا وقف شيعي وسني ، بعد فترة وجيزة  . 
ربما كانت الأحزاب منشغلة  بتثبيت مقرات لها ...أو لهم توجس من دول الاحتلال أو غير ذلك .. واستمرت المظاهرات لثلاثة أيام 3 -4 -5 /5/2003 . {ربما تخونني الذاكرة بالتاريخ المحدد}. قررت بريطانيا تغيير المحافظ النرويجي بشخصية وطنية بصرية هو السيد مزاحم الكنعان .. وهو أول شخصية وطنية بصرية يتصدى للمسؤولية في زمن الفوضى بشرف وكفاءة عالية ، عمل مباشرة على تهدئة الأمور.. وتمشية عجلة الحياة في محاولة إعادة الحياة لمدينة البصرة .. كان لجهوده العظيمة بالتنسيق  مع القوات البريطانية أن أعاد دفع رواتب الدوائر الحكومية التي توقفت لثلاثة أشهر، كانت البنوك مسروقة ومحروقة ومهشمة الأبواب وخزائنها فارغة .. كان الموظفون في دوائر الدولة كلها  بلا كراسي ولا مناضد  ولا أبواب على دوائرهم ولا شرطة تحمي مؤسسات الدولة ، وسيارات الدولة بيد السارقين للوطن يجولون بها الشوارع يحملون أعلام على سيارات سرقت من دوائر الدولة  لا نعرفهم ولا نعرف انتماءاتهم  .. في وقتها  الفترة عصيبة جدا لا تحتمل لكثرة العصابات والخارجين على القانون ، والقتل يجري على قدم وساق ..  تم إعداد بيان بخصوص تشكيل حكومة محلية لإدارة البصرة تلاه الشيخ البغدادي في الشارع العام مقابل جامع المعرفي ،وتم فيه إنذار السيارات التي تجوب البصرة بشخصيات أوربية وأسيوية بعنوان وكالة تلفزيون tv لمدة 6 ستة ساعات لمغادرة البصرة .. وفعلا هربوا جميعا بعد نصف ساعة ..   , قرئ البيان  أمام الكاميرات مقابل جامع المعرفي بالبصرة القديمة نمهل القوات البريطاني خمسة أيام للاستجابة لمطالب أهالي البصرة وإلا . والمطالب الرئيسي هو تعيين محافظ عراقي بصري رسميا من قبل البريطانيين .
 حينها أرسلت القوات البريطانية مندوبا إلى مكتب الفضلاء بالبصرة هو السيد المحافظ مزاحم الكنعان ، في تلك الفترة ظهرت الأحزاب بسرعة بعد التأكد من إمكانية التفاوض مع البريطانيين ، وبعد ظهور تيارين للخط الصدري هما مكتب السيد الشهيد ومكتب الفضلاء ...
       ولا يفوتني أن اذكر دور السيد علي عبد الحكيم وجهوده في إعادة التيار الكهربائي وضخ الماء للمواطنين ، وبحق الرجل كان رقما كبيرا في تلك الفترة الحرجة وله دور في منطقة المعقل وخمسة ميل وغيرها ولكنه  بالمقابل رفض المشاركة في أي مفاوضات مع الوفد البصري مع المحتلين رغم استقباله لهم في مسجد الابلة ،واعتقد انه يستقبلهم كأمر واقع لمركزه الديني والجماهيري ، ولا أتذكر وجود رجل دين بمستوى وكلاء مراجع ، لهم دور اجتماعي وسياسي غير المذكورين ..  قد يكون لهم دور ثانوي بعيد عن الأعلام والفضائيات ..حين تم استدعاء وفد للتفاوض من قبل البريطانيين رفض اغلب السياسيين وجميع رجال الدين البارزين يومذاك  الاشتراك في المفاوضات . غير إن البعض أصر على المشاركة في الوفد لتمثيل البصرة ، أما الذين رفضوا لكل شخص منهم حجته التي يبرر فيها عدم اشتراكه .. فتم عقد اجتماعين مع القوات البريطانية ، الأول في القصر الرئاسي في الشهر السادس من عام 2003 وضم الوفد  السادة التالية أسماءهم..
