• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : تاملات في القران الكريم ح128 سورة التوبة الشريفة .
                          • الكاتب : حيدر الحد راوي .

تاملات في القران الكريم ح128 سورة التوبة الشريفة

 

 
يَحْلِفُونَ بِاللّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ{62}
تشير الاية الكريمة الى ان المنافقين يحلفون بالله تعالى للمؤمنين انهم منهم , وانهم لم يؤذوا رسول الله (ص واله) , لا لشيء الا ليرضى عنهم المؤمنين , غير معتبرين لرضا الله تعالى ورسوله عنهم , فيقدموا رضا المخلوق على رضا الخالق جل وعلا . 
 
أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ{63} 
تشير الاية الكريمة الى انه كان في معلوم المنافقين ان من يشاقق الله تعالى ورسوله , ويتجاوز الحد في التعدي والمخالفة ( فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا ) , واشارت ايضا في ختامها ( ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ ) , فلا خزي اشد وانكل من ذلك الموقف .       
 
يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ اسْتَهْزِئُواْ إِنَّ اللّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ{64}
تكشف الاية الكريمة عما يدور في خلد المنافقين ( يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم ) , فكانوا يخشون ويخافون ان تنزل سورة على المؤمنين تكشف عن ذلك , ( قُلِ اسْتَهْزِئُواْ إِنَّ اللّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ ) , استمروا ايها المنافقون على ما انتم عليه من السخرية والاستهزاء , فأن الله تعالى سيظهر ما كنتم تخشون ظهوره .   
 
وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ{65} 
تشير الاية الكريمة ان عند سؤال المنافقين عن سخريتهم بالرسول الكريم (ص واله) والقران الكريم , فسيكون جوابهم على النحو الذي يحاولون به تبرير افعالهم (  إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ ) , كنا نتحدث ونلعب لقضاء الوقت مثلا , (  قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ) .  
 
لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ{66} 
مما يروى في الاية الكريمة , ما ورد في تفسير البرهان ج2 للسيد هاشم الحسيني البحراني ( عن ابي جعفر "ع" في قوله ( لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) قال , هؤلاء قوم كانوا مؤمنين , فأرتابوا وشكوا ونافقوا بعد ايمانهم , وكانوا اربعة نفر , وقوله ( إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنكُمْ ) , كان احد الاربعة مخشى بن حمير , فاعترف وتاب وقال : يا رسول الله اهلكني اسمي , فسماه رسول الله (ص واله) عبدالله بن عبدالرحمن , فقال : يا رب اجعلني شهيدا حيث لا يعلم احد اين انا , فقتل يوم اليمامة , ولم يعلم احد اين قتل , فهو الذي عفا الله عنه ) .        
وفي كلام اخر ان اسمه كان ( جحش بن حمير ) " تفسير الجلالين للسيوطي " . 
 
الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ{67}
نستقرأ الاية الكريمة في ستة موارد : 
1- ( الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ ) : في الصنف , او كأبعاض الشيء الواحد . 
2- ( يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ ) : يأتون كل ما انكرته الشريعة الاسلامية . 
3- ( وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ ) : ينهون عن طاعة الله وطاعة رسوله (ص واله) . 
4- ( وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ ) : يمسكون ايديهم او يحجمون عن الانفاق في سبيل الله تعالى والموارد الاخرى . 
5- ( نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ ) : تركوا طاعة الله تعالى , فتركهم . 
6- ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) : المنافقين هم الخارجين عن طاعة الله تعالى ورسوله الكريم (ص واله) .        
 
وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ{68} 
تشير الاية الكريمة الى ان الله تعالى وعد ( الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ) , يخلدون فيها , ( هِيَ حَسْبُهُمْ ) , كافية لهم ولائقة بحالهم واحوالهم , وهي الجزاء الاوفى لذنوبهم , ( وَلَعَنَهُمُ اللّهُ ) , طردتهم من رحمته جل وعلا , ( وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ ) , دائم ومستمر , لا ينقطع . 
يلاحظ في الاية الكريمة , انها اوردت ( الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ ) , فذكرت المنافقين , وذكرت المنافقات , لكنها ذكرت الكفار , ولم تذكر الكافرات ! , لذلك الكثير من الوجوه , نذكر منها على سبيل المثال : 
1- ان المعني بـ ( الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ ) اشخاصا معينين , بعضهم رجالا وبعضهم نساء , في زمنه (ص واله) وفي ذلك المكان بالتحديد , والا لكان اطلاق كلمة ( الْمُنَافِقِينَ ) اعم واشمل , فتشمل جميع المنافقين بدون استثناء , الرجال منهم والنساء , المعروفين منهم وغير المعروفين في كل عصر ومصر , اما كلمة ( الْكُفَّارَ ) فقد شملت جميع من كفر بالله تعالى ورفض بعثته (ص واله) شاملا ذلك كل العصور والاماكن بدون استثناء . 
2- المنافق يظهر الايمان ويخفي الكفر , اما الكافر فيظهر ويخفي الكفر , فلم يعدهم النص المبارك المنافقين من الكفار , من باب الاخذ بالظاهر . 
3- نلاحظ ان المنافق يتطابق مع الكافر بأضمارهما الكفر , فيكون عند ذاك افراد المنافق بجنسيه ( المذكر والمؤنث ) عن الكفار في النص المبارك لبيان خطورتهم , وسوء منزلتهم وعاقبتهم يوم الحساب .
4- ان تقديم المنافق بجنسيه ( المذكر والمؤنث ) على مطلق الكفار ( الذكور والاناث ) فيه دلالة على خطورة الدور الخبيث الذي لعبه المنافقين لضرب الاسلام من الداخل . 
5- ان ذكر المنافق بجنسيه ( المذكر والمؤنث ) وتقدمه على ذكر الكفار , فيه دلالة على انواع اعداء الاسلام : 
أ‌) ( الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ ) : كونهم العدو الداخلي للاسلام . 
ب‌) ( الْكُفَّارَ ) : العدو الخارجي للاسلام .     
 
كَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً فَاسْتَمْتَعُواْ بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُم بِخَلاَقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ بِخَلاَقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُواْ أُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الُّدنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ{69} 
تخاطب الاية الكريمة المنافقين ( كَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً فَاسْتَمْتَعُواْ بِخَلاقِهِمْ ) , بحظهم من الدنيا , ( فَاسْتَمْتَعْتُم بِخَلاَقِكُمْ ) , واستمتعتم بحظكم منها , ( كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ بِخَلاَقِهِمْ ) , كما استمتعوا هم من قبلكم , ( وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُواْ ) , تمرغتم في الكفر كما تمرغوا , ( أُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الُّدنْيَا وَالآخِرَةِ ) , بطلت , ( وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) , لا يكون من بطلت حسناته الا خاسرا .     
 
أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وِأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ{70}
تذكر الاية الكريمة المنافقين بما جرى على الذين من قبلهم من ( قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وِأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ ) , " وَالْمُؤْتَفِكَاتِ" قرى قوم لوط ( عامورا وسدوم ) , ( أَتَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ ) , كل جاءتهم رسلهم بالمعجزات , ( فَمَا كَانَ اللّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) , فظلموا انفسهم بالكفر والفسوق , والتمرد على كل ما جاءهم به الرسل والانبياء (ع) .    
 
وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ{71} 
الاية الكريمة جاءت في مقابل الاية الكريمة السابقة ( 67 ) , ونستقرأها في ثمانية موارد : 
1- (  وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ ) : بعضهم اولياء بعض في النصرة والعون والمساندة . 
2- (  يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ) : يأمرون بما امرت به الشريعة الاسلامية . 
3- (  وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ) : ينهون عن كل ما نهت عنه الشريعة الاسلامية . 
4- (  وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ ) : يؤدونها ويحافظون عليها في اوقاتها . 
5- (  وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ ) : ما وجب من مال الزكاة . 
6- (  وَيُطِيعُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ ) : يطيعون كل امر يصدر منه جل وعلا ومن رسوله الكريم محمد (ص واله) . 
7- (  أُوْلَـئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ ) : يعدهم الباري عز وجل بالرحمة .
8- (  إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) : ان الله تعالى ( عَزِيز ) , في ملكه وملكوته , ( حَكِيمٌ ) في تشريعاته واحكامه .            
 
وَعَدَ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{72}
الاية الكريمة تأتي مقابل الاية الكريمة ( 68 ) , فيعد الباري عز وجل المؤمنين والمؤمنات في ثلاثة امور هن الاكثر حبا في النفوس والاشد تأثيرا عليها : 
1- (  جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ) . 
2- (  وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ) : ( العدن بمعنى الاقامة والاستقرار فهم خالدون فيها . "مصحف الخيرة / علي عاشور العاملي " .  
3- (  وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ أَكْبَرُ ) : رضوانه سبحانه وتعالى اكبر من كل ذلك .        
لتختتم الاية الكريمة بــ ( ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) , الباري جل وعلا يصف ذلك بأنه ( الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) ,  فأي فوز اعظم منه ! . 
 
 
 
 
 



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=33723
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2013 / 07 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2024 / 04 / 19