1-الدكتور سلمان داود المنصوري رئيس جامعة البصرة حينها
2-نساء دكتورات في الجامعة لا أتذكر أسماءهن عدد 2
3-الشيخ احمد المالكي 
4-السيد صالح الجيزاني
5-الشيخ خزعل جلوب – أبو سلام الساعدي
6-الأخ سلام المالكي وزير النقل السابق، وكان مترجم الوفد وعضوا فاعلا فيه ..
7-الشيخ عبد الحافظ البغدادي
ولم نتمكن من معرفة نوايا المحتلين  أثناء المفاوضات ، كان لهم أسلوب بالمراوغة في الحوار بشكل لا يوصف ، وأتذكر إني قلت لرئيس الوفد البريطاني المفاوض هذا النص{ أنت رجل مخابرات تم تدريبك في دوائر التجسس البريطانية لذلك تحاورنا بأسلوب الشد والجذب  وهذا سيؤدي إلى نتائج لا ترضي الشعبين العراقي والبريطاني} قال : ما هي النتائج التي تعنيها..؟ .. قلت له : تلك التي تدفعنا أليها بأسلوبك الملتوي .. وبذل السيد سلام المالكي مترجم الوفد حينها والسيد سلمان داود جهودا مضنية مع الوفد البريطاني .. وأخيرا قالوا، لا يمكن حل جميع الأمور التي طرحتموها هذا اليوم ، نريد فرصة للاتصال بوزارة الدفاع البريطانية وسنبلغكم بالرد ...
      في اليوم الثاني أعلنوا إنهم لم يلتزموا بأي فقرة تم التباحث فيها مع وفد البصرة ، عليها تم عقد اجتماع في مكتب جماعة الفضلاء ، تقرر مخاطبة نساء وزوجات الجنود البريطانيين عبر الانترنت { نبدي أسفنا للحالة التي وصلت بالمفاوضات مما يجعلنا نختار أسوء الحلول ، تم رفع المقالات على عدة مواقع . وقام احد الشباب { لا أتذكر اسمه} بترجمة البيان الموجه للنساء الانكليزيات باللغة الانكليزية ، وتم أعطاء الحكومة البريطانية إنذارا لمدة 72 ساعة لحسم موضوع الحكومة المدنية بالبصرة  , وكان الخطاب موجها لتوني بلير رئيس الوزراء في وقتها .. 
 والاجتماع الثاني عقد  في مكتب الفضلاء ..حين طوقته المدرعات البريطانية ، وحضره عدد كبير من الشخصيات بصفة مراقبين وكان الأسلوب اشد حدة من الاجتماع الأول لان بريطانيا رفضت رأي وفد البصرة .. فقررنا تقليص مهلة الحكومة البريطانية لفترة 48 ساعة فقط لإعلان  رأيها الأخير بالموضوع .. . في اليوم الثاني أي بعد 24 ساعة .. بعد صلاة المغرب، استقبلني الشيخ مزاحم الكنعان ومعه شخصين من شيوخ عشائر البصرة .. أعادني للمكتب المذكور لاستمع للتبليغ الجديد, وابلغ الأخ الشيخ مزاحم  بعض الحاضرين وكان فيهم الشيخ أبو سلام الساعدي وعدد كبير من الأساتذة والاقتصاديين وبعض رجال الأحزاب ، موافقة بريطانيا على تشكيل حكومة محلية في البصرة من جميع  الأحزاب التي تم الاتصال بهم من قبل القوات البريطانية ..
      لم احضر الاجتماع باعتبار إني غير منتمي لأي طرف .. ولم اعرف كيف تم اختيار محافظ البصرة وقتها الأستاذ وائل عبد اللطيف وأعضاء مجلس المحافظة ، غير إني أردت أن اكتب للتاريخ موقفا سطره أبناء البصرة رجالا ونساء وتوحدهم حين اقتضى التوحد للوقوف أمام خارطة الطريق البريطانية في البصرة. وربما يأتي من يكتب لتوثيق فترة من بعد الاجتماع الأول ...
 
 28/5/2013       



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=31708
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 05 / 29
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 03 / 28